صحيفة المغرب : سعي الإخوان و المقاتلة فى مشروع إقامة دولة دينية هو سبب تصاعد الصراع فى ليبيا

تنظيم الإخوان، الجماعة المقاتلة، مشروع يعمل على إرساء الدولة الدينية وآخر يسعى لبناء دولة مدنية ديمقراطية وفي هذا تنافر يعمّق الخلاف ويزيد من احتدام الصراع داخل المجلس الرئاسي على غرار ما تعرفه قاعة جلسات مجلس النواب.

 
وسط هذه الضبابية تاه الشارع والرأي العام المحلي وأضحى يخشى حقيقة من ضياع ليبيا، ضبابية المشهد السياسي كرستها معضلة تمرير حكومة الوفاق الوطني، حكومة يباشر أعضاؤها عملهم بواسطة تفويض من المجلس الرئاسي وذلك بعد امتناع البرلمان عن المصادقة عليها خلال جلستين بالنصاب القانوني ويتساءل المتابعون حول قانونية ودستورية التفويض الممنوح للوزراء من قبل الرئاسي؟ حتى لو فرضنا بأن الرئاسي يملك حق القيام بما قام به فهل كان قرار التفويض الرئاسي بموافقة كل الأعضاء ونواب الرئيس، إذ ينص الاتفاق السياسي على أن تتخذ القرارات بالأغلبية وهو ما لم يتوفر بتاتا في أغلب اجتماعات الرئاسي بسبب تغيب عضوين واحد يمتلك حق الفيتو والثاني عضو.

 
وجراء العجز عن تنفيذ الاتفاق السياسي سواء لضعفه وهشاشته أو لعوامل أخرى محيطة به أصبحت في ليبيا 3 حكومات إضافة إلى جزء صغير من التراب الليبي تحت نفوذ ما يعرف بتنظيم «داعش» الإرهابي. ورغم إدراك المجتمع الدولي بأن مسألة تمرير حكومة السراج عبر البرلمان يحتاج إلى معجزة أو تقديم الجهات النافذة في طرابلس ومصراتة لتنازلات كبرى مقابل المصادقة على الحكومة يصمم المجتمع الدولي على فرض حكومة السراج بالقوة.

إفرازات تعطيل المصادقة على الحكومة

يخشى مراقبون للشأن الليبي في جانبه السياسي الضبابي والمتعثر في خطواته أن تطول ممانعة البرلمان في منح الثقة للحكومة، ويحدث فراغ سياسي قد يكون دافعا لـ»داعش» الإرهابي بالمجاهرة بتواجده في العاصمة طرابلس أو
أن تظهر قوة ثالثة بصفة مفاجئة وتستولي على طرابلس وتفرض واقعا جديدا.

المؤكد هو ان القوى الداعمة للسراج وضعت وتضع جميع هذه الفرضيات في الحساب وشاهد الكل كيف عاد المجلس الرئاسي من تونس إلى طرابلس بعد المغادرة لدواع أمنية. فحسب القوى الخارجية الداعمة لحكومة الوفاق فإن السراج ومجلسه الرئاسي عليهم البقاء في طرابلس ولو في فرقاطة المهم أن لا يحدث فراغ و هذا يعني ايضاً أن الجميع يعلم أن خطرا يترصد المجلس الرئاسي في طرابلس وربما هو ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض على السلطة .

تحولات وتغيرات وتحالفات الفترة السابقة زادت المشهد المحلي تعقيدا فهذه ميليشات مصراتة اتجهت إلى سرت لمحاربة «داعش» الارهابي مدعومة من الرئاسي ودولاً غربية. والفراغ الميداني الذي تركته تلك الميليشيات في طرابلس أشعلته ميليشيات أخرى مثل قوات الدرع الخاصة وكتائب هيثم التاجوري وهذه الأخيرة تجرأت ،وأعلنت الحرب على جماعة الإخوان المسلمين وضغطت على السراج ومجلسه الرئاسي من أجل تحقيق مكاسب ومصالح. وأكدت المستجدات الأمنية الأخيرة في طرابلس فشل وثيقة الترتيبات الأمنية والتي تنذر وتوحي بقلاقل أمنية وحدوث ما لا يمكن انتظاره للسراج شخصيا لضعف جهاز حمايته.

التحالفات خارج طرابلس مست القوى المسيطرة على الهلال النفطي وذلك بعد تخلي الجظران آمر حرس النفط بالمنطقة الوسطى عن عملية الكرامة وإعلان انضمامه إلى صف الرئاسي. وكإجراء مستعجل تم تعيين حاكم عسكري للمنطقة الممتدة من درنة شرقا وحتى بن جواد غربا من طرف البرلمان ثم تلاحقت التعيينات العسكرية على رأس المجالس البلدية وهي السلط الجهوية التنفيذية.

الخروقات القانونية والدستورية
يرى خبراء القانون بأن المجلس الانتقالي والهنات والثغرات القانونية والدستورية التي رافقت انبعاثه شرق البلاد بحضور 4 أو5 شخصيات، ثم بعد ذلك إصدار الإعلان الدستوري وهو أيضا به عديد الإخلالات عوامل ساهمت في وصول سياسة ليبيا لما وصلت إليه من تباعد وتنافر وصدامات.

الكارثة أن الجميع يعلم هشاشة الإعلان الدستوري ورغم ذلك يصمم الكل على البناء عليه تماما مثل اليقين القائم حول ضعف الاتفاق السياسي ، ورغم ذلك يصمم المجتمع الدولي على فرض مخرجاته غصبا عن إرادة الشعب التي يمثلها البرلمان في طبرق.

والسؤال المطروح على شفاه الليبيين على علاقة بالمشهد السياسي هل ترى حكومة السراج النور أخيرا وهل يتم تجاوز البرلمان وهل نرى مجلس الأمن عبر لجنة العقوبات يسلط المزيد من العقوبات على المعرقلين وهل يجري توسيع قائمة المستهدفين بالعقوبات؟

حزمة من الاستفهامات ليست بجديدة تطرح باستمرار لكن الإجابات تختلف على صلة بالمتغيرات الحاصلة. فالآن مثلا كل المعطيات تؤكد أن الغرب يرفع شعار السراج أو لا أحد ويشترط الغرب دعم الليبيين في الحرب على»داعش» الارهابي بتمرير حكومة السراج. لذلك فحكومة الوفاق سترى النور، وسوف تعمل من طرابلس وسيمارس الغرب كل الضغوط على البرلمان والجنرال حفتر لبلوغ ذلك وفي حال استمر حفتر ورئاسة البرلمان في الرفض – الذكي – فستطبق عليهم العقوبات.

المصدر : صحيفة المغرب التونسية

Shares