الأمم المتحدة: محاكمة أفراد نظام ليبيا السابق شابتها المخالفات والإنتهاكات ولم تستوفِ المعايير الدولية

ليبيا – قالت الأمم المتحدة فى تقرير نُشر اليوم الثلاثاء أن محاكمة سيف الاسلام القذافي مع 36 آخرين من أفراد النظام السابق في ليبيا مثلت جهداً كبيراً من جانب القضاء الليبي لمحاسبة الأشخاص على ”  الجرائم التي ارتكبوها ”  بما في ذلك ” الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء ثورة 17 فبراير2011 ” غير أنها أخفقت في نهاية المطاف في تلبية المعايير الدولية للمحاكمة العادلة و ذلك بحسب التقرير .

وينطوي التقرير الذي قامت بإعداده بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (المفوضية السامية لحقوق الإنسان) على تحليل الجوانب الأساسية للمحاكمة في ضوء المعايير الدولية والقانون الليبي، ويقدم مجموعة من التوصيات لمعالجة العيوب في نظام العدالة الجنائية في ليبيا والتي أبرزتها المحاكمة.

ويقر التقرير بالتحدي المتمثل في محاكمة أعضاء النظام السابق في ظل النزاع المسلح والتجاذب السياسي، ولكن يشير إلى أن سير المحاكمة يثير عدة شواغل يتعين على السلطات الليبية معالجتها.

 وأضاف التقرير أن كل من البعثة والمفوضية تراقبان عن كثب القضية رقم 630/2012 منذ مرحلة ما قبل المحاكمة وطوال إجراءات المحاكمة، التي بدأت فى مارس 2014 وحتى إصدار الحكم في  يوليو 2015 وتم الحكم على تسعة من المتهمين بعقوبة الإعدام، من ضمنهم سيف الإسلام القذافي، الذي تمت محاكمته غيابياً، ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي.

 وتابع ” إضافة إلى رصد الإجراءات، سواء من داخل المحكمة أو عن طريق متابعة البث المباشر لجلسات المحاكمة، أجرى موظفو البعثة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مقابلات مع العديد من المتهمين وأقاربهم والمحامين، وقاموا بمراجعة ملف القضية والحكم الصادر فيها، كما أجروا مناقشات مكثفة مع مسؤولين ليبيين وخبراء ليبيين ودوليين. وعلى وجه الخصوص، قدم مكتب النائب العام الوثائق اللازمة وكان حاضراً لمناقشة المحاكمة في جميع مراحلها ” .

 ويشير التقرير إلى أن القضية رقم 630/2012 تمثل الجهد الأبرز الذي بذله القضاء الليبي لمحاسبة مسؤولي النظام السابق رفيعي المستوى عن ” الجرائم التي تم ارتكبها خلال انتفاضة 2011 والنزاع المسلح ”  ويرحب التقرير بحقيقة أن إجراءات المحاكمة كانت تُبث على الهواء مباشرة.

 ومع ذلك، حدد التقرير مخالفات جادة للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك فترات الحبس الإنفرادي المطولة للمتهمين وسط مزاعم بالتعذيب لم يتم التحقيق فيها بشكل سليم بينما إشتكى المحامون بشكل متكرر من مواجهة صعوبات في الالتقاء بالمتهمين على انفراد والوصول إلى الوثائق و تقويض الحق في الحصول على الدفاع أيضاً عبر حقيقة أنه لم يتم استدعاء أي من شهود الإثبات للشهادة في المحكمة – إذ لم يتم سوى عرض قضية الادعاء بصورة وجيزة أثناء جلسات المحكمة – وحددت المحكمة شاهدين إثنين لكل متهم.

 ‏وقال المبعوث الاممي الى ليبيا مارتن كوبلر أن محاكمة نظام القذافي في ليبيا لم تستوفِ المعايير الدولية و ذلك فى إشارة منه للقيادات السابقة المسجونة فى البلاد داعياً السلطات الليبية إلى معالجة أوجه القصور لضمان المساءلة والمحاكمة العادلة .

 بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام القضائي الليبي لا يسمح بالاستئناف الكامل بل بالنقض فقط – والذي تقتصر المراجعة فيه على النقاط القانونية فقط.

 وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين: “إن تحميل مرتكبي الانتهاكات المسؤولية أمر بالغ الأهمية، ولكن المساءلة ينبغي أن تأتي كنتيجة لإجراءات قانونية سليمة ومحاكمة عادلة. لقد كانت هذه المحاكمة فرصة ضائعة لتحقيق العدالة وإتاحة فرصة للشعب الليبي لمواجهة تصرفات النظام السابق والتفكير فيها“.

 ويشير التقرير إلى أن وجود سجل قضائي كامل للمحاكمة يشمل تقديم كافة أدلة الادعاء أمام المحكمة كان ليسهم بشكل كبير في إلقاء الضوء على تاريخ”  ثورة 2011 ” ويشكل وثيقة مهمة للأجيال القادمة و ذلك على حد وصفه.

 وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان انها تحث محكمة النقض على الأخذ في كامل اعتبارها المخالفات التي شابت الإجراءات القانونية الواجب اتباعها والتي تم تحديدها في التقرير وعلى توفير الإجراءات التصحيحية الفعالة، إلى أن يتم اعتماد الإصلاحات المطلوبة لتصبح المحاكمات الليبية متوافقة بصورة تامة مع المعايير الدولية.

 ومن بين التوصيات المحددة الأخرى دعا التقرير إلى مراجعة قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية لضمان التعريف الواضح لجميع الجرائم وضمان الوصول إلى محامين أثناء التحقيق وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. وينبغي التحفظ على المحتجزين في منشآت خاضعة للسيطرة الفعالة للدولة كما يجب أن يتم التحقيق في المزاعم المتعلقة بالتعذيب بشكل فوري ودقيق  كما حث التقرير كذلك على وقف استخدام عقوبة الإعدام.

 وقال ” يتعين على السلطات الليبية ضمان تسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، امتثالاً لالتزامات ليبيا الدولية ” .

 يشار إلى أن 8 متهمين فى القضية المشار لها حكمو بالسجن مدى الحياة وعلى 15 متهماً بالسجن من 5 إلى 12 عاماً وتمت تبرئة 4 متهمين من كافة التهم وإحالة متهم واحد إلى إحدى مؤسسات الصحة العقلية.

 

Shares