د. إبراهيم هيبة

د.إبراهيم هيبة يكتب للمرصد : كيف وصل المتطرفين إلى السلطة فى ليبيا ؟!

 

سؤال يدور في ذهن الكثيرين من ليبيا وهو كيف وصل المتطرفين بمختلف مشاربهم الي السلطة وكيف يمكن منع حدوث ذالك مستقبلا؟… هذا الموضوع في غاية الاهمية والحساسية ومعالجته من الناحية العلمية الاكادمية مرتبطة ارتباط كبير ومباشر بقانون الانتخابات… سأحاول في هذا الادراج التعريج بشئ من الاحتصار الشديد علي اهمية قانون الانتخابات وعلاقته بأستقرار النظام السياسي وصعود المتطرفين الجهويين والقبلييين والدينيين والعرقيين.

للأسف تم اختيار قانون للانتخابات في ليبيا غير مناسب للتركيبة السكانية ولا للمرحلة الانتقالية في ليبيا… ما من شك ان من تبني قانو الانتخابات في اول انتخابات حرة في ليبيا اما انه كان جاهلا او متآمراً علي ليبيا والليبيين ، فالمجتمع الليبي تغلب عليه العصبية القبلية بالدرجة الاولي بالاضافة الي بروز عامل جديد غريب علي المجتمع الليبي وهو التطرف الديني القادم فكريا من خارج ليبيا.

القانون الانتخابي المختلط الذي تم تبنية الذي يشمل نظام التمثيل النسبي والفردي والقائمة بالاضافة الي اعطاء كوتات ونسب خاصة للنساء كان كارثيا علي ليبيا.

لقد فتح هذا النظام الانتخابي المجال امام الاقليات المتطرفة والشخصيات الجهوية والمناطقية والمتطرفيين الدينيين بالصعود الي قبة المؤتمر الوطني ، فنظام التمثيل النسبي وهو احد اخطر الانظمة الانتخابية والتي يحذر منها كثيرا المتخصصين في علم السياسات المقارنة وتحديدا النظم السياسية لارتباط هذا النظام بشروط معينة غير متوفرة في تركيبة الشعب الليبي يطول شرحها.

للأسف هذا النظام الانتخابي تم تبنيه في ليبيا ولايزال يعمل به في ليبيا حيث يعطي هذا النظام الانتخابي المرشح فرصة للصعود الي قبة البرلمان وان فاز بنسبة ضئيلة تقدر بنسبة 30% او حتي اقل فلو افترضنا علي سبيل المثال ان دائرة انتخابية معينة من المفترض ان ترشخ ثلاث اشخاص فهنا لا يحتاج اي مرشح للحصول علي نسبة 51% بل يحتاج كل منهم علي الاقل علي الحصول نسبة 33.33%… هذا السيناريو في حال ترشح ثلاث اشخاص ولكن في حالة ترشح اكثر من ثلاث اشخاص فأن النسبة المطلوبة للفوز بمقعد في البرلمان ستكون اقل وهنا يكمن الخطر فقد يتمكن المرشح من الحصول علي مقعد في البرلمان فقط بالحصول علي نسبة 10% او حتي اقل ان كان عدد المترشحين كثر… مثل هذه الظروف تسمح للاقيات العرقية والجهوية والقبلية والدينية والمتطرفين بالحصول علي مقاعد في البرلمان وهو الامر الذي حدث تحديدا في ليبيا.

كما ان لتبني مثل هذا النظام الانتخابي اثار سلبية كبيرة علي وحدة المجتمع والسلم الاهلي حيث يؤدي هذا النظام الي الصراع الاهلي والتفتت المجتمعي وخلق الازمات السياسية وتسيس المجتمع… السؤال ما هو البديل؟ البديل هو “Single Member Districts “single member plurality election هذا النظام الانتخابي له مزايا كثيرة اولا يقوم هذا النظام علي ضمان حكم الاغلبية وبما ان نظام الاغلبية يذوب الاقليات ويدمجها ويفتح باب التعاون بين القبائل والجهويات والاقليات والاحزاب الصغيرة وغيرها وبالتالي ينتج هذا النظام المعتدلين او الوسطييين… هذا النظام يقوم علي اساس ان هناك في كل دائرة انتخابية رابح واحد وهو المتحصل علي نسبة 51%.

لو افترضنا ان دائرة انتخابية معينة يتصارع المترشحين فيها علي مقعد واحد فالمترشح المتحصل علي اكثر الاصوات هو الفائز وهنا تصبح الغلبة للاغلبية ام الاقلية الجهوية او القبلية او العرقية او الدينية لا تتحصل علي فرصة للوصول الي قبة البرلمان ، مما يدفع هذه المجموعات او الاقليات التي خسرت الانتخابات في المرة الاولي الي تنظيم نفسها بتحالفها مع بعضها البعض من اجل تعزيز فرص نجاحها في الانتخابات القادمه وهذا ينتج شئ اخرر ايجابي وهو تكون نظام سياسي علي اساس حزبين وهو افضل الانظمة السياسية الديمقراطية والاكثرها استقرارا في العالم لان الاحزاب السياسية الصغيرة او المجموعات القبلية او الجهوية او الدنية او العرقية الصغيرة لن يكون بمقدورها الحصول علي كراسي في البرلمان منفردة وبالتالي وجب عليها التحالف مع بعضها البعض من اجل تعزيز فرص نجاحها مستقبلا وهنا يتج نظام حزبين كبيرين.

كما ان التعاون بين مجموعات مختلفة سواد كانت احزاب او قبائل او جهويات او اعراق او مجموعات دينية ينتج شخصيات معتدلة لان هذه المجموعات لن تستطيع ان تقارب وجهات النظر في ما بينها الا بالتقارب نحو الوسط المعتدل والابتعاد عن اقصي اليسار او اقصي اليمين المتطرف الذي يلبي طموح اكبر نسبة من هذه المجموعات ، وهذا النظام الاننتخابي هو ذاته النظام المعمول به في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة… من وجهة نظري الاكادمية يجب ان يتبني في ليبيا نظام “Single Member Districts “single member plurality election وتوزيع ليبيا الي دوائر انتخابية صغيرة وتوزيع المقاعد علي اساس مقعدا لكل دائرة انتخابية وعدم تبني نظام الكوتات علي الاطلاق حتي للنساء واعطاء فرص متساوية للجميع لخوض الانتخابات وفتح الساحة للاحزاب والافراد علي حد سواد دون تحديد نسب وترك الفرصة للناخب الليبي ان يقرر والابتعاد كليا عن النظام المختلط الذي تم تبنيه وهو نظام التمثيل النسبي والنظام الفردي ونظام القائمة اذا اردنا الاستقرار للنظام السياسي في ليبيا… اذا تم تبني هذا النظام نستطيع ان نظمن عدم قدرة الجهويين والمتطرفيين والعنصريين والقبليين والمتطرفيين الدينيين قبة البرلمان ونظمن نظام سياسي مستقر… حمي الله الوطن.

د. إبراهيم هيبة / أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة

4 أبريل 2016

Shares