السفير السابق و الكاتب عمر الدلال

السفير السابق عمر الدلال يكتب للمرصد : قبل ان يعود الشعب….. “بخفى حنين” !

 

الى مجلس النواب …….الموقر

الى المجلس الرئاسى….الموقر

بعد التحية,,,

اريد ان اضع امامكم قراءة واقعية بعيدة عن العاطفة, لتذكيركم ببعض الحقائق التى ارى انها هامه واساسية قبل ان نجد ان “الصيف ضيع اللبن”.

مقدمة:

*اريد اولا ان اضع خلفى “الحوار” وعيوبه و”المسودات” ومساوئها ,وتشابكها وما تم عليها من تدخلات دون اتفاق ,وعدم تقديمها منهجا سليما للعمل.ولا اريد الحديث عن اهداف الحوار المشبوهه ولا الاملاءات ولاالتدخلات الاجنبية ,حتى وصول, “المجلس الرئاسى” (الذى شكلته لجنة الحوار فى غموض وتسرع)الى طرابلس العاصمة. فقد تحدثت عن ذلك سابقا كثيرا.

*وقبل ان اضع امامكم مااريد قوله فى هذه القراءة لابد ان اشرح ان مجلس النواب السلطة الشرعية الوحيدة فى ليبيا فى الاعلان الدستورى ووثيقة الاتفاق, لم يقدم اى صفة شرعية ولادستورية ,”للمجلس الرئاسى” حتى الان لان موافقتة على الاتفاقية الساسية كانت “مشروطة” بالغاء المادة (8)من الملحق ,وبقية الاطراف لم توافق حتى الان على الغاء المادة (8) , ولذلك قانونيا فمجلس النواب لم يوافق على الاتفاقية ولا المجلس الرئاسى بعد.

*وان مجلس النواب نال شرعيته عن صناديق الانتخاب, وعندما انتهت مدة ولايته ,لم يجد امامه حلا الا بتمديد ولايته ,فقد كان الاستفتاء متعذرا, لاحتلال فجرليبيا للعاصمة,ولحصارالقضاء بسلطة الامر الواقع بطرابلس .هل كان علي المجلس تسليم السلطة لفجر ليبيا اوللدواعش اوانصار الشريعة اوالمليشيات المتصارعة على السلطة؟.اوعليه التمديد لنفسه حماية للشرعية وحفظا على الامانه التى سلمها له الشعب بواجب اداء القسم الدستورى…بالمنطق الوطنى الواقعى الذى فرضته الحالة بسبب خللا قانونيا فى القانون الذى وضعه المؤتمر الوطنى السابق حيث لم يكن القانون جامعا ولامانعا, ولذلك فتمديد مجلس النواب شرعية ولايته لم تنتهى بعد,واختصاصاته لن تتغير الا بعد موافقته التامه “غير المشروطة” على وثيقة الاتفاق السياسى واعتماده تضمين وثيقة الاتفاق للاعلان الدستورى. (ولو وصل الامر الى محكمة العدل الدولية).

*اما الغياب عن جلسات مجلس النواب ,فقد استخدمه الطرفان ,استعمله النواب المعترضين على اعتماد الحكومة لمنع توفر النصاب.ويستعمله حاليا النواب الموافقين على الحكومة,لمنع توفر النصاب للتصويت على تعديل الاعلان الدستورى لانه يتطلب موافقة 2/3 عدد النواب.

مع ملاحظة هامه ان عودة النواب المقاطعين لاكثر من سنة لمجلس النواب ,قد سببت خللا فى مواقف مجلس النواب الوطنية والسياسية,(فقد كان هؤلاء النواب, محسوبين على الطرف الثانى ,الخصم فى الازمة. ومن الخطأ قبول تصويت هؤلاء قبل موافقة مجلس النواب على الاتفاق السياسى.(كما سبق وشرحنا) وللعلم ان غياب النواب لتعطيل صدور قانون اوقرار اواى اجراء هوا حق من الحقوق التى يكفلها نظام “الوفاق” ,كما يحصل بلبنان حاليا ولاكثر من سنة ونصف لاختيار رئيس للدولة (وقد نبهنا بعيوب ادارة “الوفاق” للعمل السياسى مبكرا وكثيرا) .

وبعد:

علينا ان نضع كل ماذكرناه خلفنا ,وان نعلم انه ليس امامنا لحل الازمة الليبية المتفاقمة ,وانقاذ وطننا من مخاطر جمة, ولاختصار الوقت لانتشال شعبنا من المأساة التى يعانيها فى معيشته وامنه.الا ان نقبل بان مجلس النواب والمجلس الرئاسى هما القوتان الاساسيتان اللتان باتفاقهما مباشرة دون تدخلا خارجيا يمكن الوصول الى حل,على الاقل لتوحيد السلطة ومعالجة الازمة الليبية .

وذلك باجتماعات جادة ووطنية مباشرة بينهما,لبحث مطالب الطرفيين وعلى راسها موافقة مجلس النواب على الاتفاقية,بموافقة المجلس الرئاسى على”الشرط” بالغاء المادة الثامنه.والاتفاق على اجراءات الترتيبات الامنية اللازمة,والتفاهم حول التعديلات الاخرى.

وبعد توثيق هذا الاتفاق كتابيا والتوقيع عليه من كل عضو من الطرفين تسلم نسخة من الاتفاق الى الامين العام للامم المتحدة عن طريق مندوبه بليبيا، وبعد ذلك لاشك سيتوفر النصاب الكافى لاجتماع مجلس النواب ,لاقرار كل الاستحقاقات دون تعطيل وبذلك ينال المجلس الرئاسى الثقة والشرعية الوطنية وكذلك الوزراء بعد الاتفاق على بعض التعديلات.

ويباشر المجلس الرئاسى والوزراء عملهم الشرعى بكل تقدير واحترام بعد اداء القسم الدستورى .امام مجلس النواب وتحت قبة البرلمان.

وعلينا ان نعتمد على انفسنا ,ونؤكد حبنا لوطننا وتفانينا من اجل انقاذ شعبنا والاخلاص له عمليا بالعمل معا لوضع الاسس المتينة لبناء ليبيا الجديدة لابنائنا واحفادنا.

*وقبل انهاء هذا المقال لابد من التاكيد على الحقائق التالية:

1_ان العناد يهدم ولايبنى وطنا.

2_ان الثروة الليبية ثروة كل الليبين,لايمكن لاى طرف ان يتحكم بها على حساب الاخر ,الا اذا اراد فناء الليبين من الطرفين وبقاء ثروتهم لغيرهم من الدول والشعوب المتربصة بها.

3_ان التدخل الدولى والامم المتحدة ,لم يتمكنا من حل اى مشكلة بالعالم من حرب كوريا الى كشمير الى فلسطين الى قبرص الى افعانستان الى العراق وكثير من الدول الاخرى وفى كثيرمن الحالات, تؤجل الازمة اوتتفاقم لخدمة مصالح عاجلة او اجلة لهم.

4_التاريخ يفيدنا ان الاسقواء بالاجنبى “فاشل” من فيتنام الجنوبية الى شاه ايران الى ماركوس الفلبين الى سوهارتو اندونيسيا الى هيلاسلاسى اثيوبيا الى مبارك و زين العابدين وغيرهم,فحساب الدول الغربية ليس عاطفية بل يقوم على المصلحة الانية او المستقبلية. والدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانيه اصبحت بدون امريكا كالطفل الصغيرالذى لايستطيع المشى على رجليه الا بمساعدة “المشاى”,ممكن يزحف فقط, وكلهم لايضحوا بابنائهم لمصلحة احد, وممكن ان يضحوا بابنائهم فى اضيق الحدود,لمصلحة كبيرة اولصد خطرا داهما عليهم اوعلى مصالحهم. فالبراجماتيه هى الغالبة.

5_ان اى حرب اهلية بليبيا حول السلطه خاصة على الثروة ستكون كارثية ستحرق الاخضر واليابس,ولن تقتصر على الليبيين الموجودين بليبيا فقط ,بل ستستدعى حتى الليبيين المقيمين بدول الجوار المهجرين اثناء الحكم العثمانى والقره مانلى والفاشستى وهم يعدوا بالملايين اكثر من الموجودين بليبيا حاليا خاصة بمصر.

الخاتمة:

اسف لطول هذا المقال .فما باليد حيلة ,هذه حدود قدرتى على اختصار مااريد نقله لكم فى عجالة,ولا يفوتنى ان اوصيكم بشعبكم خيرا,فقد عاش مظلوما منكوبا عبر العصور,فقد كان اجدادنا فى العهد العثمانى والفاشى لا يحسبون السنوات بالارقام بل بالكوارث والامراض ,عام الطاعون عام الجذرى عام الكبة وباسماء الحروب والمتقلات والشنق والسجون, والجدب وسنوات المجاعة.

الايستحق شعبنا بعد طول معاناته المريرة ,ان نعطية فرصة ليعيش ولو فسحة من الزمن فى حياة طبيعية كغيره من شعوب الارض ,ليرتاح ويبنى مسقبل ابنائه بالثروة التى وفرها له الله بارضه,ولو على حساب اطماعنا وتغولنا واجنداتنا وتسلطنا الفاحش عليه.

واخيرا:

لاتغرنكم المظاهر الخادعة ,فشعبنا قد تعود ظروفا قاسية طول تاريخه,جعلته يرحب باى تغيير,لانه ليس لديه مايخاف خسارته ,فساحة الكيش ببنغازى كان بها حشدا يعد بالاف من الجماهير شهر واحد فقط قبل 17 فبرايركان ينتظر سماع اى جديد , وفى 17 فبراير كان مندفعا لتلقى الرصاص بصدور عارية . للوصول الى حلم افضل. وساحة الشهداء بطرابلس كانت بها مليونية تاييد اسبوع واحد فقط قبل سقوط طرابلس, وكانت بها مليونية ليلة سقوط طرابلس. لاستقبال الجديد ايضا,ولكنه ما ان مرت فترة قصيرة بعد ساحة الكيش ببنغازى وساحة الشهدا بطرابلس, حتى تبين الشعب انه وصل للاسواء.

فلا يغتر احد بفرحة مئات او الاف من الناس المقهورين المحتاجين المكسورين, فالانسان يحاول لبعض الوقت خداع نفسه بالامل حتى قبل ان يلمس بوادره على الارض. وهذه سنة الحياة من اجل البقاء.

حفظ الله ليبيا.

عمر الدلال 5/4/2016

[email protected]

 

Shares