محمد أنور يكتب للمرصد : ما بعد الاتفاق السياسي .. سياسة الامر الواقع !

يزداد المشهد تعقيدا اكثر حتى ما بعد توقيع الاتفاق السياسي والذي نتج عنه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فعكس المتوقع على الأقل للمتفائلين بدأ الخلاف يظهر تدريجيا وكورة هذا الخلاف تتحول كل يوم لتصبح اكبر حجما من سابقه .حتى ما بين المشاركين الفعليين في هذا الاتفاق .

قضية منح الثقة للحكومة ما بين البرلمان والمجلس الرئاسي لم تنتهي بل اتسعت وتشعبت ودخلت في مساومات واستغلال ثم اخيراً بفرض الأمر الواقع الذي على ما يبدوا اصبح نهجا لإثبات الوجود حتى لو كان ذلك على حساب بنود الاتفاق السياسي ؛ والمجلس الرئاسي كان اول من غامر بذلك ما بعد توقيع الاتفاق حينما توجه الى طرابلس في ظروف ليست طبيعية وأعلن ان حكومة الوفاق ستنطلق في عملها رغم علم رئيس وأعضاء المجلس أن ذلك مخالفة صريحة وواضحة لما نص عليه الاتفاق السياسي كون مجلس النواب هو من يعطي الثقة للحكومة او يرفضها قبل أن تباشر عملها.

هذا النهج اي سياسة الامر الواقع اعتبرها أعضاء في المؤتمر الوطني مؤيدين للمجلس الرئاسي بأنها الوسيلة الأقصر من اجل تثبيت أركانهم مجددا وهم أعضاء سابقين في المؤتمر الوطني الذي انقلب على شرعية البرلمان وأصبح موازيا له .ولذلك سارعوا الى اعلان قيام مجلس الدولة الاستشاري بل وأعلنوا قبلها تعديلا دستوريا لوضع ما يعتقدو صبغة قانونية على الخطوة وهم يعلمون ان ذلك مخالف للاتفاق الذي هم جزء منه .

أعضاء اخرين من المؤتمر لا يعترفون بالاتفاق السياسي الذي رعته الامم المتحدة ويؤمنون ان الحوار الليبي الليبي هو الحل اعلنوا في بيان عن مشروعية الجلسة وما نتج عنها .

انعقاد مجلس الدولة مخالف للاتفاق السياسي
الدكتور مصطفى ابو شاقور كونه أحد اهم الداعمين للاتفاق السياسي والمشاركين فيه ممن يحسبون على تيار الاسلام السياسي في ليبيا كعضو بالجبهة الوطنية للانقاذ انتقد ما اقدم عليه أعضاء من المؤتمر الوطني وجزء منهم من تيار الاسلام السياسي في فندق المهاري بالعاصمة طرابلس الثلاثاء الماضي عندما أعلنوا تعديلا دستوريا هو حق اصيل لمجلس النواب بحسب نص اتفاق الصخيرات .

لينطلق بعدها عمل مجلس الدولة الاستشاري كأمر واقع . وكانت حجة ” أعضاء مجلس الدولة ” القيام بذلك هو تعذر عقد جلسة البرلمان لاجراء التعديل الدستوري اولا ثم استكمال باقي خطوات الاتفاق السياسي
ابوشاقور شدد على أن المجلس الأعلى للدولة هو احد المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي كجسم استشاري لا يملك اختصاصات تشريعية بذاته معتبرا ما قام به في جلسة الثلاثاء لا قيمة له وليست من اختصاصه حسب الاتفاق السياسي ويبقى دوره المستقبلي من باب المشورة . هذا الاعتراض من ابوشاقور الذي غاب حتى عن جلسات البرلمان بصفته عضوا فيه لخلفيات تتعلق بظروف انطلاق عمله في طبرق العام الماضي .

تباين في مواقف معسكر تيار الاسلام السياسي
كما ان موقف ابو شاقور يؤشر الى تباين في المواقف ما بين حتى تيار ” الاسلام السياسي ” وهما من اتفقا على اعتراضهم لعديد القرارات السابقة التي اتخذها مجلس النواب كسلطة تشريعية وحيدة في البلاد منذ انعقاد اول جلسة له ومن بينها تصنيف بعض الأجسام المسلحة كمنظمات ارهابية .وقرار تكليف قائد عام للجيش . وكذلك فترة المؤتمر الوطني ؛ فالعدالة والبناء القريب من جماعة الاخوان المسلمين بقى صامتا ولم يبدى رأيا او موقفا مما حدث من ” قفز على بنود الاتفاق السياسي ” وفرض سياسة الامر الواقــع عندما أعلن أعضاء مجلس الدولة عن انطلاق عملهم .مما يدل على انه مساند للخطوة.

كما ان موقف ابوشاقور كسياسي ليبي عاش ويعيش مخاضا عسيرا للتسوية السياسية وما بعدها يعطي مؤشر أن الخلاف السياسي اصبح داخل تيار ” الاسلام السياسي ” نفسها والتي انقسمت بسبب أن مسار الحوار منذ البداية لم يكن يتضمن الاعتراف بقرار المحكمة العليا القاضي بحل البرلمان وما حدث حوله من لغط كونه صدر تحت الضغط ولم يكن قرارا حرا .

وما قد يخلط الأوراق هو موقف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الذي ينعقد منقوص الأعضاء في القاعدة البحرية طرابلس بمباركته انطلاق عمل مجلس الدولة مع سبق معرفته بأن ذلك مخالف للاتفاق السياسي .ومخالف للتوافق الذي يحتاج الى احترام ما تم الوصول اليه عقب جولات من الحوار امتدت لأكثر من عام .

Shares