عمر التواتي يكتب للمرصد : دسترة المؤامرة!

لطالما انتظر أغلب الليبيون زغاريد الولادة بسلامة من تحت قبة لجنة الدستور المعتَّـق ، حتى وعلى الرغم من اختلافهم حول مراجعه ، فمنهم من رأي بأن ذلك كله عبث في ظل وجود دساتير سابقة يمكن تهذيبها لتتلاءم والمرحلة ، وآخرون قالوا بخلق دستور جديد كلياً ليعرف كل ذي حق حقه بعد أكثر من خمس سنوات عجاف أريد لها أن تكون عكس ذلك بإسقاط نظام بكافة مؤسساته السيء منها والحسن ، دونما الإتيان بالبديل الأفضل عملاً بمسلمة أن كل منتقد عليه بالإتيان بالبديل الأفضل ،

لكن ذلك لم يحدث لا من الذين ثاروا ولا ممن رعاهم من الخارج ، وياليتهم أفاقوا مبكراً ليعلموا أن الديمقراطية لن تجلبها لنا سلطنة ولا مملكة ولا إمارة ، بل ولا حتى الدول الخمس الحاكمة والمتحكمة في العالم ، فإن حرم  دكتاتور الديمقراطية على شعبه ، سيحرمها عليكم من يرث ويورث الحكم بدستور عائلي خاص ، كذلك الأمر مع الدول الطاغية الكبرى ، لن تسمح لكم بعيش تجربة الديمقراطية في بلادكم ، كي لاتكونوا قارة مصغرة تزاحم اقتصادهم بل محمية للتبّـع يمتلكونها بمن فيها  ، ولن تسمح لكم ببناء جيش يحفظ حدود بلاده وسيادتها ، ولا بمخابرات قوية كما في السابق،

ولكن وقبل تتويج شرعنة المؤامرة بقوانين وتصريحات سياسية لقادة ليبيا الحرة ، بدأت تسن قوانين الإباحية السياسية ، فقبيل إعلان عبد الجليل “تحرير البلاد” الذي لم يقصد منه طبعاً تحريرها من الزنادقة الذين تحرروا من قيودهم سواء من داخل السجون أو ممن كانوا مقيدين خارجها بمتابعة الأجهزة الأمنية الخاصة بمكافحة جراثيم الأدمغة

وهو الذي وصفهم قبل ذلك بأنهم “مقاتلون في سبيل وطنهم ، لم نعتقلهم فهم يقاتلون في سبيل وطنهم، بعد أن اعترف بوجود عناصر القاعدة في صفوف “الثوار” وأن عددهم لا يتجاوز الخمسة عشر فرداً”،

بل قصد تحريرها كما أريد لها من قبل حلف “الناتو” وأميريكا وبعض الدول الخليجية الديمقراطية ، تحرير حتى من القوانين ومسمى الدولة ، عبر عدوان متعسف متعدي الأضرار ، لم يكن يستهدف نظام القذافي بحسب ، بل استهدف روح النظام الذي يمكن أن تقوم عليه الدول ولايزال يفعل ،

ومن بعده “المقريف” الذي اعترف أيضاً كسلفه بوجود “ عناصر “القاعدة” في ليبيا لا بعد قرب قضاءهم على عناصر الجيش والشرطة في بنغازي درنة وسرت ، بل غداة مقتل السفير الأميريكي ببنغازي ، لم يكن لهذا الاعتراف أي قيمة فعلية قياساً على وقوفه مع الضد المتطرف في جمعة إنقاذ بنغازي ،

بل ووصف هؤلاء الزنادقة بالثوار الشرعيين ، ليكمل مسيرته “أبوسهمين” الذي أغدق عليهم بالمال والشرعنة والبوس ، وياليتهم توقفوا عند هذا الحد ، بل شكلوا لجنة (قانونية) لـ”جلب الزنادقة الليبيين من الخارج ومتابعة أوضاعهم” لنرى جهود استجلاب الإرهابيين من الخارج سواء أكانوا في السجون أم خارجها ، كما هو الحال مع مفاوضات وقف إعدام الإرهابيين المحكومين في سجون العراق وسوريا وتونس والجزائر وغيرها،

بل وصل الأمر حتي للمقايضة بدبلوماسيين من تونس والأردن ومصر بعد اختطافهم من قبل الثوار الزنادقة ، لتستكمل المسيرة باستجلاب الهارب إلى جنوب افريقيا “ابراهيم تنتوش” عبر طائرة تابعة للدولة الليبية تقل المنتخب الليبي لكرة القدم بواسطة مسوولين ليبيين شرعيين ، تلاها مبادلة الإرهابي “ محمد النص” بسفير المملكة الأردنية في طرابلس ،

بشكل “شرعي” لينضم الزنديق العائد بواسطة سلطات بلاده إلى قتال القوات النظامية من الجيش والشرطة في بنغازي ، كما هو الحال مع المستبدلين بالدبلوماسيين التونسيين المختطفين في طرابلس بعد مقايضتهم بكل من “ حافظ الضبع / أبو أيوب“و “ عماد اللواج/ أبو جعفر”  المحكوم عليهما بتونس لمشاركتهما في أحداث “جبل الشعانبي” لنرى أحدهما متحدثاً “شرعياً “باسم الثوار في درنة ، والأكثر مراراً من ذلك هو تكريم المتورطين في كل ذلك من المناضلين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين الذين استماتوا من أجل أعادة هذه النفايات إلى ليبيا ،

فلا تستغربوا مساواة “ الأمم المتحدة “ الناظوري ببن احميد ، فليس اللوم عليهم بل على من فتح بلاده التي هي كبيته لكل مشتهي ، واللوم أكبر على من تناسى ذلك ، فجلود الأفاعي تتغير ولكن لمعانها لايمكن للعين تجاهله ،

ولايفوتنا تصريح “ وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون” وقتها غداة سقوط طرابلس بأن “على الثوار الليبيين التصدي للمتطرفين في صفوفهم” قبل أن يتلاشى هذا الإعتراف ليصبحوا جيشاً نظامياً يفرخ لهم قتلة سفيرهم ومن معه ، ويستمرون في تسترهم بل ودعمهم لهم سياسياً وقانونياً بل و إعلامياً سواءاً بالتعتيم أم بترجيح كفة على الأخرى ، حتى توِّج ذلك بجلوس الحاكم مع الجاني ومشاطرته الحكم بدعوى التوافق من أجل السلام ،

ولنعد قليلاً إلى أولى صفقات سوق نخاسة الأوطان عام 2012 حيث بدأت أول إجراءات الجباية لما أريد له أن يكون استدعاءاً لحلف شمال الأطلسي “الناتو” بدعوى حماية المدنيين من “جيش القذافي”، كانت زيارة مبعوث ديوان الحسبة الأمريكي “خوسيه فرنانديز” معاون وزيرة الخارجية   للشؤون الإقتصادية إلى طرابلس على رأس ممثلين لإربعين شركة اقتصادية أمريكية تعمل في مجالات مختلفة ، ولم يجب وقتها عن

سؤالنا “ هل هذه الخطوة تعد طريقاً ملتوية لجباية مقابل تدخلكم في ليبيا .؟” وكان في حضرة أعضاء مغمورين من المجلس الانتقالي آنذاك ، فرحين بما ءاتاهم الغرب من رضاه عليهم ودنو منزلتهم عنده ، لتصير مؤامرة الجباية قانونية مباركة ، فساد الصمت من الحضور ،

أما مخابراتنا فلم تنجو هي الأخرى من فخ التشريعات الخبيثة ، ففي ظل الاستفاقة المتأخرة وموجة الحديث عن الوصاية وأختها السيادة ، قد لا يعلم الكثيرون منا أن جهاز المخابرات الليبية الذي هو عصب الدولة ، قد أصبح بعد اختراق عناصر الجماعة الليبية المقاتلة ووكلاء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للجنة الأمن القومي بالمؤتمر “الوطني” العام أصبح عبارة عن مكتب للمعلومات والأرشفة لا أكثر ،

وذلك بعد نزع صفة “مأمور الضبط القضائي والحصانة “منه ،عن طريق هذه اللجنة ، فهو منذ ذلك الحين لايمتلك حق إلقاء القبض على أي شخص مسؤول أو من المواطنين أو الأجانب ممن يشكلون تهديداً أو خطراً على الأمن القومي الليبي ، ولم نسمع منذ ذاك الوقت أياً من الساسة المناضلين والقانونيين والخبراءالمتعاقدين مع القنوات التلفزيونية الليبية وغيرها يطرح هذا الأمر ،

بل سمعنا أحدهم من هذه اللجنة وهو ينهى عن إثارة خبر طرد “محمد المسند” شقيق موزة المسند” من غريان أثناء قيامه برحلة صيد هناك ضناً منه أنها الحديقة الخلفية للدوحة بفضل باعة الأوطان المتجولين ، والأكثر إيلاماً هو مشاهدتنا لامتلاك صفة “مأمور الضبط القضائي” داخل ليبيا للولايات المتحدة الأمريكية عندما قامت بعمليتين لأخذ وترحيل عنصري القاعدة من طرابلس وبنغازي ، ولا يمتلك هذه الصفة جهاز مخابراتنا المفرغ عمداً من كوادره وقوانينه ومن حريته  وسلطاته ، بل مانسمعه اليوم أن هذا الجاسوس قد دخل بتزكية من المسؤول الفلاني وقرينه العلاني ، على أنه باحث أو ناشط أو خبير بل وطبيب متضامن وصحفي ، قبل الإعتماد كلياً على الكادر الليبي اسماً فقط،

وعلى ذكر السيادة ومكافحة الجاسوسية ، كان أول ماتبادر إلى ذهني بعد اطلاعي على مسودة الدستور الدائم” المقدمة من سلطنة عُمان الديمقراطية ، وتحديداً المواد الخاصة بالجنسية الليبية ، ذكر في المادة (213) “ يشترط فيمن يتولى إدارة السجل المدني والقيادة العامة للجيش وإدارة الإستخبارات وإدارة المخابرات العامة وإدارة الهجرة والجوازات والجنسية ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه ورؤساء البعثات الدبلوماسية أن يكون ليبياً غير حامل لجنسية أجنبية وألا يكون متجنساً “ ،

لم يذكر أحدهم هنا أو يتذكر بأن هناك قوانين تمنع تولي هذه المناصب حتى ممن هو متزوج من أجنبية أو أن يكون ابناً لأم أجنبية حتى وإن لم يتحصل على الجنسية منهما وظل على جنسيته الليبية ،وهناك بعض المواد في قوانين هذه الأجهزة لاتجيز لموظفيها الزواج من أجنبية إلا بعد الحصول على موافقة من قبل رؤساؤهم وفق تقديرهم ، هذا بالنسبة لعناصر هذه الأجهزة العاديين فمابال رؤساء هذه الأجهزة الأمنية والمناصب السيادية الحساسة ، وهذا ماجرت عليه العادة والقوانين وهذا هو  المتعارف عليه ، فهل سقط ذلك سهواً أم لهواً.،

المادة ( 13) من قانون “هيئة أمن الجماهيرية” جهاز المخابرات العامة قبل 2011 :-

١- يشترط فيمن يعين في إحدى وظائف الهيئة ما يأتي :-

( أ ) – أن يكون متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية الليبية ومن أبوين متمتعين بهذه الجنسية عن غير طريق التجنس .

( ب ) – ألا يكون متزوجاً من أجنبية ويجوز الإعفاء من هذا الشرط بقرار من رئيس الهيئة إذا كانت الزوجة متمتعة بجنسية إحدى البلاد العربية وتعتبر الزوجة في حكم الأجنبية إذا كان أحد أبويها أو كلاهما من أصل غير عربي واكتسب جنسية الجمهورية العربية الليبية بطريق التجنس .

( ج ) – أن تكون حالته الإجتماعية مستقرة لاخطر من تأثيرها على عمله .

وذكر بمسودة مشروع الدستور الدائم في مادته (13) في فقرتها الثانية والتي تقول “ ينظم القانون الشروط الخاصة بمنح الجنسية للأجنبي المتزوج من ليبية والأجنبية المتزوجة من ليبي ، ولذوي الخبرات النادرة والمتميزة . “ فإذا ما دمجنا في خيالنا مابين هذه الفقرة و ماقام به “المعيتيق” من اتفاق باسم الشعب مع الاتحاد الأوروبي بخصوص إعادة المهاجرين الغير قانونيين القادمين عبر ليبيا إلى الأراضي الليبية

والذي يتكون أغلبهم من دول “سوريا والعراق ومصر “ وغيرها من الدول العربية والإسلامية بالإطلاق دونما تدقيق في مللهم ونحلهم فالإسلام الآن بات مصطلحاً جامعاً لكل الطوائف والمذاهب التي تنتسب إلى أشخاص تبنوا تفاسير معينة بناءاً على اجتهاد حسن النية أو نزولاً عن مآرب سياسية ، فليس تخوفنا هنا من قبيل التعالي العنصري على مواطني الدول الأخرى ، بل هو تحفظ لعدم فتح الباب على مصراعيه في دولة فقدت كل مقومات قيامها ، فلنكن دولة أولاً ثم خذوا بنصيحة الزواج بأربعة ، ولتتعدد الجنسيات أيضاً

فبيت القصيد هنا أننا إذا ما وافقنا هذا الطرح وفتح الباب على مصراعيه أمام تجنيس كل من تزوج من ليبية دونما قيد أو شرط يراعي ماتبقى من سيادة للبلاد ، ومع مؤامرة الغرب بالتخلص من عبء المهاجرين الغير قانونيين لديهم ، فإن ذلك يعد طوق نجاتهم الوحيد من انتقادات المنظمات الحقوقية لدول الاتحاد الأوروبي بشأن معاملتهم الغير إنسانية لطالبي اللجوء الإنساني في دول أوروبا ،

وذلك عبر إغراء المهاجر بموطن جديد لا يضطر ليسكنه إلى المغامرة والمقامرة بركوب زوارق الموت إلى أوروبا ، فحق الزواج والتجنس والمواطنة مكفول ليقفز معدل السكان من ستة مليون نسمة إلى عشرة ومافوق خلال عامين فقط إذا ما استمرت دياثة الساكتين على الحق في بلد يراد لها أن تكون محمية تابعة لأصدقاء السوء لليبيا تحكم بواسطة وعول يرى قرونهم الناس ولا يشعرون بثقلها فوقهم ، إن وضعت لهم مرآة الحقيقة رموك بداءهم وانسلوا ، ليرد أرشيفهم المتربص بصفعة بين الحين والآخر لتكشف سوءاتهم حتى وإن ارتدوا ثوبي زور.

Shares