رغم ايمانى بضرورة الوفاق الوطنى والحاجة الية “خالصا وصادقا وعادلا” ,الا اننى فى الحقيقة لم تفاجئنى حالة قصور المجلس الرئاسى ,فقد وصفت مبكرا “الحوار” الذى نتج عنه المجلس بالقصور, ومسوداته بالتشابك والشلل والاملاءات المشبوهه, وان نتيجتة ستكون تضييع وقت ثمين على الشعب الليبى, تحت سياط معاناة الخوف والعازة والعذاب فى انتظار سراب فارغ,لاياتى و لايغنى عن عطش. *وجاء المجلس ليعكس فعلا صورة دقيقة وواضحة عن اسس بنائه, ليستمر الشعب فى انتظار السراب الفارغ لاكثر من سنة اخرى, بل قد تتفاقم ازمة الوطن اثنائها اكثر.
*ولا انكر انه كان عندى قليل من امل ,ان ينحازالقدر للشعب ويمنحه قيادة للمجلس, وطنية قوية شجاعة, لها رصيد شعبي واسع قادرة على تجاوز عيوب الحوار ومسوداته والاملاءات عليه , لتتحرك افقيا, للاتصال مع القوى الوطنية الفاعلة واعيان ومشايخ الوطن على راسها مجلس النواب المنتخب والجيش الوطنى , يتم على اساسه , تصحيح اخطاء وثيقة الاتفاق , واختيارات لجنة حواره ليكون الوفاق سليما فاعلا ليحقق الاهداف التى ضحى من اجلها الشعب الليبى طوال السنوات الخمس العجاف السابقة.
*الا اننا وجدنا للاسف المجلس الرئاسى, متغطرسا دون مبرر سوى الااستقواء بالاجنبى, يدوس حتى على المسلمات الدستورية التقليدية ويبدا ممارسة السلطة بالدولة ,بدون حتى اداء اليمين الدستورى , ولا التعديل الدستورى ولا الاعتماد الشرعى , ولايعمل ايجابيا على حل الخلافات مع مجلس النواب ,بل ولا يلتزم حتى بالشرط الذى وضعته الاغلبية الساحقة بمجلس النواب ,للموافقة على المجلس الرئاسى ووثيقة الاتفاق , “بالغاء المادة 8” المضافة بمعرفة ممثل الامم المتحدة , دون تداول.
*ويبدأ المجلس قراراته بحصار قوت الشعب عن طريق مصرف ليبيا المركزى ,ولايلتزم بالترتيبات الامنية ويتخذ حماية له من الملشيات ,(التى سفكت دم الشباب الليبى بالعشرات عندما تظاهروا ضدها بالاف فى بنغازى وطرابلس ,مطالبين بالجيش والشرطة وتفعيل القضاء).
*ورغم تفائل بعض المتفائلين (وانا منهم) بان زيارة مصرالشقيقة من قبل رئيس المجلس وبعض اعضائه الايام القريبة الماضية, ربما كان الدافع لها استدراك للاخطاء والاختراقات السابقة واستعداد المجلس الرئاسى لتسوية الخلافات مع مجلس النواب والجيش الوطنى عن طريق بوابة مصر. الا ان الامل قد خاب فقد عاد المجلس بعد ذلك لمواصلة التصعيد الرأسى للصدام الذى بدأه ,بدل التحرك الافقى من اجل الوفاق,وكان اخرها حتى الان اصدرالقرارا ,بتشكيل جيش مواز للجيش الوطنى ,باسم الحرس الرئاسى بصلاحياة الوطنى. .
*وهذا كله يؤكد ان المجلس الرئاسى ليس قاصرا فقط بل محاصرا ومسيطر عليه ايضا,من الجماعات التى احتلت العاصمة سنة 2014 وفرضت سلطتها على مؤسساتها بالقوة ,بعد حرائق ودمار واسع.ولكن هذه المرة للسيطرة على ليبيا كلها برعاية الامم المتحدة وبدعم غربى .. و عليه على كل من يهمه شأن الوطن وحمايته فى المجلس الرئاسى, وعلى من يريد ان يجنب شعبه البقاء فى انتظار السراب او ماهو اسواء, وعلى من يرفض تكرار التجربة المريرة السابقة على الوطن من السادة اعضاء المجلس الرئاسى بمافيهم الرئيس ان يجنبوا انفسهم المساءلة القانونية مستقبلا, ويضمنوا لاحفادهم الفخر بصفحات التاريخ فى المستقبل بدل الانزعاج منها بالتكتل لتطهير مجلسهم من الافكارالمتطرفة والجهوية والمرتبطة باجندات خارجية لاتخدم مصلحة الوطن,ليصححوا مسار المجلس الرئاسى لاداء واجباته الحقيقية نحو الشعب دون خداع ومراوغة, اوان ينسحبوا من هذا المجلس الرئاسى اذا عجزوا عن اصلاحه , لينحل وينتهى , وتعلن الامم المتحدة ودول العالم اجمع بشكل الوفاق المعاق ,الذى اراد الغرب دون خجل فرضه علي ليبيا الدولة المستقلة ذات السيادة العضو بالامم المتحدة .فى الوقت الذى يحظر فيه على جيشها السلاح للقضاء على الارهاب واخماد التمرد على سلطة الدولة المنتخبة شعبيا تحت مراقبة الامم المتحدة ودول العالم.
الكاتب و السفير السابق
عمر الدلال12/5/2016