تعزيزتسليح الجيش المصري منذ قدوم السيسي الي السلطة امراً مثيراً للإهتمام ، فمصر بالرغم من الازمات الاقتصادية الخانقة اتجهت بشكل كبير نحو تعزيز قواتها العسكرية خصوصا الهجومية منها وهذا امر يثير القلق وعلي الليبيين ان لا يمر عليهم ذالك مرور الكرام .
توازن القوي وعقد التحالافات في المنطقة امر مهم لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، امتلاك جيش قوي لمصر ولدول جوار اخرى كالسودان والجزائر وعدم وجود توازن وتفتت الدولة الليبية ينذر بمخاطر حقيقية علي ليبيا التي اصبحت ساحة للصراعات الاقليمية والدولية وساحة لتنافس الدول الاقليمية والدولية لفرض النفوذ السياسي والاقتصادي .
إن السياسي المحنك لا يستبعد شئ ويفكر بشكل عقلاني واقعي لان العلاقات الدولية وسياسيات الدول تحكمها الواقعية السياسية وليس المنطق الليبرالي.
ليس من مصلحة ليبيا اعادة انتاج المليشيات واطالة امد الصراع والتفتت المجتمعي والسياسي فقد نصبح ذات صباح علي لاوطن نجده لنتصارع عليه ، وبالتالي اعادة وحدة البلاد وبناء الجيش الوطني والشرطة امر لا يحتمل التأخير من اجل المحافظة علي التراب الوطني والاستقرار ووحدة البلاد.
العلاقات الدولية لا تحكمها حسن النوايا ولا القيم كالقومية والعروبة و حسن الجوار والاخوة وغيرها من الشعارات ، كل هذه العناصر لا قيمة لها في العلاقات الدولية التي تحكمها المصالح وتعزيز القوي واستغلال الفرص بالتالى يجب التأكيد علي ان العلاقات الدولية اليوم تحكمها العقلانية والواقعية السياسية .
قد يكون هناك معوقات وعوامل عديدة اقليمية ودولية تمنع دولة مثل مصر من اجتياح او احتلال جزء من التراب الليبي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هناك معاهدة تحالف بين ليبيا ومصر علي سبيل المثال بموجبها يمكن ان تضمن ليبيا امنها واستقرارها ؟ هل من مصلحة دول الجوار تقسيم ليبيا واضعافها ؟ هل من مصلحة دول الجوار التي تعاني بعض منها من انفجار سكاني مع محدودية الموارد ان تتقاسم ليبيا ؟
هناك اسألة كثيرة ومصالح سياسية واقتصادية لدول الجوار في استمرار الفوضي في ليبيا .
للاسف نحن امام دولة ليبية منهارة بشكل يكاد يكون تام والا لاستوجب الحديث منطقا اخر حول تعزيز مصر لقوتها العسكرية بعيدا عن تعزيز ليبيا لقوتها العسكرية وخلق توازنات عسكرية واقتصادية.
مصر او غيرها من دول الجوار لا يجب ان تتفوق عسكريا واقتصاديا بشكل منعزل بدون عقد اتفاقيات وتحالافات تكون ليبيا جزء منها لان ذالك سيضع ليبيا تحت النفوذ ويجعل منها دولة تابعة وغير فاعلة اقليميا ودوليا بل وغير مستقرة داخليا .
اعرف ان التحدي الذي يقع علي الليبيين هو تحدي بناء الدولة الليبية اولا ولكن يجب الانتباة والانتباه جيدا الي ان تعزيز القوة العسكرية لمصر ولبعض دول الجوار في ضل تفتت وانهيار الدولة الليبية سيكون له عواقب وخيمة علي ليبيا للخروج من ازمتها واستقرارها ومستقبل النظام السياسي لليبيا ، فالقوة العسكرية لا تستعمل فقط للهجوم والاحتلال والتدجل المباشر بل للقوي العسكرية ايضا تأثيرات سياسية وامنية وعسكرية كبيرة اخري سيكون لها اثرها الكبير علي سير مجريات الاحداث في ليبيا اليوم ومستقبلا.
من حق مصر ان تعزز قوتها العسكرية وتحاول خلق توازن اقليمي مع القوي الاقليمية الفاعلة كأيران وتركيا و ” اسرائيل ” ودول الخليج ولكن من حقنا ان نخاف ونحذر ونتخذ الخطوات اللازمة لتعزيز امنا وسلامتنا واستقرارنا وتعزيز قوتنا لنلعب نحن ايضا دورا اقليميا ودوليا يناسب حجمنا .
من حقنا ايضا علي مصر ان ترسل مصر رسائل تطمينية لليبيا بأن السلاح المصري هو فقط لحماية مصر وتعزيز امنها ، وحتي ان ارسلت مصر مثل هذه التطمينات لا يمكن اخذها محمل الجد والحذر واجب وبناد القدرات العسكرية الليبية لا يحتمل التأخير !
يبيا تواجه اخطار حقيقية علي المستوي الداخلي والخارجي وتفتت الدولة وتأخير بنائها وبناد مؤسسة الجيش والشرطة تحديدا ليس في مصلحة ليبيا وعلي الليبيين مسابقة الزمن من اجل المحافظة علي حياة الدولة الليبية…. حمي الله الوطن.
د. ابراهيم هيبة
أستاذ العلاقات الدولية
6 ابريل 2016