لأن الأمور في لـــيـبـيـــا تمام التمام، الاستقرار واقع، والديمقراطية مضمونة، والحرية منتصرة، والعدالة منتشرة، والأمن مستتب، والاقتصاد مزدهر، فالتنمية متنامية، ونفوس المسؤولين عن الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية مُتسامية، والمال متوفر يسيل بين الأناميل الناعمة، فالمرتبات والدخول عالية، والسيولة النقدية تكاد تسيل في الطرقات فلا تجد من يجمعها، والدينار أقوى من الدولار {فلقد تحققت نبوءة مسيلمة عبعزيز}، والأطفال يصلهم حليبهم المجاني إلى أحضان أمهاتهم، والدواء يكاد يكون بالمجان، والتعليم والصحة والمواصلات والكهرباء والاتصالات والنظافة وكل الخدمات على أحدث وأرقى مايكون، ولا حروب أهلية وقبلية، ولا دواعش، ولا مجالس تطرف، ولا إرهاب، ولا فِتن ولا أحقاد، ولا فقر ولا أمراض، ولا منفيين ولا مهجرين، ولا مختطفين ولا معتقلين، ولا خطف ولا عصابات ولا ولا ولا، ولا شيء من عوامل الخطر على الكيان والإنسان إلا إثنين هيّنين .. الموت والعدم فقط.
لِكلّ ما تقدم، لا مشكلة إطلاقاً أن يسافر فائز السراج رئيسكم وولي أمركم، حسب إرادة ليون وكوبلر، وفرمانات جوناثان واينر وبيتر ميليت، ليقضي العيد السعيد صحبة العيال والأحباب في باريس المظلمة، أو لندن الخربة، أو على الأقل في قمرت التعيسة، تاركاً لكم طرابلسكم السعيدة لتهنأوا وحدكم بالظلام والفوضى والرعب والقمامة والازدحام، والعصابات المسلحة بكل شيء ما عدا الطائرات تطارد بعضها وتطاردكم في الشوارع والساحات وتغلق أمامكم الدروب والطرقات.
ولا عيب أن يصطحب وفداً من 25 من كبراء البلد وكبار العقول والمحاسيب الغاليين، مسافراً عبر المحيط إلى أميركا اللاتينية حيث فنزويلا، ليمثلكم أيها الليبيون السعداء المترفون أحسن تمثيل في قمة دول منظمة عدم الانحياز، التي ماتت منذ نصف قرن، ولينتقل بعدها صحبة وفده الكريم إلى أميركا الشمالية، ليحط الرحال في نيويورك، فيخطب ويتصل ويكدس أكثر الدعم الدولي الذي يضعه في عيونكم كالمخارز، أيها الليبيون الحاقدون على أبناء العائلات التاريخية غير الشلافطية.
شكراً أيها الرئيس الذي لا يرأس حتى بوابة قاعدة بوستة حيث يقيم، لكنه يرأس دولتكم الممتدة عبر المحيطات والقارات، والمقيمة معه في سعادة وهناء في الفنادق والطائرات.
ومزيداً من الصمت على عقيلة وفائز والثني والسويحلي وأمثالهم، حتى يأخذكم الطوفان وأنتم تنظرون، ويومها لن تجدوا ساستكم معكم، فسيكونون متوزعين عبر العواصم حيث سبقتهم أرصدتهم، وانتظرهم سادتهم، وتحققت سعادتهم.
لا عزاء للضحايا والضائعين والتائهين والصامتين والحالمين، فبلادهم بيعت أو تكاد، وبقي أن يُباع أطفالنا إلى مجرمي الهجرة، ليرسلوا نصفهم المحظوظ إلى أوربا، ويقدموا النصف غير المحظوظ إلى أسماك المتوسط المحظوظة.
أُقسم بالله أنني لا أقول إلا الحقيقة، محتسباً أمري وعمري لله الواحد الأحد، ولو كنت رضيت أن أبيع صوت الحق بالصمت على الباطل لوافقت على عروض رؤوس الفساد وبطانة السوء، وأُقسم بالله أنني لا أُحرّضكم لكنني أستنهضكم، لعل خفقة الروح في أوصالكم تسبق شهقة الفناء.
محمد عمر بعيو
9 سبتمبر 2016