المرصد خاص |منذ أن سمي الصديق الكبير محافظاً لمصرف ليبيا المركزي فى 26 سبتمبر 2011 بالقرار رقم 147 لسنة 2011 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي وهو القرار الذى لاقى فى ذلك الوقت موجة أراء معارضة واسعة له استند أصحابها على عدم قانونية وشرعية هذا التعيين لعدم خضوع الكبير لقانون الجنسية الليبية لسنة 1951 و إتهامه بالفساد الاداري و المالي ، وسوء استعمال الوظيفة ، ونهب وافلاس مصرف الامة الذى كان مديراً له فى ما عرف سنة 2008 فى الاوساط المصرفية بـ قضية ” الـ 6 مليار ” الا ان الرجل بقى فى منصبه و لم يتزحزح بالرغم من كل محاولات الاطاحة به بعد ذلك .
الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر الجاري لن يكون أسبوعاً عادياً فى حياة الصديق الكبير العملية رفقة أعضاء مجلس إدارة المصرف علي الحبري وطارق المقريف ومراجع غيث ومحمد المختار وعبدالرحمن هابيل وحمودةالاسود، فالرجل الاول فى مصرف ليبيا المركزي المُتهم من قبل خصومه بهدم الاقتصاد الليبي و إفساد السياسة المالية للدولة و العبث بمقدرات المصرف المركزي و الأموال المجنبة و إحتياطي الذهب خلال توليه منصب المحافظ يواجه اليوم تحدياً كبيراً متمثلاً فى إنتهاء ولاية تعيينه رفقة مجلس الادارة بالمصرف.
فبحسب المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2005 الصادر عن مؤتمر الشعب العام و المعدل بالقانون 46 لسنة 2012 الصادر عن المؤتمر الوطني العام فان مدة ولاية محافظ البنك المركزي قد حددت بخمسة سنوات منذ يوم تسميته ما يعني انتهاء ولاية الكبير فى 26 سبتمبر الجاري أي بعد 6 أيام من تاريخ اليوم 21 سبتمبر 2016 .
و فى 14 سبتمبر من سنة 2014 أصدر مجلس النواب المنتخب القرار رقم 14 لسنة 2014 و القاضي بإقالة الكبير من منصبه و تعيين نائبه علي الحبري خلفاً له إلا ان الكبير لم يمتثل للقرار لعدم اعترافه بشرعية مجلس النواب الذى واجه معارضة شرسة قبل شهرين من اتخاذ هذا القرار تمثلت فى انطلاق عملية فجر ليبيا التى أعقبها انطلاق جولات الحوار السياسي الليبي فى غدامس ثم جنيف فالصخيرات المغربية .
و تنص المادة 15 من باب حكومة الوفاق فى الاتفاق السياسي الليبي الذى انضم له الكبير على ان يتم تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي بعد ثلاثين يوماً من توقيع الاتفاق و ذلك بالتشاور بين مجلسي النواب و الدولة و يعتبر تنفيذ هذا الامر مستحيلاً فى الوقت الراهن مع حالة الشلل التام فى تنفيذ بنود الاتفاق ، الا ان انتهاء الولاية قد يفتح فصلاً جديداً من فصول الصراع و الجدل القانوني لا سيما اذا تمسك الكبير بمنصبه مستغلاً حالة الشلل فى تطبيق بنود الاتفاق السياسي و هذا ما يبدوا انه سيحدث حتى الان .
سفير بريطانيا لدى ليبيا بيتر ميلت قال خلال كلمة له أمام مجلس العموم البريطاني ان الكبير يمول الحرب عبر توقيعه على دفع مرتبات كل المليشيات المتناحرة فى ليبيا مما تسبب فى استنزاف لأموال الخزانة الليبية و تأجيج الصراعات المليشياوية و الجهوية و الانقسامات السياسية ، كما يتهم الكبير أيضاً من قبل بعض القانونيين بإرتكاب مخالفة جسيمة بعد دخول المجلس الرئاسي الى طرابلس تمثلت فى صرفه لميزانية تقارب 2 مليار دينار ليبي دون سندات من وزير المالية لعدم وجود وزير متحصل على ثقة مجلس النواب .
و فى ظل الوضع المالي المتأزم للدولة و المشهد المتشعب المتشابك بتداخلات الاتفاق السياسي و تعطل مجلس النواب و ترنح المجلس الرئاسي و لجنته المالية برئاسة فتحي المجبري و مع متغيرات الهلال النفطي فان اعادة النظر تجاه السياسة المالية للمصرف المركزي و كل قياداته دون استثناء و منهم من لم يزور ليبيا الا عدة مرات طيلة خمسة سنوات بات أمراً ملحاً و لعله ينقذ بعض من ما يمكن إنقاذه فى الوضع الاقتصادى الهش في ليبيا عبر رسم سياسة جديدة للمصرف تحدد على اساس الكفاءة و الحيادية و المهنية بعيداً عن الابتزاز السياسي و الجهوي الذى يرى المراقبون ان الادارة الحالية المنتهية الولاية للمركزي قد انغمست به بدل ان تعمل على وضع حلول عملية للأزمة الراهنة حتى سجل الدينار الليبي فى عهدها أدنى مستوياته على مر التاريخ .