ليبيا – أكد عضو المجلس الرئاسي فتحي المجبري أن فهم طبيعة الأزمة الليبية ومدى عمقها سيسهل عملية البحث عن حلول لها مبينا بأن أصلها يكمن في تسلط نظام مركزي على البلاد في السابق لم يمنح المواطنين سوى القليل من الحرية.
المجبري أوضح خلال إستضافته في برنامج الحدث الذي أذيع أمس الإثنين عبر قناة ليبيا الحدث أن النظام السابق شوه الحياة الإقتصادية وحجم دور القطاع الخاص وضيق الفرص السياسية والإجتماعية لسكان المنطقتين الشرقية والجنوبية وبعض أجزاء المنطقة الغربية وكانت معدلات الفسادين الإداري والمالي إبانه مرتفعة جدا.
وأضاف بأن مرحلة ما بعد الثورة لم تشهد تحولات ومعالجات أساسية لكافة الإشكاليات الموروثة عن النظام السابق مبينا بأنه قد حذر في وقت سابق المجلس الإنتقالي ورئيس الحكومة الأسبق عبد الرحيم الكيب من إرتداد الصراع بعد مرور 3 إلى 5 سنوات بعد التغيير كنتيجة لبقاء هذه الإشكاليات وهو ما حدث بالفعل خلال الفترة الحالية.
وأرجع المجبري نشوب وإستمرار هذا الصراع لتمسك فئة معينة بالسلطة ودخولها بنوع من المماحكة القانونية يرافقها صراع مسلح أحدثا نوعا من الإنقسام في البلاد إستغلته كثير من قوى الإرهاب والتطرف مؤكدا بأنه كان يتعين على هذه الفئة القبول بأساسيات العملية السياسية التي تؤكد التداول السلمي للسلطة وإعادة النظر بإسباب رفض الشارع لها بصناديق الإقتراع وإعادة تقييم برامجها وعدم محاولة فرض إرادتها بالقوة.
وأضاف بأن بعض القوى السياسية أرادت أن ترث بسرعة المنظومة السابقة من دون إِشراك حقيقي للمواطنين البسطاء الذين لا يوجد إطار حزبي حقيقي يحتويهم بعد أن قاموا بالثورة متطلعين لمستقبل أفضل لليبيا حيث شهدت الإنتخابات تنافسا محموما بين حزب العدالة والبناء وتحالف القوى الوطنية فيما لا يشكل هذان الحزبان أكثر من 27% من الليبيين لتبقى الأغلبية السكانية من دون تمثيل سياسي حقيقي.
وتطرق المجبري إلى التسلل المبكر للقوى الإرهابية الى منظومة الثورة قبل إستكمال تحرير البلاد وإسترجاع العاصمة طرابلس من النظام السابق مشيرا إلى أن حادثة إغتيال اللواء عبد الفتاح يونس إشارة لهذا التسلل ومحاولة من قبل هذه القوى لصياغة المشهد في المستقبل وإخراج الجيش منه ومحاولة هدمه في تلك الفترة المبكرة حيث نجحت في تحقيق أهدافها حتى قيام عملية الكرامة التي أعادت الأمور لنصابها وبنت نواة حقيقية لجيش محترف ومنعت ظهور مشهد سياسي مختلف عن الحالي.
وإتهم المجبري المؤتمر الوطني وحكومة علي زيدان بالعجز عن تعريف ما يحدث في بنغازي على أنه حرب ضد الإرهاب والإخفاق في دعم جهود بناء الجيش الذي بات اليوم بحاجة إلى ضمانات تقدمها المؤسستين التشريعية والتنفيذية لضمان عدم تكرار مشهد خذلانه بعد أن نشأ في ظروف صعبة ونجح في تحييد القوى الإرهابية.
وحذر المجبري من إستغلال مسألة القلق من إستحواذ الجيش على السلطة على حساب المؤسسة المدنية في عدم بناء الجيش مؤكدا بأنه قد دعا من قاعدة بوستة البحرية في طرابلس إلى دعم قيادة الجيش والمشير خليفة حفتر.
ودعا المجبري إلى معالجة المظالم الموجودة في منطقة الهلال النفطي التي لا يتنعم سكانها بثرواتهم النفطية التي يذهب جلها إلى مناطق لضمان إستقرار هذه المنطقة مبينا بأن الصدام المسلح ليس وسيلة ناجعة لمعالجة المشاكل فيها وضرورة سيطرة مؤسسات الدولة عليها من دون صدامات والعمل على تفكيك أية عناصر تدفع بإتجاه الحرب وضياع أرواح وممتلكات المواطنين ومقدراتهم.
وشدد المجبري على أهمية عدم نسيان المقاومة الشرسة لحرس المنشآت النفطية في منطقة السدرة و”الشهداء” الذين سقطوا في سبيل منع “داعش” من السيطرة على المنطقة ومنعهم أيضا لمحاولة قوات عملية الشروق للقضاء على الدولة المدنية.
ووصف المجبري عمل المجلس الرئاسي بغير الأمثل مستدركا بالتأكيد على إنحياز المجلس عبر بياناته المتعددة للثوابت الوطنية ومحاربة الإرهاب ودعم مفهوم الوحدة الوطنية وبناء المؤسسة العسكرية والمحافظة على الجيش.
ونفى المجبري وجود الميليشيات في تشكيلة الحرس الرئاسي المشكل من قبل المجلس الرئاسي مبينا بأنه يضم 3 ضباط ليبيين محترفين ومعروفين فضلا عن التهيئة لضم الجيش والشرطة النظاميين إلى هذا الحرس داعيا في الوقت ذاته إلى وقف إبتزاز الميليشيات مع الأخذ بنظر الإعتبار الميليشيات التي تشكلت لحماية بعض المناطق من خطر مناطق أخرى.
وأكد المجبري حاجة البلاد إلى برامج لإعادة الإدماج وإصلاح النظام الأمني ما يتطلب المزيد من الوقت لإنهاء حالة الفوضى المنتشرة منذ 4 أعوام من خلال برنامج عمل واضح يضمن عدم إرتهان الإرادة السياسية للميليشيات كون مشروعها يتناقض مع مشروع الدولة ويمنع قيامها.
وفيما يخص رؤيته بشأن ترشيح أعضاء المجلس الرئاسي أشار المجبري إلى أن رغبته كانت في إختيار مجلس النواب للرئيس والنائبين وليس كما حصل فيما بعد من ترشيح لـ12 شخصية بناء على طلب المبعوث الأممي مارتن كوبلر مؤكدا في الوقت ذاته عدم صحة قوائم التوقيعات التي تحدثت عن وجود عدد من أعضاء مجلس النواب ممن يرون أنه لم يعد ممثلا لهم مشيرا لتلقيه عدة إتصالات من أعضاء أكدوا بطلان توقيعاتهم.
وأضاف بأنه على تواصل مع أعضاء مجلس النواب من شرق البلاد وغربها وجنوبها لاسيما بعد نيله ثقة 45 منهم عن برقة وإختياره من قبل لجنة الحوار من بين الشخصيات الـ12 المرشحة لعضوية المجلس الرئاسي فضلا عن تواصله مع رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ونائبيه الأول محمد شعيب والثاني حميد حومة.
وأبدى المجبري سخريته مما يتداوله بعض المحللين بشأن إنتمائه التاريخي إلى الجماعة المقاتلة والإخوان متحديا إياهم بتقديم وثائق تثبت ذلك نافيا في الوقت ذاته إرتباطه بإبراهيم الجضران وترشيحه إياه لشغل منصبه بالمجلس الرئاسي حيث لم يلتقيه وشقيقه سالم الجضران سوى في مرات قليلة خلال محاولات إستئناف تصدير النفط.
وفيما يتعلق بكلمة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في الأمم المتحدة وحديثه عن ليبيا أكد المجبري أن هذه التصريحات تخص الأمير وأنه وزميله في المجلس الرئاسي علي القطراني أصدرا بيانا بشأن هذه الكلمة.