ليبيا – رجح عضو مجلس النواب نصر الدين مهنا أن يكون الإتفاق السياسي وما يرافقه من أحداث سبقت إقراره وأعقبت الإقرار نتاج لمشروع غربي أو خارجي أسهم من خلاله المجتمع الدولي بإحداث شقاق وتعقيد بالمشهد وعمق الخلافات بين الليبيين.
مهنا أكد خلال إستضافته في برنامج الحدث الذي أذيع أمس الثلاثاء عبر قناة ليبيا الحدث أن أحد نصوص هذا الإتفاق أسهم في إحداث خلل عبر إعتبار النواب المقاطعين لمجلس النواب خصوما للمجلس من خلال تعامل لجنة الحوار والبعثة الأممية معهم.
وأضاف بأن الإتفاق “السيء الصيت” شدد على عدم التدخل الأجنبي ودول المجتمع الدولي في الشأن الليبي فيما كان وجود رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج ومجلسه تدخلا أجنبيا فضلا عن كتابة كل فقرة بالإتفاق بأيد أجنبية.
واعتبر مهنا ان الإتفاق السياسي أنهى تيار الدولة المدنية الوطني وسلم البلاد لتيار الشروق الجهوي وأئمة التطرف الديني مؤكدا أن “حكومة الوفاق” بلطجة أتت لترسيخ مجلس الدولة الذي لم يولد بعد لعدم تضمين مجلس النواب للإتفاق بالإعلان الدستوري.
وأضاف بأن رئيس مجلس الدولة عبد الرحمن السويحلي أتى هو الآخر ببلطجة يمارس من خلالها دورا تشريعيا واضحا وليس إستشاريا كما نص الإتفاق السياسي واصفا عدم تضمين مجلس النواب للإتفاق بالإعلان الدستوري بأمر وطني هام جدا.
وتطرق مهنا إلى وجود شبه إجماع في إقليم برقة على رفض هذا الإتفاق السياسي على الرغم من نيله تأييد الجهات الأخرى منوها إلى مسألة عدم تجانس أعضاء مجلس النواب لكونهم يمثلون طوائفا متعددة تمتد من شرق البلاد إلى غربها ونزولا إلى جنوبها.
وأشاد مهنا بنجاح أعضاء مجلس النواب في إفساد مسألة منح الثقة “لحكومة الوفاق” وبفارق قليل لصوتين أو ثلاثة مبينا أن منح الثقة لهذه “الحكومة” كان سيمكنها من الحصول على صلاحيات تنفيذية لا تمتلكها أي حكومة نظيرة لها موجودة في العالم.
وأضاف بأن منح الثقة “للحكومة ” كان سيمكنها من نيل منصب القائد الأعلى للجيش والسيطرة على مواصفات القيادة والتراتبية العسكرية منتقدا إستمرار الرئاسي بتفويض وزرائه بالعمل وقيام مجلس الدولة بممارسة صلاحيات مجلس النواب كنتيجة لضعف الأخير والدعم الدولي المقدم لمجلسي الرئاسي والدولة.
ورفض مهنا مسألة ممارسة الوزراء المفوضين عملهم في العاصمة طرابلس لعدم تأمينها بشكل يسمح لهم بحرية العمل مرجعا ذلك لإنتقال مؤسسات الدولة مبكرا بعد نجاح ثورة الـ17 من فبراير إلى العاصمة قبل نضوج التجربة الديمقراطية ما مكن الجماعات المتطرفة من سحقها وإفساد الثورة منذ بدايتها.
وأضاف بأن هذه الممارسة ستستنسخ ممارسات الحكومات السابقة منتقدا في الوقت ذاته فايز السراج لعدم إمتلاكه كاريزما القيادة وعدم قيامه بإستنكار غزو الجماعات المتطرفة لبرقة وقيامه بتسهيل معالجة جرحى عمليات البنيان المرصوص في إيطاليا وإستثناء جرحى العمليات العسكرية في برقة من ذلك.
مهنا أكد أن وجود “الحكومة” في طرابلس “المحتلة” من قوى التطرف خطأ جسيم لاسيما إن تم إختيار مواصفات القيادات العسكرية فيها بالتعاون مع مجلس الأمن القومي متهما عضو مجلس النواب فتحي باشآغا بالتطرف والتوجه المصراتي والجهوي فضلا عن وجود عبد الرحمن السويحلي وما عرف عنه من إختراقه للإستحقاقات القانونية والدستورية في ذات المشهد.
وشدد مهنا على وجوب جعل مقر “الحكومة” في بنغازي كحل وحيد للأزمة لما للمدينة من ثقل ولطبيعة سكانها الرافضين والمتمردين على الظلم والطغيان على عكس سكان طرابلس الميالين إلى الموادعة محذرا في الوقت ذاته من محاولات تغييب دور بنغازي السياسي ومنع قيام الدولة فيها.
وإنتقد مهنا إغفال الإتفاق السياسي لمدينة بنغازي وعدم ذكرها إلا في فقرة واحدة تتعلق بتشكيل لجنة لمتابعة الشكل الأمني فيها فيما تكرر ذكر العاصمة في الإتفاق مطالبا بإعطاء الدور السياسي التاريخي لبنغازي بعد حرمانها منه لـ63 عاما لاسيما في ظل عدم جاهزية طرابلس خلال الفترة الحالية للعب هذا الدور.
وبشأن رؤيته للصراع في ليبيا أشار مهنا إلى أنه صراع على السلطة يستند على مرتكزات دينية وجهوية في ظل سيادة حالتي التطرف الديني والجهوي في البلاد فيما يجب العمل على إرساء دعائم الوفاق المجتمعي المستندة على إزدهار الأمة والفرد وخلق روح من المشاعر الوطنية التي يجب أن تسود أبناء الوطن الواحد.
وأوضح مهنا بأن معالم هذا الصراع بانت بعد قيام التيارين الجهوي في مصراتة والتيار الذي يدعي إختزال الدين أو تيار الإسلام السياسي الذي يمثله مفتي المؤتمر الوطني الصادق الغرياني والإخوان من سيطرة على السلطة بالقوة وما تلى ذلك من إحتلال للميليشيات لبني وليد ومطار طرابلس وغرغور ما تسبب بفشل قيام دولة ليبيا ودخولها في مستنقع كالمستنقعين السوري واليمني.
ودعا مهنا إلى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والصحافة للترويج للتجربة الديمقراطية وإيصالها للناس وبناء المؤسسات القادرة على خلق روح الوفاق بين أبناء المجتمع والعدالة في توزيع وتكافئ الفرص وتحسين جوانب الحياة والإزدهار للمواطنين وقيام الدولة على مبدأ الطاعة المبنية عن القناعة لا تلك المبنية على فقدان شخصية الفرد وحرياته داخل وطنه وغزو إقليم لإقليم ومدينة ومدينة الذي يستبب بتفتيت وتمزيق المجتمع.
وأرجع مهنا دعم كتلة السيادة الوطنية في مجلس النواب وأغلبية أعضاء المجلس للجيش وقائده المشير خليفة حفتر على الرغم من كل الأصوات المنادية بمسألة دعم رجل يريد القيام بإنقلاب عسكري, أرجع هذا الدعم لوقوف الجيش على مسافة واحدة من الجميع وعدم تمثيله لإقليم أو قبيلة معينة ولكونه صمام أمان البلاد مؤكدا أن غياب الجيش عن المنطقة الغربية في البلاد لاسيما في طرابلس تسبب بتناحر بين الجماعات المتشددة والميليشيات التابعة لكارة وبادي والغرياني والتاجوري.
وأضاف بأن حالة الضعف التي تعتري البلاد ووجود شخصية عسكرية ذات كاريزما قيادية كشخصية المشير خليفة حفتر تحتم طاعة هذه الشخصية بناء على القناعة التامة لاسيما بعد نجاحه في تجميع ضباط الجيش حوله وقيادة معركة الكرامة التي أنهت حالة الدمار والفوضى في مدينة بنغازي.
وحذر مهنا من محاولات تقضي بتسليم ملف محاربة الإرهاب في ليبيا إلى “حكومة الوفاق” وتمكينها من تصنيف المجموعات الإرهابية الأمر الذي قد يؤدي إلى إعتبارها للجيش مجموعة إرهابية تستعين بالمجتمع الدولي لمحاربته.