ليبيا – تعتبر الفترة الممتدة ما بين عامي 1990 – 1991 فترة أوج إحتدام المواجهة السياسية والعسكرية بين النظام السابق وكل من جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة وفى الأثناء كانت هناك مجموعة أخرى تعد العدة للظهور والعمل لتطلق على نفسها ” حركة التجمع الاسلامي الليبي ” وتضم اسلاميين إنضموا لجماعتي الاخوان المسلمين أو الليبية المقاتلة لمدد قصيرة قبل أن ينشقوا عنها ليأسسوا تنظيمهم الخاص.

وكان من أبرز قيادات حركة التجمع فى الداخل مؤسسها مصطفى الطرابلسي ومحمد احداش وجمال الورفلي وادريس ماضي ومصطفى الجهاني ، والأخيران من الاخوان المسلمين ، وكان ادريس ماضي مراقباً عاماً للاخوان في أواخر الثمانينات وقد قتل رفقة آخرين فى أحداث سجن أبوسليم سنة 1996 بعد أن تم إعتقال بعضهم على خلفية انتمائهم للإخوان وإنتماء بعضهم الآخر الى الليبية المقاتلة لإمتزاج أفكار الحركة بين أدبياتها الخاصة بها وأفكار الأخوان وتطرف المقاتلة حيث إنضم عدد منهم إلى العمل الجهادي المسلح معها ما أدى إلى إعتقالهم ومقتل بعض منهم سواء داخل السجن أو فى سنوات المواجهة الأمنية .

وتعتبر سنة 1992 سنة الإنطلاقة الفعلية للتجمع في مدينة جنيف السويسرية بقيادة عبد الوهاب الهلالي الذى يحمل فكراً ممتزجاً بين أفكار الإخوان والمقاتلة وقد ساهم فى وضع ميثاق وهيكل تنظيمي للحركة ولوائح داخلية تنظم عملها كما شغل مهام مسؤولها المالي، ومع تضييق الخناق الأمني عليها وإفتضاح أمرها لدى السلطات الامنية وفقدانها لعدد كبير من عناصرها فى أحداث سجن ابوسليم فر عدد من عناصرها فى السنوات التالية الى الخارج ومنهم محمد العماري زايد عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الذى فر إلى ألمانيا بجواز سفر مزور ثم إستقر فى مانشستر ونجح فى الحصول على عضوية بالمؤتمر الوطني العام بعد سقوط النظام عبر قائمة حزب الرسالة الذى شكلته الحركة عقب قراراها بالانخراط فى العملية السياسية الجديدة بالرغم من توزع نسبة من كوادرها بين بقية التيارات الإسلامية المتواجدة فى البلاد.

وترى الحركة ان فشل النظريات والحلول الإسلامية بين الجماعات والحركات الإسلامية بالإضافة إلى اجتهادات الدعاة والمفكرين ليس مبرراً إلى أن يترك الانسان هذه الحركات السياسية الإسلامية وان يتجه إلى التيارات السياسية الأخرى المناقضة لها والتى تعتبرها الحركة من المذاهب الأرضية الفاسدة فهي تعتبر مثلاً أن مصطلح الدولة المدنية رديفاً لمصطلح العلمانية حتى وإن تم تغليفه بمصطلح المرجعية الاسلامية ما يعني قناعتها التامة بإقامة الدولة الدينية وفق فهم الاسلام السياسي المتشدد الخاص للشريعة ما يعني أيضاً ان المجلس الرئاسي الحالي يضم بين جنباته عضواً يؤمن بالدولة الدينية ولا يؤمن بمدنية الدولة بالرغم من معارضته الشديدة لعسكرتها وقد ترجم هذا الموقف فى عدة بيانات خاصةً به أو فى بيانات تناغمت فيها رؤيته مع رؤى غيره من الإسلاميين داخل مشروع الوفاق برمته وذلك فى إطار توافق الأفكار بين التجمع والإخوان والليبية المقاتلة .

ومن بين أبرز قناعات التجمع الاسلامي هو أن إحباط أي شخص منتمى لحركات الإسلام السياسي من فشل أي مؤسسة دعوية سياسية ينتمي لها أو إخفاق بعض رجال الدين فى إجتهاداتهم الفقهية السياية يحتم عليه أن يتجه إلى مؤسسة أو جماعة أو حركة إسلامية أخرى ، ويفسر مراقبون هذه القناعة بأن الحركة تقتات على خلافات الإسلاميين لتغذية وتدجين نفسها بعناصرهم المنشقين عنهم من جهة والحفاظ على الكثرة العددية لعموم تيارات الإسلام السياسي من جهة أخرى وأن الدليل على ذلك هو تنقل عناصرها أفقياً بين الجماعات الأخرى والعكس صحيح.

وشارك الحزب فى انتخابات يوليو 2012 بقائمة عريضة فى مدينة بنغازي وقد مني بهزيمة أنذرت بإنتهاء وجوده السياسي لتحصل تحالف القوى الوطنية وحزبي العدالة والبناء والجبهة الوطنية وبعض المستقلين على غالبية مقاعد المدينة إلا أن محمد العماري زايد استطاع أن ينفخ فى روح الحزب عبر لعبه دوراً داخل المؤتمر العام بإنخراطه وتشجيعه لقيام كتلة إسلامية تُوصف بالمتشددة تحت إسم كتلة الوفاء للشهداء ضمت عناصر الإخوان وجبهة الإنقاذ والجماعة المقاتلة فى تكتل واحد لتكون مهمتها مجابهة التيار المدني الذى وصف حينها بانه مشتت وعديم الخبرة داخل المؤتمر إضافةً لترأس العماري إحدى أهم اللجان وهي لجنة الاتصالات والمواصلات .

ويرى مراقبون مهتمون بشؤون الجماعات الإسلامية أن حركة التجمع الإسلامي وبالرغم من مشاركتها فى إنتخابات 2012 – 2014 التى حققت خلالها نتائج مخجلة قد تشظت وتشتت منذ عشرون سنة بالرغم من لقاء ممثلين عنها مع ممثلين عن النظام السابق فى يونيو 2009 أسوة ببقية الاسلاميين لحلحة الملفات العالقة تمهيداً لتحقيق المصالحة التى تحقق جزء منها بتسهيل عودة بعض عناصر التجمع إلى ليبيا ، إلّا أن وصول محمد العماري إلى عضوية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق شجع الحركة وحزبها على لململة أنفسهم وتجميع شتاتهم مجدداً وقد غادر معظم منتسبيها من بنغازي إلى طرابلس بعد تضيق الجيش هناك الخناق على مختلف تنظيمات وحركات الاسلام السياسي .

وتشير معلومات المرصد إلى أن قيادات التجمع بدأت مؤخراً فى محاولات لرأب الصدع بين التيار الاسلامي الذى إنقسم جزئياً على نفسه بعد توقيع اتفاق الصخيرات ودخول المجلس الرئاسي إلى طرابلس مستغلين فى ذلك تقارب أفكارهم مع أفكار جماعة الاخوان المسلمين وذراعهم السياسية ممثلة فى حزب العدالة والبناء المؤيد للرئاسي ولإتفاق الصخيرات بصيغته الحالية وبين الجماعة المقاتلة وذراعهم السياسية ممثلة فى حزب الوطن والتى تتخذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه الوفاق ، كما نجحت الحركة عبر عضو المؤتمر العام محمود سلامة الغرياني المقرب من المفتي فى الحفاظ على علاقة متينة مع دار الإفتاء بشكل عام ومع المفتي الغرياني بشكل خاص الأمر الذى أضاف لها مرونة أكبر فى تحركاتها بين بقية الإسلاميين بمختلف مشاربهم من جهة وحفاظها على مكسبها بالمشاركة فى مشروع الوفاق من جهة أخرى .

ومن بين أبرز القيادات التى تلعب هذا الدور حالياً يبرز إسم مصطفى الطرابلسي ، رجب الخازمي ، محمد أحداش ، حبيب الزاعل ، طارق المقصبي ، إدريس المقصبي ، أحمد الطالب ، أحمد محمد أبوشعالة ، محمد البرعصي ، محمد العريبي ، محمود سلامة الغرياني ، عادل صنع الله ، سالم بشاشة ، خالد الورشفاني ، أحمد عبدالغني السعيطي ومحسن زيدان وتؤكد معلومات المرصد أن هاذان الأخيران يتوليان لجنة العمل الميداني بالحزب والحركة وقد بدء بعضهم فى تكثيف ظهورهم الإعلامي فى الآونة الأخرة عبر القنوات الفضائية المحسوبة على تيارات الإسلام السياسي ربما تمهيداً لدور وظهور أكبر سيلعبه التجمع خلال الفترة المقبلة ليضيف إحيائه حركة قديمة جديدة على قائمة حركات الاسلام السياسي فى مشهد سياسي معقد ويزداد تعقيداً .

ولا يعرف عدد كوادر الحركة حالياً بشكل واضح لكن وثيقة صادرة عن جهاز الأمن البريطاني وجهت إلى السلطات الليبية سنة 2008 وإطلعت المرصد على نسخة منها أكدت بأن السلطات البريطانية لديها معلومات تشير إلى استمرار ميول الحركة للعنف بغية استبدال نظام الحكم فى ليبيا وإقامة دولة إسلامية وأشارت إلى أن عدد عناصر التنظيم يبلغ حوالي 450 شخص منهم مابين 300 إلى 400 شخص يتواجدون فى بنغازي كما صنفت 22 إسماً منهم فى بريطانيا على أنهم أنشط عناصر الحركة وكان من بينهم محمد العماري زايد عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ويوسف هارون المقرب حالياً من إبراهيم جضران والوزير المرشح المهدي البرغثي .
مواضيع ذات صلة :
https://www.facebook.com/1707659659469302/posts/2092091301026134?sfns=mo