ليبيا – دعا عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط إلى ضرورة عدم التعجل والسير في “جنازة” الإتفاق السياسي مقراً بوجود حالة من الإستعصاء الواجب حلها فضلاً عن بعض المغاليق بالإتفاق المفروض فك شفرتها وفتحها.
قزيط أشار بمداخلته الهاتفية في برنامج سجال الذي أذيع أمس الأحد عبر قناة ليبيا روحها الوطن إلى عدم ميله إلى الرأي الداعي للتفاوض من جديد لاسيما بعد قطع شوط طويل من التفاوض وإيجاد الإتفاق السياسي بشكله الحالي الذي حاز رضا “معظم” الليبيين مع وجوب معالجة بعض نقاط الإختلاف بشأنه وتطويره أو توسيع دائرة التوافق حوله مبيناً عدم إمكانية الإستجابة لجميع مطالبات المعترضين على الإتفاق لكون ذلك سيسهم بتفجير الأوضاع في جانب آخر لعدم قبول ذلك من الطرف الآخر لهذه الإستجابة مع إمكانية التفاوض بشأن الإشكالات الواضحة المتعلقة بتركيبة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وعدم وضوح هيكلية الجيش وقيادته للتوصل إلى حلول وتفاهمات وسطية مرضية.
وقسم قزيط حملة السلاح في ليبيا إلى قسمين رئيسيين قسم منهما يتاجر بسلاحه ولا موقف سياسي له ويتم تحريكه بالمال يميناً ويساراً والقسم الآخر المتمثل بالطرفين الأساسيين الرافضين للإتفاق السياسي طرف الجيش بالمنطقة الشرقية بمطالبه الواضحة والمعروفة للجميع وطرف مفتي المؤتمر الوطني العام “الشيخ” الصادق الغرياني وجزء من المؤتمر الوطني العام من الرافضين وذوي المواقف السياسية مؤكداً إمكانية تطوير الإتفاق ومعالجة هذه النقاط ومن دون حضور القيادة العسكرية.
وفيما يخص تقرير مجموعة الأزمات الدولية الصادر مؤخراً بشأن الإختناقات التي تواجه تنفيذ الإتفاق السياسي أكد قزيط إطلاعه على هذا التقرير “السوداوي” الذي يحتوي على بعض المبالغات مستدركاً بالتأكيد على أن ذلك لا يعني بأنه غير حقيقي على الرغم من بعض المبالغات فيه التي تبين إستفزاز المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لمجلس النواب بعد إعلانه حيازة صفة القائد الأعلى للجيش وهو ما ليس بالأمر الحقيقي لكون المجلس الرئاسي قد حاز على هذه الصفة وفقا للإتفاق السياسي.
وطالب قزيط بالأخذ بنظر الإعتبار المقترح الذي قدمه بشكل غير رسمي عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق علي القطراني قبل 3 أشهر بشأن وجود قيادة توافقية موحدة للجيش تضم الأطراف المختلفة ولا تمثل طرفاً منفرداً أو شخصاً واحداً يحرك المؤسسة العسكرية ومناقشة هذا المقترح بالنظر لعدم إمكانية حصر القيادة بشخص معين لأهمية القوات المسلحة بوصفها قوة فاعلة على الأرض مبيناً بأن الأوضاع التي آلت إليها البلاد تفرض إتباع نهج الديمقراطية التوافقية على الرغم من عدم إدراك بعض أعضاء المجلس الرئاسي لهذا النهج ليكون هذا المجلس الحل الممكن وليس الأمثل لأزمة البلاد.
وأضاف بأن ما تحدث عنه التقرير بشأن وجود مجلس نواب رافض للإتفاق السياسي غير صحيح لأن الموجود فعلياً على الساحة السياسية الآن تيار نافذ بالمجلس ورافض للإتفاق يمثله رئيسه المستشار عقيلة صالح فضلاً عن عدم تمكن الأغلبية الكافية من إجراء تعديل الإعلان الدستوري على الرغم من موافقتها على ذلك ما سيجعل من إمكانية نجاح هذا الإتفاق بعيدة المنال ووجوب الذهاب إلى خيار تعديله.
وشدد قزيط على وجوب البحث عن حلول وسط للأزمة الليبية وعدم فرض الحلول والشخصيات لاسميا في ظل غياب البدائل الأخرى ولعدم توافق هذه البدائل مع حالة الصراع التي تشهدها البلاد ما يحتم على الجميع الإنصياع للوطن وتقديم تنازلات أكبر كخيار وحيد لإخراج ليبيا من أزمتها مبيناً عدم وجود إمكانية لإلزام مجلس النواب بالإنصياع لإرادة الأطراف الأخرى الراغبة بحل الأزمة وعدم إمكانية نجاح أي حل لا يتم بالتوافق مع المجلس بكافة أطيافه.
وأكد قزيط بأن المبعوث الأممي مارتن كوبلر لا يملك الحق في التأكيد على عدم إمكانية فتح الإتفاق السياسي في حال إتفقت إرادة الأطراف الليبية على ذلك وإنصياع كوبلر لهذه الإرادة مشيراً إلى حاجة الإتفاق إلى “عمليات تجميلية” وليس لعملية “قلب مفتوح” لكون إجراء أي “عملية كبرى” في الإتفاق قد “تقضي على حياته.
وبشأن الكلام عن فرض الإرادات الغربية على الليبيين عبر قزيط عن عدم قناعته بذلك وأن هذا الكلام ليس في محله مبيناً بأن ليبيا كدولة لم يتم إنشاؤها بقرار دولي والحال ذاته ينطبق على ثورة فبراير التي حضيت فقط بالمساندة الدولية ولم تقم بناء على إرادة دولية مضيفاً بأن الحوار السياسي هو في النهاية حوار ليبي مرعي من قبل الأمم المتحدة.
وأضاف بأن التفاهمات لا تأتي إلا بين المعتدلين في ظل إبتعاد الطرفين الرافضين للإتفاق بالمطلق عن التفاهم متوقعاً وجود من يريد إفساد الإتفاق السياسي لعدم إكتفائه بحصته في السلطة قياساً بالطرف الآخر فيما يرى البعض الآخر في الإتفاق إقصاء له من دائرة الأضواء السياسية الراغب بشدة للبقاء فيها في إشارة منه إلى رئيس حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام خليفة الغويل ورئيس المؤتمر نوري بوسهمين.
وفيما يخص رؤيته بشأن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أكد قزيط مراهنة المجلس الكبيرة على ترسيخ “حكومته” في العاصمة طرابلس لإضعاف حجج المعارضين له في مجلس النواب في ظل غياب التنسيق بين المجلسين وضعف الرئاسي ملقياً بلائمة إفشال رهان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق على المصرف المركزي في طرابلس بوصفه متصدياً رئيسياً لهذا الرهان ما صعب من مهمة الرئاسي للنهوض من جديد بعد الضربات “الموجعة” التي تلقاها.
وإنتقد قزيط تصريحات رئيس الأركان العامة اللواء عبد الرازق الناظوري والناطق بإسم قيادة الجيش العقيد أحمد المسماري الأخيرة بشأن تحرير الجيش للعاصمة طرابلس لكون الموجودين في العاصمة هم ليبيون أيضاً ولا يجوز أن يتم وصفهم بأنهم مصدر أذى للبلاد وأن هذه التصريحات لن تخدم السلم الأهلي في ليبيا محذراً من مغبة إدخال طرابلس والبلاد في حرب مفتوحة هي الأخطر من نوعها لخصوصية العاصمة التي تميزها عن باقي المدن والمناطق لاسيما بعد بدأت بؤر التوتر العسكري في ليبيا بالإنحسار ولم تنتهي بعد أن كانت هنالك حرب مستعرة بمنطقة الوطية في غرب طرابلس وأخرى في جنوبها وثالثة في السدرة فيما كانت تعرف بعملية الشروق فيما لا زالت حالة التوتر العسكري كما هي عليه في بنغازي والمنطقة الشرقية.
وحذر قزيط من إمكانية إندلاع حرب جديدة في منطقة الموانئ النفطية في حال صحت الأنباء التي تحدث بشأنها وزير الدفاع المفوض بحكومة الوفاق المرفوضة من مجلس النواب العقيد المهدي البرغثي وعدد من أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الشرقية بشأن تواجد قوات أجنبية إفريقية مبيناً عدم قدرته على نفي أو تأكيد الأنباء التي تحدثت عن تواجد هذه القوات تحديداً في ميناء راس لانوف النفطي.
وأضاف بأن هذا التواجد إن صح سيكون محفزاً للكثيرين لإستئناف حرب المواني النفطية مستدركاً بالتأكيد على أن قوات البنيان المرصوص قوات تشكلت لمحاربة الإرهاب مع بقاء مخاوفه ومخاوف كثير من سياسي المنطقة الغربية ومصراتة ورفضهم لمبدأ إندلاع حرب بين الأخوة بغض النظر عن الأسباب والتي ستعني في حال إندلاعها نهاية شرعية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ومجلس النواب فضلاً عن التأكيد على عدم السماح بإندلاعها بأي حال من الأحوال.