ترامب و الاخوان

تحقيقات المرصد : لماذا إستشعرت جماعة الإخوان المسلمين الليبية الخطر بعد إنتخاب ترامب !؟

ليبيا – فى نوفمبر 2015 قدم أعضاء الكونجرس ”  دياز بلارت ”  و ” جومرت ويبر ”  و ” بلاك وبوميو ”  مجتمعين مشروع القانون رقم 3892 في محضر إجتماع اللجنة القضائية بالكونغرس و هو مشروع القانون الذى يعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية حيث خلص الكونجرس بعد ذلك إلى نتيجة مفادها إنطباق معايير الجماعات الارهابية على الجماعة  .

وبحسب الجلسة التي تم بثها حينها عبر موقع اللجنة الإلكتروني صوت 17 عضوًا جمهوريًا لصالح مشروع القانون مقابل رفض 10 ديمقراطيين بينما لم يدل 12 عضوًا من كلا الحزبين بأصواتهم و قد حثت اللجنة إدارة التشريع بوزارة الخارجية الى سن قانون يعتبر جماعة الاخوان جماعة إرهابية أجنبية و ذلك بالتشاور مع وزيري المالية و الخارجية و هو ما لم يحدث ما دفع بها إلى مطالبة إدارة أوباما بتقديم تبرير مفصل عن أسباب رفضها لوضع الجماعة ضمن قائمة الإرهاب الدولي.

و قد خلصت اللجنة إلى ثبوت ارتباط ما وصفها تقريرها بـ  ” ميليشيات تنظيم الإخوان فى ليبيا ” إلى تنظيم الاخوان فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى سبق وتم إعلانها كمنظمات إرهابية، أمثال «أنصار الشريعة» كفرع من «مجلس شورى ثوار بنغازى»، وجماعة «قوات فجر ليبيا» التى قالت اللجنة أنها كانت تحارب الحكومة الليبية المعترف بها دولياً فى إشارة لحكومة عبدالله الثني .

و طيلة حملته الانتخابية تعهد المرشح الجمهوري دونالند ترامب بالعمل على اصدار هذا التشريع المتعطل بشأن جماعة الاخوان حال فوزه متهما الحزب الديمقراطي  بعرقلة صدوره و التحالف مع جماعة الاخوان و لكن مع الهزيمة التى مني بها الاخير فى الانتخابات الرئاسية و التشريعية فتح باب الجدل حول مستقبل الجماعة على مصرعيه لا سيما بعد تأكيد مستشارة ترامب عقب فوزه عزمه إنتزاع هذا التشريع من الكونجرس .

و نصت إحدى فقرات المسودة التى ترجمتها المرصد فى حال أقرارها على التالي :  “يُمنع أي أميركي أو مقيم على أراض أميركية من التعامل مع أي شخص أو جهة على علاقة بتنظيم الإخوان في أي بقعة من العالم”، و”يُمنع أي مواطن أجنبي على صلة بالتنظيم من دخول الأراضي الأميركية”، بالإضافة إلى “حظر أية ممتلكات أو أموال في حوزة مؤسسات مالية أميركية تخص الجماعة.

و بالاشارة الى الفقرة المتعلقة بالفرع الليبي من الجماعة فى مشروع القانون و إرتباطاتها الداخلية و الخارجية بما فيها الولايات المتحدة نفسها  يبدوا أن الجماعة و أصولها و منظماتها و شخوصها فى الولايات المتحدة لن يكونوا خارج دائرة الحظر و الخطر و ربما تجميد أموالهم و أنشطتهم التى يمارسونها عبر عدة أجسام نستعرض أبرزها فى التقرير التالي .

من هم المستهدفين المحتملين من الليبيين فى الولايات المتحدة بقانون تجريم الإخوان حال إقراره ؟ 

لقد كان من الواضح أن جذور العلاقات بين بعض القيادات البارزة بجماعة الإخوان المسلمين الليبية و مراكز صناعة القرار في واشنطن  قد لعبت إبان فترة تولى الديمقراطيين زمام الأمور فى الولايات المتحدة دوراً موسعاً و أكثر تركيزاً فى ما تبدوا أنها محاولة من الجماعة لإقناع الأمريكيين برؤيتها الخاصة للوضع فى ليبيا .

و يرتكز هذا التقرير الذى أعدته المرصد و إستندت فيه على معلومات من مصادر خاصة جداً و وثائق و مراجع تحقيقات حول عدد من الكيانات الليبية – الأميركية المشتركة التي تأسست قبل وبعد ” ثورة 17 فبراير ” و من أبرزها المجلس الليبي للشؤون العامة الأميركية و إختصاره ” لاباك”  و مركز الدراسات الستراتيجية الليبية – الأميركية و إختصاره ” كلاس ” و الأشخاص الذين يتزعمون هذه الكيانات و خلفياتهم السياسية و الدينية .

ومن بين القيادات المرتبطة بـ ” لاباك” رئيس مجلس إدارته وزير خارجية حكومة الإنقاذ السابق و الغير المعترف بها علي بوزعكوك المرتبط بحزب العدالة و البناء ومدير برنامج الدراسات الإسلامية والديمقراطية بواشنطن و إختصاره ” مينا ” و الذى تشير المعلومات إلى أنه مدعوم بقوة من قبل جماعة الإخوان المسلمين .

على أبوزعكوك - وزير خارجية حكومة الإنقاذ ( المرصد )
على أبوزعكوك – وزير خارجية حكومة الإنقاذ ( المرصد )

وشغل بوزعكوك عدة مواقع في الولايات المتحدة من بينها مديراً تنفيذيا للمجلس الإسلامي الأميركي وسفيراً للنوايا الحسنة في وزارة الخارجية الأميركية ومديراً لبرنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز الدراسات الإسلامية والديمقراطية ” مينا ” .

المعلومات أشارت كذلك إلى قيادي آخر و هو  الأمين العام لـ ” لاباك” عماد الدين زهري أدهم المنتصر و هو العضو المؤسس بلجنة العمل من أجل ليبيا و نائب رئيس اللجنة و قد أتهم أواخر سنة 2008  بتهمة التحايل الضريبي لجمع أموال لتمويل تنظيم القاعدة و بقى رهن الاقامة الجبرية فى منزله بولاية بوسطن لمدة 6 أشهر و من المرجح أن يكون من أبرز المستهدفين بالقانون حال إقراره لوجود سجل سابق و حافل له لدى السلطات الامريكية .

عماد الدين المنتصر
عماد الدين زهري المنتصر

كما تشير المعلومات إلى أن المنتصر شارك سنة 1993 في تأسيس مجموعة ” كير الدولية ” مع إثنين من شركائه أحدهم لبناني الجنسية و جميعهم مقربون من عبد الله عزام أحد معلمي أسامة بن لادن وأحد مؤسسي تنظيم القاعدة وحركة حماس حيث بدأت ” كير ” عملها بعد تفجير مركز التجارة العالمي خلفا لشركة الكفاح ، التي تعمل تحت رعاية مكتب الخدمات الذي أسسه بن لادن وعبد الله عزام تمهيدا لتنظيم القاعدة.

عبداله عزام يتحدث فى إحدى الإصدارات الجهادية التى كانت ترعاها شركة الكفاح
عبداله عزام يتحدث فى إحدى الإصدارات الجهادية التى كانت ترعاها شركة الكفاح
 

أما شركة الكفاح كانت قد أتهمت رسمياً من قبل السلطات الأمريكية بتمويل إرهابيين في أفغانستان و تشير التحقيقات الأمريكية إلى إرتباط وثيق بين عناصرها بتفجير مركز التجارة العالمي و قد جُمدت أصولها بعد هجمات 11 سبتمبر .

و أشارت وثائق التحقيقات إلى أن ” مجموعة كير ” رعت مجلة جهادية إلكترونية خاصة بها و هي امتداد لعمل شركة ” الكفاح ” و أطلق عليها إسم ” الحسام ” أي السيف و كانت تدعوا لقطع رؤوس الكفار وإراقة أنهار من دمائهم كما شجعت المسلمين على تنظيم حملات جمع تبرعات للإرهابيين و من ثم نقلها لصالح بن لادن تحت شعار الجمعيات الخيرية .

و يقول محققون أمريكيون أن المنتصر قام بتوقيع كتاب خطي لزعيم الحرب الأفغاني قلب الدين حكمتيار، احد المقربين من أسامة بن لادن تعهد له خلالها بمواصلة دعمه و جاء فى التعهد : “نحن أولئك الذين يحبونك في مكتب بوسطن، أكتب إليكم لنسأل عن ما تراه مناسبا وملائما بالنسبة لنا في المسائل المتعلقة بخدمة الجهاد في سبيل الله و نحن على استعداد للالتزام بالأوامر الخاصة بك، ونحن نبايعك على الطاعة والخدمة العسكرية “.

فيما يشغل القيادي الآخر عصام سالم عميش منصب مدير العلاقات الحكومية في مركز ” لاباك”  فضلاً عن رئاسة مركز ” كلاس ” و هو مركز الدراسات الستراتيجية الليبية – الأميركية .

عصام عميش
عصام عميش

وشغل عميش أيضا رئاسة قوة مهام حالات الطوارئ الليبية للتنسيق الإعلامي ” ليتف”  و المدير السياسي للمجلس الليبي بأميركا الشمالية و إختصاره ” لسنا “وعضواً بمجلس إدارة المجلس الأميركي الليبي و إختصاره ” ألس ” و رئيساً للجمعية الليبية الأميركية لحقوق الإنسان و إختصارها ” لاهر” .

وإلتقى عميش بكبار المسؤولين بالإدارة الأميركية “بول مونتيريو” و”كارين ريتشاردسون” وتم تعيينه من قبل السفير الليبي بواشنطن ممثلاً رسميا للمجتمع الليبي الأميركي و نائبا لرئيس غرفة التجارة والصناعة الليبية – الأميركية ” السيسياي “سنة 2013 .

كما وعمل عميش سابقاً كعضو مجلس إدارة مسجد دار الهجرة المتشدد في فير فاكس و المسجد له إرتباطات بعناصر إرهابية ومتشددين إسلاميين وتم إجباره عام 2007 على الإستقالة من لجنة الهجرة في ولاية فرجينيا بسبب تسجيلين صوريين له يروج خلالهما لأفكار صنٌفت على أنها إرهابية و محظورة .

ووفقا للمصادر فإن التسجيل الأول بين مديحه لفلسطينيين إختاروا طريق الجهاد لتحرير أرضهم من إسرائيل فيما بين الآخر عميش مهنئاً الجهاديين من اجل الاسلام بالتضحية بحياتهم في سبيل الله فيما قام أيضاً بالترويج لإعتدال فكر الإخوان في الولايات المتحدة و إظهاره كتيار إسلامي معتدل .

https://youtu.be/m0uwF2VHs9o

المعلومات قادت إلى قيادي آخر يسمى  قدور إبراهيم قدور السعيدي وهو ليبي من أصل جزائري و يعتبر من المؤسسين وشريك في مجموعة الصحراء اللاعب الجديد في قطاع النفط والغاز في ليبيا والمختصة بمشاريع مشتركة مع شركات النفط الدولية لتقديم المنتجات والخدمات عالية الجودة لسوق الطاقة بليبيا.

وشغل منصب مدير قوة مهام حالات الطوارئ الليبية للتنسيق الإعلامي في كاليفورنيا ورئيسا للجالية الليبية في الولايات المتحدة لأكثر من 40 عام وعضوا مؤسسا بالمجلس الأميركي الليبي وأمين سر الجمعية الأميركية الليبية في جنوب كاليفورنيا.

و بحسب وثيقة صادرة عن جهاز الأمن الداخلى إبان النظام السابق و تحصلت المرصد على نسخة عنها ، أفادت المعلومات الواردة من جهاز الأمن الخارجي آنذاك بأن السعيدي إنضم لجماعة الإخوان المسلمين منذ سنة 1978 أثناء فترة إيفاده للدراسة بالولايات المتحدة و ذلك على يد القيادي الليبي فى الجماعة عبدالله محمد الشيباني و قد عيٌن لاحقاً أميراً للجماعة فى ولاية كالفورنيا الأمريكية .

وثيقة صادرة عن الأمن الداخلى تحصلت عليها المرصد للمعلومات الأمنية حول قدور السعيدي
وثيقة صادرة عن الأمن الداخلى تحصلت عليها المرصد للمعلومات الأمنية حول قدور السعيدي

ومن الشخصيات غير الإخوانية ومن غير الليبيين كبير مستشاري مجلس ” لاباك “روبرت مارو الذي شغل منصب رئيس غرفة التجارة والصناعة الليبية الأميركية (السيسياي) و يعتبر ” مارو ” كبير المستشارين لكافة قيادات الإخوان المسلمين الليبيين الذين يديرون هذا المجلس.

كما أشارت المعلومات إلى لقاءات عقدها وفد المجلس الليبي للشؤون العامة الأميركية ” لاباك ” في إبريل ويونيو من العام 2015 مع أعضاء بمجلس الشيوخ ” الكونغرس ” و مجلس النواب عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمناقشة أبرز تطورات الأوضاع في ليبيا.

وأشار إلى أن من تم مقابلتهم لهم خبرة بالتطورات في ليبيا لسنوات عديدة ومنهم من عمل بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب و كان أبرزهم هو السيناتور ” جون ماكين ” فضلاً عن عدد من مسؤولي المعهد الديمقراطي الوطني ” اندياي ” الذى تترأسه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ” مادلين أولبرايت ” و برعاية من الـ ” إف بي آي ”  .

الوفد الذي ضم رئيس المجلس علي بوزعكوك والأمين العام للمجلس عماد الدين زهري ومدير العلاقات الحكومية بالمجلس عصام عميش جنبا إلى جنب مع كبير مستشاري المجلس روبرت مارو بحث سبل حشد الدعم السياسي والعام لوجهة نظر و سياسات جماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا .

كما أشارت المعلومات إلى أن الوفد تقابل مع نائب مدير الشؤون المغاربية بوزارة الخارجية الأميركية ” أندرو ماكدونالد ” و المسؤول الجديد عن مكتب ليبيا جون لوك رينولدز بواشنطن حيث شدد الجانب الأميركي في جميع اللقاءات على تمسكه بحظر توريد السلاح إلى ليبيا.

و فى 2 يوليو الجاري كشف المجلس الليبي الأمريكي للشؤون العامة ” لاباك”  فى بيان له عن لقاء جمع قياداته القيادية بجماعة الاخوان المسلمين على مدار يومين بمسؤولين من إدارة الأمن القومي بالبيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية ومن مجلسي الشيوخ و النواب الخارجية و البيت الأبيض  .
و نقل البيان عن السيناتور جون ماكين قوله : ” سنسرع بإجراءات الدعم الطبي للثوار و ارحب بفكرة زيارة ليبيا وأوافق على اجراء مقابلة مع الصحافة الليبية و اتخذنا خطوات لوقف دعم دول الجوار لحفتر” .

واتسمت النقاشات بحسب البيان بالصراحة و تسمية الأمور بمسمياتها وذلك لخطورة الموقف و للوصول لقرارات سريعة من قبل المسؤولين الأمريكيين.

كما و ناقش اللقاء ما وصفه بـ ” الدور التخريبى ” الذى يقوم به خليفة حفتر تحت الغطاء الكاذب للحرب على الإرهاب و قال الوفد انه قدم الدلائل والقرائن للأمريكيين على ما أسماها الخطة الإنقلابية لحفتر وكذلك على استمرار الدعم له من بعض القوى الإقليمية.

و أكد أحد المسؤولين للوفد أن الولايات المتحدة تعارض أية جهة تعمل على إطالة الحرب أو على تقسيم ليبيا وأن الولايات المتحدة قد قامت فعلا بتحذير ثلاث دول شرق أوسطية من ما أسماه مغبة الإستمرار في دعم حفتر و الإلتفاف على القانون الدولي بهذا الخصوص.

و قال البيان ان بعض المسؤولين الامريكيين تسائلوا عن إمكانية إقناع خليفة حفتر بالإنخراط في العملية السياسية وكان رد عماد الدين المنتصر أحد أعضاء الوفد باستحضار المثل الأمريكي “أن إضافة الخبث للماء العذب يؤدى حتما للموت من العطش”.

لقراءة الموضوع كاملاً على المرصد  :  وفد من الإخوان فى واشنطن ليشتكي للأمريكيين من حفتر و يبلغهم : الثورة المضادة لفبراير تدعم داعش ” .

و يبقى السؤال مطروحاً : كيف سيكون مستقبل جماعة الأخوان المسلمين الليبية فى الولايات المتحدة التى يتحرك عناصرها على أراضيها و كانوا يطرقون أبواب صنٌاع قرارها  حول كل شاردة و واردة ؟!

Shares