المرصد | منذ أن أعلنت القاهرة إحتضانها عدة إجتماعات بين سياسيين و مثقفين و برلمانيين و نخب ليبية متعددة فى إطار البحث عن حل سياسي لأزمة الإتفاق السياسي التى باتت فى حد ذاتها أزمة توازي الأزمة الليبية فى مجملها ، توالت ردود الفعل من عدة أطراف دولية و محلية تباينت بين مرحب و مرحب يطالب بالتوسعة و التعديل و بين إسلام سياسي يرفض أي إشارة أو مبادرة من الجارة الشرقية مصر .
و لكن ردة الفعل الأبرز جائت من الجارة الغربية الجزائر على لسان علي الصلابي القيادي فى جماعة الإخوان المسلمين الليبية و ذلك بعد يومين من ( لقاء القاهرة 2 ) الذى رعته لجنة أزمة ليبيا فى مصر برئاسة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية يوم الإثنين الماضي الموافق 26 ديسمبر 2016 .
و كانت مخرجات الإجتماعات الليبية التى حظيت برعاية مصرية قد صبت فى إطار محدد و هو إعادة فتح الإتفاق السياسي و تعديل المواد الخلافية كالمادة الثامنة من الأحكام الإضافية و المادة الثامنة من الاتفاق السياسي المتعلقتين بالقائد الأعلى للجيش و القائد العام إضافة لتوصية بإعادة تشكيل لجنة الحوار و الملحق الأول من الاتفاق السياسي الذى ينص على أسماء أعضاء الرئاسي التسعة لتأتي مبادرة الصلابي يوم أمس الإربعاء التى قال أنه أعدها مشترطاً ان تكون برعاية جزائرية مناقضة لمخرجات لقاءات القاهرة .
و إرتكزت مبادرة الصلابي على حوار مباشر بين الرئاسي و معارضيه من مختلف التيارات السياسية فى البلاد و ذلك على عكس مخرجات القاهرة التى تعهد المستشار عقيلة صالح يوم أمس عقب لقائه مع الرئيس السيسي و الفريق حجازي بمناقشتها داخل مجلس النواب لكونها ذهبت مباشرة إلى معالجة مواضيع خلافية أكثر عمقاً ترى غالبية النخب السياسية بأن معالجتها هي الخطوة الأولى فى علاج مختنق أزمة الإتفاق السياسي عبر إعادة فتحه و تعديله و هو ما لم تتطرق له مبادرة ( الصلابي – الجزائر ) فى مسودتها الأولية على الأقل .
و قسم الصلابي هذه التيارات فى مبادرته إلى ثلاثة أقسام تيار أسماه بـ تيار فضيلة المفتي الصادق الغرياني و يمثله الأخير و ” العميد ” صلاح الدين بادي و خليفة الغويل و تيار البرلمان الذى يمثله المستشار عقيلة صالح و خليفة حفتر و عبدالله الثني و تيار ثالث قال أنه يمثل النظام السابق و يعارض خليفة حفتر و يمثله محمد الزوي أمين مؤتمر الشعب العام سابقا” و عقيل حسين عقيل أمين اللجنة الشعبية العامة للتعليم سابقا و محمد الشحومي عضو جمعية الدعوة الاسلامية السابقة إلا أن وضع الصلابي لإسم الأخير من ضمن معارضي المشير حفتر أثار عدة علامات تعجب كون الأخير عُرف بتأييده للجيش الليبي و قيادته المتمثلة فى المشير حفتر و له عديد التصريحات الصحفية فى هذا الإطار و منها ما نقلتها صحيفة العرب اللندنية قبل عدة أيام و لقاء آخر مع بوابة الحركات الإسلامية فى يونيو 2015 .
كما أن الشحومي الذى كان أحد أبرز حضور ( لقاء القاهرة 1 ) منتصف ديسمبر الجاري أكد خلال مداخلة له فى الإجتماع المغلق على أن المادة الثامنة من الإتفاق وضعت خصيصاً من قبل الإسلام السياسي لإستهداف شخصية وطنية و هي المشير خليفة حفتر قائد الجيش الأمر الذى وضع علامة إستفهام أخرى عن سبب وضع الصلابي لإسمه مع معارضي الاتفاق و حفتر فى سلة واحدة !
و بالعودة إلى هذه الأسماء الثلاثة يقول مقربون منه و من النظام السابق أن محمد الزوي المُفرج عنه مؤخراً من سجن الهضبة فى طرابلس بعد حوارات قادها مع الجماعة الليبية المقاتلة داخل السجن يتحرك من منطلق الوفاء بتعهداته للجماعة نظير إستمرار هذا الحوار المفترض أن ينتهي بالإفراج عن بقية رفاقه فى السجن و أن من أهم هذه التعاهدات هي القطيعة بين قيادات النظام السابق و أنصارهم مع قائد الجيش خليفة حفتر .
https://www.youtube.com/watch?v=QQJAKv8cmi8&feature=youtu.be
أما عقيل حسين عقيل يمثل حكاية أخرى حيث يقول قادة و أنصار النظام السابق أنه من غير المنطقى أن يُحسب على النظام و هو الذى كان من أول المنشقين عنه حتى أنه ألف كتاباً سنة 2013 حازت المرصد على نسخة إلكترونية غير مجانية منه يحمل إسم ” ماذا بعد القذافي حقائق و أسرار ” وصف خلاله الأخير و أبنائه بالسادية و الإجرام و بأنه كان يحكم ليبيا بعقلية شيخ القبيلة مشيداً بثورة 17 فبراير و ثوارها و تضحيات الشعب فى مواجهة ” كتائب القذافي ” و أجهزته الأمنية و لذلك قد يبدوا أن ورود أسمه فى مبادرة الصلابي على أنه من النظام السابق غريباً و فى غير محله .
الصحف الجزائرية الصادرة اليوم الخميس عقب يوم واحد من إعلان الصلابي عن مبادرته أبدت من جهتها إهتماماً بالغاً بهذه اللقاءات و قالت صحيفة الفجر الجزائرية ان الجزائر ستحتضن فى الرابع من الشهر المقبل لقاءاً بين السراج و حفتر و ذلك فى إطار مساعي الدبلوماسية الجزائرية لحل الأزمة الليبية ستعقبه جولة من الحوار يحضرها وزراء خارجية دول الجوار الليبي و زيارة أخرى للمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب فى ظل إشارات قوية بأن العمل الجزائري يجري بعيداً عن العمل المصري دون وجود أي تنسيق بين البلدين فى هذا الملف فى الوقت الذى بات من الواضح فيه أن الصلابي نسخ خيوط علاقة متينة مع الجزائر التى أشاد طيلة الفترة الأخيرة بقيادتها و مؤسساتها و تاريخها بعد خمسة سنوات من إتهام الإخوان المسلمين الليبيين لها بمساندة النظام السابق و مساعدته على ” جلب المرتزقة ” إلى ليبيا .
يشار إلى أن الجهات و الاشخاص المقترحين بالإسم فى مبادرة الصلابي لم تصدر عنهم حتى الآن أي ردود فعل مرحبة أو رافضة بما فى ذلك قيادة الجيش او الثني او الغويل او رئيس مجلس النواب أو الشيخ الغرياني أو حتى المجموعة التى قال صاحب المبادرة أنها تمثل النظام السابق .