ليبيا – تقدم عضو مجلس النواب عبد السلام نصية بقراءة تحليلية من الناحيتين القانونية والمالية وبعيداً عن التجاذبات السياسية بشأن البيان الصادر عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الخاص بالترتيبات المالية المؤقتة للعام 2017 ولمعالجة الإشكاليات الإقتصادية والمالية في البلاد.
القراءة التي نشرها نصية اليوم السبت على صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك” وإطلعت عليها صحيفة المرصد تطرق فيها إلى عدم ذكر مصطلح الترتيبات المالية من الناحية القانونية بكافة التشريعات المالية المتمثلة بالقانون المالي للدولة ولائحتي الموازنة والمخازن فيما ورد فقط في الفقرة الـ6 من المادة الـ9 الخاصة بمهام مجلس الوزراء بالإتفاق السياسي حيث أشارت الفقرة إلى وضع وتنفيذ ترتيبات مالية طارئة مؤقتة عند الإقتضاء بعد إجراء المشاورات اللازمة مع المصرف المركزي وديوان المحاسبة والجهات الرقابية ذات العلاقة ووفقاً للأحكام النافذة من القانون المالي فيما يجب أن تكون هذه الترتيبات وفقاً لأحكام هذا القانون.
وأضافت القراءة بأن المادة الـ27 من الإعلان الدستوري المؤقت تشدد على صدور الموازنة العامة بقانون فيما نظم القانون المالي للدولة مراحل إعداد هذه الموازانة في المادة الـ5 منه والتي تنص على أن مشروع الموازانة يقدم للجهة التشريعية لفحصه وإعتماده فضلاً عما نصت عليه المادة الـ8 من القانون بشأن فتح إعتمادات شهرية مؤقتة من إعتمادات السنة المالية السابقة أي ما يعرف بـ1/12 في حال عدم إقرار الموازنة في موعدها مشيرةً في الوقت ذاته إلى نص المادة الـ13 من القانون المالي للدولة التي تنص على جواز وضع مشروع موازنة إستثنائية أو إعتمادات إضافية في حالة الضرورة شريطة أن تُتبع في إقرارها ذات القواعد المتبعة في إقرار الموازنة العامة للدولة.
وتطرقت القراءة إلى الناحية المالية المتمثلة بإشارة بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى قيمة الترتيبات المالية البالغة 37 ملياراً و560 مليون دينار وإتضاح وجود فروقات مالية بقيمة 14 مليارا و40 مليون دينار لم يتطرق البيان إلى طبيعتها بعد أن تطرق لكافة الأموال الأخرى المخصصة فضلاً عن وجود 6 مليارات و320 مليون دينار تم تخصيصها لتوفير الأدوية ودعم قطاع الكهرباء وخدمات النظافة وتوفير المحروقات من دون الإشارة إلى السلع الأساسية لاسيما في ظل إرتفاع أسعارها وفيما لو تم التراجع عن قرار إستيرادها خلال هذه الفترة العصيبة أم لا وعدم توضيح هذه الترتيبات لمسألة الإستمرار في دعم الوقود الذي يستخدم أغلبه في التهريب أو دعم الإقتتال الداخلي فضلاً عن عدم تحديد ماهية المقصود بدعم قطاع الكهرباء بعد أن أشار البيان إلى تخصيص 50% من مخصصات التنمية لقطاعي الكهرباء والنفط لذلك وفيما إذا كان هذا المبلغ سيخصص كرواتب للعاملين بشركة الكهرباء ومن المسؤول عن زيادة أعداد العاملين خلال الفترة الأخيرة.
وبينت القراءة عدم إشارة البيان إلى سعر صرف العملات الأجنبية الذي تم إعتماده في وضع هذه الترتيبات المالية وحجم الإنتاج النفطي وسعر بيع برميل النفط المتوقع حتى يتسنى تحديد العجز وعدم تحديد ذلك بالأرقام فيما يتوقع وفقا لقراءة لأسعار النفط ومعدلات الإنتاج الحالية التي يمكن الوصول إليها خلال العام القادم والبالغة مليون برميل يومياً في ظل سعر الصرف الحالي البالغ ديناراً و30 قرشاً للدولار الواحد أي ما يعني وجود عجز بحدود 18 مليار دينار ما يتطلب إقرار قانون للدين العام وإلغاء القانون ذي الرقم 15 لعام 1986 وإنشاء إدارة للدين العام بوزارة المالية لاسيما في ظل عدم القدرة على تغطية هذا العجز وعجز العام الماضي عن طريق سلف من المصرف المركزي كما أشار إلى ذلك البيان لأن القانون ذي الرقم 1 لعام 2005 بشأن المصارف يشترط إرجاع السلف قبل نهاية السنة المالية وهذا لن يحدث.
وتطرقت القراءة إلى الفقرة الـ5 من البيان التي تحدثت عن الإستمرار في مخصصات الطوارئ من دون تحديد قيمتها بوصفها إضافة للقيمة الإجمالية للترتيبات المالية فضلاً عن أن الإستمرار في إنفاقها يعد مخالفا للقانون المالي للدولة مبينة في الوقت ذاته إستغراب نصية من موافقة ديوان المحاسبة على ذلك في ظل ترحيل إعتمادات مالية خلال الأعوام السابقة كانت تخص لباب التنمية ولمشاريع قيد التنفيذ .
وتناولت القراءة مسائل إعتماد الموازانة العامة لعام 2013 من قبل المؤتمر الوطني العام وعدم إعتماد المؤتمر لموازنة للعام 2014 فيما تم تنفيذها بالإستناد إلى مادة باللائحة الداخلية للمؤتمر بالإضافة إلى ما شهده العام 2015 من إعتماد لموازنتين أحدهما من قبل مجلس النواب والأخرى من قبل المؤتمر بعد إنتهاء ولايته في الوقت الذي لم يشهد فيه العام 2016 إعتماد أي موازنة عامة.
وخلصت القراءة بالإشارة إلى الإنقسام السياسي الحالي ووجود حكومتين أو أكثر في البلاد ما يصعب من مسألة إعتماد الموازنة العامة من قبل مجلس النواب ويجعل الحل الأقرب لإستمرار صرف الرواتب وإستيراد المواد الأساسية وتوفير الخدمات الضرورية يكون عبر الصرف وفقاً لإعتمادات شهرية من آخر موازنة معتمدة من قبل الجهة التشريعية على أن توضع ترتيبات مالية داخل مخصصات هذه الموازنة وأن تكون موجهة فقط للرواتب والنفقات الضرورية على أن تقدم الموازنة العامة للجهة التشريعية بصفة رسمية لإعتمادها.
يشار إلى أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق كان قد أصدر بياناً في الـ29 من ديسمبر الجاري بشأن إعتماد ترتيبات مالية للعام 2017 وبمبلغ 37 ملياراً و560 مليون دينار تم توزيعها بواقع 20 ملياراً و740 مليون دينار كرواتب للعاملين بالقطاع العام و6 مليارات و320 مليون دينار لتوفير الإحتياجات الأساسية للمواطنين وهي الأدوية والكهرباء وخدمات النظافة العامة والمحروقات و5 مليارات و60 مليون دينار كنفقات لتسيير وتشغيل مؤسسات الدولة ومرافقها فضلا عن 4 مليارات دينار لتنفيذ مشروعات مهمة للتنمية بالمناطق والبلديات على أن يخصص نصفها لتنفيذ مشاريع في القطاعات الرئيسية كالنفط والغاز والكهرباء.