فورن بوليسي : ليبيا مقبلة على موجة عنف جديدة و هذه هي مسارات الحل

ليبيا – ترجمة المرصد | تنبأ تقرير تحليلي أعدته مجلة فورين بولسي الأميركية الشهيرة بأن العام 2017 حافل بالأخبار السيئة المتلاحقة لليبيا ويهدد بمرحلة جديدة من الإنزلاق إلى الفوضى حيث لم يكد يتحقق الإنتصار على “داعش” في سرت حتى تفجر القتال في أجزاء أخرى من البلاد.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أشار إلى أن منطقة الهلال النفطي حيث يوجد نحو 60% من الطاقة التصديرية للبلاد تعرضت للإستيلاء عليها لمرتين خلال شهر مارس الجاري واحدة قامت بها الميليشيات الموالية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والثانية إستعاد خلالها الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر المنطقة فضلاً عن الإشتباكات التي جرت في الجنوب بين الجيش والمجاميع المسلحة القادمة من مدينة مصراتة.

وأضاف التقرير بأن هذه الأخبار السيئة على الصعيد العسكري رافقتها أخبار أخرى مماثلة على الصعيد السياسي بعد فشل جولات الحوار المرعية من قبل الجزائر ومصر والتي نجم عنها إنهيار معظم قنوات التواصل بين الشرق والغرب في ليبيا مبيناً بأن روسيا أصبحت أكثر إنخراطاً في الملف الليبي في محاولة منها لملئ الفراغ الذي خلفه إنهيار المسار الأممي وعدم مبالاة إدارة ترامب والأوروبيين بهذا الملف.

دور روسي 

وبين التقرير بأنه من غير الواضح ما الذي تريده روسيا فعلياً في ليبيا ولكنه يبدو وكأنه إتباع لاستراتيجية تقر بالتقسيم الفعلي الموجود في البلاد وتقديم الدعمين السياسي والعسكري لمعركة حفتر في الشرق وتوقيع العقود النفطية ومناقشة فرص الأعمال للمشاريع وتداول السلع وعقود الإعمار المستقبلية مع المؤسسات في طرابلس.

وفيما توجد تقارير تبين قيام القوات الخاصة الروسية بمساعدة حفتر لازال لا يوجد هنالك دليل حاسم بشأن تقديم دعم عسكري روسي للجيش الليبي وبأنه من الإنصاف القول بأن الكرملين يعمل على تنويع إستثماره السياسي في ليبيا عبر إجراء المحادثات مع جميع الأطراف فيها.

وأضاف التقرير بأن روسيا قامت بزيادة دعمها لرياح الوقوف ضد الإسلاميين التي هبت من واشنطن والتي قال أنها عززت إعتقاد المشير حفتر بأنه لا جدوى للتحاور مع أي من المليشيات في غرب البلاد وهو ما سبق أن أعلنه عملياً برفضه التحاور مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المدعوم من هذه المليشيات على الرغم من الضغط الذي سلطه المصريين لعقد لقاء مع السراج.

الاوضاع فى الغرب الليبي 

وتطرق التقرير إلى الوضع في غرب ليبيا و قال أنه يبدو على وشك التشضي أيضاً فالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ذو الـ9 أعضاء تم إختزاله بشخصين هما فايز السراج وأحمد معيتيق وهما لا يملكان أي شيء على الأرض في ظل سيطرة تحالف ميليشيات تقاتل ضد المجاميع المسلحة الموالية للحكومة التى وصفها التقرير بـ”الموازية” وذات الحال ينطبق أيضاً على المناطق الواقعة خارج العاصمة.

وأضاف التقرير بأنه ونظراً لعدم الرغبة في التوصل إلى حل وسط في الشرق وعدم وجود محاورين موثوقين في الغرب فأن الإستقرار السياسي وإعادة توحيد البلاد يعد أمراً بعيد المنال وإذا ما أرادت ليبيا والمجتمع الدولي تجنب فصلاً جديداً من إراقة الدماء والحرب الأهلية فعليهم أن يركزا على 3 مسارات على المدى القصير بالتوازي مع المفاوضات الأوسع نطاقاً.

مسارات الحل 

وأشار التقرير إلى أن المسار الأول يتمثل بحاجة ليبيا لآلية غير متعارضة لتجنب التصعيد وإن لم يتمكن المبعوث الأممي من تحقيقها فأن شخصاً آخر من الجانب الغربي يجب عليه القيام بذلك وقد تمثل الفرصة الأفضل لبريطانيا بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي للقيام بذلك أو يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي والتي قد تعزز من إنجازاته قبل تركه منصبه خلال أسابيع وهو ما سيمثل إستبدالاً مؤقتاً للأدوار لأن بعثة الأمم المتحدة قادرة على العمل في إطار تحقيق المصالحة ووقف إطلاق النار محلياً ومراقبة إنتهاكات حقوق الإنسان مضيفاً بأن ذلك سيمكن كلاً من المفاوض المؤقت والأمم المتحدة من العمل على الخروج بعدد من معايير بناء الثقة مثل أقامة قنوات تواصل دائمة وتحرير السجناء وإعادة فتح الطرق وتقاسم عمل الإغاثة الإنسانية.

وتطرق فى المسار الثاني إلى حاجة البلاد إلى إتفاق إقتصادي ليبي يتم بموجبه تقاسم الثروة النفطية بشكل سلمي حيث يوجد في باطن أرض ليبيا أكبر الإحتياطيات الهيدروكربونية في إفريقيا ودار معظم القتال خلال السنوات الأخيرة حول المنشآت النفطية ومراكز تهريب الوقود حيث قد يأخذ التفاوض على عقد إجتماعي جديد بعضاً من الوقت وفي الإثناء قد يمثل تقديم قيام الحكومة في طرابلس بزيادة الدعم المالي للبلديات بضمنها المناطق التي يسيطر عليها الجيش ووضع المنشآت النفطية تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس معيارين إضافيين لتحقيق الإستقرار.

وتمثل المسار الأخير بحسب التقرير في جعل طرابلس مركزاً للجهود الدولية حيث تحتاج المدينة إلى خطة لنزع كافة الأسلحة الثقيلة منها وإبعاد الميليشيات عن المناطق السكانية وهو ما يمثل شرطاً مهما لإتاحة المجال أمام أي حكومة للعمل وإدارة الدعم الدولي.

صعوبات و تصعيد

وأقر التقرير بصعوبة القيام بهذه المهام ولكن البديل يبقى تصعيداً جديداً قد يدمر القليل المتبقي من المؤسسات في ليبيا ويخلق ظروفاً لظهور المزيد من المجاميع الجهادية مبيناً بأنه إذا ما قامت الولايات المتحدة بخطوات لدفع ليبيا نحو السلام بإستخدام سياسة اللين والشدة في ذات الوقت فإن هذا قد عن ينتج عنه ضغط على كافة الأطراف لإبرام إتفاق ومنع الجهات الخارجية من التدخل في شؤون البلاد.

وأضاف التقرير بأن السؤال الأكبر يبقى وهو هل يوجد لدى إدارة ترامب الإرادة للتدخل في ليبيا وهو ما يحتم على مجلس الأمن القومي الأميركي القيام بمراجعة لأهمية دعم ليبيا وتأثير هذا الدعم في مكافحة الإرهاب.

وأختتم التقرير بالإشارة إلى صعوبة تمكن ترامب من تحقيق دور أميركي مهم في ليبيا من دون الدعم الدولي فيما تستعد ليبيا لدخول جولة أخرى من العنف مؤكداً بأن اللحظة الموجودة الآن في ليبيا قد يتم تذكرها في قادم الأيام والقول في حينها بأن العلاج كان متاحاً فيها لكن من يملك الجرأة على تقديمه لم يكن موجوداً على حد تعبير التقرير.

Shares