معيتيق : مستعدون لمد مصر بالنفط و حديث حفتر عن بناء جيش يتطلب الحديث عن خريطة و أهداف واضحة

ليبيا – نشرت صحيفة الوطن المصرية فى عددها الورقي الصادر أمس الجمعة حواراً مطولاً مع عضو  المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق أحمد معيتيق الذى زار مصر مؤخراً وتحدث خلاله عن عدة نقاط متعلقة بالأزمة الليبية، ودور مصر فى بناء المؤسسة العسكرية و غيرها من المواضيع و كان الحوار التالي :

 

■ أجريت مؤخراً فى ليبيا لقاءات مع مسئولين مصريين لمناقشة مشروعات اقتصادية مشتركة، ما تفاصيل تلك اللقاءات؟

– بحثنا المشروعات المتوقفة فى ليبيا، والاقتصادية بالدرجة الأولى، التى تهم المواطن الليبى والتى ترفع من كفاءة المؤسسات الليبية، وليبيا تربطها الكثير من الاتفاقيات مع مصر، وركزنا فى الميزانية الجديدة على موضوع إعادة المؤسسة الوطنية للنفط والشركة العامة للكهرباء، ونحتاج لمزيد من إعادة المؤسسات وقطاعات النفط حتى تعود ليبيا لتصدير وضخ الكميات التى كانت تقوم بإنتاجها قبل فترة الانقسام السياسى.

■ وماذا تريدون من مصر فى هذا الشأن أو الاستفادة التى تعود من ذلك؟

– لدينا مشروعات متوقفة وتعمل على رفع الكفاءة الليبية فى قطاع النفط وإكمال وصول الغاز لمحطات الكهرباء ومبرمة مع شركات مصرية مختلفة، وتم تفعيل هذه العقود، وإنهاء الترتيبات المالية لاستئناف العمل، وسوف يساعد ذلك على تواصل الإمدادات لمحطات الكهرباء لإنهاء العجز الحالى، وبالنسبة للنفط نعمل على تفعيل العقود السابقة مع الشركات المصرية التى تساهم فى مد مواسير الغاز وبما يعود بالفائدة على البلدين.

■ هل هناك رقم معين لحجم التعاون فى هذا الإطار بين البلدين أو أرقام ترصد عائدات التعاون؟

– حجم التعاون والتعاقد بين الهيئات النفطية كبير للغاية، وليبيا لديها فى بند إعادة صيانة القطاعات النفطية نحو مليار و200 مليون دولار، وجزء من هذه المبالغ هى صيانات مستمرة، والشركات المصرية لديها كثير من التعاون مع الشركات الليبية النفطية.

■ تحدث أكثر من مسئول فى شرق ليبيا عن تزويد «القاهرة» بالنفط، فهل يمكن لـ«حكومة الوفاق» توفير ذلك لمصر؟

– ليبيا تصدر كميات من النفط لا بأس بها، خاصة بعد وجود حكومة الوفاق وارتفاع الإنتاج الليبى من 125 ألف برميل إلى نحو 750 ألفاً خلال الفترة الماضية، وإذا كانت هناك أى اتفاقية لمد مصر بالنفط نحن على استعداد لتفعيلها، و«المؤسسة الوطنية للنفط» على استعداد لذلك.

■ العمالة المصرية فى ليبيا تواجه صعوبات كبيرة إلى جانب تراجع أعدادهم، ماذا عن أوضاع العمالة فى ظل «حكومة الوفاق»؟

– العمالة المصرية مرحب بها دائماً فى بلدنا والشركات الأجنبية العاملة فى ليبيا تعتمد على اليد العاملة المصرية والفنية خاصة، ولهم دور مهم جداً وإيجابى. والحديث عن تعرض العمالة المصرية لضغوط داخل ليبيا غير صحيح، ولا نعلم من أين يأتى هذا الحديث، والجميع يتعاملون مع المصريين معاملة متميزة جداً، والعلاقات بين المصريين والليبين ذات طابع خاص، ولا تجد أى نوع من التفرقة بين الليبيين والمصريين، وحين تحجز تذاكر سفر من ليبيا لمصر تجدها محجوزة لأشهر طويلة.

■ هل هناك أرقام محددة لأعداد العمالة المصرية فى ليبيا؟

– الموضوع نسبى، خاصة بعد أن تسببت حالة الحرب فى تراجع أعداد العمالة الأجنبية فى ليبيا الفترة الماضية، وأتصور أن هناك ما لا يقل عن 500 ألف مصرى فى ليبيا فى الوقت الحالى.

■ ما الذى دار فى لقاءاتك مؤخراً فى «القاهرة» مع الأمين العام لـ«الجامعة العربية» أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية المصرى سامح شكرى؟

– ليبيا ترأس الدورة الحالية لمجلس الوزراء العرب، وتم إجراء لقاءات مع رئيس أركان القوات المسلحة الفريق محمد حجازى، وتحدثنا فيها عن محاولة حل الملف الليبى، والدور المصرى المميز مع دول الجوار، كما عرضنا كافة التطورات على وزير الخارجية سامح شكرى، وكان لقاء مثمراً للغاية وداعماً لـ«الاتفاق السياسى» والأفكار التى تساهم فى إنهاء الانقسام السياسى الحالى، وأرى أن الدور المصرى إيجابى أكثر كل يوم ومصر لها باع طويل فى هذا المجال.

■ ماذا قال لك الفريق حجازى بشأن مسألة تكوين جيش موحد فى ليبيا؟

– فى الأسابيع الماضية كان هناك لقاء مرتقب بين رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى فائز السراج وخليفة حفتر، وكنا نعول أن تثمر الجهود لإتمام اللقاء، لكن الجهود المصرية مستمرة وتوحيد جهود المؤسسة العسكرية مهم للغاية، ولا نشخصن الأمور، وفى نهاية المطاف نبحث عن مؤسسة عسكرية تحت السلطة السياسية، لتكون مؤسسة مهنية قادرة على تأسيس جيش وقوة عسكرية تواكب ما يحدث فى العالم، ووجود كفاءات هو أمر مهم للغاية، وكنا متقاربين فى وجهات النظر، وسنرى فى الأيام المقبلة وفوداً عسكرية من المناطق المختلفة، فى مصر لتنسيق المواقف المشتركة بما يعود بالنفع على الدولة الليبية.

■ هل طرحت دول الجوار مبادرة لجمع «السراج» و«حفتر»؟

– الجزائر مشكورة لها دور فاعل، وهى دولة جارة وتعمل بدبلوماسية مهنية للغاية، وكان لها دور فى «الاتفاق السياسى»، واللقاءات التى لا تكون بأجندة ومبادرات واضحة لا تستطيع البناء عليها، وسمعنا عن مبادرات من دول الجوار لحل الأزمة الليبية، ولم تحل إلينا إلى الآن أى مبادرة من دول الجوار، وكله حديث عن لقاءات مرتقبة تفرز مجموعة من الحلول المقترحة، والأجدر بنا أن نجد أجندة واضحة بها رؤية وخطة زمنية وأهداف واضحة.

■ لكن مصر وضعت خطة لإنهاء الأزمة الليبية وتصوراً له جدول زمنى ينتهى بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل فبراير 2018؟

– ما طرحته مصر قريب مما حدث فى «اتفاق الصخيرات»، والمواطن لا ينتظر الأحاديث، لأننا نمر بحالة اقتصادية صعبة، والانقسام السياسى طال العائلات الليبية أيضاً، والحديث عن انتخابات عامة فى 2018 مقررة، ولكن يجب وضع خطط نستطيع العمل عليها فعلياً من اليوم.

■ فى حال تم التوصل إلى طرح بخصوص تشكيل جيش ليبى موحد، ماذا سيكون موقع خليفة حفتر فى هذا الجيش؟

– قلت فى الرد عن سؤال سابق، إن اللقاءات التى تجرى بدون أجندات وأهداف واضحة لا يمكن البناء عليها، وإذا كان خليفة حفتر يتحدث عن بناء مؤسسة عسكرية، فلا بد من التحدث عن خريطة وأهداف واضحة، ورئيس «حكومة الوفاق الوطنى» جاء إلى «القاهرة» لوضع لمسات على وضع المؤسسة العسكرية، والطرف الآخر لم يتحدث عن أى مبادرات فماذا ننتظر؟! ولا يمكن القبول بأن تكون المؤسسة العسكرية فوق المؤسسة السياسية للدولة وهى المؤسسة العليا فى البلاد، والمؤسسة العسكرية عليها واجبات ولديها حقوق على المؤسسة السياسية بالتنسيق المشترك.

■ ما تقييمك للدور المصرى فى ظل ما يقال عن دعم «القاهرة» لخليفة حفتر؟

– التقيت الرئيس عبدالفتاح السيسى ولديه وجهة نظر تتحدث عن توحيد المؤسسات الليبية، وكل المؤسسات المصرية تتحدث بنفس المنطق والأسلوب عن بناء مؤسسات موحدة فى ليبيا، وهو ما يحتاج إلى وقت، ونعول على مصر ليكون لها دور فى بناء هذه المؤسسات، والمؤسسة العسكرية بنيت فى عهد الملك إدريس، وكثير من القيادات العسكرية الليبية تلقوا تدريبات فى مصر، ولذلك لا يمكن إبعاد مصر عن بناء مؤسسة عسكرية موحدة فى ليبيا، والدبلوماسية لها طرقها، والجيش له طرقه، والمؤسسات الأمنية لها طرقها أيضاً، ووزير الداخلية الليبى موجود فى مصر للتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لأن أمن ليبيا هو من أمن مصر والعكس صحيح، وانهيار أى منظومة أمنية فى دولة جارة إلى ليبيا سيؤثر على البلدين، لأن الإرهاب والتطرف لا يعرف أى حدود.

■ القيادى الإخوانى الليبى على الصلابى قدم مبادرة لتتبناها الجزائر، وبعدها قيل إن هناك اتجاهاً إخوانياً فى «المجلس الرئاسى» لإبعاد مصر عن الملف الليبى، ما صحة ذلك؟

– القيادات الليبية موجودة فى مصر ولا أسمع أن هناك أى اتجاه لإبعاد مصر عن الحل فى ليبيا، كما أن رئيس المجلس فائز السراج زار مصر والجزائر ودول الجوار الأخرى وهى الدول التى لها أهداف وغايات لوضع الأمن فى ليبيا وهذا يمس الجميع، ويمكن أن تسأل على الصلابى عن ذلك، والتقيت مع رئيس الحكومة الجزائرية وعلى استعداد تام للتنسيق مع مصر، والمجلس الرئاسى يسعى لتعزيز التوافق بين الجميع.

■ صحيفة «جارديان» كشفت أن أحد مساعدى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لديه خطة لتقسيم ليبيا لثلاث دول، ما تعليقك؟

– لا يهمنا كثيراً من يضع الخطط، ولكننا نؤكد أن الشعب الليبى والحكومة الليبية ترفض أى طرف يتحدث عن نظرية التقسيم، وحكومة الوفاق أرسلت رسائل الطمأنة للجميع والأطراف الدولية الفاعلة وقدرات الشعب الليبى ستجعل هذا الأمر مستحيلاً.

■ ماذا عن الأوضاع الأخيرة فى العاصمة «طرابلس» والحديث عن المعاناة بين السكان كما تقول بعض التقارير؟

– الوضع فى «طرابلس» يتحسن باستمرار، ووجود اشتباكات من وقت لآخر بسبب إعادة الهيكلة الكاملة للدولة، وبصفة عامة كثير من السفارات عادت إلى العاصمة «طرابلس»، وبدأت سفارة إيطاليا فى إعادة التأشيرات، وكثير من الدبلوماسيين عادوا إلى «طرابلس»، وهذه مؤسسات دولية لا يمكنها الرجوع لمكان إلا بعد تلقى تقارير مفصلة عن تحسن الوضع الأمنى، والحالة الأمنية فى «طرابلس» أفضل بكثير من مناطق أخرى، وكل المقرات الحكومية تحت سيطرة «حكومة الوفاق»، والوضع الأمنى أفضل بكثير من الفترة الماضية، وهناك بعض المشكلات التى تحدث، وخرجنا من الصراع العسكرى الذى استمر لفترة طويلة، وبصفة عامة الوضع فى طرابلس أفضل بكثير.

■ الجانب الأوروبى ينظر إلى ليبيا من ناحية الهجرة غير الشرعية والنفط فقط، هل ترى ذلك؟

– الهجرة غير الشرعية هى ظاهرة دولية، وليبيا ليست دولة مصدرة للهجرة، وإنما دولة عبور، ولا بد من معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية مع الدول المصدرة، وأمن ليبيا هو الأساس فى الموضوع، والسلطات الليبية مستعدة للتعاون مع الجانب الأوروبى فى تعزيز الوضع الأمنى على الحدود، وفيما يخص ما تراه أوروبا فى ليبيا بأن أمنها يؤثر على الوضع فى ليبيا، وليبيا الدولة الوحيدة فى العالم التى استطاعت أن تنجز إنهاء التطرف بالكامل فى مدينة «سرت» بالتنسيق مع بعض الجهات، وليبيا دفعت فاتورة باهظة للغاية فى تلك العمليات من خلال استشهاد أكثر من 740 شخصاً و3500 جريح وبأيد ليبية بالكامل، وفيما يخص النفط فهو خام سيصدر لأوروبا أو غيرها ويصب فى مصلحة الشعب الليبى فى النهاية.

■ ما رؤيتك للتعامل مع الميليشيات المنتشرة فى البلاد وكذلك الأسلحة، وهى أزمة حقيقية؟

– لدينا كثير من الخطط لاستيعاب هؤلاء الشباب المسلح داخل مؤسسات الدولة وليس بالضرورة داخل مؤسسات الجيش والشرطة، ولكن هناك مؤسسات اقتصادية أخرى تستطيع احتواءهم ويتحصلون منها على مصادر دخل جيدة ستكون بديلاً عن انتشار السلاح، فإذا عملنا فى هذا الطريق سيفيد الكثير.

■ هل هناك تقديرات لديك لحجم الأسلحة فى ليبيا خارج سلطات الدولة؟

– الأرقام غير دقيقة، نحن نتحدث عن انتشار سلاح ونريد آلية للسيطرة على هذا الانتشار الكبير.

■ ما نظرة الشعب الليبى لحكومة الوفاق الوطنى بعد عملها لأكثر من عام؟

– بالدرجة الأولى المواطن يبحث عن الاستقرار الأمنى والاقتصادى، والموضوع الأمنى يسير فى وتيرة جيدة، والموضوع الاقتصادى يحتاج كثيراً من العمل والسبب أزمة السيولة الحالية وارتفاع سعر الصرف، والعام الحالى هناك ميزانية للحكومة الليبية والرواتب تصرف فى مواعيدها وهذه أمور إيجابية، ولكن نبحث عن الخلل رغم مشكلة السيولة والصرف، وعقدت أكثر من 8 اجتماعات مع قيادات فى مصرف ليبيا المركزى لحل الكثير من المشاكل، ولكنها ليست نتائج مبشرة وتحتاج لفترة زمنية.

■ أخيراً، هل سنرى لقاء قريباً بين «حفتر والسراج»؟

– هذا الأمر يرجع إلى قدرة الطرفين، وعلى الطرف الأكثر تعنتاً أن يعرف أنه بدون آليات للوصول لاتفاق مؤسسة عسكرية موحدة فى ليبيا لا يمكن بناء دولة مكتملة الأركان، وأن حكومة الوفاق جاءت لبناء مؤسسات الدولة الليبية المطلوبة.

Shares