قيادات ليبية رئيسية تنقلت من القاعدة الى تنظيم داعش او شاركت فى تأسيسه

عقوبات الخزانة الأمريكية بحق ” زرقون و الصفراني ” تعيد ملف قادة داعش المؤسسين إلى السطح

المرصد – تقرير خاص

ليبيا – أقرت وزارة الخزانة بالولايات المتحدة الامريكية فى 14 أبريل 2017 عقوبات على ثلاثة أشخاص بينهم جزائري يتهمون بالمشاركة فى تمويل ” داعش ليبيا ” و خاصة تسيير شؤونه المالية .

و بحسب وثيقة العقوبات الصادرة عن الوزارة ترجمتها و تابعتها المرصد ، فأن المشمولين الثلاثة بالعقوبات و المتابعة الامريكية هم الليبي علي الصفراني و الليبي عبدالهادي زرقون و الجزائري حمة حاماني .

و قد أشارت الوثيقة الى انشطتهم فى ليبيا و دور كل منهم اما فى تسيير شؤون المالية او فى تأسيس التنظيم كما هو الحال مع زرقون و الصفراني .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1906970242871575

 

من هم !

ولد علي الصفراني سنة 1982 بمدينة سرت و أقام و درس بها حتى دخوله كلية الآداب بجامعتها سنة 2005 قبل أن ينحرف و يتشبع بالافكار الجهادية و يغادر يوم 16 مايو 2006 من طرابلس الى سوريا بهدف الالتحاق بـ ” تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين ” قبل أن تُلقي دمشق القبض عليه فى 20 يوليو 2006 أثناء محاولته عبور حدودها الشرقية مع جارتها العراق .

علي الصفراني

إلا أن فترة إحتجاز الصفراني فى سوريا لم تدم إلا 6 أشهر لتقوم سلطات دمشق المرتبطة بعلاقات تعاون أمني رفيع مع ليبيا بذلك الوقت فى مجال مكافحة الإرهاب بتسليمه إلى طرابلس يوم 28 يناير 2007 ليبدأ مرحلة أخرى من حياته فى سجن أبوسليم .

و فى 24 أبريل أُحيل الصفراني الى القضاء و حكم بالسجن 5 سنوات قبل أن يُفرج عنه فى سبتمبر 2010 ضمن مجموعة شملها العفو العام السنوي الذي يصاحب ” إحتفالات عيد الفاتح ” بعد تعهده و أسرته على ترك الفكر الجهادي الذى إعترف فى السجن بأنه أُستقطب له من قبل الجهادي ” معمر سالم الفرجاني ” الذي إنتحر فى العراق بعد تفجير لنفسه فى عملية أمنية هناك .

و بعد خروجه من السجن و تحديداً فى نوفمبر 2010 أقدم والد ” علي الصفراني ” على الانتحار بعد مشادة بينه و بين إبنه الذي أكد كل من عرفه فى تلك الآونة بأنه مضطرب نفسياً و أن حالة الاضطراب زادت بعد ما حصل مع والده الذي إنتقل بأسرته من زليتن بعد نقله لكتيبة الساعدي فى سرت كونه ضابط فى الجيش الليبي
.
و بحسب مصادر امنية تحدثت الجمعة للمرصد ، لم يسجل على ” الصفراني ” أي ملاحظات أمنية بعد الافراج عنه و عُرف عنه إنضباطه فى حضور ” توقيع المتابعة ” كل أسبوع فى مقر فرع الأمن الداخلي سرت قبل أن يختفي عن الأنظار فى مارس 2011 و يظهر لاحقاً بمنطقة البريقة ضمن صفوف كتيبة 17 فبراير ثم كتيبة شهداء ليبيا الحرة بقيادة وسام بن احميد .

و بعد ذلك تولى الصفراني إمرة ” كتيبة ثوار سرت ” بينما تولى ” عمار الصيد ” مهام نائبه قبل أن يتولى الاخير مهام مسؤول فرع اللجنة الامنية العليا فى سرت التى تولاها بعد ذلك إمحمد الجواني و جميعها كانت تُمول من خزائن الدولة الليبية ليبقى الصفراني كل هذه الفترة ” كحكومة ظل ” يتحكم فى كل شيء من خلف الواجهة ليعلن لاحقاً عن تشكيل تنظيم أنصار الشريعة ثم داعش الذي بقى كقيادي به ثم إختفى بعد سقوط التنظيم فى سرت  .

و إضافة لسجله الإجرامي الحافل طيلة سنوات سيطرة داعش على سرت ، يعد الصفراني العقل المدبر لعملية السطو الشهيرة على سيارة كانت تقل سيولة الى مصارف المدينة تقدر بـ  53 مليون دينار ليبي و 12.800 مليون دولار و 5 ملايين يورو و ذلك صبيحة يوم 28 أكتوبر 2013 و قد أُستعملت تلك الأموال كجزء من تمويل التنظيم و تأسيسه خلال الاشهر التى تلتها بالرغم من تدخل قادة سياسين كمحمد أبوسدرة الذي تعرف على الصفراني فى سجن أبوسليم و قال حينها فى مقابلة تلفزيونه أنه على تواصل مع اللصوص متعهداً بجلب الاموال و هو ما لم يحدث حتى تاريخ اليوم ، لتكون لعنة على الليبيين عامة و أهالي سرت خاصة .

عبدالهادي زرقون 
ولد عبدالهادي حسين الشيباني زرقون فى سرت سنة 1980 و درس كذلك رفقة الصفراني فى كلية الاداب بجامعة سرت و غادر مطلع سنة 2006 إلى سوريا بهدف العبور للعراق و عاد الى ليبيا منتصف السنة بعد فشله فى ذلك ليلقى جهاز مكافحة الزندقة القبض عليه فى 10 يوليو 2006 .

و بعد القبض عليه و إلتحاقه برفيقه الصفراني فى السجن أُحيل الى القضاء بتاريخ 8 فبراير 2007 ليُفرج عنه فى ذات المناسبة رفقة الصفراني بموجب قرار عفو عام بعيداً عن برنامج المراجعات الفكرية الذى أطلقته الدولة فى تلك الفترة .

عبدالهادي زرقون

و لا تختلف قصة زرقون عن الصفراني حيث لم تسجل عليه أي ملاحظات خلال فترة اطلاق سراحة الا انه و فى نهاية فبراير 2011 غادر سرت إلى مصراتة و أنضم هناك لكتيبة الفاروق المتشددة التابعة حينها لـ ” كتائب الثوار ” و دخل معهم الى مدينته فى أكتوبر من ذات السنة ثم شكل كتيبة تحمل اسم ثوار سرت تلقت دعماً من الدولة ، لينطلق فى رحلة جديدة فى سماء التطرف و الإرهاب إنتهت باختفائه أيضاً بالتزامن مع إختفاء الصفراني بعد سقوط داعش فى سرت .

و قد أعلن مراراً و تكراراً شائعات خلال و قبل الحرب على تنظيم داعش فى سرت مقتل أو القبض على الهادي زرقون الا أن الامر الوحيد المؤكد هو مقتل شقيقه محمد فى غارة أمريكية على هدف لداعش فى سرت و إعتقال شقيقه أحمد فى ديسمبر 2015 رفقة 7 عناصر أخرى بمنطقة اللود عندما كانوا ينقلون إمدادات وقود لصالح التنظيم .

قادة و قيادة 

رغم حرب عملية  ” البنيان المرصوص ” الدامية و المكلفة و الدماء التى سالت فى المواجهة ضد تنظيم داعش فى سرت و تنفيذ الطيران الأمريكي المساند لأكثر من 700 طلعة جوية قتالية على معاقل التنظيم شملت المقار و العربات و الافراد الا أن  عددا غير محدد من قادة التنظيم تمكنو من الفرار أو الإختفاء على أحسن تقدير وسط تقارير مخابراتية غربية تتحدث عن تواجد بعضهم فى مناطق الجنوب و الوسط .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1786616231573644

كما أن تمكن القيادي التونسي المطلوب دولياً و البارز فى التنظيم معتز الفزاني من الفرار الى السودان من سرت قبل أن يتم القبض عليه فى الخرطوم و يسلم الى بلاده يضع علامة إستفهام كبيرة عن مدى قدرة هؤلاء فى الحركة و التنقل و عن حجم علاقاتهم مع أطراف تسهل لهم الحركة و التنقل .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1833333873568546

فمن بين أبرز القادة الليبيين المؤسسين و المهمين ، هناك فوزي العياط المكنى ” أبوإسلام الحسناوي ”  الذى ألقي القبض عليه من تحت انقاض غارة امريكية فى الجيزة البحرية يوم 9 ديسمبر الماضي رفقة محمد شقيق القيادي المؤسس المختفي وليد الفرجاني المكنى ” أبو دجانة ” .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1884431295125470

اما امراجع الجواني فقد ألقي القبض عليه على أطراف طبرق أثناء محاولته الفرار شرقاً و بحوزته مبلغ يقدر بـ 4 مليون دينار ليبي و يقبع حاليا فى سجن قرنادة التابع لقيادة الجيش ، و لكن لا معلومات عن بقية القادة المهمين من الصف الاول و أبرزهم علي الصفراني و عبدالهادي زرقون و حسن الكرامي و شقيقه عاطف و عمار الصيد رئيس المجلس العسكري سرت سابقاً و شقيقه صلاح رئيس لجنتها الامنية و فوزي بشير النايلي المتهم الأول بتسفير عناصر داعش التونسيين الى ليبيا شرقاً و غرباً بالتعاون مع خلايا متطرفة فى تونس  .

كما سجل إختفاء خالد العماري الكت القيادي السابق فى اللجنة الامنية و العضو المؤسس بالتنظيم و العقل المدبر رفقة الصفراني و زرقون لعملية السطو على أموال البنك المركزي و ممارسته الابتزاز و التربح بقوة السلاح من المجلس البلدي إبان فترة صرف تعويضات الحرب سنة 2012 إضافة لاختفاء عبدالسلام العماري مسؤول التحقيق بالتنظيم و المتهم بارتكاب مجازر دموية بحق السكان طيلة فترة سيطرة داعش على المدينة .

ميريكاتو من القاعدة الى داعش !

المتمعن فى خلفيات القادة و سجلاتهم الامنية سيتوقف طويلاً أمام حقيقتين الأولى هي إنتمائهم السابق لتنظيم القاعدة أو أنصار الشريعة ثم داعش ، و أما الثانية فهي تمكين غالبيتهم من مؤسسات أمنية و عسكرية و خدمية و بقرارات تعيين رسمية من الحكومات المتعاقبة و ذلك خلال الفترة ما بين  2011 – 2013 تمكنوا خلالها من جني أموال طائلة من خزائن الليبيين عادت إلى صدورهم كمفخخات و رصاص و دمار جلبه لهم هؤلاء ! .

و على سبيل المثال هناك صالح اصميدة عضو تنظيم القاعدة المختفي كذلك و الذى شغل مهام رئيس شركة الأشغال العامة فى سرت و رفض مبايعة داعش إلا أنه ساهم قبل ذلك فى دعم أنصار الشريعة عبر موقعه كمسؤول على شركة حكومية تمتعت بدعم مالي سخي من الدولة عقب الدمار الذي طال المدينة سنة 2011 ليخلع  ” الانصار ” ثوب العمل الخيري و الدعوي المخادع و ينتقلو سنة 2014 الى داعش بعد وصول البيعة من العراق لسرت على يد فوزي العياط !

قيادات ليبية رئيسية تنقلت من القاعدة الى تنظيم داعش او شاركت فى تأسيسه

و تنطبق حالة صميدة على مسؤول أوقاف سرت السابق محمد عبدالله احويلات الذي أُعلن عن اختطافه من بن وليد فى يناير 2016 و أشيع بأنه موقوف فى مصراتة. و يتهم حويلات من قبل السلفيين فى سرت بتعزيز خطاب التكفير و جلب الدعاة الاجانب المتطرفين الى المدينة و تمويل رحلاتهم و تمكينهم من المساجد عبر موقعه الحكومي المدعوم من الدولة كالداعية البحريني المطلوب دوليا تركي البنعلي  !

 

تناقض !

الولايات المتحدة بدورها جائت تصريحات مسؤوليها العسكريين متناقضة مع تصريحات الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتريس الذي قال مطلع الاسبوع الجاري أن داعش فقد أراضيه فى ليبيا الامر الذي يثير مخاوف عودة صعود التنظيم فى مناطق أخرى أو نشاطه كخلايا نائمة أو كـ ” ذئاب منفردة ” سواء فى المدن الكبرى أو صحاري الجنوب و الوسط لا سيما مع تقهقره فى سرت و بنغازي و درنة .

و لم يكن التناقض بين قادة افريكوم و غوتريس هو الاول الذى رافق قضية أعداد المتطرفين الدواعش فى ليبيا بين تقديرات أمريكية سابقة تحدثت عن 4000 و 6000 الاف اكثر من نصفهم فى سرت و تقديرات أممية على لسان كوبلر كانت بين 300 – 6000 عنصر فى عموم ليبيا نصفهم فى سرت.

و بين تأكيدات ليبية على لسان العميد محمد الغصري تحدثت عن مقتل 2500 عنصر ايضا فى سرت ليبقى المئات منهم وفق هذه الاحصائيات المتضاربة مجهولي المصير و التواجد ، الامر الذى يرى خبراء دوليين فى عشرات التقارير الامنية اضافة لآخر تقرير صادر عن لجنة عقوبات مجلس الامن الخاصة بليبيا فى فصل متعلق بالعلاقة بين داعش و القاعدة ، أن خطراً إرهابياً مستقبلياً محتملاً قد يتشكل و خاصة فى المناطق الرخوة بالجنوب و الوسط الليبي ما يحتم وجود طرف فى هذه المناطق مضاد لداعش و الأهم أن لا يكون متهاوناً مع القاعدة او من المتعاطفين معها على وجه الخصوص لأن تزاوجاً فريداً قد حصل بين هذه التنظيمات فى ليبيا رغم الاختلافات و الصراعات بينها و قد وصلت حد التقاتل فى سوريا والعراق واليمن ، يقول ذات الخبراء فى تقارير غير حكومية .

احمد الحسناوي – قائد لواء درع ليبيا فى الجنوب

و فى ظل قدرة هؤلاء القادة و غيرهم على القفز و التنقل ما بين تنظيمات داعش و القاعدة و خاصة مع نشاط الاخير المكثف فى مناطق الجنوب و الجفرة و الوسط و درنة و عودة بعض ” الدواعش التائبين ” الى صفوف القاعدة مع تمكنه من التحرك بأوجه و مسميات مختلفة سواء على مستوى الافراد و الجماعات كمجالس شورى الثوار و غيرها من الكتائب التى يحظى بعضها بشرعية و دعم بعض الاجسام التنفيذية المتصارعة والجماعات المتنفذة كالإخوان المسلمين .

و قد بدا ذلك جلياً فى الهجوم الاخير على الهلال النفطي  و الحرب الدائرة فى تمنهنت التى يشارك فيها قادة متهمون بانتمائهم او تعاطفهم مع تنظيم القاعدة كالساعدي النوفلي و أحمد و عبدالمنعم الحسناوي  تحت غطاء الشرعية المتنازع عليها ما يعيد الى الاذهان مشهد سرت و بنغازي سنة 2012 ، ليبقى السؤال مطروحاً عن جدية رغبة هذه الاطراف فى إستئصال مختلف هذه التنظيمات بدل سياسة محاولة إحتوائها و إتقاء شرورها التى فشلت الحكومات السابقة المتعاقبة فى جني ثمارها فكانت هذه النتيجة الباهظة التى تدفع ثمنها ليبيا و دول المنطقة بل وكامل حوض المتوسط   .

تحديث

وفى تسجيل مسرب يوم 27 فبراير 2018 لجلسات تحقيق معه من داخل سجنه فى مصراتة ، أكد المسؤول الشرعي السابق في تنظيم داعش الإرهابي فوزي بشير العياط الحسناوي عن تفاصيل ارتباطات التنظيم مع غيره من التنظيمات قبل وأثناء سيطرته على مدينة سرت وعلى رأسها تنظيمي جماعة الاخوان المسلمين والليبية المقاتلة .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2059539084281356

واعترف العياط المكنى بـ ” أبو إسلام ” والذي اعتقل فى 9 ديسمبر 2016 عقب إصابته وخسارته لعينه اليسرى فى غارة أمريكية بمدينة سرت ، بوجود علاقة مع جماعة الإخوان والجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى وان الهدف منها كان الاتفاق على محاربة قوات الجيش والشرطة سواء فى فترة اللجنة الامنية وكتيبة ثوار سرت وهي النواة الاولى للتنظيم فى المدينة كما تحدث عن دور الصفراني فى نشأة التنظيم واقامته علاقات مع تنظيمات وجهات أخرى .

المرصد – تقرير خاص

_____________

 مصادر المرصد فى إعداد التقرير :

تصريحات قادة أفريكوم ، تصريحات للمبعوث الاممي الخاص الى ليبيا ، تصريحات لأمين عام الامم المتحدة ، تقرير لمجلس الامن ، تصريحات تلفزيونية لمتحدثين عسكريين ليبيين ، تقارير أمنية من مراكز بحثية دولية و محلية ، صحف عالمية كبرى مقربة من دوائر صنع الامن و القرار ، وثائق أمنية ليبية أرشيفية خاصة ، مقابلات مع قادة أمنيين سابقين و سكان محليين ، مصادر خاصة يتوجب حماية هويتها .

 

Shares