المرصد | ليبيا – ترجمة خاصة
ليبيا – قالت صحيفة واشنطن بوست الامريكية اليوم الاربعاء ان ايطاليا اصبحت ملاذاً آمن لمئات الآلاف من المهاجرين اليائسين كونها أول محطة وصول لؤلائك الذين يعبرون البحر الغادر ولكن ما وصفتها بـ ” الأمة المتسامحة ” تتجه لخلق حصار على المهاجرين بحكم الأمر الواقع من خلال عقد صفقة غريبة مع جارتها الجنوبية ليبيا غير المستقرة و المليئة بالحروب، و ذلك بحسب تعبيرها.
وتعد ليبيا نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يتدفقون إلى أوروبا من مختلف أنحاء العالم، والذين قالت أن أعدادهم تزايدت هذا العام إلا أنه و بموجب الخطة المرسومة ستقوم إيطاليا بتدريب وتجهيز حراس ليبيين للساحل و الصحراء بهدف وقف تدفق المهاجرين واعادتهم واحتجازهم قبل وصولهم الى أعالي البحار.
و أضافت بأن القادة الأوروبيون يعتمدون على الجهد الإيطالي في ليبيا لإغلاق الممر الرئيسي الاخير للمهاجرين، لكن منظمات الإغاثة تحذر من أن الخطة يمكن أن تكلف خسارة بشرية هائلة من خلال محاصرة الآلاف المهاجرين في ليبيا التى اختفت فيها سيادة القانون منذ إسقاط معمر القذافي قبل ما يقرب من ست سنوات ، وفقاً لواشنطن بوست .
و أكدت الصحيفة فى تقريرها أن إيطاليا تستعد للبدء في إرسال 10 سفن بحرية و طائرات هليكوبتر وعربات الدفع الرباعي ومعدات الاتصالات لتسهيل عمل الدوريات الليبية الجديدة.
و نقلت واشنطن بوست عن السفير الليبي فى روما أحمد صافار قوله “سنوقف إبحار قوارب المهاجرين من الساحل و كذلك من العبور إلى الأراضي الليبية و الموقوفين منهم سيقتادون الى اقرب مركز اعتقال”.
و فى ظل سعي إدارة ترامب أيضا لكبح جماح الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة، فإن هذا التحرك يسلط الضوء على الأبعاد الجديدة التي ترغب الدول الغربية في انتهاجها لحماية حدودها بينما يقول النقاد إن النجاح يمكن أن يعرض للمهاجرين لمستويات سريالية من العنف ، و ذلك بحسب الصحيفة الامريكية التى قالت أنها أجرت مقابلات مع أكثر من 12 شخص من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى إيطاليا من ليبيا في الأسابيع الأخيرة و تحدثو عن بلد مزقته النزاعات جعلتهم يواجهون عمليات اغتصاب وضرب ممنهجة.
فيما أكد بعضهم إنهم كان سلعة للبيع و الشراء في تجارة عبيد مزدهرة وعصرية بليبيا و ان بعضهم تم شراءه بما لا يزيد عن 200 دولار أمريكي و قال التقرير أن المسؤولين الليبيين أنفسهم يمارسون التعذيب و أضاف ” على سبيل المثال، تشهد مخيمات اللاجئين فى إيطاليا كما هو فى مخيم بشمال روما حالات لأصابة اللاجئين بصدمات نفسية بسبب تعذيب طالهم على يد المسؤولين الليبيين ” .
شهادات ناجين
وقد عانت أم إريترية عزباء تبلغ من العمر 35 عاما تدعى ” سبهيتلاب ” محنة استمرت ثمانية أشهر في ليبيا بدأت منذ شهر يوليو الماضي عندما اعتقلتها سفينة عسكرية ليبية مع عشرات المهاجرين الآخرين الذين دفعوا 5000 دولار ثمن الرحلة إلى أوروبا بحراً و من ثم نقلوا إلى مركز إحتجاز كان فيه 25 شخص في زنزانة واحدة .
وقالت إنها و لعدة أشهر، تعرضت للجلد من قبل الحراس بسلك كهربائي أسود،و انها تلقت حصصا غذائية ضئيلة، مع كوب واحد من الماء كل يوم و قالت أنها شاهدت بعض السجناء يموتون جوعاً و إن العديد من النساء والفتيات الأصغر سنا أخذن إلى الخارج ليلاً ليتم اغتصابهن من قبل الحراس.
عانت من وضع مختلف
” جاء حارس ضخم إلى جانبي نادى بأسمي، وسحبني إحدى ذراعي ثم نقلني إلى غرفة و أجري لي فحص دم وبمجرد التأكد من أنّي خالية من المرض تم بيعي إلى عائلة ليبية كخادمة و منظفة منزلية ” . تقول الناجية الايريترية للصحيفة الامريكية .
وقالت: ” كنت أعمل منذ الخامسة صباحا و حتى منتصف الليل بدون أي أجر ، ضربوني ، و اشتكت سيدة المنزل من أنها دفعت الكثير لأجل جلبي لبيتها و لذلك فأنه لا ينبغي السماح لي أن أخذ استراحة قبل أن يعاد بيعي إلى أسرة ليبية أخرى الشهر الماضي حيث سمح لي إبنهم الشاب بإجراء مكالمة هاتفية ” .
و أضافت ” اتصلت بعائلتي في إريتريا التي كانت تعتقد أنني توفيت في البحر و طلبت مساعدة فى الاتصال مع مهرب ليبي آخر، وقبل فجر يوم 19 مارس هربت من المنزل وقابلت سائقا على بعد ميل واحد و هربت إلى إيطاليا بعد أيام قليلة ، لو بقيت فى ليبيا لبقيت للموت ” .
ووفقا لتقرير صادر عن اليونيسيف، فأن ليبيا بها 34 مركز احتجاز للمهاجرين تدير إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية التابعة للحكومة 24 منها، بينما تدير البقية هيئات و إدارات محلية كما أن الجماعات المسلحة تحتجز عدد غير معروف منهم فى معسكرات الاعتقال غير الرسمية.
أغتصبوني و أنا حامل
“هل هم مجانين ؟ هكذا نقلت واشنطن بوست عن مهاجرة أريترية عمرها 23 عاما و لم تكشف عن اسمها الاول و اكتفت بالاشارة الى لقبها ( إسماعيل ) و تعيش حاليا بمعسكر للصليب الاحمر في روما و تتحفظ على هويتها خوفا من الانتقام العائلي لكونها حامل بطفل بعد أن اغتصبها مهرب في السودان ، وفي ليبيا حيث احتجزت لمدة ثمانية اشهر حيث قام المهربون بالحصول على المزيد من الاموال من عائلتها عبر الابتزاز كما أقدمو على اغتصابها مرارا وتكرارا على الرغم من حملها .
وقالت “اذا لم يتمكن المهاجرين من عبور ليبيا فان المهربين سيقتلونهم جميعا او يتركونهم للموت ، انا اعرف هذا و رأيت كيف تعاملوا معنا ، بعض المهاجرين قتلوا لأن هذا أسهل على المهربين من الرحلة “.
اما المراقبين الدوليين و وفقاً لواشنطن بوست فأنهم يصلون إلى أقل من نصف عدد مراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة الليبية مؤكدة بأن تقارير منظمات الإغاثة تشير الى إن المعايير فى مراكز الاحتجاز أقل بكثير عن المستويات المعتمدة دوليا.
عثمان بلبيسي رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا قال : “مراكز الاحتجاز لا تستوفي الشروط الأساسية للإنسان و أود أن أقول أنه في كثير من الأحيان و في بعض المراكز حتى الغذاء غير متوفر لجميع المهاجرين”.
و إعتبرت الصحيفة أن عدد الوافدين الجدد من المهاحرين لهذا العام بلغ حوالي 27،000 حتى أول أبريل الجاري بزيادة 24٪ لنفس الفترة من العام الماضي و هو ما أفقد إيطاليا صبرها .
و ترى واشنطن بوست ان الاتفاق الذي تم التوصل إليه العام الماضي مع تركيا لإغلاق طريق الهجرة شرقاً عبر اليونان دفع الإيطاليين إلى إيجاد طريقة للقيام بذلك في البحر الأبيض المتوسط و لكن مع ذلك، فإن الصفقة الليبية ليست سوى جزء من حملة جديدة ضد المهاجرين في إيطاليا التي حثها البابا فرانسيس عامي 2014 و 2013 على إجراء عمليات بحث لإنقاذ المهاجرين في البحر.
إجراءات و مخاوف أمنية
ولا يزال حرس السواحل الإيطالي ينظم عمليات الإنقاذ، وإن كان ذلك يجري غالبا بمساعدة سفن تجارية كما تقوم مجموعات اغاثة مثل منظمة أطباء بلا حدود بتنظيم بعثات منتظمة بعرض البحر المتوسط للعثور على المهاجرين وإنقاذهم.
لكن اثنين من العوامل الرئيسية دفعت الإيطاليين إلى اتخاذ خطة أكثر صرامة ، أولها هو الهجوم الذي وقع في ديسمبر ببرلين على يد طالب لجوء تونسي وصل إلى أوروبا عبر إيطاليا مما دفع النقاد إلى المطالبة بتحقيق يحدد الخطر الأمني للمهاجرين .
كما أن المهاجرين الذين وصلو الى إيطاليا انتقلوا بسرعة إلى دول أكثر ازدهارا في شمال أوروبا ، ولكن بما أن السويسريين والنمساويين والفرنسيين كانوا أكثر عدوانية فإن العديد من طالبي اللجوء اصبحو يقيمون فى ايطاليا حيث بلغ عدد طلبات اللجوء هناك الى 960 ، 122 طلبا في عام 2016، مقارنة بـ 530، 83 طلبا لعام 2015.
وردا على ذلك، وافق البرلمان الإيطالي هذا الشهر على قانون يحد من حق إجراء استئناف لطالبي اللجوء المرفوضين ، كما يسعى وزير الداخلية ماركو منيتى الى فتح 16 مركزا للاحتجاز فى جميع انحاء البلاد حيث سيتم احتجاز طالبي اللجوء المرفوضين إستعداداً للترحيل بسلام بمن فيهم الذين يشكلون مخاطر امنية.
و تابعت واشنطن بوست تقريرها الذي وصفت فيه الوزير مينيتي بأنه مهندس معماري لصفقة ليبيا التي تشمل تدريب ما يقرب من 130 عنصراً من حرس السواحل الليبي من قبل الإيطاليين و قالت أنه قال في حديث له بأن التدريب إلى جانب خطط المراقبة الدولية لمراكز الاحتجاز الليبية، سيضمن معاملة المهاجرين المحتجزين معاملة إنسانية.
وقال إنه بالإضافة إلى الدوريات الساحلية، سيضع الليبيون أيضا خطة رقابة جديدة في الصحراء لمنع المهاجرين من دخول الأراضي الليبية مضيفاً بأن الخطة ستساعد المهاجرين من خلال تثنيهم عن السفر حيث توفي هذا العام أكثر من 1،080 مهاجر في البحر مع وفاة عدد آخر غير محدد داخل ليبيا.
و أشار الوزير الايطالي الى ان الاشخاص الذين يتوجهون الى ايطاليا يصلون عبر متاجرين عنيفين بالبشر و أن كل ما يقومون به كإيطاليا هو إنقاذهم من هذا المصير.
كما عرجت الصحيفة على أراء النقاد الذين قالت أنهم يعتبرون أن تدهور الأمن في ليبيا لن يسمح بمراقبة دولية فعالة بالإضافة إلى أن العديد من المهاجرين يحتجزهم المهربين لعدة أشهر بينما و يتحصل بعضهم على النقود من أسرهم.
المصدر : واشنطن بوست
الترجمة : خاص – المرصد