إتجاهات الرأي – بقلم عيسى عبدالقيوم
لمحة سريعة على ملف “سجناء النظام السابق” سيجعلنا نتأكد من أنه بات ورقة سياسية يتقاذفها فرقاء يتصارعون على بقايا سلطة لم تكتمل مؤسساتها بعد ، الطريف أن من يحاولون استخدام ورقة ” سجناء سبتمبر” هم ذاتهم من يقدمون انفسهم على أنهم قيادات مؤسسات “ثورة” فبراير او اشاوس ثوار ثورة فبراير .
الامر لم يخلو من الطرافة لان وجود كل هذه المسميات قائم على فرضية وجود “ثورة” إنتصرت و”عهد بائد” إنتهى ، لكن ملف سجناء النظام السابق يثبت بأن الصراع قد تجاوز فكرة وجود “ثورة” سابقة ولاحقة !!
ولعل فى تصريح الاستاذ محمد الزوي بإنطلاق حوار سياسي داخل سجون طرابلس ومصراتة حول ما أسماه صراحة “بتقاسم السلطة بين فبراير وسبتمبر” ما يؤكد ما قلته مراراً ، وكذلك أكد هذه الحقيقة الدكتور مصطفى الزايدي فى مقابلة صحفية ، وربما يشير اليها ايضا الصراع القانوني المحتدم داخل أروقة مجلس النواب حول بيان “لجنة الامن القومي” يوم أمس بخصوص قضية “الافراج” عن سجناء النظام السابق ، والاختلاف حول تفسير قانون “العفو العام” !!
وما نراه اليوم من جدل كبير حول “خبر” الافراج عن سيف الاسلام القذافي ليس ببعيد عن لعبة التجاذبات السياسية داخل خندق “فبراير” المنقسم على نفسه بحدة ، والباحث كل طرف فيه عن حلفاء جدد ، وايضا يؤكد وجود تجاذبات داخل خندق “سبتمبر” بين الداعي الى الانخراط فى الجدل السياسي الجديد ، وبين الداعي لاستئناف مشروع “الجماهيرية2” وبحث كل من طرفيه عن تحالفات مع جماعات وتجمعات “فبرايرية” تمنحه التفوق المسوغ الذي يبحث عنه.
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1934096896825576
ووسط هذا الصراع يمكننا أن نقف عند عدة محطات تشير الى أن ورقة الافراج عن سجناء النظام السابق قد دخلت منذ مدة سوق النخاسة السياسي ، وابتعدت كثيرا عن المسار القانوني الذي يحاول البعض أن يتترس به فى قضية ويتغافل عنه عمداً فى قضايا !
– ففى سجن الهضبة بطرابلس استُخدم سجناء النظام السابق بشكل غير قانوني وغير اخلاقي من اجل تحسين صورة المقاتلة والاخوان تحت مظلة المؤتمر الوطني ، ولعبت ورقة الافراجات للضغط على اطراف الصراع المحلية والدولية خارج إطار القانون والقضاء!
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1933859036849362
– فى سجون مصراتة كان غياب القانون اكثر وضوحاً فلا رقيب ولا حسيب على الانتهاكات ، ويوم شوّهت صورة المليشيات ومن يمثلها فى المجلس الرئاسي أومجلس الدولة لُعبت ايضا ورقة الافراجات بعيدا عن اي قانون و قضاء !
-وفى بنغازي شاهدناه ايضا على يد مجلس شورى بنغازي (ذراع الاخوان المسلمين العسكري) حيث قاموا باقتحام سجن الشرطة العسكرية واختطاف سجناء النظام السابق ونقلهم الى قنفودة حيث تم التترس بهم ، وكذلك لُعبت هناك ورقة الافراج عن السجناء من اجل تحقيق مكاسب سياسية دون اي تفويض او غطاء قانوني !
– الزنتان كانت أخر محطة لعبت فيها هذه الورقة ولإعتبارات سياسية بحتة وعلى خلفية صراع الاجنحة الذي نجح المجلس الرئاسي فى خلقه داخل الزنتان (بعد أن نجح في خلقه ببنغازي وقبلها طرابلس) وهو صراع على تقاسم السلطة القادمة بإسم “فبراير” فى العلن وبالبحث عن حلفاء ولو بإسم سبتمبر المنقلب عليه فى الخفاء !
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1933845036850762
على أي حال اللعبة كبيرة ومغرية ولها ذيول دولية ، ومستقبلها مفروش بمدّخرات مصرف ليبيا المركزي لذلك ليس من المتوقع أن تتوقف أو تنتهي لمجرد نقدنا لها ، فما أظهرته المؤسسات المتصارعة على السلطة من إنتهازية وفساد ذمم وتدني المنسوب المعرفي يشير الى أن هذا الملف سينتهي حتماً الى أزمة جديدة اكثر تعقيداً داخل خندقي فبراير وسبتمبر على السواء ، لان الافراجات السياسية لا تعني بالضرورة انتهاء الملف فى مستواه القانوني ، ومن يمنحها الان لا يمتلك شرعية او تفويضا من الشعب الليبي لفعل ذلك وفى تقديري كان ينبغي ان يمر ملف سجناء النظام السابق عبر القضاء اولاً لضمان حقوق المتهم ذاته فلعله يكون بريئاً امام القضاء ، أو ان مدة التوقيف تعادل مدة المحكومية وبالتالي يجب أن يفرج عنه فوراً بدون جميل من أحد !!
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/1933744853527447
ثم تحال بقية الملفات الى لجنة “المصالحة الوطنية” المعتمدة من الجهة الشرعية وبرقابة دولية (اشدد برقابة دولية) لفرزها وانهاء الجوانب الاجتماعية والحقوقية والسياسية فيها لتكتمل الصورة بشكل لائق ومشرّف وقانوني .. والأهم أن تكتمل بالتراضي المجتمعي الضامن الوحيد لدمج الجميع فى حياة جديدة خالية من المطالبات القانونية او العرفية !!
بقلم : عيسى عبدالقيوم
خاص – المرصد