ليبيا – أعرب السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني عن تفاؤله بتحسن الأوضاع في البلاد بعد القضاء على تنظيم “داعش” في سرت وغيره من التنظيمات الإرهابية في باقي المناطق بجهود القوات الليبية وتحسن الأوضاع بالعاصمة طرابلس في ظل إمتداد سيطرة القوات المؤيدة لحكومة الوفاق المرفوضة من مجلس النواب والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
بيروني أوضح خلال لقاء خاص أذيع أمس السبت عبر قناة ليبيا بانوراما وتابعته صحيفة المرصد بأن التعاون مع السلطات الليبية والشعب الليبي جيد ومهام السفارة بالعاصمة طرابلس هي الوقوف مع هذا الشعب مثمناً في ذات الوقت جهود العاملين في السفارة المبذولة في ظل ظروف صعبة مع الإستمرار بالإتصال بالسلطات المركزية والمحلية والإجتماع مع عمداء المناطق المتضررة من ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر في الجنوب.
وأشار بيروني إلى عدم علمه بنتائج التحقيقات التي أجريت بشأن تفجير السفارة في وقت يوجد فيه من لا يريد وجوداً لإيطاليا في ليبيا ولا يريد الإستقرار للأخيرة حيث يساعد الجانب الإيطالي على تحقيق الإستقرار والسلام وتجاوز حالة الإنقسام في البلاد بالتعاون مع السلطات الليبية والشعب الليبي وعبر الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف ومن خلال العمل مع كل المناطق في الشرق والغرب والجنوب إذ لا تدعم إيطاليا أي طرف أو شخص أو حزب معين مبيناً بأن سفارة بلاده تدعم المؤسسات الليبية الشرعية المنبثقة عن الإتفاق السياسي وتعمل معها على تحريك عجلة الحوار بين كل الليبيين الذين يريدون المشاركة في التقدم والحكم الرشيد.

وأضاف بأن ما يهم السفارة هو المساهمة في بناء القدرات الليبية فيما يخص الحكومة والأجهزة الأمنية وحرس السواحل والحدود وجهاز مكافحة الإرهاب من خلال التدريب وتزويد الليبيين بما يحتاجونه لبناء هذه القدرات فضلاً عن أهمية دعم مدينة سرت حيث بدأت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالعمل على تحقيق الإستقرار في المدينة بعد القضاء على الإرهاب فيها داعياً إلى إحداث إندماج في سرت وعودة النازحين إلى ديارهم وخلق فرص للعمل لكل الشباب لأن الإستقرار يبدأ بعد القضاء على تنظيم “داعش”.
وأشار بيروني إلى أن هذا اليوم الأحد قد يشهد منح التأشيرات من القنصلية الإيطالية في مدينة طبرق بعد أن تم إفتتاح مكتب لهذا الغرض وحجز المواعيد عن طريق شبكة الإنترنت وبأن موضوع عدم السماح له بالدخول إلى المناطق الخاضعة لسلطة مجلس النواب لن يؤثر على ذلك مبيناً في سياق آخر بأن الإتفاق السياسي هو الطريق الوحيد لإيجاد حل للأزمة الليبية ولإخراج ليبيا من أزمتها حيث لا يوجد أمد لإنتهاء هذا الإتفاق ويمكن تعديله إن إراد الطرفين المعنيين القيام بذلك عبر الحوار مع أهمية إحياء العملية الديموقراطية لأن الشعب الليبي يريد المشاركة سياسياً إذ تدعم إيطاليا الإتفاق السياسي ولا تعتقد بأن الإنفراد المؤسساتي أمر مفيد وإيجابي للبلاد.
وأضاف بأن الحل العسكري لا مكان له في ليبيا ويجب أن يكون الحل سياسياً لا يوجد فيه غالب ومغلوب لتحقيق الإستقرار بشكل دائم من خلال تسوية سياسية تشمل جميع الليبيين بإستثناء الإرهابيين مؤكداً بأن الجميع يريد المشاركة في العملية السياسية وتقدم البلاد والحوار الديموقراطي وهو ليس بالأمر الصعب وهو ما يحتم عزل المعرقلين للإتفاق السياسي والإستمرار في العملية السياسية عبر الإلتزام الكامل من كل الأطراف حيث تقف الأغلبية مع الحوار ومع التسوية وليس مع النزاع أو الصراع أو الحرب الأهلية.
وأشار بيروني إلى أن إيطاليا ليس من شأنها تقرير من يكون أو لا يكون في المشهد السياسي في ليبيا إلا أنها تتمنى أن يكون قائد الجيش المشير خليفة حفتر جزء من الحل لأنه شخص مثير للإعجاب ومهم ولديه القدرة على النقاش بحيوية وإهتمام فيما تبقى مسألة قبوله بالإتفاق السياسي عائدة له مبيناً وتعليقا على اللقاء السابق الذي جمع المشير ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج في الإمارات بأن عملية الحوار لا يمكن أن تتم بين شخصين بل تكون شاملة وتشارك فيها كل الأطراف بعد التحضير الجيد بهدف إنجاح هذا الحوار.
وأضاف بأن اللقاء الذي رعته بلاده بين رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة عبد الرحمن السويحلي أتى من باب دعمها للحوار كان مفيدا ومهماً لأنها كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيسان مع بعضهما ويتحاوران إيجابياً بإحترام متبادل وهو أمر مهم يجب أن يسود بين الليبيين بعد حالة سابقة من عدم التقبل مشيراً إلى حالة من الجمود تلت ذلك اللقاء إلا أن الباب ما زال مفتوحاً لإستئناف الحوار بين المجلسين حيث يوجد دعم كبير لذلك على مستوى الشعب الليبي فضلاً عن وجود مبعوث أممي جديد هو غسان سلامة الذي يمثل وجوده فرصة مهمة لتحريك عجلة الحوار من جديد.
وأعرب بيروني عن أمله في تحقق لقاءات أخرى بين كل الأشخاص الذين يمكن أن يساهموا في إيجاد حل للأزمة الليبية مع أهمية قيام الليبيين أنفسهم بإيجاد الحل بأيديهم في ظل وجود دعم من المجتمع الدولي ومن المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة الذي يملك الخبرة والمهنية لإنجاز تقدم بارز ومهم في الملف الليبي مشيراً إلى أن الأولوية الآن يجب أن تكون لجمع كافة الأطراف حول طاولة الحوار الذي يجب أن يكون ليبيا خالصاً وأن يقتنع به الجميع كحل لكل المشاكل ولحالة الإنقسام التي تمر بها البلاد.
وأضاف بأن المبعوثين السابقين بيرناردينو ليون ومارتن كوبلر عملا كثيرا وحققا نتائج ملموسة تمثلت في الإتفاق السياسي وبأن المهم الآن هو تنفيذ هذا الإتفاق بعد أن تعذر ذلك والتطلع إلى المستقبل بدلاً عن النظر إلى الوراء والماضي مشيراً في سياق غير ذي صلة إلى كون عملية صوفياً جيدة وبفضلها تم تدريب عناصر حرس السواحل الليبية مع أهمية أن تستمر عملية التدريب بالتعاون مع الجهود الثنائية الإيطالية لبناء قدرات العناصر الليبية.
وأرجع بيروني تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى السواحل الإيطالية لإمتلاك مهربي البشر الأسلحة والقدرات والتنظيم الجيد وهو ما يحتم العمل على مكافحة هذه الظواهر الإجرامية ومنها أيضاً تهريب الوقود بشكل قوي ومشترك إذ تحتاج ليبيا لمساعدة إيطاليا التي تحتاج في المقابل إلتزاماً من الجانب الليبي حيث يسير الأمر بشكل جيد متوقعاً أن تكون هنالك عملية تدريب جديدة وتزويد بمعدات أخرى وبرنامج وجدول عمل محددان مع خطوات تدريجية لمساعدة الليبيين في بناء قدرات الأجهزة الأمنية المختصة بمكافحة الهجرة غير الشرعية لأن هذا الملف لا يمثل أولوية لإيطاليا لوحدها بل لليبيا ولكل أوروبا وشمال إفريقيا ويجب على الجميع المشاركة فيها.
وتطرق بيروني إلى أهمية المنتدى الإقتصادي الذي سيحتضنه جنوب إيطاليا خلال هذا الأسبوع بحضور شخصيات ليبية وأيطالية وهو نتيجة لمبادرة مشتركة بين وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو وعضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أحمد معيتيق حيث سيكون في روما وفد موسع من “وزراء” حكومة الوفاق المرفوضة من مجلس النواب ورجال الأعمال وشركات إيطالية مبيناً بأن الهدف من هذا المنتدى هو إستئناف كامل العلاقات الإقتصادية والإستثمارية والتجارية بين إيطاليا وليبيا بعد أن أعلنت الكثير من الشركات رغبتها بالعودة إلى ليبيا من أجل زيادة إنتاجها النفطي وبناء شراكات بين البلدين المرتبطين بعلاقات تأريخية.