بقلم عيسى عبد القيوم لـ المرصد :
كثيراً ما يقلقني دفع بعض الشخصيات المحسوبة على التيار المدني وبعض وسائل الاعلام بإتجاه تعميق الخصومة مع المؤسسة العسكرية ، بعضها يتم بشكل مباشر وبعضها يتم بشكل غير مباشر تستخدم فيه المهارات اللغوية والتحريرية .
لا اريد التوقف عند التفاصيل خشية الاطالة والخروج عن صلب الموضوع ومصدر قلقي هنا ان الدفع بإتجاه الخصومة واستفزاز المؤسسة العسكرية بمفردات تصل الى مستوى جحود تضحياتها يقابله خطاب لين ومجامل وسعة صدر مع المليشيات !!
ما يثير سؤال كبير بحجم الأزمة الليبية : اذا كان بعض اعضاء التيار المدني متحسسين جداً من المؤسسة العسكرية فمن باب اولى ان تكون حساسيتهم اكبر واعظم تجاه المليشيات ؟! لان هذه الازدواجية قد تشير الى أمور قريبة من منطق “الكسب” بعيدة عن منطق “القيمة” الذي يفترض أن التيار المدني مستند اليها !!.
وكذلك يأتي ضمن الدفع بإتجاه التصعيد والصدام مع المؤسسة العسكرية إهمال وعدم ابراز كلامها ووعودها (ضمن اوراق دولية) بعدم المساس بالمسار الديموقراطي ، وسعيها لان تكون ضمن المسار العام للعملية السلمية وهناك عدة أوراق وردت فى هذا السياق ويمكن أن تشكل عقداً بين المؤسسة العسكرية والتيار المدني بدأت فى تقديري مع اعلان الجيش ايقاف عملياته العسكرية فى بنغازي يوم انتخابات مجلس النواب العام 2014م من اجل افساح المجال لنجاحها وهي اشارة مهمة خاصة اذا اضفنا اليها أن حماية العملية الديموقراطية قد كلفته مقتل 52 جندي غدرت بهم مليشيات ارهابية فى منطقة القوارشة .
أما اهم ما ورد فى الاوراق الدولية فالتالي :
***********************
1- ورد فى تصريح نشرته وكالة الانباء الروسية “سبوتنيك” اثناء زيارة المشير خليفة حفتر الى روسيا أنه يتعهد “بل يتشبث” بوضع الجيش تحت سلطة مدنية منتخبة .
2- ورد ضمن مبادرة “ابوظبي” ان الجيش مؤسسة منفصلة ومنضبطة باللوائح العسكرية وانه لا مانع لديهم من وضعه تحت سلطة المجلس الرئاسي بعد الاتفاق على شكله وصلاحياته ومكوناته وهي نقاط خلاف بين اطراف النزاع جميعاً.
3-جاء اخيراً ضمن نص اعلان باريس وتحديداً فى البند الثالث أنهم تعهدوا “بالسعي إلى بناء دولة مدنية ديموقراطية وذات سيادة تحترم سيادة القانون وتضمن فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة وإحترام حقوق الإنسان ” .
اتصور بدل من الانجرار وراء رغبات وربما مغامرات غير محسوبة يمكننا صياغة ما ورد فى الاوراق الدولية (المرفقة) فى شكل خارطة طريق بين الجيش والتيار المدني تؤدي الى ترسيخ وجود الجيش وتقويته ومنحه الدعم الكامل والدور المناسب وتشجيعه على الاستمرار فى الخط الذي ينتهي بولادة دولة مدنية ديموقراطية كما نص على ذلك اعلان باريس الذي وقع عليه القائد العام للجيش والابتعاد عن محاولات بعض القوى الحزبية او الجهوية السيطرة على الجيش وعدم الانجرار وراء رغبات جهات اخرى وقوع صدام بين الجيش والشارع وهو أمر سيؤدي حال وقوعه الى خلل فى العلاقة يجعل الامور مفتوحة على كل الاحتمالات لانه يومها سيكون لكل فريق طريقته المستقلة فى تقدير الامور من منطلقات يعتبرها هو ايضا وطنية وتستهدف حماية ليبيا من التفكك والفوضى والاحتراب !
اعتقد أن ما بين ايدينا من اوراق وتعهدات للجيش يرحب به اي عاقل يراقب الحالة الليبية بعمق وربما تعتبر فى بلدان أخرى من المكاسب خاصة وأن ما جاء فيها ينسجم مع رغباتنا وتصوراتنا حول المسار السلمي الديموقراطي وان حديثنا عن الانتخابات والاستفتاء على الدستور سيكون نوعاً من احلام اليقضة ما لم نستقطب الجيش ليكون شريكا فى عملية العبور اليهما بشكل أمن وسلس ، هذا ما لزم ولكم الامر فيما ترونه مناسباً .
بقلم – عيسى عبدالقيوم
26 يوليو 2017