ليبيا – كشف تقرير إستقصائي أعدته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن إنهاء عملية إتسمت بالسرية العالية قام بها عملاء بريطانيون في ليبيا لإيقاف عمليات تهريب الإرهابيين عبر مهربي البشر إلى أوروبا بعد إعتداء نفذته ” ميليشيا ليبية حكومية ” على حد تعبير الصحيفة.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن “مصادر رفيعة” في ليبيا قيام كتيبة النواصي التى وصفها التقرير بـ”سيئة السمعة” بعملية هجوم إستهدفت قاعدة عمليات في العاصمة طرابلس تابعة لوكالة الجريمة الوطنية البريطانية ما وجه ضربة مدمرة للجهود الرامية إلى منع الهجمات الإرهابية في أوروبا مضيفاً بأن المتشددين الجهاديين والعصابات الذين يشكلون الميليشيات المسلحة هم من يمثلون قوات خفر السواحل الصورية فيما يعملون في الواقع مع مهربي البشر في مقابل حصة من دخلهم الضخم.
وأضاف التقرير بأن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج لا قدرة له على مواجهة كتيبة النواصي أحد 3 ميليشيات قال التقرير أنها تسيطر على العاصمة طرابلس مبيناً بأن 3 من ضباط الإستخبارات في وكالة الجريمة الوطنية البريطانية قاموا بعشرات الزيارات الإستطلاعية على مدى عدة أشهر إلى مجمع الميناء في العاصمة وعملوا إلى جانب قوات الشرطة بحثاً عن جهاديين وردت أسماؤهم على قائمة الإرهابيين.
وتطرق التقرير إلى قيام وكالة مكافحة الجريمة الوطنية البريطانية بالتخطيط لتنفيذ عملية واسعة النطاق في وقت لاحق من هذا العام بمشاركة أفراد بريطانيين وبإستخدام تكنولوجيا المراقبة المتطورة فيما قدمت الوكالة طلباً “لوزارة الداخلية” لمنحها الضوء الأخضر لبدء عملية كاملة لمكافحة الإرهاب في ليبيا مشيراً إلى أن العملية باتت ملحة أكثر بعد تنفيذ هجمات مانشستر في مايو الماضي والتي أدين خلالها سلمان العبيدي بقتل 22 من رواد حفلة وهو مولود في بريطانيا ومن أصل ليبي ويعتقد بأنه قد تلقى تدريباً إرهابيا في البلاد.
ووفقاً للتقرير تخشى وكالات الأمن من تسلل الإرهابيين إلى أوروبا مع المهاجرين غير الشرعيين ممن يستقلون قوارب واهية من ليبيا للوصول إلى إيطاليا ومن هناك يستطيعون التتنقل إلى مكان آخر في القارة الأوروبية حيث عبر خلال هذا العام أكثر من 100 ألف منهم البحر الأبيض المتوسط مبيناً بأن الكثير منهم سيطلب حق اللجوء هرباً من الحروب وإنتهاكات الحقوق فيما يمثل السواد الأعظم منهم مهاجرين لأسباب إقتصادية وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
وأضاف التقرير بأن إثنين من الإرهابيين المنفذين لهجمات باريس في نوفمبر من العام 2015 الذي قتل خلالها 130 شخصاً تسللوا إلى أوروبا بإستخدام وثائق سفر مزورة متخفين وسط موجة اللاجئين من الحرب في سوريا مبيناً بأن مسؤولين في خفر السواحل أعربوا للصحيفة البريطانية عن غضبهم لضياع فرصة للعمل عن قرب من البريطانيين حيث وصل فريق وكالة الجريمة الوطنية البريطانية إلى العاصمة طرابلس بعد هجمات مانشستر وقبل بإنهاء هذه الفظاعات في حال عملت قيادتها بشكل مباشر في إطار جهود مشتركة.
ووفقاً للتقرير فقد قام مسلحون تابعون لكتيبة النواصي بمهاجمة مجمع الميناء في العاصمة طرابلس في الـ19 من يوليو الماضي بإستخدام مركبات مدرعة وقاموا بتهديد ملاك الشرطة بإستخدام الأسلحة المتوسطة مرددين عبارات “أخرجوا أخرجوا لقد تسلمنا زمام الأمور” بحسب الصحيفة مضيفاً بأن أكثر من 70 عنصراً من الشرطة أجبروا على المغادرة فوراً ومنعوا من أخذ أي ملف أو معدات فيما قال ضابط رفيع في الشرطة ممن شهد الهجوم بأنهم يعلمون من هؤلاء الرجال وهم يعملون مع مهربي البشر ويحصلون على الأموال من تهريب المهاجرين الأفارقة عبر القوارب.
وأضاف الضابط للصحيفة بالقول بأن هؤلاء يعتبرون أنفسهم بأنهم حماة للقيم العامة فيما هم في الحقيقة لا شيء وزمرة من الإنتهازيين والعصابات والبعض منهم يرتدي عدة القتال والآخرين من المتدينين يرتدون الجلابيب التقليدية وهم أقوياء في العاصمة طرابلس والحكومة ضعيفة وميئوس منها وقد تم إعلام رئيس هذه الحكومة فايز السراج وقال بأنه لا يعرف أي شيء وكان في خارج البلاد في حينها فيما هو مرعوب في الواقع من كتيبة النواصي والميليشيات الأخرى و ذلك بحسب قول الصحيفة .
وتحدث التقرير عن تقديم وكالة الجريمة الوطنية البريطانية إحتجاجا إلى بعثة المساعدة لحدود الإتحاد الأوروبي إلى ليبيا “يوبام” فيما عملت بعثة تضم 3 ضباط رفيعي المستوى من بريطانيا مع قيادات الشرطة في ليبيا لوضع خطط لإقامة قاعدة وفقاً لأحدث التقنيات في البلاد لمواجهة الإرهابيين ومطابقة أسمائهم في قوائم المطلوبين مع من يتواجدون في مراكز الإحتجاز في ليبيا وإعتراض المكالمات الهاتفية بين المهربين.
وأضاف التقرير بأنه وخلال زيارات سابقة قام هؤلاء الضباط بتدقيق الملفات لتحديد هويات الإرهابيين من بين المجرمين المحتجزين بتهم تهريب المخدرات والبشر والوقود ممن ينتشرون على طول الساحل الليبي مشيراً إلى تمكن الضباط من الوصول إلى المهربين ومراكز إحتجاز المهاجرين غير الشرعيين وتمكنهم من إستجواب هؤلاء وتقدير مدى تهديدهم لبريطانيا فيما لم يكن هنالك حاجة مطلقة للتدخل البريطاني في أزمة الإتجار بالبشر في ليبيا بحسب التقرير.
وأشار التقرير إلى تحذير “نيل باسو” نائب رئيس الشرطة البريطانية “سكوتلاند يارد” من كون تدقيقات الحدود في بريطانياً نقطة ضعف في الأمن الوطني في وقت يتم فيه التحقيق في 600 مؤامرة تطرف مبيناً بأن السلطات الإيطالية الغاضبة من عجز ليبيا عن وقف أزمة المهاجرين غير الشرعيين فيما وصل إلى شواطئ بلادها 600 ألف مهاجر غير شرعي خلال السنوات الـ4 الأخيرة لذى فقد أخذت عدة تدابير من جانبها في هذا الإطار.
وأضاف التقرير بأن الجانب الإيطالي أوقف خطط الإتحاد الأوروبي لتدريب خفر السواحل الليبيين وإعادة 6 قوارب للدورية تحتفظ بها من ثورة العام 2011 وبالمقابل أرسلت و بعداء سفينة حربية مع أسلحة رست خلال الشهر الماضي قبالة الساحل الليبي فيما هددت وزير الدفاع الإيطالي “روبيرتا بينوتي” بإرسال سفن حربية أخرى قد تصل إلى 5 سفن مشيراً إلى أن التدابير الإستباقية الإيطالية لم تلاقي ترحيبا أقله من قوات الشرطة التي أنهت كتيبة النواصي عملها لحماية السواحل.
ووفقاً للتقرير فقد أشار مصدر في قوات الشرطة للصحيفة البريطانية بأن الجميع يقف بالضد من الفعل الإيطالي “العدواني” لأنهم سادة الإستعمار السابق فيما حاول السراج الحصول على دعم إيطاليا بشكل منفرد إن صح ذلك ما أدى إلى إضعاف هذه القوات في وقت أستولى فيه المجرمون على مكاتبهم بحسب المصدر مبيناً بأن قائد الجيش الوطني في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر أصدر على إثر ذلك أمراً للقواعد البحرية بمواجهة أي دخول للمياه الإقليمية من دون إذن من الجيش بالقوة.
وتطرق التقرير إلى الفوضى التي أعقبت ثورة ليبيا في العام 2011 وقيام المجلس الوطني الإنتقالي الذي تم تشكيله على عجالة بدعوة الميليشيات المسلحة التي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي وقدمت لها الرواتب والرتب الحكومية وتعداد عناصرها الآن نحو 250 ألفا من الثوار السابقين العاملين في البلاد فيما شهد مارس الماضي تكليف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج لكتيبة النواصي بفض النزاع الفصائل المتحاربة التابعة لإثنين من الميليشيات الأخرى في العاصمة طرابلس.
وأضاف التقرير بأن فصائل الإخوان يسيطرون حالياً على المصرف المركزي في العاصمة طرابلس الذي يتسلم عوائد ليبيا المالية ويصرف الأموال الحكومية مشيرا إلى أن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وهو مركز أبحاث دولي يقدم دراسات مستقلة ويعزز النقاش في الدول الأوربية يحذر الآن من تزايد الهجرة عبر ليبيا حيث أكد العضو البارز فيه المختص بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “ماتيا توالدو” بأن السياسيات في ليبيا تواجه حالة من الجمود فالصورة قاتمة على الرغم من وجود عنصر هام في بناء قدرات خفر السواحل الليبيين ليتم إزالة هذا التأكيد المتفائل بعد سحق مبادرة وكالة الجريمة الوطنية البريطانية.
ووفقاً للتقرير فقد أشار المتحدث بإسم وكالة الجريمة الوطنية البريطانية إلى أن الوكالة لا تؤكد أو تنفي روتينياً نشاطها هذا فيما أكد المتحدث بإسم الإتحاد الأوروبي بأنه على علم بهذا الحادث في وقت تحدث فيه التقرير عن قيام الإرهابيين الذين تخفوا في وسط المهاجرين القادمين إلى أوروبا بضمنهم أحمد المحمد ورجل آخر تنقل بإسم “ميم” المحمود بتنفيذ التفجيرات الإنتحارية في ملعب”ستاد دي فرنسا” في ليلة من ليالي نوفمبر من العام 2015 ضمن هجمات باريس.
وأضاف التقرير بأن عضوين عراقيي الجنسية في تنظيم “داعش” قاموا بإستخدام وثائق سفر مزورة للدخول إلى اليونان وكانا بعد أيام في مركز أوروبا ليرتبطا بخلية لعناصر “داعش” في فرنسا فيما تظاهر العشرات من الجهاديين بأنهم مهاجرين وتم إعتقالهم أو قتلهم خلال تنفيذهم أو تخطيطهم لهجمات في أوروبا مبيناً بأن الطريق إلى اليونان بات مغلقاً بشكل كبير ما دفع بالإرهابيين إلى إستخدام طريق العبور من شمال إفريقيا.
وتطرق التقرير أيضا إلى وجود أكثر من 600 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إلى إيطاليا من ليبيا منذ العام 2014 فيما توفي 12 ألفا آخرين خلال محاولتهم العبور وخلال كل مرحلة من ذلك يوجد المجرمون في العصابات الإجرامية العربية أو الشمال إفريقية ممن يربحون من تهريب البشر 6 مليارات باوند سنويا مؤكداً بأنهم يتقاضون أموال الإبتزاز في مقابل رعاية المهاجرين القادمين من تشاد وإرتيريا والنيجر والآخرين القادمين من بنغلادش وباكستان ونقلهم إلى ليبيا ومن ثم إرسالهم عبر البحر إما للغرق أو ليتم إيداعهم في إيطاليا وفقا لطريقة إنتقائية وهناك يأتي دور عصابات المافيا.
وأضاف التقرير بأن منطقة “كالابيرا” الواقعة في الجنوب الإيطالي يوجد فيها منظمة “ندرانجيتا” وهي منظمة إجرامية نشأت وتعمل أساسا في المنطقة وتتسم بالقوة والعنف مبيناً بأنها مسؤولة عن إختلاس 36 مليون باوند من أصل 90 مليوناً تم صرفها لمراكز إستقبال المهاجرين فيما تعمل منظمة “كوزا نوسترا” وهي من جزيرة صقلية الأقل قوة من نظيرتها “ندرانجيتا” على إجراء الترتيبات مع العصابات النيجيرية في مقابل حصة من الأموال التي تكسبها من تجارة البغاء والمخدرات في عاصمة الجزيرة باليرمو.
وتحدث التقرير أيضا عن مجموعة ثالثة من المجرمين دخلت على الخط بإستثناء هذا الوقت في محاولة لوقف الهجرة من المصدر في ليبيا ما يفسر إنخفاض أعداد المهاجرين بشكل كبير بنسبة %50 في يوليو الماضي ومن ثم بنسبة %86 في أغسطس الماضي مشيراً إلى أن حكومة إيطاليا هي الوحيدة في أوروبا التي تملك صلات قوية مع حكومة الوفاق المدعومة من قبل الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس وإستخدمت هذه الصلات بخفة يد ماكرة ومكنت إيطاليا من دفع المال لوزراء الدفاع والداخلية في ليبيا وفي المقابل صرفها لإثنين من الميليشيات المسيطرة على مدينة صبراتة المصدر الرئيسي لتهريب البشر.
وأضاف التقرير بأن دور هؤلاء الذين تم الإنفاق عليهم بسخاء هو تخويف المهربين المحليين وإدارة السجون التي يحتجز فيها المهاجرون فيما قامت إيطاليا بفرض قيود على المنظمات الخيرية الإنسانية بدعوى أنها تعمل بمثابة سيارة أجرة لخدمة مهربي البشر مشيراً إلى أن إيطاليا إنضمت مؤخرا إلى فرنسا وألمانيا وإسبانيا لدفع الأموال إلى حكومة تشاد لتدعيم سيطرتها على حدودها وهو أقرب إلى عمل مشترك مع جاراتها في النيجر وبوركينو فاسو.
وأختتم التقرير بالإشارة إلى نجاعة الإسلوب الإيطالي العملي على الأقل بالنسبة للإيطاليين أنفسهم وهو ما أثار أقاويل بشأن إنتقال مهربي البشر إلى المغرب من حيث حدث إرتفاع مفاجئ في عمليات تهريب الأشخاص إلى إسبانيا.
المصدر : دايلي ميل
الترجمة – المرصد – خاص