مقال رأي
الكاتب : عيسى عبدالقيوم
ليبيا – يصنف المراقبون للمشهد الليبي كتائب “البنيان المرصوص” على أنها قوة عسكرية تابعة لمدينة مصراتة وليست تابعة للدولة الليبية بأي شكل من الاشكال ، ولعل اخر تصريح للعميد محمد القنيدي قد اكد على ذلك عندما هدد من يُفترض أنه رئيسه الاعلى (فايز السراج) بين اصدار موقف قوي او ترحيله على ذات “المركب” التى أتت به !!.. و وصف بياناته بـ”الكلام الفاضي” !!
تصريحات من المستحيل تقريبا أن تصدر فى الدولة الطبيعية ، فمثل هذه الاشارات المتكررة هي ما جعل الكثير من المهتمين بالشأن الليبي يحمّلون مصراتة مباشرة مسئولية ما يقوم به أو يصرح به قادة عملية البنيان المرصوص ، ولا يحمّلون ذلك للدولة الليبية ولو شكلاً !!.
من هذا المنطلق اتصور أن ما حققته مصراتة (السياسية) من خرق مهم فى علاقاتها مع دولة كبيرة وذات دور اقليمي وتاريخي فى المنطقة واقصد “مصر” قد تراجع عدة خطوات الى الوراء ، وتحول من مستوى الشراكة الى مستوى الخصومة ، وذلك على خلفية تهديد القنيدي من داخل مصراتة بعمليات ارهابية داخل مصر !!
النائب يحيى كدوانى وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب المصري رد على ذلك بهجوم كبير وصف فيه قادة البينان المرصوص بأنهم مرتزقة تمولهم الدوحة ، وإتهمهم صراحة بالمشاركة فى المؤامرة على المنطقة لاضعاف جيوشها وتفكيكها عبر التحالف مع تنظيمات دولية ترعاها قوى كبرى (فى اشارة الى جماعة الاخوان) ، وربما مما زاد من حساسية تصريح القنيدي -غير المنضبط عسكريا والمفتقد لاي حس دبلوماسي – كونه صدر عبر قناة “التناصح” التابعة لجماعة “المفتي” المعزول .. والمصنفة عربياً ضمن قائمة “المؤسسات الارهابية” .
من هنا لعل الجمع بين مصراتة ومسمى “البنيان المرصوص” الراسخ فى اذهان الجميع قد افقدها – فى لحظة غرور ضابط حاول مجاملة الاسلام السياسي- دفء علاقة كانت مهمة جدا لمصراتة ولمشوار الحوار السياسي وللمنطقة الباحثة عن الاستقرار ، وعليه هل يمكننا القول أن الاسلام السياسي قد نجح -عبر هذه الازمة – فى تثبيت وجود قوة مصراتة الى جانبه بعد أن تراجعت قليلا فى المدة الاخيرة ؟!
من الزاوية الاخرى هل خسرت مصراتة عاصمة مهمة لعبت دوراً ايجابياً فى كسر الجمود بينها وبين قيادات شرق ليبيا؟! وأخيراً هل ستنعكس الازمة سلباً على العملية التفاوضية سواء العسكرية او السياسية ، أم أن الأمر قد يتدارك فى ظل البراغماتية العالية التى ادارت بها مصراتة بعض ملفاتها الصعبة ، واستشعار القاهرة لدورها الاقليمي المهم جدا للمنطقة وحاجة الشعب الليبي الملحة الى إنهاء الصراع بأي ثمن؟!.
لـ المرصد : بقلم – عيسى عبدالقيوم