ليبيا – بعث عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق محمد عماري زايد رسالة للمبعوث الأممي غسان سلامة بصفته عضواً منتخباً بالمؤتمر الوطني العام عن بنغازي وأحد الذين صاغوا نصوص الإتفاق السياسي كإطار توافقي حاكم لما تبقى من المرحلة الإنتقالية.
زايد أشاد في الرسالة التي بعثها أمس الثلاثاء وحصلت صحيفة المرصد على نسخة منها بجهود البعثة الأممية ورعايتها للعملية السياسية والمصالحة الوطنية من خلال متابعته لكل ما قام به سلامة منذ توليه مهام عمله في الـ3 من أغسطس الماضي من تواصل مع معظم شرائح المجتمع الليبي لتوسيع دائرة الحوار والمشاركة واللقاءات التي عقدها مع النخب والأعيان وممثلي المجتمع المدني وعمداء البلديات وبعضهم معين من الحاكم العسكري فضلاً عن جولتي الحوار لتعديل الإتفاق السياسي في سبتمبر وأكتوبر الماضيين.
وأبدى زايد إستغرابه من عدم الإلتفات وفي ظل الإنفتاح الكبير لسلامة على طيف واسع من الليبيين إلى شريحة كبيرة تمثل الذين هجروا وطردوا من منازلهم ومدينتهم وتعرضت أموالهم للنهب وقتل أهلهم أو تم تشريدهم وهم النازحون والمهجرون قسراً من بنغازي المتواجدين في مدن الغرب الليبي وخصوصاً في مصراتة وطرابلس والذين يتجاوز عددهم الـ100 ألف ولهم عميد بلدية منتخب ومجلس بلدي وهيئة تمثلهم أمام الحكومة وسائر الجهات التي تعمل جميعها بالتعاون مع لجان الأزمة والإغاثة لحل مشاكلهم وقضاء حوائجهم.
وأضاف بأن سلامة زار مؤخراً بنغازي للمرة الثالثة وشاهد حجم الدمار الذي طال الأحياء السكنية التي كان يسكنها هؤلاء المهجرون في وقت تبرز فيه عدة تسأولات بشأن دور البعثة الأممية في إيصال صوت المهجرين إلى المجتمع الدولي ومدى قدرتها على تقديم رؤية لكيفية حفظ حقوقهم الإنسانية والسياسية معرباً في ذات الوقت عن أمله في أن يكون هذا التجاوز لأزمة ومعاناة ومهجري بنغازي خطأ غير مقصود لأنهم جزء من حل الأزمة الليبية والذي لن يكون متاحاً بتغييبهم أو تجاوزهم بحسب نص الخطاب.
وأشار زايد إلى مسألة تحمل الحكومة الجزء الكبير من المسؤولية تجاه هؤلاء المهجرين والنازحين فيما لم تولي البعثة الأممية القدر الكافي من الإهتمام لمصير هذه الشريحة ولم تطرح نقاشاً جاداً وعملياً حول الوضع الإنساني السيء الذي تعيشه منذ إندلاع المعارك في بنغازي وما لحق بأبناء هذه الشريحة لما اعتبره “إنتهاكات لحقوقهم” ، مبيناً بأن البعثة والمجتمع الدولي لم يصدر عنهما أي موقف حازم مما وصفه بـ” خطاب الكراهية والتحريض ” الذي تتبناه بعض الأصوات في بنغازي.
وأضاف بأن الأحداث العديدة المؤلمة التي مرت على سكان بنغازي لم تجعل البعثة الأممية تلتفت لهم أو تقدم لهم عوناً سياسياً كسائر الشرائح التي إجتمع بها سلامة في وقت يمثل فيه إتمام تسوية الأزمة بين قادة الحرب والسياسيين على حساب الضحايا مثار قلق ، مطالباً في ذات الوقت المبعوث الأممي بوضع الجميع في الحكومة والبعثة والمجتمع الدولي أمام مسؤولياتهم ليعملوا جميعاً على تطبيق مواد وبنود الإتفاق السياسي للوصول إلى حل حقيقي يعالج كافة الآثار الناجمة عن الأزمة السياسية والإقتتال الأهلي.
ودعا زايد سلامة إلى عقد لقاء عاجل مع ما وصفه بـ” المجلس البلدي بنغازي” بطرابلس و”الهيئة البنغازية” ومشاركتهما النقاش حول الحل وتصوراته كسائر الليبيين وتمكينهما من المشاركة في المؤتمر الوطني الجامع الشامل المزمع عقده في فبراير المقبل كطرف أساسي في بنغازي وكجزء من المجتمع الليبي الذي يحفظ له حق المشاركة وعدم حجب رأيهما السياسي حيث يفترض بهذا المؤتمر أن يكون جامعاً لكافة الأطياف في ليبيا.
وتطرق زايد إلى ما ذكره سلامة خلال تصريحاته مؤخراً بشأن رعاية البعثة لـ19 مساراً للمصالحة المحلية مع الأمنيات بأن تكون قضية مهجري بنغازي إحدى هذه المسارات مجدداً في ذات الوقت دعواته للمبعوث الأممي والمنظمات الدولية للعمل من أجل حفظ حقوق هؤلاء المهجرين وتأمين العودة الآمنة الكريمة لهم وضمان عدم تعرضهم لأعمال إنتقامية والحد من خطاب العنف والتحريض الذي يتبناه الطرف الآخر في المدينة.
وأقر زايد في ختام رسالته بصعوبة إنصاف الضحايا وهو الأمر الذي لن يكون هيناً وقد لا يكون متاحاً دائماً على الوجه الأكمل في وقت يمثل فيه عدم محاولة إنصافهم أو التأخر في ذلك ظلماً آخر يصعب عليهم تجاوزه أو تقبله بحسب نص الخطاب.