بعد قرار وبيان السراج ودفن الضحايا تبرز هذه التساؤلات عن أحداث الإثنين الدامي..فمن يتحمل المسؤولية !؟

ليبيا – شكّل قرار رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الصادر أمس الاثنين  بصفته “القائد الأعلى للقوات المسلحة” بشأن حل الكتيبة 33 مشاة التى يرأسها بشير خلف الله المكنى بـ ” البقرة ” والتابعة لمنطقة طرابلس العسكرية مفاجأة لكون هذا القرار يعد فى حقيقته إقراراً بتبعية هذه الكتيبة لحكومة الوفاق دون سواها بعكس التوقعات التي كان يعتقد أصحابها بأنها مجرد مجموعة مسلحة خارجة عن أي شرعية .

وبالتزامن مع صدور القرار ، أصدر  الرئاسي بياناً أدان فيه الإعتداء على مطار معيتيقة بل وصفه بـ”المبيت” وبأنه عبث بأمن العاصمة وعرض حياة المسافرين وسلامة الطيران للخطر وأدى لترويع سكان المنطقة  .

ومن جهته تعرض المبعوث الاممي غسان سلامة لانتقادات حادة بسبب مطالبة البعثة فى بيان لها كافة الأطراف في منطقة طرابلس الكبرى بإلتزام إلتزاماتهم الأخلاقية والقانونية بحماية المدنيين والمنشآت المدنية وقد عزى المنتقدون ومن ضمنهم مؤيدون للمجلس الرئاسي ذلك لكون المجموعة المهاجمة خارج الشرعية قبل ان يأتي قرار السراج بحل الكتيبة ويتضح بأنها مجموعة كانت تتمتع بكامل الشرعية وهو ماقد يبرر للبعثة وسلامة استخدامهم لما ورد فى بيانهم من عبارات أوحت بأن طرفي الاشتباكات من المنضويين تحت ذات الشرعية !

ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل إن بيان الادانة أكد بأن الإعتداء ” المبيّت ” وهو مايعني بالمناسبة وجود نية مبيتة قد تكون معلومة مسبقاً ، كان يستهدف إطلاق سراح إرهابيي ”داعش” و”القاعدة” وغيرهم من سجن قوة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخلية.

ومن هنا كانت الصدمة الأكبر لمتابعي أحداث اليوم الطويل الذين صبوا مافي جعبتهم على الانترنت او على برامج الفضائيات الليبية حتى وقت مبكر من صباح الثلاثاء ،  وهي أن ” كتيبة البقرة ” المشكلة سنة 2017 بقرار صادر عن وزير الدفاع المفوض المهدي البرغثي هي كتيبة تابعة لوزارة الدفاع وشنت هجوماً على مطار وسجن تحميه قوات أكد السراج نفسه تبعيتها لوزارة الداخلية .

ليكون الملخص بحسب المراقبين والمعلقين ، هو أن 20 شخصاً بينهم مدنيين ازهقت أرواحهم وجرح حوالي 70 آخرين واصيب ماتبقى من الاسطول الليبي بشكل شبه كامل وروّع الآمنين وتعطلت مصالح الناس ، وعرضت البلاد برمتها لخطر فرار مئات الارهابيين من السجن بسبب هجوم شنته وزارة الدفاع على وزارة الداخلية !

بيان وورقة قرار صادر عن السراج والمجلس الرئاسي كانت كفيلة لإثارة عشرات التساؤلات المفزعة التي طُرحت عبر وسائل الاعلام ، اولها هو كيف لوزير دفاع أن يشكّل كتيبة قال الرئاسي بأنها كانت تهدف لإطلاق سراح الارهابيين مايعني انها كتيبة إرهابية ؟

وهذا ماقاد الى سؤال آخر وهو كيف تكون ”  الكتيبة الارهابية ” كتيبة تابعة لمنطقة عسكرية أعلن رئيس الرئاسي نفسه بأنها تابعة لهذه المنطقة التي أعلن هو عن قرار تشكيلها !

فإذا كان الرئاسي هو من يشكل الكتائب ويحلها فكيف قام وزير دفاعه بتشكيل ” كتيبة البقرة ”  وصمت الرئاسي عن ذلك كل هذه الفترة ؟ وكم من الأموال والدعم والتموين تلقته ” كتيبة البقرة ” منذ إنشائها ومولت بمعرفة الرئاسي ووزاراته المختلفة ورئاسة أركانه والمصرف المركزي ؟

بل والسؤال الاهم الذي طرحه جمهور المعلقين والمحللين والنشطاء والصحفيين هو ، كم من ” بقرة ” لازالت تنهل وتتغذى من مراعي المصرف المركزي وتقتات من خلاله على ما تبقى من قوت الليبيين لتقوم من خلاله بفتح النار تجاه صدورهم كما حدث فى الامس ، وكم على الليبيين الانتظار وكم من دماء يجب ان تُسال وكم من مرفق وجب تدميره حتى إكتشاف بقية “الابقار ” المشرعنة التي تأتمر بأمر القائد الاعلي الذي يطالب بدوره بتوحيدها ودمجها ضمن عملية ” توحيد الجيش” التي لاينفك عن ترديدها اناء الليل واطراف النهار كعملية ستسهم فى حل الازمة المتأزمة يوماً عن يوم ، فهل هناك جيش واحد فى العالم يحترم نفسه تقبل قيادته ان توزع على كتائبه ووحداته جحافل الارهابيين المسرحين من كتائبهم الاصلية !

ينص قرار حل ” كتيبة البقرة ” على إعادة توزيع أفراد الكتيبة على وحدات اخرى فى الجيش ، وهنا يتسائل آخرون من جمهور المتابعين ، كيف سيتم التمييز بين ” مسلحي البقرة ” ومعرفة مدى مسؤولية كل منهم وإخضاعهم لتحقيق يقود لمعرفة مدى تورطهم فى الارهاب الذي تحدث عنه بيان الرئاسي وعن الأرواح التي ازهقت والاموال التي اهدرت في هجوم الاثنين الدامي على يد افراد الكتيبة نفسهم الذين وصفهم بيان الرئاسي بالعابثين والخارجين عن القانون والمستهترين بحياة المواطنين ؟ وهل على الليبيين الانتظار حتى تدمير مرفق جديد مما تبقى لهم من مرافق فى بلادهم ليكتشفو مثلاً وجود ” بقرة مشرعنة ” أخرى ستهيج فى أي لحظة ضمن قوات القائد الاعلى بحسب تساؤل لأحد مدوني فيسبوك  !

فمن يتحمل مسؤولية كل ماجرى ؟ ولماذا لم يصدر قرار من ” القائد الاعلى ” بحل الكتيبة قبل الهجوم الدامي والفادح خاصة وأن الجميع كان يظن بأنها مجموعة مسلحة غير مشرعنة وهي التي تحرشت منذ ايام بقوى الداخلية الموجودة داخل معيتيقة بل وحشدت السيارات والآليات طيلة عشرة أيام فى ” جزيرة دوران سبان ” على بعد اقل من 5 كم من مقر الرئاسي فى ابوستة ، وهو ماقد يعتبر تفسيراً إضافيا لعبارة ” الهجوم المبيت ” الواردة فى بيانه ، فهل كانت هناك ضغوط على الرئاسي لعدم المساس بالكتيبة وحلها مسبقاً ورفع الغطاء عنها وفتح باب الحوار والتفاوض ككل مرة مع علمه بوجود تهديد وخطر قد ينجم عن اشتباك قد يندلع فى أي لحظة ؟ ومن مارس هذه الضغوط ان وقعت بالفعل ؟

وهنا يطرح القانونيين استفساراتهم ، هل تتحمل الكتيبة المسؤولية ؟ أو وزير الدفاع الذي شرعنها وشكلها قبل ان يركنه السراج على الرف عقب مجزرة براك ؟ أم هو الرئاسي الذي ضمها لمنطقة عسكرية مشكلة باسمه ؟ كيف لا والقاعدة الفقهية القانونية – بحسب القانونيين – تنص على مسؤلية المتبوع عن اعمال التابع مادام الفعل الذي إعتبره الرئاسي جريمة ترقى الى مستوى التواطؤ مع الارهاب ، قد تم في ظل تبعيته وفِي إطار عمله المكلف به من قبل المتبوع !؟

اخلاء طائرة من طراز ايرباص تابعة للخطوط الليبية الى مطار طرابلس

اسألة متشعبة تقود الى متاهات قد يصعب على المواطن  المنهمك فى ضنك العيش العثور لها على أي إجابات ، إلا أن فداحة الحدث ، وحجم المصاب الجلل وليس بأقله حرمان عاصمة البلاد من آخر منفذ جوي لها ، وإعطاب اسطول جوي كامل ، واراقة الدماء ، يستحق من الجميع وقفة جادة أمام الحدث الى حين تحديد المسؤولية بشكل واضح عن ماجرى ليكون الأمر فى إطاره الصحيح بعيداً عن الابتزاز والتوظيف السياسي والقبلي كما حدث فى أعقاب مجزرة قاعدة براك الشاطئ الجوية التي شُكلت لها لجنة تحقيق عمرها 14 يوماً لم تظهر نتائجها حتى اليوم على الرغم من مضي حوالي ستة اشهر عن وقوعها وازهاق ارواح 141 إنسان ، وهو ماترجمه مشروع بيان أعده عدد من الصحفيين والمثقفين والنشطاء اليوم الثلاثاء بالخصوص.

وبين هذا وذاك ، يقبع مئات الليبيون اليوم فى مطارات تونس واسطنبول والإسكندرية وعمّان وجدة فى ظروف كارثية ، وقد تقطعت بهم سبل العودة الى البلاد بعد خروج ثلاث شركات من الخدمة بشكل كامل وهي الافريقية والبراق والأجنحة للطيران اضافة لتضرر طائرات الليبية بشكل مريع ، لا لشيء ، الا لأنهم مواطنو بلد تشرعن حكوماته وتمول تشكيلات مسلحة وبعد ان يشتد عودها ، تعود الحكومة نفسها لتصفها بأنها مليشيات عبثية اجرامية خارجة عن القانون بل وحتى إرهابية ، يقول مواطن ليبي عالق فى مطار برج العرب بالاسكندرية .

ومن هذا المنطلق ، وقد بلغ السيل زباه على مايبدو بين المواطنين وقادة الرأي العام ، فقد تعالت الاصوات المطالبة بتحديد مسؤولية ماحدث حتى وان لم تخرج هذه الاصوات من إطار وسائل التواصل الاجتماعي ، بل وبكشف حساب وعلى الملأ لكل ما أنفق لهذه التشكيلات فى ظل ازمة اقتصادية تكاد تفتك بالجميع وتشارف على سحق الطبقة المتوسطة التي تشكل غالبية السكان . فهل باتت الطوابير هي قدر الليبيين بينما تدفع نفقات مليارية على تشكيلات يقودها ” بقرة وزمرينة ورتيلة ونضائد وطمطم وكبش  ” من خزانتهم ؟ .

اضرار جسيمة لحقت بجسد احدى طائرات الخطوط الافريقية

فاليوم يدفع المواطن نفقات هؤلاء من خزينته العامة ، وقد أظهر آخر تقرير صادر من ديوان المحاسبة مثلاً لا حصراً ، حجم المخالفات والنفقات المهولة التي انفقتها وزارة دفاع الوفاق والتوافق وحدها على هؤلاء ، فلم يعد للاحتمال طاقة على تحمّل كل هذا وتفريخ أمراء حرب جدد وبتمويل من الخزانة العامة وبغطاء من الاتفاق السياسي الذي شدد نفسه فى واضح بنوده على ضرورة اخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة لا شرعنتها وتمويلها وتسمينها ، فهل تجد كل هذه التساؤلات التي يراها أصحابها تساؤلات مشروعة طريقها الى من يعنيه الامر ليقدم إجاباتها لـ6 مليون ليبي باتوا منذ اليوم فى سجن كبير بلا طائرة او مطار واحد يعمل ! .

المرصد – خاص

 

Shares