بالمستندات | تفاصيل إحباط محاولة إدخال أدوية إسرائيلية إلى ليبيا مقدمة كمساعدات من إيطاليا

ليبيا – أحبط عناصر وضباط مصلحة الجمارك ومركز الرقابة على الأدوية والأغذية و ” مكتب مقاطعة العدو الصهيوني ” فى ميناء طرابلس محاولة إدخال شحنات أدوية إسرائيلية الصنع إلى البلاد موردة لحساب السفارة الإيطالية فى طرابلس والتي كانت تعتزم توزيعها كمساعدة لأربعة بلديات ليبية متضررة من الهجرة غير الشرعية وهي زوارة وصبراتة وصرمان و القره بولى قبل أن تتمكن العناصر الوطنية المتظافرة بالميناء من إكتشافها ومصادرتها ومنع دخولها إلى البلاد  .

وبحسب مستندات كاملة للقضية تحصلت عليها صحيفة المرصد الليبية وتنشرها حصرياً وفقاً لتسلسلها الزمني فقد بدأت القضية يوم 4 يناير الجاري عندما أبلغت السفارة الإيطالية فى طرابلس رئيس مركز جمارك رأس اجدير عن شحنة ستصل فى نفس اليوم وهي عبارة عن مساعدات صحية قادمة من إيطاليا عبر تونس لتوزع على البلديات الأربعة .

وبعد وصول الشحنة فى موعدها المقرر إلى منفذ رأس جدير على متن ثلاث شاحنات مجرورة ( براد ) وإيداعها بالحظيرة الجمركية أحاطت السفارة الإيطالية كل جهات الإختصاص يوم 9 يناير بأنها كلفت مواطناً ليبياً للقيام بإجراءات التخليص الجمركي والإشراف على نقل الشحنات إلى طرابلس تمهيداً لتوزيعها على البلديات الأربعة كما هو مخطط له مسبقاً وفقا للمستند التالي .

 

وبتاريخ 7 يناير أحال رئيس جمرك رأس جدير الشحنة إلى رئيس جمرك ميناء طرابلس البحري حيث وجهة الشحن النهائية المقررة لها وذلك لإجراء إجراءات الجمارك والفحص والإستلام والتسليم المتبعة وهو ماحدث بالفعل حيث إستلم جمرك ميناء طرابلس الرسالة و وقع عليها بالإستلام :

 

إيصال إستلام الشحنة صادر عن جمرك ميناء طرابلس البحري يوم 7يناير وحجزها للإجراء وذلك بعد تسلمه لها فى ذات اليوم من جمرك منفذ رأس اجدير  :

و فى يوم 9 يناير تحصلت السفارة الإيطالية فى طرابلس على إعفاء دبلوماسي صادر عن إدارة المراسم العامة التابعة لوزارة الخارجية بحكومة الوفاق وقد عُرفت فيه الشحنة بأنها مساعدات إنسانية من الأدوية والمعدات المختلفة .

وفى ذات اليوم الذي تحصلت فيه السفارة على الإعفاء الدبلوماسي ، تقدم مخلصها الجمركي الليبي بإقرار جمركي لجمارك ميناء طرابلس يحمل الرقم 225مرفقاً بالإعفاء الدبلوماسي الصادر عن الخارجية وذلك بهدف إتمام الإجراءات الجمركية لصالح المُورد وهو السفارة الإيطالية فى طرابلس ، وقد أشار الإقرار إلى أن قيمة الشحنة تبلغ 309 ألف يورو أي مايعادل 532 ألف دينار ليبي تحسب وفقاً لسعر الصرف الرسمي بين الدينار واليورو وهو 1.72 دينار لكل يورو واحد  . وسبين هذا التقرير لاحقاً القيمة التفصيلية للفواتير التجارية التي سددتها الخارجية الايطالية لشركتين أجنبيتين متعاقدتين معها وتعملان فى مجال الإستيراد والتصدير .

ومن هنا بدء الفصل الحقيقي فى القضية عندما قام مركز رقابة الأدوية والأغذية التابع لهيئة الرقابة الإدارية بسحب عينات من الحاويات المبردة الثلاث ونقلها للفحص كما هو الإجراء الاعتيادي المتبع فى منافذ ليبيا البرية والبحرية والجوية حيث قام المركز بسحب عينات منها على مدار يومي 10 و 12 يناير ليخلص إلى أن جزء من البضاعة الموردة هي بضاعة مصنعة من قبل شركة TEVA الإسرائيلية للصناعات الدوائية !

نموذج 1 سحب عينات من الشحنة من قبل مركز الرقابة على الإغذية والأدوية :

نموذج 2 سحب عينات من الشحنة من قبل مركز الرقابة على الإغذية والأدوية :

نموذج 3 سحب عينات من الشحنة من قبل مركز الرقابة على الإغذية والأدوية :

نموذج 4 سحب عينات من الشحنة من قبل مركز الرقابة على الإغذية والأدوية :

تقرير مرسل من لجنة تفتيش الأدوية وممهور بتوقيعات 7 ضباط الى رئيس جمرك ميناء طرابلس البحري يفيد بوجود 10 أصناف من بين أصناف الشحنة القادمة من إيطاليا وقد تبين بأنها مصنعة من قبل مصانع شركة TEVA الإسرائيلة فى بريطانيا ، يلاحظ بأن الأصناف المموهة باللون الأصفر فى نماذج سحب العينات أعلاه تتطابق مع الأصناف الواردة فى تقرير اللجنة أدناه والمبينة فى المستند التالي .

 

وفى قرار شجاع ورغم الضغوطات التي مارستها بعض الجهات الامنية ، قرر مركز الرقابة على الأغذية والأدوية حظر دخول الشحنة المصنعة من قبل الشركة الإسرائيلية TEVA مع سماحه بدخول بقية الشحنة المصنعة فى مصانع أوروبية أخرى لاعلاقة لها بالشركة العبرية وذلك وفقاً لما جاء فى شهادة الإفراج النهائي عن شحنة موردة نص فيها المركز على انه يرفض الإفراج عن كامل الشحنة إلا مع إستثناء الأصناف الإسرائيلية العشرة التي بينها فى قائمة مرفقة لشهادة الإفراج .

قائمة صادرة عن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية مرفقة لشهادة الإفراج تبين أسماء وأنواع الأصناف الإسرائيلية العشرة التي تقرر حظر دخولها وتم إسقاطها من الإفراج النهائي عن بقية الشحنة التي سُمح بدخولها ، حيث تشير القائمة إلى أن المُصنع هو شركة TEVA الإسرائيلية أما مصدر الشحن فهو بريطانيا وهولندا وهما الدولتين اللتين تعتبرهما الشركة من أهم وأكبر أسواقها الخارجية ضمن حوالي 40 بلد تنشط فيها  .

قرار مركز الرقابة على الأدوية والأغذية بحظر دخول شحنة موردة إلى الأراضي الليبية بشأن الأصناف الإسرائيلية العشرة وقد وقع عليها مركز جمارك ميناء طرابلس بالإستلام يوم 14 يناير .

وفى يوم 16 يناير أحال رئيس مركز جمرك ميناء طرابلس البحري نتائج تقرير الفحص الذي أجرته لجنة التفتيش إلى رئيس مكتب مقاطعة العدو الصهيوني و أفاده بأن تقرير أعضاء قسم التفتيش قد توصل إلى أن جزء من الشحنة الموردة لصالح السفارة الإيطالية فى طرابلس مصنعة من قبل شركة TEVA الإسرائيلية مطالباً إياه بموافاته بمدى صحة المعلومات لإتخاذ الإجراء المناسب .

وبعد يوم من مراسلته لرئيس مكتب مقاطعة العدو الصهيوني ، توجه رئيس مركز جمارك ميناء طرابلس البحري بإحاطة لمدير مديرية جمارك طرابلس أفاده فيها بقرار حظر دخول الشحنة مشيراً إلى أن كمية البضاعة المحظور دخولها هو 204 علبة ( كرتوني ) معبأة بأدوية للإستخدام البشري .

وبعد ذلك بيوم واحد أيضاً قررت مصلحة الجمارك الإفراج على كامل الشحنة بإستثناء الأصناف الإسرائيلية العشرة التي شملها قرار الحظر معلنة بذلك إحباط محاولة إدخال مساعدات طبية لليبيين منتجة من الكيان العبري كانت السفارة الإيطالية توي منحها كهبة للمواطنين الليبيين  .

وعلى الرغم من أن عملية ضبط الشحنة و تفتيشها وإتخاذ قرار سريع حيالها تجنباً لأي ضغوط قد تمارس على السلطات المعنية قد أثارت سخطاً بين الجهات المختصة التي طبقت القانون و قامت بعملها على أكمل وجه ، وفى الوقت الذي ذهب فيه مصدر أمني مطلع على ملابسات الموضوع بالقول أن جلب أدوية إسرائيلية المنشأ بالذات كمساعدة إلى ليبيا مرده وجود أثيوبيين من اليهود الفلاشة كانو محتجزين فى ليبيا كمهاجرين غير شرعيين وقد منحتهم روما حق اللجوء لديها ونقلتهم قبل أشهر كمستحقي لجوء إلى أراضيها ، إلا أن القضية ضلت فى طي الكتمان ولا يعرف ما إذا كانت وزارة الخارجية والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قد أحيطوا بالموضوع أو خاطبا السفارة الإيطالية بالخصوص لطلب إستيضاح منها بشكل عام وعن هدف إدخال أدوية ذات منشأ إسرائيلي إلى البلاد ضمن شحنات أدوية أخرى ، فى الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني بأن ليبيا ومنذ تأسيسها وإستقلالها مروراً بكل حقباتها السياسية والتاريخية لا تقيم على الإطلاق أي علاقات تجارية أو دبلوماسية أو عسكرية تطبيعية من أي نوع مع الكيان الإسرائيلي ومن المفترض أنها لازالت كذلك !.

وكانت السفارة الإيطالية قد أعلنت لاحقاً يوم 23 يناير عن إنطلاق ما أسمته جسر التضامن الذي قالت أنه يهدف لمساعدة البلديات المتضررة من الهجرة غير الشرعية وذلك خلال زيارة قام بها سفير روما لدى طرابلس ” جوزيبي بيروني ” سلم خلالها بعض المعدات والمستلزمات الطبية إلى بلدية القره بولي .

وفى اليوم التالي من زيارته إلى القره بولي سلٌم السفير بيروني شحنة أخرى لبلدية زوارة وصفتها السفارة عبر حسابها على تويتر بأنها الشحنة الأولى من المساعدات العاجلة لمواجهة الازمة التي خلقتها الهجرة الغير شرعية في المدينة عبر جسر التضامن و قالت : ” زوارة مدينة بحجم الوطن حاربت الإجرام و التهريب على رغم من قلة الإمكانيات، و بالعزيمة والإصرار. أكدنا على التزامنا المشترك لوقف اَي محاولة جديدة لاستئناف التهريب ” .

أما فيما يتعلق بالشحنة المقرر تسليمها إلى بلدية صبراتة فقد تعذر ذلك على السفير الإيطالي الذي إستقبله أهالي المدينة بإحتجاجات رافضة لزيارته لهم مادفعه إلى إلغائها والعودة أدراجه مع شحنة الأدوية والمعدات التي كانت بلاده تعتزم منحها كهبة للبلدية لكونها من ضمن البلديات المتضررة من أزمة الهجرة غير الشرعية .

هذا وشهد منزل السفير بيروني يوم أمس الخميس ملتقى لعمداء البلديات إحتفالاً بإطلاق برنامج جسر التضامن و وضع الترتيبات اللازمة للاستمرار في تسليم المساعدات لكافة البلديات المتضررة من الهجرة الغير شرعية وذلك وفقاً لما جاء على حساب السفارة الرسممي على موقع تويتر والتي قالت : ” التزامنا مع بلديات ليبيا هو ضمان للمواطن لوصول الاحتياجات بشكل مباشر و سريع ” .

وقال بيروني فى تصريح صحفي لقناة ليبيا بانورما عقب لقاء عمداء البلديات أن برنامج جسر التواصل يهدف للمساعدة فى مواجهة الأزمات المترتبة عن أزمة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر فى تلك المناطق مشيداً بأهمية دور العمداء فى هذا الصدد وبحرصهم على مكافحة الجريمة التي قال أنها تهدد مناطقهم .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2041386432763288

وأكد السفير الإيطالي فى لقاء مع عضو الرئاسي عبدالسلام كجمان فى 22 يناير الجاري أي قبل يوم من مباشرة السفارة توزيع مساعداتها على البلديات الأربعة على إعتزام بلاده توسعة برنامج المساعدات الإنسانية إلى الجنوب الليبي بتنسيق وبطلب من عشرين عميد بلدية من الجنوب حيث تشمل هذه المساعدات أدوية ومعدات طبية ومولدات وغيرها، لافتاً إلى أن الوجود الإيطالي في المجالات كافة يتم بموافقة وإجراءات الدولة الليبية والمتمثلة في حكومة الوفاق مؤكداً عدم وجود أي خروقات تمس سيادة الدولة الليبية . إلا أن الكشف عن محاولة سفارة وخارجية بلاده توريد أدوية إسرائيلية المنشأ إلى ليبيا فيعد فى حد ذاته خرقاً للقوانين والتشريعات المعمول بها فى البلاد.

الشركة الإسرائيلية والشركات الموردة والقيمة التجارية ! 

بالعودة إلى ملف الشركة الإسرائيلية المعروفة بإسم تيفا أو طِفَع فهي شركة لصناعة الأدوية مقرها الرئيسي في ” إسرائيل ” وهي أضخم شركة هناك بحسب مجلة فوربس لعام 2015 وتقع فى مدينة ” بتاح تكفا ” شرقي تل أبيب والتي تضم أكبر منطقة صناعية فى فلسطين المحتلة .

تشير المعلومات حول الشركة إلى أنها تأسست سنة 1901 وقد حققت أرباحاً خلال سنة 2016 قُدرت بـ 21.9 مليار دولار أمريكي ويشغل ” كير ششولتس ” مهام مديرها التنفيذي كما أن للشركة فروع فى حوالي 40 بلداً حول العالم بينها إيطاليا وهولندا و بريطانيا وسويسرا وبلد إسلامي واحد هو تركيا ، حيث أشارت فواتير شراء الأدوية الإسرائيلية المصادرة فى ميناء طرابلس أو المفرج عنها إلى أن وجهة شحن الشحنة كانت إلى ليبيا من لوغانو السويسرية وبريطانيا عبر تونس عن طريق شركة AGMIN الإيطالية للتجارة العامة.

وشركة AGMIN التي وردت الشحنة إلى تونس من بريطانيا ومن إلى ليبيا لحساب السفارة الإيطالية فهي شركة تقدم خدمات المساعدة التقنية والمشتريات والتجارة العامة و تشير المعلومات عبر موقعها الإلكتروني إلى إنخراطها فى خدمات المشاريع والبرامج التي تديرها العديد من المنظمات الإنمائية الدولية وفي مجال التعاون الدولي في المشاريع الممولة من المنح والقروض من المنظمات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف للتنمية بما في ذلك الأمم المتحدة (أون) والمفوضية الأوروبية (إيك) والمديرية العامة لوزارة الخارجية الإيطالية وهو مايفسر تعاقد السفارة معها .

معلومات عن أنشطة شركة AGMIN من الموقع الإلكتروني الرسمي للشركة

وفى مايلي بعض الفواتير التجارية لشحنة الأدوية الموردة إلى ليبيا من سويسرا وهولندا وبريطانيا بما فيها المصادرة فى ميناء طرابلس وغير المصادرة والتي سمح بدخولها وهي فواتير شراء صادرة عن شركي AGMIN وشركة PHARMA السويسرية :

1 – فاتورة تجارية من شركة AGMIN لشحنة مخصصة لبلدية زوارة بقيمة 100 يورو 

2 – فاتورة تجارية من شركة AGMIN لشحنة مخصصة لبلدية القره بولي بقيمة 17.200 ألف يورو 

3 – فاتورة تجارية من شركة AGMIN لشحنة أخرى مخصصة لبلدية القره بولي بقيمة 15 ألف يورو 

4 – فاتورة تجارية من شركة PHARMA لشحنة أخرى من ضمن الشحنة الرئيسية وقد حددت وجهتها إلى ليبيا بشكل عام دون تحديد أي بلدية من البلديات الأربعة على وجه الخصوص بأجمالي قيمة 238 ألف يورو 

تنوه صحيفة المرصد الليبية إلى أن حق الرد مكفول عبر صفحاتها لكل من ورد فى هذا التقرير ، كما تشدد على أنها عمدت إخفاء بعض البيانات الشخصية الواردة فى المستندات الليبية لكونها تخص مواطنين ليبيين لاعلاقة لهم بتوريد الشحنة للبلاد سواء المصادرة أو المفرج عنها ، أنما عملوا على التحقق منها أو نقلها أو كلفوا بإجرءات نقلها ومتابعتها وذلك إحتراماً لخصوصياتهم سواء كانوا موظفين عموميين أو سائقين أو مخلصين جمركيين ، كلٌ حسب وظيفته  .

المرصد – خاص

Shares