ليبيا- أكد المتحدث السابق باسم حكومة الانقاذ محمد بعيو أن قراءة المشهد في ليبيا اليوم تتم بناءً على عدة لقطات مختلفة ومنها ما هو خارج الدولة حيث توجهت الثورة المضادة بمشروع الكرامة الذي يتجه نحو الإستبداد العسكري من خلال إستنساخ النسخة المصرية مشيراً الى أنهم يعولون لتغيير وضع بنغازي على تفكيك ” معسكر الكرامة ” من الداخل.
بعيو أوضح خلال إستضافته في برنامج حوارات التناصح الذي أذيع أمس السبت عبر قناة التناصح وتابعتها صحيفة المرصد بأن موقف “ثوار” بنغازي وصمودهم أمام هذا الإنقلاب عطل وأوقف وحال دون أن يتمدد المشروع للمنطقة الغربية وهي العاصمة طرابلس وتونس الدولة المجاورة والمحتكة والمتأثرة والمؤثرة في المشهد الليبي مشيرا إلى تحرك الكارهين للثورة و”الثوار” في العاصمة وفق مشروع ورؤية سياسية في هامش ومعزل عن الإستبداد العسكري.
وأضاف بأنه لا يجب تجاوز تأثير جهاد ومواقف “الأبطال” في بنغازي الذين وقفوا حائلا دون أن يتمدد مشروع السيسي ومن وصفهم بحلفائه من الدول المؤيدة والصامتة عن تسليح هذا المشروع المستبد للحيلولة بين الشعب الليبي وشعوب الربيع العربي من جهة وبين تحقيق النظام والتأسيس للعدالة وتدوين الوثيقة الدستورية والإتفاق على الحد الأدنى من التفاهمات والتوافقات السياسية الضرورية من جهة أخرى في وقت يتم فيه النظر إلى المشهد من خلال الفعل المقاوم والجهادي والصامد “لثوار” بنغازي.
وأشار بعيو إلى أن ما عبر عنه بتورط مشروع الكرامة في بنغازي وإعلانه بأنها محررة فيما يعلم كل المتابعين والمحتكين بالأمر وأهل بنغازي بالذات أن إعلان التحرير “المزعوم” يعني إعلان المسؤولية عن كل الجرائم وحالة الإنفلات الأمني والتفجيرات التي طالت بيوت الله والمصلين في مساجدهم ومحاربتهم بعد أن تم فعل كل ذلك مع أئمة المساجد والحفاظ والمعلمين وغيرهم ممن هم محسوبين على الثورة والإسلام والقرآن.
وأضاف بأن ورطة الكرامة المتمثلة بإعلانها الإنتصار في بنغازي تلزمها شرح وتبرير وفتح باب للتحقيق في الجرائم والإنتهاكات والتفجيرات بعيدا عن الإسطوانة المشروخة عن الإرهاب والإرهابيين والقصة التي لا تنتهي مبينا بأن التفجيرات تحمل بصمة المخابرات المصرية وبأن اللقطة جديدة على حس وعقيدة وفكر الليبيين لأن الرغبة في تصفية الحاسبات إن وجدت فيجب أن تكون في مزارع وإستراحات المستهدفين وفي الطرق كما حصل في محاولات إغتيال فرج قعيم المهدي البرغثي فهذه وسائل قريبة للذهن والتجربة في بنغازي ، وذلك وفق تعبيره .
ووصف بعيو دخول بيوت الله وجعل ميدانا للإحتراب والقتل الجماعي بإضافة ونكبة جديدة تضاف إلى نكبة الكرامة وتتويجا لإعلان النصر والتحرير فيما لم يصل من قال عن فبراير بأنها نكبة للمكان الذي يستمع إليه الناس فيه كإنسان إلا بفضل فبراير إذ لن يتم الرد على الشتائم بمثلها بل وصف الواقع لأن الليبيين ذاقوا طعم حرية فبراير في العامين 2012 و2013 قبل عملية الكرامة وهتين السنتين لا يمكن أن تمرا جزافا في ذاكرة الجيل الذي سيحن للأمن والأمان والصف الواحد والرغبة في البناء والإصلاح والمصالحة الذي ذاقه بعد 42 عاما عجاف من الظلم والقهر والخوف والجوع.
وأضاف بأن آيقونة الحرية ولدت لكنها لا تأتي في ثوب راق أو في طقم فرنسي بل تأتي بثيابها الرثة وتحمل بذورها والتكريم في وقت يوجد فيه إصرار على عدم التحول إلى رهائن للحظة مرتبكة فالحنين للعسكر والإستبداد ليس مذهبا عسكريا بل مذهبا ثقافيا لاسيما وأن هنالك من لا يشعر بالأمان إلا في ظل فارس القبيلة ومن يظن أن المستبد العادل هو الحل لتجاوز عنق الزجاجة وهذه الثقافة التي تمهد للعسكرة والإستبداد والديكتاتورية والظلم وهي التي تفرش الطريق أمام هؤلاء الطواغيت والمستبدين والعملاء ليتحركوا على هذه الأرضية ويعالجوا هواجس المواطن السليب ويوحوا له.
وتطرق بعيو إلى عملية الكرامة وما تأمله بعض الناس من خيراتها وأمانها وهو سراب يحسبه الظمآن ماء فالعملية كانت لأهل بنغازي وكل من علق الأمل عليها كحصان طروادة إلا أنها تحمل في طياتها وعمقها الدمار والخراب واليوم وبعد تغيير موازين القوى في إجدابيا فإن هناك أحياء كاملة بالمنطقة الغربية من قبيلة المغاربة فالنزوح اليوم ليس نزوح أهل مصراتة وأحرار الثورة من بنغازي من العواقير والبراغثة والفوارس الموجودين بالعاصمة طرابلس والخمس ومصراتة ممن هربوا من “جنة حفتر” ومن نعيم الكرامة المزعوم خوفا على المال والعرض والحياة لتتأكد الرؤية لدى الناس بأنهم كانوا يسيرون خلف سراب حتى وصل الدمار لبيوت الله والمصلين والأطفال والرجال.
وأضاف بأن التعويل الآن على تفكك عملية الكرامة من داخلها فأهل درنة اليوم عبرة لكل من يعتبر وهي المدينة المحاصرة المستضعفة والوحيدة في المنطقة الشرقية التي لا يوجد بها إغتيالات وقتل أو شارع الزيت وليس بها مشروع للصفصفة والقتل والإعدام الجماعي والفضائح والدموية وهي تتهم بالإرهاب والإيواء فيما تعد الواحة الوحيدة بالمنطقة التي تعتبر آمنة وفي معزل ومأمن من هذه الإنحرافات و”حفتر” والعسكرتارية والمخابرات المصرية وصياع الميليشيات ومنتسبي الصاعقة المجرمين وغيرهم فوجودهم في مكان يعني وجود الإغتيالات ويجب أن يتم فهم هذه المعادلة على هذا الأساس فهم شراذم.
وقال بعيو بأن عملية الكرامة عبارة عن حلف من 3 إتجاهات من بقايا النظام السابق المترتبين على الهرمية العسكرية والإنضواء على القيادة بحكم الرقم وصياع الميليشيات والصحوات والحشاشين وغيرهم ممن وجدوا من يسكت عن جرائهم مقابل مد اليد له في الأيام والعمر والنصرة وميليشيات القبائل والبدو الذين أتوا من أطراف بنغازي وإستحلوها ودماء أبنائها ومنازلهم وحرماتهم وأموالهم وهذا التحالف الأشبه “بزواج المتعة” لن يستمر وأن إعلان النصر هو بدء الحرب والتقاتل فيما بينهم لتسوية الحسابات والصراع على المحلات والخزائن والأموال والمصارف والنفوذ والوظائف وحرق الأدلة في ظل رغبة “حفتر” بالتخلص من شركائه الشهود لاسيما وأن فرج قعيم لديه أدلة خطيرة ومحمود الورفلي يعتبر شريك ويتحرك بإسم قيادة الجيش وبأوامرها على الهواء مباشرة والناس ترى الجرائم هي جرائم القيادة.
وأضاف بأن الإجتماعات في تونس كانت تدور لأكثر من عام حول إعطاء الفرصة لإدماج “حفتر” ضمن تعديلات المادة الـ8 وإدخاله في العملية السياسية بأي شكل من الأشكال لإرضاء السيد الأميركي والشركاء الأوروبيين بشكل من الأشكال في تقسيم الكعكة لاسيما بعد أن أوقف “الثوار” في بنغازي مشروع العسكرتارية وركعوا العسكر على ركبهم وجعلوهم يلجأون لدعاوى التفويض.
وأشار بعيو إلى أن العسكر يتحمسون اليوم للإنتخابات والتأريخ لا يبين بأنهم يحنون لدخول الإنتخابات وصناديق الإقتراع والإنتخاب بل حدث ذلك بعد أن صدتهم قوى الثورة وأوقفتهم وجعلتهم يخضعون وبعد أن لعب عامل الزمن دورا في إظهار جرائمهم وجعل خيار التفاهمات بالإنتخاب مطروحا على مستوى الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة متسائلا بالقول:”واليوم في تونس ننظر لو أن حفتر والعسكر موجودين في طرابلس وهل كان الإسلاميين موجودين اليوم في الحكومة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام وهل كانت قضية مناقشة الفساد وقضايا التنمية والوظائف والبطالة وهل كانت ستكون على أولويات الحكومة أو أولويات الإسلاميين؟ أم أن قضية مناقشة مكافحة الإسلاميين والإرهابيين ستكون من أولويات الحكومات القائمة في تونس؟”.
وأضاف بأن صد مشروع الإستبداد الذي قام به “أبطال” بنغازي ينعم اليوم في ظله ليس أهل طرابلس فقط ففي البداية كانوا يتطلعون لدخول “حفتر” للمشهد بأي شكل من الأشكال من ثم ثابوا لرشدهم بعد أن رأوا ما حدث في أهل بنغازي وجزء منه في الوسط والجنوب فطلبوا أي عمل سياسي وأتوا بالسراج أو أي أحد فالمهم أن الحل العسكري مرفوض وما يقال على أهل طرابلس يقال على أهل تونس لأن الحكومة التونسية لعبت دورا كبيرا وحتى الإسلاميين المتنفذين في تونس لعبوا دورا كبيرا في محاولة تمرير مشروع “حفتر” تحت بند الواقعية السياسية فالكثير من المحسوبين على ثورة فبراير من أبناء الحركة الإسلامية في ليبيا يتحدثون عن تجربة “حفتر” وإعطائه الفرصة.
وأشار بعيو إلى أن ما يحدث في تونس ليس حلا توافقيا بل هو تتويج للثورة المضادة بنكهة البنفسج والثورة الناعمة فاليوم أجندات الحرية والحقوق تتراجع في تونس وحل مشكلة المواطن من رواتب وبطالة ومطالب وإستحقاقات قامت من أجلها الثورة تتراجع والمعارضة تعاني من تراجعات وتفكك لا يقتدى به إنما يطلع عليه ويستفاد من دروسه المرة فما يحدث في تونس ليس إنجازا حقيقي في ميزان الثورة فضلا عن أنه سيكون تطلعا لنخب وسياسي فبراير في إستنساخه أو إستجلابه أو الإستئناس به.
وأضاف بأن فبراير حدثت بها تراجعات كثيرة وتفكك وإختلاف موزاين القوة إلا أن التفكك لم يطرأ على قوى فبراير إنما على القبائل والكرامة الخطر المحدق وقوى النظام السابق والعالم يشهد ما يحصل في مصر فالإنتخابات بشخص واحد والنموذج الذي يجري محاولة التسويق له والإعتراف به دوليا ومحاولة دغدغة الشعوب بإسم الوئام والسلام والوفاق غير عملي وغير حقيقي وهو سراب يراد للناس أن يجروا حوله وتفكيك ما تبقى من قوى الثورة.
وأقر بعيو بإرتباك المشهد الذي يتعدى قوى فبراير والثورة المضادة بمعنى أن الإرباك والتعثر لمشروع فبراير والحقوق والحريات والصلح والمصالحة وإعادة البناء وغيرها فيما لن تتبنى الثورة المضادة الدولة سواء في شقها العسكري المستبد المتمثل في عملية إنقلاب الكرامة أو في الشق السياسي في إتفاق الصخيرات الذي ترعاه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وغيره من المسميات الإقليمية والدولية فاليوم الصخيرات تعجز عن إقامة دولة وشرعية ورعاية إنتخابات والإنتقال من الثابت للدائم ومن الإستثنائي للدستوري لأن الصخيرات قام على نقض أحكام المحكمة الدستورية وتجاوز أصول الشرعية ونقضها بشهادة أحد المقربين في الإنتخابات القادمة والمقربين من المشهد السياسي الذي قال بأنه لا يمكن التأسيس لشرعية إضافة إلى أن لجنة الـ60 لا تستطيع أن تعدل على الدستور.
وأضاف بأنه يؤكد على أن الجميع عجز عن تأسيس دولة وبناء الشرعية التي يحتاجها المشهد الليبي فالحد الأدنى من الإتفاق المطلوب غير موجود وهناك إتجاه للمحاصصة المناطقية والقبلية والجهوية والمال السياسي وأمراء الحرب والميليشيات المسلحة فالأمم المتحدة تستطيع أن تقدم شيئا مبينا بأن متابعي المشهد الليبي لو تم الإتفاق على مواجهة الإستبداد فإن المبعوث الأممي غسان سلامة يعلم حجم الفساد الذي تخوضه ليبيا ونخبها والذي ينخر في حكومة السراج وبرلمان طبرق والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
ومضى بعيو بالقول بأن العقود والصفقات والتحويلات يعرفها سلامة والصديق الكبير وكل من هو متابع للأرصدة والتحويلات وإستباحة المشهد الليبي والتعثر في تلمس قيم الحرية والدستورية والنظام والعدالة والهوية فيما يشير سلامة في تصريح خطير بأصبع السبابة بالإتهام لكل الوجوه الطافحة على المشهد السياسي لأنها أوغلت في الفساد من جهة وتريد أن تكون في المشهد القادم أو أن تتحصل على الكثير من العقود.
المرصد – متابعات