السفير الإيطالي: لا بد من التحضير للإنتخابات في ليبيا بشكل دقيق لتكون نزيهة وشفافة

ليبيا- أكد السفير الإيطالي في ليبيا جوزيبي بيروني أن العلاقات الثنائية بين البلدين تاريخية وتربطهما الجغرافية والتأريخ والثقافة والعلاقات العميقة جدا منذ الثورة التي كانت إيطاليا خلالها إلى جانب الشعب الليبي وكانت السفارة الإيطالية بطرابلس الأخيرة التي غادرت.

بيروني أوضح خلال إستضافته في برنامج نقطة إرتكاز الذي أّذيع أمس الجمعة عبر قناة ليبيا الوطن وتابعته صحيفة المرصد بأن هذه السفارة غادرت في العام 2015 وكانت الأولى التي عادت من جديد لطرابلس في يناير من العام الماضي وهذه إشارة على الصداقة والتضامن وعمق العلاقات بين البلدين فهي ذات أهمية ستراتيجية ويمكن أن تتغير الحكومات لكن العلاقات العميقة لن تتغير فهذا تاريخ للعلاقات بين البلدين مضيفا في الحوار التالي:

س/ من أي زاوية تنظرون للدولة الليبية؟

ج/ نحن ننظر لليبيا من زاوية المصالح المشتركة وليس هناك فرق واضح بين مكافحة الهجرة غير الشرعية والمصالح المشتركة فمكافحة الهجرة في مصلحة البلدين فهي تضر بإستقرار إيطاليا وليبيا وهذه مصلحة واضحة تربط البلدين وإيطاليا ومنذ بداية عمل سفارتنا في العام الماضي كانت إلى جانب الشعب الليبي والسلطات الليبية وتعزيز الإستقرار وتقوية السيادة الليبية وهذه إستجابة للمصالح المشتركة بين البلدين.

وهذه المصالح تكمن في إلتزامنا بمكافحة الهجرة والإرهاب وكل الظواهر الإجرامية وهذه ظواهر تعرض ليبيا وإيطاليا للخطر ولا بد من أن يكون هناك جهود مشتركة في كافة المجالات لمكافحة هذه الظواهر فهي موجودة على الأرض وإستقرار ليبيا أو عدمه ينعكس بشكل مباشر على إيطاليا ومصلحة إيطاليا تكمن في تعزيز الإستقرار في ليبيا ولا يمكن السماح بحالة من عدم الإستقرار في ليبيا.

س/ مع أي السلطات تتعاملون في ليبيا؟

ج/ حالة الإنقسام سلبية جدا للبلاد ولا بد من تجاوزها بشكل سريع وهناك إزدواج للسلطات التنفيذية كحكومات وبنوك ولا بد من أن يكون هناك مسار مصالحة وطنية حقيقية لتوحيد كل المؤسسات السياسية والعسكرية ولا بد من سلطة تنفيذية واحدة معترف بها في كل البلاد وإيطاليا تعترف بالإتفاق السياسي إتفاق الصخيرات ونحن على قناعة بأن إتفاق الصخيرات السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية ونعمل مع المؤسسات المنبثقة عن الإتفاق السياسي وهي مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني.

وهي المؤسسات الشرعية كما تقول قرارات الأمم المتحدة ونحن نعمل حسب قرارات الأمم المتحدة وكل دول العالم يتعاملون مع حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي والعمل مع المؤسسات الشرعية وفق قرارات الأمم المتحدة.

س/ هل حقق إتفاق الصخيرات نتائج إيجابية؟

ج/ إتفاق الصخيرات هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للأزمة وكان نتيجة لمسار مصالحة وطنية وحوار شامل للكثير من الأطراف في ليبيا ونحن كنا متفائلين في وقت التوقيع ولكن للأسف الشديد تنفيذ الإتفاق السياسي لم يكن تاماً والكثير من النصوص لم تنفذ وبالتالي نتمنى أن يكون هناك اتفاق كامل لإتفاق الصخيرات ولكن القرار المناسب لحل الأزمة الليبية يعود لليبيين وليس لإيطاليا وللمجتمع الدولي وإتفاق الصخيرات مقرر من الليبيين وإذا أراد الليبيين تغيير هذا الإطار فأن القرار يعود لليبيين والأولوية يجب أن تكون للتنفيذ الكامل للإتفاق.

س/ ماذا قدمت وستقدم إيطاليا لليبيين خلال المرحلة القادمة؟

ج/ العلاقات بين إيطاليا وليبيا متعددة ومتكاملة وإيطاليا البلد الوحيد والأول الذي فتح سفارته في طرابلس وإيطاليا قدمت الكثير من الدعم والمساعدات للشعب والسلطات الليبية وهناك مبادرات لتقوية السيادة الليبية والمساعدة في بناء قدرات الأجهزة الأمنية الليبية وهذا أمر مهم جدا لتقوية السيادة الليبية ومهم جدا للوصول لدولة مستقرة قادرة على مراقبة حدودها ومكافحة الإرهاب وكل الظواهر الإجرامية وتم التركيز منذ البداية على هذا الهدف.

إن إستقرار ليبيا ينعكس مباشرة على إستقرار إيطاليا إضافةً إلى ذلك هناك الكثير من المبادرات والمساعدات الثنائية في الكثير من المجالات الإقتصادية ودعم المجتمع وهناك برنامج مهم جداً هو جسر التضامن بين إيطاليا وليبيا وهو برنامج لتوفير مساعدات عاجلة للبلديات الأكثر تضرراً من الهجرة غير الشرعية واليوم تم الإحتفال في السفارة الإيطالية بتسليم المساعدات لمدينة صرمان وفي الأيام الماضية تم تسليم مساعدات للقره بوللي وزوارة وصبراتة وغيرها من المدن.

وسيستمر تنفيذ هذا البرنامج لتوفير الدعم اللازم للبلديات المتضررة من الهجرة ويكون هناك فرص عمل لمواطني البلديات وبدائل عن الهجرة غير الشرعية وهذا برنامج مهم جدا وهناك الكثير من المبادرات في التعليم والصحة وهذا دعم مستمر منذ بداية فتح السفارة في طرابلس كانت مهمتنا هي الوقوف لجانب الشعب الليبي في هذه المرحلة الصعبة علما بكل المعاناة التي يعاني منها الشعب الليبي وإيطاليا في مقدمة الدول التي تريد المساهمة في تحقيق الإستقرار وتهيئة الظروف المناسبة في الإزدهار والنمو الإقتصادي في ليبيا.

س/ كيف يتم التنسيق بينكم وبين منظومة الأمم والإتحاد الأوروبي التي أنتم جزء منها وباقي المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة  فيما يخص الملف الليبي؟

ج/ هناك تنسيق مميز بيننا والإتحاد الأوروبي وإيطاليا كانت دائماً من الدول التي ركزت على أهمية  الملف الليبي ونحن في الإتحاد الأوروبي أو في الأمم المتحدة فإن للملف الليبي أولوية والتنسيق بيننا مع الأمم المتحدة ودول اخرى في إطار الإتحاد الأوروبي تنسيق مميز فإيطاليا مصدر لبرنامج جديد لمساعدة ليبيا في مجال الهجرة غير الشرعية عن طريق برنامج لمساعدة البلديات من جديد ومشاريع متكاملة في مجال البنية التحتية وغيرها وهذا كان بفضل جهود إنطلقت بين إيطاليا وحكومة الوفاق الليبية ليس فقط تنسيق بل دور خاص لعبته إيطاليا للتركيز على أهمية الملف الليبي على مستوى أوروبي.

س/ كيف تقيمون أداء المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة؟

ج/ السيد غسان سلامة ملتزم بعمل مهم جداً في هذه اللحظة وهنالك تنسيق مميز بيننا ونحن نعمل على الدور المركزي الذي تلعبه الأمم المتحدة والسيد غسان سلامة وهو يحاول حاليا مساعدة الليبيين في جهود الوصول لتسوية شاملة في البلاد تشمل كل الأطراف وهذا  ليس سهلا والسيد غسان سلامة يستحق كل الدعم من إيطاليا والدول الأخرى ولا بد من التلاحم على المستوى الدولي حتى يكون أي حل للملف الليبي دائماً وشاملاً.

س/ كيف تتعامل السلطات الإيطالية مع ملف الهجرة غير الشرعية وما مدى التنسيق بينها وبين السلطات الليبية؟

ج/ نعمل بشكل جيد جدا مع  السلطات الليبية في هذا الملف وهو ملف مهم جدا وله الأولوية ليس فقط لإيطاليا بل لليبيا أيضاً وهناك تنسيق مميز على كل المستويات سواء المستوى الأمني والإجتماعي والإقتصادي فعلى المستوى الأمني هناك تنسيق مميز جداً بين البحرية الليبية وحرس السواحل من جانب وبين إيطاليا من جانب آخر وكما تعلمون أن هناك بعثة بحرية إيطالية في ميناء طرابلس والتنسيق مميز ونتيجة ذلك هناك الكثير من عمليات الإنقاذ قامت بها البحرية وحرس السواحل الليبية.

ونحن شاكرين للعمل الممتاز الذي قام به حرس السواحل والبحرية الليبية وبالتنسيق مع حرس السواحل الإيطالي حيث تم الكثير من عمليات الإنقاذ وأصبحت جهود مكافحة المهربين أكثر فعالية بفضل هذا التنسيق بيننا إضافةً إلى أن التنسيق مميز مع جهاز ملف الهجرة غير الشرعية بقيادة السيد محمد بشر وتحت وزارة الداخلية الليبية وبالأمس قمت بزيارة لمركز إيواء جهاز مكافحة الهجرة في طريق السكة وكانت فرصة لتجديد التعاون بين إيطاليا وليبيا لتحسين الأمور في مراكز الإيواء لتخفيف عدد المهاجرين في ليبيا.

وإيطاليا لا تريد توطين المهاجرين في ليبيا و تعمل معها لمراقبة الحدود البحرية والبرية أيضا وهذا تنسيق كامل مع حكومة الوفاق ووزارة الحكم المحلي واليوم في السفارة تم تسليم مساعدات لبلدية صرمان وبلديات أخرى بحضور وزارة الحكم المحلي وهذا لتوفير إمكانيات ومساعدات للبلديات التي تعاني أكثر من الهجرة غير الشرعية وهناك تعاون مع بلديات أخرى في مجال الهجرة غير الشرعية والبنية التحتية ومجالات أخرى والمجال الأمني كذلك لتوفير الإمكانيات اللازمة لتوفير الإستقرار في ليبيا.

س/ ما الحل لإنهاء ملف الهجرة غير الشرعية؟

ج/ لا يوجد حل نهائي لملف الهجرة غير الشرعية والهجرة أمر طبيعي في العالم وهناك أشخاص دائماً يبحثون عن فرص أخرى في بلدان أخرى والأهم إنخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين وأن تكون الهجرة في إطار قانوني ليس في إطار غير شرعي مع منظمات إجرامية ومهربين ولا بد من التغلب على هذه المنظمات الإجرامية ولا بد من إدارة الهجرة بشكل إنساني في إطار قانوني ومكافحة مستمرة ضد المنظمات الإجرامية.

والمهاجرون غير الشرعيون يعانون بشكل كبير جداً من آثار العنف والجرائم التي إرتكبتها المنظمات الإجرامية ولهذا السبب لا بد من التعاون أكثر بين إيطاليا وليبيا لتخفيض عدد المهاجرين غير الشرعيين ولإدارة ملف الهجرة بشكل إنساني.

س/ كيف تنظر إيطاليا لأمر إجراء الإنتخابات في هذا العام؟

ج/ إجراء الإنتخابات قرار يعود للشعب الليبي وليس للمجتمع الدولي ونحن كمجتمع دولي يمكننا مساعدة وتسهيل المسار مع تسجيل الناخبين وكل ذلك والقرار النهائي يجب أن يعود للشعب الليبي وبالتأكيد دور المجتمع الدولي مهم جداً حتى تجري الإنتخابات بشكل نزيه وشفاف وهذا أمر مهم جداً وفي ظروف آمنة في كل البلاد وبهذه الإنتخابات يمكننا المساهمة والمضي قدما في العملية السياسية ولا لتفاقم الإنقسام أكثر.

وأعتقد أنه من المهم إتاحة الفرصة للشعب الليبي لإيصال صوته والممثلين الليبيين يجب أن يكونوا ممثلين لإرادة الشعب الليبي ولا بد من إحراز تقدم كبير لإجراء الإنتخابات والتقدم في المسار الديموقراطي والشعب الليبي بعد الثورة يريد الديموقراطية وإحراز تقدم في المسار الديمقراطي ويريد ديموقراطية حقيقة وليس كلاماً فقط ولا بد من التحضير للإنتخابات بشكل دقيق لتكون الظروف مناسبة لإنتخابات نزيهة وشفافة.

س/ ما تقييمك لأداء المجلس الرئاسي وحكومته؟

ج/  المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني هي السلطات التي تعمل معها إيطاليا وهي السلطات المنبثقة عن الإتفاق السياسي كما نعرف الظروف في بداية عملهم صعبة جداً بسبب الإنقسام في البلاد وإزدواج السلطات الذ لم يمكن المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق من القيام بعمل تام ولكن لا بد من ذكر النتائج الإيجابية جداً التي تمت بفضل عمل هذه المؤسسات في مجال الأمن والإستقرار والقضاء على الإرهاب في مدينة سرت.

فضلاً عن إنخفاض عدد المهاجرين وإدارة ملف الهجرة بشكل فعال جداً بالتعاون مع إيطاليا وتوسيع العمل والإستقرار في العاصمة طرابلس والمناطق المجاورة وكل هذه نتائج ملموسة ولا بد من تعزيزها وهذه ليست نتائج نهائية ولا بد من أن يستمر العمل ليتم تعزيز الإستقرار وتجاوز الإنقسام في البلاد.

س/ تابعتم إنعقاد ملتقى عمداء البلديات في طرابلس في الـ18 والـ19 من مار الجاري كيف تنظرون لهذه الخطوة ؟

ج/ العمداء والبلديات سلطات مهمة جداً للإستقرار والإزدهار والنمو في ليبيا ولا بد من أن يتم الدعم الملموس للبلديات وإيطاليا عملت مع العمداء عن طريق حكومة الوفاق بالتأكيد منذ وقت طويل وكان هناك إجتماعات مهمة جداً والعام الماضي مع عمداء المناطق المتضررة وقدمت مشاريع ملموسة لدعم هذه البلديات والإجتماع في طرابلس كان إيجابياً.

وأعتقد أن مجرد وجود الكثير من العمداء في العاصمة طرابلس ومن المنطقة الشرقية إشارة إيجابية وواضحة ورغبة في توحيد المؤسسات والإدارات الوطنية في البلاد ولا بد من تعزيز العلاقة بين البلديات والسلطة المركزية وإيطاليا ستستمر في العمل مع البلديات لتوفير الدعم اللازم لها لتتمكن من توفير الخدمات المناسبة للمواطنين.

س/ إقتصاديا ما هو حجم التعاون الإقتصادي مع ليبيا وفي أي المجالات؟

ج/ هناك تعاون جيد جداً في الإقتصاد وهناك ظروف أمنية متعددة في البلاد ولكن الشركات الإيطالية هي الشركات الأولى التي عادت لليبيا ولديها رغبة كبيرة في الإستثمار في ليبيا لتشجيعه وليكون هناك تبادلات تجارية وهناك رغبة في المشاريع المهمة في مجال البنية التحتية وبالأمس كنت في مطار طرابلس معيتيقة بمناسبة بدء العمل في برج المراقبة الجديد من قبل شركة إيطالية وهناك رغبة من الشركات الإيطالية بالمشاركة في مسار نمو وإزدهار الإقتصاد الليبي.

وبخصوص مناخ وظروف الإستثمار فلا بد أن يكون هناك مناسباً لذلك وتحت أي جوانب أمنية وقانونية ولا بد من توفر الظروف التي من شأنها جلب المستثمرين من الخارج وهناك الكثير من الشركات الإيطالية ترغب في العودة لليبيا ولكن لا بد من أن نثبت بأن مناخ الإستثمار في ليبيا يكون مؤديا للإستثمار ولا بد من وضع ضغوطات غير مناسبة على الفساد فهذا مهم جدا لإظهار الأمر للشركات العالمية بأن في ليبيا مناخ إيجابي ومؤات للإستثمار من الخارج.

س/ ماذا قدمت إيطاليا للشباب الليبي في مجال التعليم والتدريب؟

ج/ الشباب الليبي هم النموذج الفكري للمجتمع الليبي وإلتقيت بالعديد من الطلاب والشباب في زياراتي لمدن مختلفة في ليبيا ولاحظت أن هناك رغبة كبيرة لدى الشباب للمشاركة في العملية السياسية ولا بد من تشجيعهم على المشاركة في المسار السياسي ومؤخراً تمت مبادرات لصالح الشباب الليبي ومنها المنح الدراسية لدراسة اللغة الإيطالية في إيطاليا وسيكون هناك منح دراسية متخصصة لكافة الكليات الجامعية.

وإنشاء أقسام اللغة الإيطالية في الجامعات الليبية وكلها مبادرات لتعزيز مجال التعليم وقدرات الطلاب والتبادلات مع الخارج ونريد إندماج أكثر للشباب الليبي في المجتمع الدولي وفي الأعوام الأخيرة كانت ليبيا منعزلة عن المجتمع الدولي ولا بد من تغيير ذلك.

س/ كيف ترون الوضع الحالي في ليبيا وإلى أين يتجه؟

ج/ الوضع الحالي في ليبيا وضع حساس جداً ولا بد من أن نغتنم الفرصة لحل الازمة السياسية الليبية للوصول لتسوية شاملة تشمل جميع الأطراف في ليبيا وهذا ممكن في هذه اللحظة ولكن في نفس الوقت فأن العكس ممكن بأن يستمر النزاع وهذا لا نريده بل نريد تشجيع الأطراف في المسار السياسي للوصول إلى حل يجب أن يكون شاملاً فلا يمكن إستبعداد أي أطراف ليبية تريد المشاركة في المسار السياسي وليبيا للجميع وإيطاليا ستدعم هذه الآفاق لبناء دولة مستقرة يشارك فيها جميع الليبيين.

Shares