ليبيا – أكد مندوب ليبيا السابق لدى الامم المتحدة إبراهيم الدباشي على أن إصرار كل من مجلسي النواب والدولة بالتمسك في وجهات نظرهم فقط دون التباحث مع الآخر عن إمكانية إتخاذ إجراءات مشتركة يعد مشكلة تسعى بعض الدول لإستمرارها.
الدباشي أعرب خلال استضافته عبر برنامج “إستفهام”الذي يذاع على قناة “ليبيا روحها الوطن” أمس الأربعاء وتابعته صحيفة المرصد عن آماله بأن تتوحد آراء المجتمع الدولي ليتمكن الليبيين من الوصول للإنتخابات وتجاوز المراحل الانتقالية وأضاف في الحوار التالي:
س/ كيف تقيمون إحاطة المبعوث الأممي غسان سلامة حول المشهد السياسي والأمني والإقتصادي في ليبيا؟
ج/ أعتقد أن إحاطة سلامة في مجلس الأمن تمحورت حول 3 نقاط النقطة الأولى مسألة تعديل الاتفاق السياسي بأنها قد طويت وضرورة إجراء الانتخابات بالإضافة لسعي البعثة العمل مع شرائح الشعب الليبي من أجل تحديد مواعيد للإستفتاء أو الانتخابات بحيث تقدم هذه المواعيد لمجلس الأمن.
النقطة الثانية أوضح ما هو المؤتمر الليبي الجامع حيث أكد على أن هذه الاجتماعات التي تجري في مختلف القرى والمدن الليبية التي وصلت إلى 27 إجتماع وستصل للـ 40 اجتماع هي ما يسمى المؤتمر الليبي الجامع وربما تكون نهايته في إجتماع يعقد بمدينة غدامس لتحديد نتائج هذه الإجتماعات.
س/ هل هذه الإحاطة هي بالفعل تشخيص جيد للحالة الليبية وخطوات بالفعل نحو الحل والإستقرار الدائم حسب ما قاله سلامة في مجلس الأمن؟
ج/ الأمر يعتمد على هل سيترك سلامة تنفيذ خطط الأمم المتحدة أم لا، نحن نعلم أن هناك بعض الدول تحاول عدم إجراء الانتخابات وبتصوري كلمة سلامة حصل بها بعض التغيير لأن الكلمة التي نشرت مخالفه للكلمة التي ألقاها وسأتأكد منه فيما بعد لذلك أعتقد أن هناك إشارة للإرهاب في درنة حذفت من الكلمة عندما نشرتها الأمم المتحدة.
س/ هل ترى أن داعمي العملية الإنتخابية هذه السنة هم أكثر بكثير من معرقليها وربما تشهد ليبيا انتخابات آخر هذا العام؟
ج/ أعتقد ليست المشكلة في المعرقلين الحقيقة المشكلة بالدرجة الأولى ليست مشكلة دستور أو الانتخابات فهناك شبه إجماع لدى الليبيين على ضررة إجراء هذه الإنتخابات، مشكلتنا الحالية هي هل سيتوافق مجلس النواب ومجلس الدولة على أي اجراء في ظل عدم تحلي الطرفين بالمسؤولية وعدم الرغبة في القيام بأي أمر مشترك.
المشكلة تكمن في إصرار كل طرف على وجهة نظره فقط دون البحث مع الطرف الآخر عن امكانية القيام بإجراءات مشتركة وبالطبع هناك بعض الدول يهمها هذا الخلاف وليست مستعدة للضغط على أي طرف من أجل التوصل لتوافق بين الأطراف الليبية.
س/ كيف يطوي هذا الرجل صفحة الإتفاق ومن جهة أخرى هو محتاج إلى هذين الجسمين لإصدار قوانين مهمة للذهاب للإنتخابات القادمة بكل أشكالها؟
ج/ هو لم يطوي الإتفاق بل طوى مسألة تعديل الاتفاق لكن كل المؤسسات القائمة حالياً قائمة على الاتفاق السياسي وفي حال إنطوى هذا الاتفاق سينهي اي سلطة أو شرعية.
الإنتخابات ستحتاج الى إستحقاقات معينة وقانونية بالإضافة لتحديد مواعيد واستفتاء على الدستور وتعديل الاتفاق السياسي وغيرها من الاجراءات القانونية الأخرى التي يجب أن تتم في الحقيقة سلامة سيواصل مشاوراته مع شرائح المجتمع الليبي للوصول إلى مواعيد معينة تجرى فيها إما الاستفتاء أو الانتخابات.
س/ كيف ترى الإختلاف بين الدول حول الاستحقاقات المهمة في الفترة القادمة وهل بالفعل المجتمع الدولي يرعى المصالح الليبية بشكل واضح كما يتحدث في مجلس الأمن؟
ج/ الولايات المتحدة إنسحبت من الملف الليبي وبقيت في الخلف لتترك للأوروبيين معالجة هذا الملف لكن الأوروبيين بطبيعتهم ما زال لديهم النظرة الاستعمارية السابقة وللأسف يعتبرون ليبيا منطقة نفوذ لإيطاليا في ظل وجود نوع من التحالف الدبلوماسي الإيطالي البريطاني.
للأسف سياسة بريطانيا معروفة على مر التاريخ فلديها دبلوماسية فعالة وفي الوقت الحالي كل من إيطاليا وبريطانيا لا يريدون للإنتخابات أن تتم بل يسعون لإبقاء الوضع القائم لأسباب تتعلق بمصالحهم أما فرنسا وروسيا وبعض الدول الأخرى يحاولون إخراج البلاد من الأزمة بسرعة لكن بذات الوقت فرنسا لا تستطيع تجاوز شبه الإتفاق غير المكتوب بين الدول الأوروبية الذي ينص على ترك المستعمرات السابقة للدول التي كانت تستعمرها لكي لا تأتي بيوم من الأيام ايطاليا تنافس فرنسا في دول افريقية كانت تستعمرها الأخيرة.
علينا إقناع بريطانيا بأن هذا التأخير في اجراء الانتخابات والإستمرار في الفوضى القائمة بليبيا لا يخدم مصلحة البريطانيين وأنه يجب عدم الإعتماد على تيار معين لأن المصالح في النهاية لا يحكمها تيار معين.
س/ ما الذي تستفيده بريطانيا من استمرار الفوضى في ليبيا؟
ج/ هناك من يرى أن بريطانيا تميل لدعم تيار الإسلام السياسي بإعتبار أن أغلب قادته يحملون الجنسية البريطانية والأمريكية أو الكندية والأيرلندية وبشكل أو بآخر الحقيقة غير مفهومة على الإطلاق لكن في اطار الاستراتيجية العامة وهي استراتيجية بريطانية امريكية استمرار الفوضى والإقتتال في العالم العربي لهدف وحيد وهو حماية اسرائيل.
س/كيف سيتمكن غسان سلامة من تنفيذ خطته على أرض الواقع؟
ج/ سلامة سيواجهة صعوبة بإعتباره موظف دولي ليس من السهل القيام بوظيفته ما لم يلبي طلبات الدول الكبرى، أتصور أن هناك الكثير من الحديث الذي لا يقال أمام الاعلام لكن يقوله سلامة لمجلس الأمن في الجلسات السرية وجلسات المشاورات التي تعقد بعد الجلسة العلنية.
أصدقائي الدبلوماسيين الآخرين والأعضاء في مجلس الامن أكدوا لي أن ما يقوله سلامة داخل غرفة المشاورات المغلقة يختلف كثيراً عن ما يقال علناً فهو يتكلم بكل صراحة عن الواقع الليبي والأطراف الليبية عندما يكون في الجلسة المغلقة لكن عندما يكون أمام الإعلام فهو مضطر للمجاملة.
س/ ما حجم الاختلاف في توصيل الصورة لمجلس الأمن في العلن ووراء الكواليس من المبعوث الأممي في رأيك؟
ج/ في الحقيقة الخطوط العامة واحدة ولكن هناك تفاصيل لا تذكر في الاعلام لا يتحدث سلامة عن الارهاب في درنة بصورة علنية حتى عندما ذكرها في كلمته قال إن الجيش يقوم بالهجوم على درنة بدعوة محاربة الإرهاب يعني تبنى صيغة الجيش وليس صيغته الذاتية ومع هذا حذفت الكلمة عندما وزعت مما يؤكد وجود قيود على الممثل الشخصي للأمين العام من قبل الدول الكبرى.
س/ حتى في كلمات مندوبي هذه الدول بمجلس الأمن كلهم رحبوا بمسألة الانتخابات وكأنهم يمثلون أطراف سياسية ليبية بالفعل ولكن هناك من أيّد الدستور قبل الانتخابات وهناك من لم يشر لمشروع الدستور والذهاب للانتخابات مباشرة وكأنك ترى مجلس النواب ومجلس الدولة في هذا المجلس؟
ج/ نحن نأمل أن تتوحد آراء المجتمع الدولي ليتمكن الليبييون من الوصول للإنتخابات وتجاوز المراحل الانتقالية لكن الحقيقة يفترض أن يكون لسلامة والأمين العام للأمم المتحدة رأي واضح بحيث يتمكن من الحصول على موافقة الدول الخمسة دائمة العضوية على أمل إجراء انتخابات هذا العام و الإتفاق على ممارسة الضغط على كل الأطراف لتقوم بواجباتها في ما يتعلق بتنظيم هذه الانتخابات سواء من الناحية القانونية أو الأمنية أو من ناحية قبول نتائجها فيما بعد.
كما يبدوا أن هناك مبادرة فرنسية من أجل الحصول على التزام الأطراف الليبية للإنتخابات خلال هذه السنة وأعتقد أنها مبادرة جيدة اذا كانت تهدف لجمع المجتمع الدولي والليبيين في هذا الإتجاه.
س/ هل تتوقع أن يذهب غسان سلامة أو البعثة الأممية أو مجلس الأمن الدولي بمعاقبة من يعرقل خطة سلامة القادمة، هل تتوقع أن يلوح بعقوبات لمن يعرقل هذا المسار؟
ج/ لا اعتقد أنه سيلوح بذلك لأنها غير مجدية وفي الواقع لا يوجد أشخاص بعينهم يعرقلون الا اذا أردت وضع المسؤولين على رأس هذه المؤسسات كمجلسي الدولة والنواب لأنها لم تقم بأعمالها لكن حقيقةً هذا الأمر غير مدروس ولا اعتقد أن العقوبات بحد ذاتها الهدف فالغاية هي الوصول لحل ونتيجة.
وهناك فرق بين حديث بعض الجهات و الأشخاص عن أطراف تعرقل خطة سلامة وبين آلية الامم المتحدة في تحديد من المعرقل لأن فرض العقوبات على جهة معينة يحتاج لإجراء تحيقات ووجود أدلة تستدعي هذه العقوبات.
س/ كيف ترى اللقاءات التي أجريت في السابق وهل تعتقد أن هذه اللقاءات التي شهدتها عدد من المدن الليبية ستؤتي أكلها بشكل جيد وستكون ثمارها مفيدة ومغيرة للمشهد السياسي الليبي الآن أو الفترة القادمة؟
ج/ أعتقد أن هذا المؤتمر ليس هو الذي دعا إليه سلامة في خطته الأولى و أعتقد أنه وجد نفسه في ورطة حول من سيدعوا لهذا المؤتمر وما هو جدول أعماله وما هي النتائج التي تتمخض عنه فقد وجد هذا الحراك الشعبي الموجود بمبادرة من مؤسسة سويسرية فرأى أن هذه أفضل طريقة لإزاحة هذا الإلتزام عن كتفه.
هناك هدف محدد كان للمؤتمر الجامع وهو في الدرجة الأولى اختيار حكومة بديلة للحكومة الحالية من أجل الإستعداد للمرحلة الدائمة فالهدف منه ليس جمع مجموعة تدعي بأنها تمثل الليبيين في مناطق مختلفة، أنا دعيت لهذه المؤتمرات ربما لأكون لجنة تحضيرية لكنني رفضت لأني لم أتلقى أي تفويض من أي جهة ليبية أو منطقة معينة.
كان من المفترض أن يحدد سلامة الجهات التي ستشارك بالمؤتمر من الخبراء و السياسيين و النتائج المرجوة منه وجدول أعماله لكن أن يكون الليبيون مجرد فئة تقوم بالإجتماع بطريقة تعتقد أنها تؤدي لحل فهذا ليس عملي على الإطلاق.