ليبيا – عاد إسم القيادي التشادي المتمرد تيمان أرديمي الى الواجهة مجدداً مطلع الشهر الحالي عندما استهدف سلاح الجو الليبي معسكراً يأوي عناصره فى منطقة أم الارانب جنوبي ليبيا وفقاً لآمر ركن الجوية اللواء محمد المنفور .
الا ان أرديمي لم يغادر الساحة الليبية ولايزال يصر على تعزيز تواجده فيها تارة بقتاله ضد الجيش التشادي انطلاقاً من الاراضي الليبية وتارة أخرى مع سرايا الدفاع عن بنغازي عبر مشاركته البارزة معها فى هجومها الدامي شهر مايو 2017 على قاعدة براك الشاطئ ثم مطار تمنهنت واخيراً بقوة قوامها 80 سيارة شارك بها مع قوات جضران التي هاجمت الموانئ النفطية وتمركزت منذ أمس الخميس فى مينائي السدرة ورأس لانوف التي أعلن رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله حالة القوة القاهرة بها ووقف التصدير الى حين طرد هذه العصابات التي وصفها بالمارقة والمجرمة المتحالفة مع بعضها البعض .
مشاركة أرديمي البارزة مع جضران دفعت الاخير الى الادعاء بأن المقاتلين من ذوي البشرة السمراء الذين يقاتلون فى صفوفه هم من قبيلة التبو الليبية ، وهو الامر الذي نفته القبيلة على لسان زعيمها سلطان احمد متوعدة جضران بالملاحقة لزجه باسمها فى حربها السياسية ضد آخرين .
من هو تيمان أرديمي؟
ولد أرديمي فى شمال شرق تشاد سنة 1955 وتدرج فى حياته العملية حتى شغل منصب مدير مكتب الرئيس التشادي إدريس ديبي قبل ان ينشق عليه ويقود تمرداً سنة 2008 كاد من خلاله اسقاط نظام ديبي بوصول قواته الى مشارف القصر الجمهوري فى انجامينا قبل ان تتدخل كل من باريس وطرابلس لصالح النظام التشادي ضد أرديمي الذي غادر البلاد بعد هزيمته وإستقر به المقام فى العاصمة القطرية الدوحة قبل ان يعيد أنشطته بعد سنة 2011 الى اليوم مستغلاً وحلفائه الفوضى والفراغ الحاصل فى ليبيا .
وفى 3 ابريل الماضي ، قالت صحيفة الوحدة التشادية الناطقة بالفرنسية أن عدد المعارضين التشاديين داخل مختلف مناطق أراضي جنوب ليبيا بلغ حينها 11,000 رجلاً موزعين على ستة حركات مسلحة من بينها قوات مليشيا اتحاد قوى المعارضة ، بقيادة تيمان أرديمي ، المقيم فى قطر وهي أحد اكثر المليشيات التشادية تسليحاً وعدداً وتعرف اختصاراً بفصيل ( UFR ).
وتأتي هذه الضربات عقب أقل من أسبوع عن هجوم شنته سرايا الدفاع عن بنغازي مدعومة بفصائل تشادية على قاعدة تمنهنت الجوية فى محاولة اعتبرت بأنها محاولة لتكرار مجزرة قاعدة براك الشاطئ فى مايو 2017 .
وكانت تشاد قد اعلنت السنة الماضية قطع علاقاتها بدولة قطر متهمة اياها بضرب امنها واستقرارها عبر دعم فصائل تشادية معارضة مسلحة فى كل من ليبيا والسودان والنيجر وقد ردت الدوحة على القرار التشادي بالمثل .
وفى 24 اغسطس الماضي قال وزير الخارجية التشادي إبراهيم حسين طه إن قطر تقوم بأعمال تهدف لزعزعة الاستقرار في تشاد انطلاقا من ليبيا ، مشيراً إلى ان هذا مادفعهم لقطع العلاقات مع الدوحة .
وأشار طه إلى أن قطر تأوي جماعات مسلحة معادية لتشاد، لافتاً إلى أن هذه الجماعات متواجدة في ليبيا وفنادق قطر والدوحة توفر لها الدعم المادي واللوجيستي بحسب قوله.
وزير الخارجية التشادي إتهم قطر بالوقوف وراء العمليات التي تقع على الحدود التشادية الليبية، مضيفاً :” تشاد مرت بسنين من الحروب وبدأنا في بناء الدولة إلا أن تصرفات قطر تقوض الاستقرار في منطقتنا”.
من جهته قال راديو فرنسا الدولي ان تيمان أردمي وانشطته فى ليبيا تعد سبباً من أسباب التوتر بين أنجامينا والدوحة الداعمة لهذا الفصيل المعارض الذي يحمل صاحبه توجهاً إسلامياً متماشياً مع توجهات النظام القطري .
ليبيا ساحة لتصفية حسابات قادة فصائل المعارضة التشادية
فى 6 ديسمبر الماضي نعى المفتش العام لحركة المعارضة التشادية محمد شريف جاكو مقتل عدد من قادة وعناصر جناح ” تجمع القوى من أجل التغيير ” التابع للمعارضة بما فيهم قائدها العسكري العام فى ليبيا عبدالخالق عبدالله خلال قتال اندلع بينهم حينها فى سبها .
وبحسب ما نقل عنه قادة تشاديون مقربون منه فى تصريحات ترجمتها وتابعتها المرصد حينها فإن القتلى الذي اعلن عنهم جاكو هم ، أحمد صالح السكرتير العام لمجموعة المنشقين التي تسبب انشقاقها فى مقتلهم وعبدالكريم بوب المنسق العسكري ومساعده النور كلينون ، اضافة لعبدالخالق عبدالله القائد العام لقوات الحركة بليبيا.
كما قتل كل من يعقوب زكريا حسن وعبدالحميد نور حسن وأحد الحراس أشار جاكو انهم لم يتحصلوا على إسمه قائلاً بأن جميعهم قتلوا نتيجة وقوع خلاف دامي في معسكر الحركة فى سبها بزعامة ” تيمان ارديمي ” المقيم فى الدوحة ، والذي قتل من طرفه القيادي عبدالقادر فضل صهر شقيقه ” توم إرديمي ” والقائم بأعمال الرئاسة للحركة اضافة لمقتل العقيد ” جيرو دورقايا ” المستشار ، في الحركة.
وأضاف ” جاكو ” بأن سبب الأزمة هو محاولة المجموعة الاولى الانشقاق عن الحركة وعندما أعلنت هذه المجموعة عن انشقاقها لجأت إلى شخص اسمه ، ناصر حامد بن جريد ، وكانت معها سيارتين ذات الدفع الرباعي ، تابعة للحركة وذلك على حد تعبيره.
وكشف بأن مسؤول الحركة المقتول ” عبدالقادر فضل ” طلب من المجموعة اعادة السيارتين الى الحركة وفشلت كل المساعي التي وصفها بالحميدة لإعادة السيارتين بطرق سلمية في مدة قرابة أسبوع من المساعي وذلك لأن المنشقين رفضوا اعادة السيارتين بأعتبارهم أو بحجة انهم كانوا جزء من الحركة وقدموا الكثير لها.
وأشار جاكو الى أن فشل هذه المساعي أعقبها هجوم مجموعة من قوات الحركة بقيادة كل من المقتولين عبدالقادر فضل والعقيد جيرو ضد المنشقين ما اسفر عن قتل وجرح العشرات بينهم أربع كوادر قيادية ، وعدد آخر من عناصرهم وعناصر المجموعة المنشقة عنهم !
ومن جانبه ، ندد المعارض التشادي ” سليمان محمد أوبسكمي ” فى ديسمبر الماضي بالقتال الذي اندلع فى سبها بين المعارضين التشاديين لاجل سيارتين محملاً قائد الحركة ” تيمان أرديمي ” مسؤولية اندلاع هذه المعركة ومقتل ” ابناء تشاد ” المسلحين فى صحراء ليبيا بينما يجلس قادتهم فى الفنادق وذلك فى اشارة منه لاقامة ” أرديمي ” فى الدوحة برعاية كريمة من النظام القطري !
تسجيل مصور تحصلت عليه المرصد للمعارض ” أوبسكمي ” يقر فيه بمقتل عناصرهم فى ليبيا ويتحدث عن ملابسات القتال بين أجنحتهم على الاراضي الليبية ! :
وفى سياق متصل ، قال محمد الداسي المعارض التشادي القيادي فى جناح ” اتحاد القوى من اجل الديمقراطية والتنمية ” أن القتلى التشاديين من جناح ” أرديمي ” تعرضوا لعملية غدر بسبب خلافات مالية مؤكداً فقدان الحركة بعض القيادات الذين قال انهم قتلوا بدم بارد .
وحمّل الداسي ” تيمان أرديمي ” المسؤلية مطالباً إياه بالكف عن هذه الأعمال غير الثورية بإشراك الشباب التشادي في نزاع لا ناقة ولا جمل لهم فيه داعياً بقية عناصرهم في سبها لضرورة توخي الحذر خلال الساعات القادمة وذلك على حد تعبيره !
وكانت المعارضة التشادية أعلنت في العام 2010 أنها تشترط حضور قطر كضامن سلام في الاتفاق مع الحكومة المركزية، وقال المفتش العام للمعارضة التشادية محمد شريف جاكو آنذاك إن «المعارضة التشادية طلبت ضمانات دولية وإقليمية من أجل تحقيق سلام في الدولة التشادية، ومن بين تلك الضمانات حضور دولة قطر كضامن لعملية السلام».
وفي 22 مارس 2013 أعلن ما يسمى باتحاد قوى المقاومة، حركة التمرد التشادية الكبيرة التي أوقفت القتال بعد اتفاقات السلام الموقعة بين تشاد والسودان في 2009، استئناف التمرد المسلح ضد الرئيس ادريس ديبى، وقال تيمان إرديمي، أحد أهم شخصيات التمرد من مقر إقامته في الدوحة: ” قررنا استئناف النضال، النضال المسلح بالتأكيد ” .
وبالعودة الى وزير الخارجية التشادي حسين ابراهيم طه فقد طالب قطر بطرد زعيم المتمردين تيمان إرديمي الذي يقيم في الدوحة منذ نهاية عام 2009 متهماً اياها بزعزعة استقرار تشاد عبر ليبيا وهو الامر الذي لطالما إتهمت به أنجامينا جارتها الشرقية الخرطوم بالانخراط فيه أيضاً وأدى الى ازمات دبلوماسية بين البلدين كادت ان تتحول فى عديد المرات الى صدامات عسكرية .
وبحسب لقاء أجرته معه اذاعة RFI الفرنسية وتابعته وترجمته المرصد قال الوزير التشادي ان المشكلة الحالية مع قطر وقطع بلاده للعلاقات معها مشكلة ثنائية تعود خلفياتها الى ماقبل الازمة الدبلوماسية فى الخليج وأضاف : ”
قطر، مع حلفائها في ليبيا، تحاول زعزعة استقرار تشاد فالدوحة تحمي السيد إرديمي الذي لا يزال هناك ويواصل بطبيعة الحال جمع شمل رجاله المتمردين وقد قال ذلك علنا في الصحافة وهو يحاول إعادة بدء الحرب في تشاد لذلك نعتقد ان قطر تؤوي شخصاً معادياً لنا وتسمح له بالتحرك والقيام بأعمال قد تعرض الاستقرار في بلادنا للخطر”.
وفى ضوء هذا الصراع بين الحكومة التشادية ومعارضيها ، لم يعد خافياً انخراط الدوحة فى هذا الصراع بشكل كامل عبر اتخاذ الاراضي الليبية منطلقاً لعمليات عسكرية وحروب بالوكالة ضد بلد جار ، وهو مايفسر ربما سبب مشاركة هذه الفصائل التشادية المعارضة المتهمة من حكومة تشاد بتلقي الدعم من قطر فى القتال بصفوف اطراف ليبية كمليشيات سرايا الدفاع عن بنغازي وغيرها من القوى الاسلامية التي تحظى بدعم سياسي وإعلامي ومالي من أجنحة وأحزاب وجماعات وقنوات تيار الاسلام السياسي فى ليبيا كان آخرها قوات ابراهيم جضران .
يبدوا لافتاً أيضاً أن تسمح قطر لزعيم فصيل مسلح بإعلان الحرب ضد النظام القائم في بلاده انطلاقاً من أراضيها وهو مايراه مراقبون سبباً من الاسباب التي دفعت الرئيس التشادي ادريس ديبي لمقاطعة قطر وسحب سفارة بلاده منها وطرد سفارة الدوحة من انجامينا عقب الاجراءات التي اتخذتها السعودية العربية والامارات والبحرين ومصر والحكومة المؤقتة فى ليبيا فيما آثرت حكومة الوفاق إتخاذ ” الحياد ” بينما أعلن وزير خارجية قطر محمد آل ثاني فى لقاء مع مجلة جون أفريك الناطقة بالفرنسية ان الحكومة الشرعية فى ليبيا تقف لجانب موقف بلاده فى ” الحصار ” المفروض عليها من الرباعي وذلك فى اشارة للرئاسي وحكومته .
المرصد – خاص