القدس – يتسع نطاق الاحتجاجات على قانون “القومية” الذي أقره الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي بأشكال متعددة؛ ولكن فرص تعديله تبدو حتى الآن ضئيلة جدا إن لم تكن معدومة.
حيث تأخذ الاحتجاجات أشكالا متعددة منها: التدوينات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى تنظيم يوم دراسي كبير للغة العربية، وتوجيه كتّاب ومثقفين رسائل الى الحكومة لتعديل القانون.
ولكن البارز من بين هذه الاحتجاجات، أصبح إعلان ضباط ومجندين من الطائفة الدرزية قرارهم وقف الخدمة في الجيش الإسرائيلي ودعوتهم أصدقائهم للحذو حذوهم.
وكتب شادي زيدان (23 عاما) على صفحته في موقع فيس بوك:” أخدم في الجيش الإسرائيلي منذ خمس سنوات، وأنا الآن نائب قائد في كتيبة قتالية، خدمت في جميع أنحاء البلد، ولا يوجد مكان لم أكن فيه”، مضيفاً :” إلى يومنا هذا أعطيت الدولة روحي خاطرت بحياتي (..) حتى هذا اليوم وقفت بفخر أمام علم الدولة وحييته”.
وتابع:” حتى يومنا هذا غنيت نشيد حتكفاه (النشيد الوطني الإسرائيلي) لأنني كنت على يقين من أن هذا هو بلدي وكنت أقدره على الجميع…لكن اليوم، رفضت اليوم للمرة الأولى في خدمتي تحية العلم، وللمرة الأولى رفضت أن أغني النشيد الوطني.. أنا لست رجل السياسة وليس الشخص الذي يهتم بها، ولكن !!”.
وأشار زيدان بلغة احتجاجية واضحة:” لكن أنا مواطن مثل أي شخص آخر وأعطي كل قوتي للدولة وفي النهاية أنا مواطن من الدرجة الثانية ؟، لا شكراً، أنا لست مستعداً لأن أكون جزءاً من هذا، وأنا أيضاً انضممت إلى هذا النضال، وقررت أن أتوقف عن خدمة هذا البلد، شكرا لك دولة إسرائيل”.
يذكر أن زيدان هو ثاني ضابط درزي في غضون 24 ساعة، يقرر التوقف عن الخدمة في الجيش الإسرائيلي بعد عمير جمال الذي أعلن قراره عبر “فيسبوك”، أمس الإثنين، قبل أن يحذف تدوينته لاحقا.
وفي هذا الصدد، فقد دعا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت اليوم الثلاثاء، جميع ضباط وجنود الجيش إلى “ترك القضايا السياسية المثيرة للجدل خارج الجيش”، مضيفاً في تصريح مكتوب :” إن مهمة الجيش هي حماية أمن شعب إسرائيل وكسب الحرب، نحن ملتزمون بالحافاظ على كرامة الإنسان بغض النظر عن الأصل أو الدين أو الجنس، كان الوضع كذلك وسيبقى”.
وإزاء الخشية من توسع هذه الظاهرة، فقد لفت الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الثلاثاء إلى أن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، وجّه الدعوة، اليوم الثلاثاء، لإبقاء الخلاف السياسي خارج الجيش الإسرائيلي.
ونُقل عن الشيخ طريف قوله في دعوته اليوم:” أبناء الطائفة الدرزية خدموا وسيبقون يخدمون في الجيش الإسرائيلي برؤوس مرفوعة وعزيمة وانطلاقا من واجبهم تجاه دولتهم”.
وأضاف الشيخ طريف:” إن الخلافات حول قانون القومية يجب أن تترك للأطر الملائمة وخارج الجيش والخدمة العسكرية”.
يُشار إلى أن الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي أقر قانون “القومية”، بصيغته النهائية في 19 يوليو/تموز الجاري، وينص على أن “دولة إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي”.
كما ينص القانون على أن “حق تقرير المصير في دولة إسرائيل محصور في اليهود”، وأن” القدس الكبرى والموحدة عاصمة إسرائيل”، وأن “العبرية هي لغة الدولة الرسمية”، ويلغي بذلك كون اللغة العربية لغة رسمية أيضا.
ويعارض الدروز هذا القانون الإسرائيلي ويعتبرونه “قانونا عنصريا” لأنه يجعلهم مواطني درجة ثانية بعد اليهود، وطالما ربطت الطائفة الدرزية التي تتركز شمالي البلاد، ويقدر عددها بأكثر من 120 ألف نسمة مصيرها بدولة إسرائيل.
يذكر أن الجمعة الماضية عقد نتنياهو لقاء مع ممثلي الطائفة الدرزية الذين طالبوه بتغيير نص قانون “القومية اليهودية”، كما أن الأحد أعلن نتنياهو خلال لقاء رؤساء مجالس محلية درزية تشكيل طاقم برئاسة مدير ديوانه يؤاف هوروفيتس لتقديم توصيات حول الخطوات التي ينبغي القيام بها للتأكيد على مكانة أبناء الطائفة الدرزية.
ولكنّ هيئة البث الإسرائيلي نوهت اليوم الثلاثاء إلى أن “وفد الطائفة الدرزية رفض اليوم مقترحات الطاقم الذي شكله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمناقشة قانون القومية”، لافتة :” أكد الوفد أنه لن يقبل بالمساومة على شيء سوى تعديل هذا القانون، لضمان مكانة مواطني الدولة الدروز”.
،وأن “من المتوقع أن يلتقي الطرفان مرة أخرى يوم الأربعاء القادم”.
وقد أكدت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها صحيفة “معاريف”، عدم وجود نية لدى نتنياهو لتغيير قانون القومية، وإنما يسعى لإيجاد الحل من خلال تشريع جديد يتعلق بالأقلية الدرزية.
ومنذ صدور القانون يبدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والأحزاب التي صوتت لصالح القانون تمسكه به ورفضها إدخال أي تعديلات عليه، وحتى الآن، لا تظهر أي مؤشرات ولو طفيفة عن إمكانية تعديل القانون.
ومن جهة ثانية، فقد ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أمس الإثنين، أن منتدى قادة الشرطة المتقاعدين نشر رسالة مفتوحة موجهة إلى وزراء الحكومة، داعيا إياهم إلى تعديل قانون القومية بشكل يضمن المكانة المناسبة للأقليات التي تشارك في الدفاع عن الدولة، خاصة “الدروز والشركس”.
كما نوهت إلى أن “حوالي 130 اكاديميا في مجال اللغات قد وقعوا (الإثنين) عريضة أعربوا فيها عن خشيتهم من تدني مكانة اللغة العربية في اسرائيل بسبب عدم اعتبارها لغة رسمية في قانون القومية “.
ونقلت عنهم قولهم في رسالتهم:” كعلماء في المجال اللغوي جد يدركون العلاقة النفسية التي تربط كل شعب بلغته والجميع يعلم الدور الهام الذي لعبته اللغة العبرية في نهضة الشعب اليهودي وتاريخه العصري ولا ينبغي للشعب اليهودي ان يمس بمكانة اللغة العربية وبالأواصر التي تربط أبناء الاقلية العربية في اسرائيل بلغتهم”.
وفي أول نشاط شعبي ضد القانون شارك نحو ألف شخص، مساء الإثنين، في وسط مدينة تل ابيب (وسط) فيما سمي “أكبر درس للغة العربية في العالم”.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن “المشاركين تلقوا دروسا قصيرة في كلمات وتعابير عربية”، ونقلت عن عريفة النشاط نادية مصالحة قولها:” الهدف من هذا النشاط هو التأكيد على أنه لا يمكن النيل من مكانة اللغة العربية إذ أن هناك مواطنين يتكلمون بهذه اللغة ويديرون حياتهم بواسطتها ويجب أن نحمي هذه اللغة ونرسخ جذورها”.
المصدر وكالة الأناضول.