ليبيا – لاقت تصريحات السفير الايطالي لدى ليبيا الرافضة للانتخابات والتي اشترط من خلالها توفير الظروف الملائمة لها اولاً مع ضرورة الاستفتاء على الدستور موجة إستنكار واسعة بين الاوساط السياسية والاجتماعية من مختلف التوجهات الفكرية .
ردود الفعل المنددة بهذه التصريحات ورغم ان البعض اعتبر صمت حكومة الوفاق حيالها دليل على تواطؤها ورضاها عنها ،جائت متقاربة رغم الاختلاف الشاسع بين أصحابها من مؤيدين لـ ” ثورة فبراير ” أو أنصار ” النظام السابق ” مع صمت مُطبق لتيار الاسلام السياسي تجاهها ومحاولته توظيف اجزاء منها لصالحه خاصة فيما يتعلق بالاستفتاء على الدستور والمعركة ضد مجلس شورى درنة الذي أشاد به بيروني ضمنياً على إعتبار انه هو من طرد داعش من المدينة .
وبدوره دعا ” حراك شباب العاصمة ” الى التظاهر مساء اليوم الأحد عند الساعة الخامسة أمام قاعة الشعب بمدخل منطقة حي الاندلس للتنديد بتصريحات بيروني على اعتبار انها تدخل صريح فى الشأن الليبي وضوء أخضر لتمديد الفوضى فى ليبيا وبقاء الاجسام المتنازعة على السلطة وأهمها المجلس الرئاسي فى المشهد .
وفى مايلي عينة متباينة من ردود الفعل التي رصدتها صحيفة المرصد .
بداية من وزير العدل السابق المحامي صلاح المرغني الذي قال إن ” الدوتشي الطلياني ” يمارس حق النقض الفيتو ضد الانتخابات في ليبيا معتبراً ادعاء إيطاليا بأنها الأدرى بديناميكيات الليبيين يعود إلى الانتهاكات والمذابح والقتل والتهجير الذي مارسته ضدهم، والفتك بنصف سكان البلاد في حقبة الاحتلال .
ودعا المرغني مجلس النواب ورئيسه المستشار عقيلة صالح، صاحب الدعوة للانتخابات، والرئاسي ورئيسه الذي دعا أيضا إلى الانتخابات، وبعثة الدعم للأمم المتحدة، صاحبة الخطة أن يحددوا موقفا قويا مما وصفه بـ ” الصلف الطلياني ” الذي يعود كقوة مستعمرة آثمة لليبيا المتنازعة بين أهلها حسب قوله.
نائب أول رئيس المؤتمر الوطني العام عزالدين العوامي ندد بتصريحات بيروني قائلاً : ” انها بلادنا رغم ما نمر به من احباط فابتعدو عن الاستفزاز حتى لاننبش الماضي الذي لايمكن إخفاءه وراء أسوار مستشفى عسكري او سيارات اسعاف او صناديق المساعدات ” .
ونوه العوامي الى ان تصريحات بيروني مثلت خروج إعلامي غير موفق ومستفز وقال : ” انه يصرح بمعلومة غير صحيحة عندما ذكر بما معناه ان الشعب الليبي لايريد انتخابات دون الاستناد على اَي احصاء او استفتاء ولكن مجرد كلام عشوائي ليس له اَي أساس من الصحة لخلط الحقائق وتزييف مطالب شعبنا وليس من حق الغرباء ان يستغلو الاحباط الذي يعاني منه الشارع الليبي من اجل الترويج لغايات واهداف سياسية تفسد استقرار بلادنا. ليس من حقه هو او غيره ان يحدد هل نريد انتخابات ام لا هذا حق اصيل لكل ليبي فقط ” .
ومن جهته انتقد عضو مجلس النواب علي السعيدي تصريحات بيروني بشأن عدم وجود رفض شعبي للموقف الايطالي من ليبيا معرباً عن رفضه لهذه التصريحات التي قال انها تدل على حقيقة الرغبة في استعادة ماضي استعماري خاصة وان هناك جنود ايطاليين موجودين في طرابلس ومصراتة بدعم من الرئاسي.
وأكد السعيدي أن تصريحات بيروني اهانة للشعب الليبي الذي صمت في طرابلس تحت تهديد السلاح خاصة وان العاصمة تسيطر عليها ” مليشيات ” تحمي الرئاسي صباحا والطائرات الايطالية والناتو ليلاً مشيراً الى ان الصمت لا يعني القبول وانما هو نتيجة لعلو صوت الرصاص على صوت الحق وأضاف أن هناك مظاهرات خرجت ضد ايطاليا في طبرق وبنغازي ومختلف المدن لكن لا يتم تسليط الضوء عليها.
وندد النائب بتجول بيروني في البلاد ولقاء مسؤولين محليين مثل المجالس البلدية معتبرا أن ذلك مخالف للأعراف الدبلوماسية التي تقتضي الحصول على إذن مسبق من السلطات الليبية قبل القيام بهكذا جولات.
عضو المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية أشرف عبدالفتاح ندد بتصريحات بيروني معتبراً انه يتدخل بشكل سافر في الشؤون الليبية ويتنقل بين قبائل ومدن ليبيا بحجة تقديم المساعدات متجاوزا كل البروتكولات المعمول بها فى العرف الدبلوماسي كما انه يقدم تصريحات لوسائل الإعلام بشكل يستفز مشاعر الليبيين.
ونوه عبد الفتاح الى أن ليبيا دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة وترفض سياسة الهيمنة والتدخل السافر في شؤونها الداخلية مطالبا كل القبائل و المدن الليبية بعدم استقبال بيروني معتبرا انه شخص غير مرغوب فيه.
عضو مجلس النواب المستقيل د. محمد عامر العباني دعا السفير الايطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني، إلى قراءة التاريخ الذي يؤكد انه غير مرحب بدور بلاده في بلادنا وقال إن “ايطاليا الفاشية بأساطيلها القوية وجنرالاتها العتاة أغاروا على ليبيا الآمنة المسالمة بشتى أنواع الأسلحة في سنة 1911م، وقاومها الآباء والأجداد العزل من السلاح بتقديم آلاف الشهداء وعلى رأسهم شيخ الشهداء عمر المختار”.
وقال العباني ان الشعب الليبي الغارق في ذلك الوقت بغياهب الجهل والفقر واصل المقاومة لما يقرب من ثلاثة عقود وأضاف : اذا نسي بيروني ذلك فتلك مصيبة وإن كان يتناسى فإن أحفاد الشهداء اليوم أكثر صلابة وقوة وتصميم على رفض الفاشست الجدد والتمسك بأرضهم طاهرة من رجس ودنس الطليان وليعلم انه غير مرحب بمواقف بلاده في ليبيا ” .
وفى سياق متصل قال رئيس المجلس الأعلى ورشفانة د. المبروك ابوعميد، أن المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية تلزم البعثات الدبلوماسية باحترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشئون الداخلية لتلك الدولة.
وتسائل ابوعميد قائلا : “هل تستطيع الخارجية الليبية أن تعترض علي حماقات السفير الإيطالي المعتمد لديها ، ليبيا الآن تحت الوصايا منذ صدور قرار مجلس الأمن بالبند السابع وهو ما جعل السفير الايطالي يتجاوز كل حدود التمثيل السياسي لبلده وصار يمارس سلوك استعماري حتى وصل به إلى حد التهجم على إعلامي أحد القنوات بقوله أنا موجود في ليبيا لمساعدة الشعب الليبي وأنت في الخارج ويصرح بأنه لا توجد معارضة من الشعب الليبي للتدخل الايطالي ” .
وأضاف : ” نقول له ولجميع الدول ارفعوا أيديكم عن بلادنا لا نريد مساعداتكم وأنتم من دمرتوا بلادنا في سنة 2011، ارحلوا وتصارعوا خارج الأرض الليبية، ونقول لمن يدعون بأنهم يحكمون ليبيا من مجلس نواب وحكومة وفاق وغيرهم وهم لا يملكون من شؤون إدارة البلاد شيئا سوى الصراع الوهمي كابيادق تحركها الدول وفق مصالحها، ارحلوا فأنتم لستم أهل للمسؤولية“.
عضو مجلس النواب علي التكبالي أعرب عن انتقاده الشديد لتصريحات بيروني بشأن عدم وجود رفض شعبي للموقف الايطالي من ليبيا.
وأضاف : “هذا الرجل لا يعيش الواقع لأنه يستقي معلوماته من الإمعات الذين حوله وفي ذكرى وفاة عمر المختار نذكره بأننا سننتصر أو نموت كما مات الذين قبلنا وأن الأجيال التي تنبأ بها شيخ الشهداء لازالت تتناسل كل يوم فله أن يمنح الدقيق والمعونات التي أخذها الخونة سابقا والتي لازالوا يعطونها في صور أخرى ولكنها لن تجدي نفعا كما لم تجدي إسلافه من قبل”.
وفى مجلس النواب أيضاً ، أعرب النائب يوسف الفرجاني عن شجبه واستنكاره لتصريحات السفير بيروني بشأن عدم وجود رفض شعبي للموقف الايطالي من ليبيا معتبراً إن الخروج الإعلامي للسفير الايطالي كان غير موفق بالمرة .
وأضاف : ” لعل رغبته الملحة المنبثقة عن رغبة بلاده بخلق جو من عدم الاستقرار في ليبيا دفعت به لهذا الظهور الإعلامي الذي وحسب وجهة نظري كان لا يرتقي لأبسط القواعد الدبلوماسية والمهنية شكلا ومضمونا، فهو مشوه شكلا بقصور السفير الايطالي عن إجادة اللغة العربية، ومضمونا بتدخله في أمور داخلية صرفة والقول بمغالطات وتأكيد لأمور هي غير حقيقية لو على الأقل ينقصها الدليل، فقوله بأن الشعب الليبي لا يريد الانتخابات هذا أمر يخص الليبيين وحدهم وهم من يحدده هذا من ناحية المبدأ، ومن ناحية المصداقية كيف تأتى له معرفة ذلك رغم انه ذكر ذلك بكل ثقة وكأنه أجرى أو اطلع على استفتاء وهو ما لم يحصل ؟”.
وحول تصريحات بيروني بشأن خروج مظاهرات ضد إيطاليا علق الفرجاني قائلا :”إن قوله عن أن إيطاليا مرحب بها، وأن من خرج ضدها بضع عشرات، هذا كلام مستفز وكأن الليبيين يرحبون بعودة النفوذ الايطالي إلى ليبيا، بل وتجرأ بأن يصنف من حاربهم الجيش بدرنة أنهم أناس عاديون وهم من حارب الإرهاب ” .
وإعتبر الفرجاني ان هذا يُظهر وبجلاء وقوف إيطاليا ضد المؤسسة العسكرية وقيادتها وقال : ” أنا عن نفسي اشجب هذه التصريحات من السفير واعتبرها بالإضافة إلى أنها تدخل سافر غير مخفي في السيادة الوطنية الليبية مصحوبة بأطماع واضحة جلية للهيمنة على ليبيا، اعتبرها كذلك عامل قوي ضد أي استقرار ووفاق محتمل”.
الناشط الحقوقي والمحلل السياسي عبدالحكيم فنوش دعا الى التركيز على من وصفهم بدمى الطليان و عملائهم وان يتم قذف ” بيروني الفاشيستي ” لوحده بل مشروعه برمته لانه انه واجهة خارجية لمشروع خارجي بايادي ليبية خائنة ماكان لولاهم ليكون وذلك على حد تعبيره .
وقال فنوش انه يعتقد بان الانتخابات ليست غاية و ان هناك ظروفا يجب ان تتوفر لانجاحها ، واستطرد قائلاً : ” لكن غايات الفاشيستي كانت واضحة بقوله ضمنياً نحن من يقرر مصير ليبيا و بمن جندناهم لذلك ، لقد انفضح اتباعه وهم مفضوحون سواء فى مصراتة أو الاخوان او السراج ، هو قالها صراحة .. انهم دمانا وعملاؤنا ، فمبروك على الخونة بيرونيهم ” .
أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية ، القيادي السابق فى حركة الاتصال باللجان الثورية ، مصطفى الزائدي أكد أن ليبيا لن تكون شاطئا رابعاً لإيطاليا قائلاً : ” شكرا سفير إيطاليا، عسى أن يوقظ كلامه نيام منّا، ويتذكروا صورة الأباء والأجداد وهم يبصقون في وجوه الطليان لحظة إعدامهم ” .
وقال : “ من الأخير سيرى الطليان الليبيين في القريب العاجل، ولن تكون ليبيا شاطئاً رابعا لإيطاليا، علينا أن نذكر الطليان بصور بقايا الفاشست وهم يُشحنون الى بلادهم بتذاكر بلا عودة من طرابلس وبنغازي عام 1970 “ .
عضو المجلس الانتقالي السابق ، الدبلوماسي حسن الصغير قال أن إيطاليا المستعمرة وعند مفاوضاتها مع المقاومة الليبية اثناء الاحتلال رفضت فكرة الحكم المحلي للشعب الليبي وقتها برفضها اجراء انتخابات لمؤسسات الحكم فى ذلك الوقت .
وأضاف : ” الاستعماري الايطالي الجديد وعلى لسان سفيره جوزيبي بيروني وهو الحاكم الفعلي لطرابلس يعيد الكرة وبذات الألفاظ دون ان ينسى التدليس على رغبة الشعب بقوله ان شعبنا يرفض الانتخابات .
السياسي المستقل سليمان البيوضي الناشط بالحراك الشبابي فى مصراتة قال ان السفير الإيطالي في لقائه التلفزيوني الأخير ، أعطى ملامح واضحة عن طبيعة المنطقة الرخوة فى غرب ليبيا .
وأضاف البيوضي : ” من حق الحاكم الإيطالي أن يتبجح علينا و يظهر سطوته على الحكام الجدد من قذفتهم الأقدار كسلطة أمر واقع تحكمنا ، لكن عليه أن يعيد قراءة التاريخ جيدا فثمة مارد ليبي لا يرضخ لسطوة المستعمر مهما طال زمن بقائه ،و أن عمر الشعوب لا تقاس بالأيام و السنون ، و أن من يراهم أعداداً لا تمثل شيء هم في الحقيقة طوفان سيكبر ، و هو قادم لامحالة ” .
ووجه البيوضي رسالة لمن وصفهم بـ ” أطفال إيطاليا في ليبيا ” مفادها أن لا يفرحوا كثيرا بعمالتهم و خيانتهم و تدنيس التراب قائلاً : ” لن تذكرهم ذاكرة الوطن إلا عملاء و خونة و تافهين ، وعليهم أن يدركوا أنهم أدوات تستخدمها إيطاليا لتجد لها موطأ في تقاسم الكعكة الليبية ، وأنها سترضخ قريبا لتوازنات القوى الدولية و تذعن صاغره ، و أن قيمتهم في ذاكرة الوطن كسابقيهم ” .
وأكد بأن كلامه ينطبق على أي دولة ، قد يخرج سفيرها أو مبعوثها بكل سقاطه و لا يحترم ليبيا وإرادتها ، و يستعدي شعبها ، و يعتقد أن حفنة من العملاء سيمكنونه من ليبيا الدولة وذلك على حد تعبيره .
المصرفي سعيد رشوان الشهيبي مدير مصرف الوحدة سابقاً قال ان ايطاليا لها تاريخ استعماري سئ وارتكبت فيه فضائع وجرائم ضد الانسانيه وسبق لها الاعتذار عنها فى إشارة منه الى الحقبة الفاشية معتبراً دخولها في الازمة الليبية بهذا الشكل غير مقبول اطلاقاً .
وأضاف : ” يجب ان تعي إيطاليا هذاوعلي من يقابلهم من الليبيين تذكيرهم بها جيداً ، يجب ان ترفع في وجوههم صورة الاعدامات والمعتقلات وصورة الاعتذار المشهوره في بنغازي واتفاقية الصداقه في كل الميادين الليبية ودوائر الدولة “.
القيادي السابق فى حركة اللجان الثورية ، وسفير ليبيا سابقاً لدى تشاد قال ان الليبيين اليوم وبمختلف توجهاتهم يواجهون الامم التي تكالبت على الجميع سواء سبتمبر اوفبراير اوكرامة .
وقال : ” إذا كنّا في الماضي قد أخطأنا في حق بعضنَا البعض فاليوم قد أخطأنا في الوطن والشهداء نتيجة هذا الاقتتال الدائر بين الليبين ، فكفى الوطن من أجرام كانت هذه نتائجه وهذا الكلام موجه للجميع وخاصة من هم في المشهد السياسي والعسكري والامني ولهم ارتباطاتهم الخارجية والإقليمية والداخلية واعتقد ان هذه أخر فرصة لكي نسمع بَعضنَا قبل فوات الآوان أن لم يكن قد فات ” .
المرصد – خاص