ليبيا – تشهد الليرة التركية ( العملة الرسمية لتركيا ) إنهياراً حاداً هبطت بموجبه نزولاً إلى أرقام قياسية مقابل الدولار الامريكي حتى بلغت 7.22 ليرة للدولار الواحد الأمر الذي أثار قلق المستثمرين والمودعين الأجانب فى المصارف التركية اضافة لمخاوف شخصيات ليبية من مصير مجهول ينتظر مساهمات ومشاركات مالية حكومية للدولة الليبية فى القطاع المصرفي التركي .
ويوم الجمعة الماضية وعلى خلفية التوتر بين البلدين، فرض الرئيس الامريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية علي الواردات التركية من الحديد والألومنيوم ماتسبب فى سقوط اكبر لقيمة الليرة فيما دعا الرئيس التركي رجب أردوغان وأردوغان مواطنيه الى تحويل مذخراتهم من الذهب والدولار الى العملة المحلية .
ومن جهته علّق الخبير الاقتصادي الليبي المدير السابق للبورصة الليبية سليمان الشحومي على الأزمة وطريقة تركيا لحلها وقول أردوغان ( اذا كان معهم الدولار فنحن معنا الله ) متسائلاً :
” هل لدي البنك المركزي الليبي خطة بديلة للودائع المودعة في البنوك التركية والتي تشهد عاصفة انهيار عملتها المحلية امام الدولار وهل البنك الخارجي الليبي ايضا لديه خطط طوارئ لتدهور قيمة العائد علي الودائع بالليرة التركية ؟! ” .
وفى ذات السياق حذّر أمين عام المركز الليبي للتنافسية الاقتصادية فوزي عمّار من تصرف تجاه الاموال الليبية فى تركيا قد ترتقي الى مستوى ” الخيانة ” .
ومن خلال تصريح لـ المرصد اليوم الإثنين قال فوزي عمّار إن الاستثمارات الخارجية تنقسم الى شقين أحدهما يتبع للمصرف المركزي الذي لديه لجنة تسمى لجنة الاستثمار تختص فى متابعة الودائع ووضع السياسات والنسبة والدولة والقطاع المستثمر به ومراجعة كل البيانات بما فى ذلك المخاطر والإجراءات الوقائية .
وفى ظل ما يجري فى تركيا ، قال بأنه كان يجب على هذه اللجنة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير الإنتباه لأن مشكلة إنهيار قيمة الليرة بدأت منذ أكثر من سنة عبر سحب هذه الارصدة الليبية حتى لا تتعرض لخسائر .
وأكد فوزي عمّار على أن للمصرف الليبي الخارجي نوعين من الإستثمارات ، أحدهم مباشر وبالعملة الصعبة فى مصرف ” زراعات ” التركي والآخر مشاركة فى المصرف ” العربي التركي ” المملوك لليبي الخارجي مؤكداً بأن قيمة هذه المشاركات لازالت مجهولة الى حد الآن .
وكشف أمين عام المركز الليبي للتنافسية الاقتصادية عن معلومات تتعلق بضغوط تمارسها الحكومة والرئاسة التركية على المصرفين المركزي والليبي الخارجي و” زراعات بنك ” لتحويل الدولار الذي يمثل مشاركات ليبية إلى ليرة مقابل أرباح بقيمة 20% من الليرة التي فقدت أساساً أكثر من 50% من قيمتها وذلك تنفيذاً لطلب الرئيس اردوغان الذي طالب الاتراك بتحويل النقد الاجنبي الى العملة المحلية .
وحذر فوزي عمّار من مغبة السير فى هذا الإتجاه عبر تحويل الودائع والمشاركات الليبية غير المعروف قيمتها على وجه التحديد الى ليرة تركية الأمر الذي قال أنه يمثل طامة كبرى وخيانة عظمى لأن القيمة السوقية لهذه العملات سوف تنهار وتتلاشى بمجرد تحولها إلى الليرة التي فقدت قيمتها فى السوق وقال :
“نحذّر مصرفي الليبي الخارجي وليبيا المركزي من مغبة تحويل الأموال الليبية وهي بالعملة الصعبة الخاصعة لحقوق السحب الخاص سواء الوادائع فى مصرف زراعات او المشاركة الاخرى الى الليرة التركية ونحمّلكم المسؤولية عن ضياعها وخسارتها وسنطالب بمحاسبتكم كما يتوجب عليكم فوراً الكشف عن حجم هذه الأموال التي لا نعرف قيمتها لأنكم لم تفصحوا عنها ” .
ومن جهته طالب رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة عارف النايض مجلس النواب وديوان المحاسبة بالتحقيق العاجل في حجم ووضع ايداعات مصرف ليبيا المركزي في المصارف التركية، والتحرك الفوري لحمايتها من استمرار انهيار العملة التركية، ومحاسبة من وضعها هناك معرباً عن قلقه حيال مستقبل هذه الأموال.
وفى تصريح نقلته قناة ليبيا روحها الوطن أمس الاحد كشف النايض عن إيداع ” محافظ ليبيا المركزي المُقال ” الصديق الكبير وبتواطؤ مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة على مفاصل المصرف المركزي في طرابلس لمليارات الدولارات في مصارف تركية لا ترقى للتصنيفات الدولية الآمنة، وعرض بذلك اموال الليبيين لمخاطر تفوق المعتاد.
واضاف النايض ان حجم الودائع الليبية في البنوك التركية يكتنفها الغموض المتعمد مؤكداً أن من حق الشعب الليبي معرفة حجم الخسائر الكارثية التى يتعرض لها بسبب السياسات المؤدلجة للمتحكمين في مصرف ليبيا المركزي على مدى السبع سنوات الماضية.
وقال : ” الانهيار اليومي لليرة التركية، يجب على نواب الشعب والجهات الرقابية التنبه لإحتمال تعرض اموال ليبيا لكارثة حقيقية اذا ما بقيت في البنوك التركية ” .
وختم النايض الذي أعلن ترشحه للإنتخابات الرئاسة تصريحه داعياً إلى التحقق ايضا من الاستثمارات الليبية في تركيا عامة، ومدى تآكلها بسبب ماوصفه بالإنهيار الوشيك للإقتصاد التركي.
رئيس اللجنة المالية بالمؤتمر الوطني ، عضو مجلس النواب الحالي عبدالسلام نصية قال أن ما يهم فى ليبيا من انهيار الليرة التركية هو مسألة وجود جزء من الاحتياطي الليبي مودع في المصارف التركية وكم تبلغ قيمة هذه الاحتياطات .
وتابع متسائلاً فى تغريدة على حسابه بموقع تويتر أمس الأحد : ” هل لدينا سندات تركية بأي شكل كان وكم تبلغ قيمتها ؟ وهل مصرفنا الخارجي مشارك في أي خطوط إئتمان للمصارف التركية وغيرها ؟ ” ملمحاً لدور يقع بالخصوص على عاتق مصرف ليبيا المركزي .
وتشير بعض التقارير المتضاربة الى أن قيمة وديعة ليبية واحدة أودعت من قبل مصرف ليبيا المركزي فى مصرف زراعات التركي مطلع العام 2017 قد بلغت 1.5 مليار دولار .
ولكن فى المقابل لا يُعرف على وجه التحديد قيمة بقية أي ودائع مماثلة فى المصارف الأخرى ، هذا فيما يتعلق بمصرف ليبيا المركزي وهو ذات الأمر الذي ينطبق على المصرف الليبي الخارجي .
فيما تؤكد تقارير تركية صادرة سنة 2013 إلى أن الليبي الخارجي له مشاركة فى بنوك تركية تصل قيمتها أيضاً إلى 1.5 مليار دولار فى ظل عدم وجود شفافية من قبل المصارف الليبية تجاه حجم تعاملاتها فى تركيا او غيرها من الوجهات الخارجية .
المرصد – خاص