ليبيا – منذ أن قرر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزير خارجيته محمد الطاهر سيالة تعيينه قائماً بالأعمال ثم سفيراً بسفارة ليبيا لدى جمهورية تشاد ، لم يتوقف المرشح لهذا المنصب صلاح أبورقيقة عن مراسلة وإستجداء التشاديين لقبول ترشيحه بعد أن توجه إلى أنجامينا التي قبلت ترشيحه مبدئياً ومن ثم رفضته وطالبته بمغادرة أراضيها لأسباب غير معلومة فى سابقة قد تعد هي الأولى على صعيد العلاقات بين البلدين وقد ترقى إلى مستوى الفضيحة ! .
وقبل صدور قراري تعيينه فى تشاد شغل صلاح علي أبورقيقة وعلى مر سنوات عدة مناصب فى وزارة الخارجية وكان آخرها مدير الادارة الافريقية فى وزارة خارجية حكومة الوفاق .
مجموعة من الوثائق والمراسلات تحصلت عليها صحيفة المرصد لمرشح السراج ووزيره سيالة تكشف من جهة عن المستوى الذي وصلت له الدبلوماسية الليبية ، وصورة البلاد بشكل عام من جهة أخرى فى أمر يتعلق بدولة جارة لطالما كانت تعتبر جارتها الشمالية ليبيا شقيقة كبرى لا يرد لها طلب ، وليس بخافيٍ على أحد أن الرئيس التشادي إدريس ديبي كان قد عين شقيقه ” داسو ” فى ذات زمن سفيراً لأنجامينا لدى طرابلس كدلالة على عمق علاقته بجارته .
المراسلة الأولى ويعود تاريخها إلى 27 يوليو المنصرم من المرشح صلاح على أبورقيقة الى الرئيس إدريس ديبي يحيطه فيها بأنه وصل إلى أنجامينا ليستلم مهامه كقائم بأعمال سفارة ليبيا ولكن عراقيل ظهرت أمامه دفعته إلى إخبار الرئيس ديبي ، أولاً ، بأنه قرر رفع قيمة مرتبات الموظفين التشاديين المحليين بالسفارة إلى مانسبته 100% إضافة إلى منحهم هدية مالية نظير ما أسماها محافظتهم على السفارة خلال السنوات الماضية لكن لم يوضح أي نوعٍ من المحافضة تلك التي قام بها هؤلاء الموظفين خاصة وإنها لم تُمس بأي نوع من الأحداث خلال تلك السنوات !
لم يكتفى أبورقيقة فى مراسلته بعرض المكافآت السخية على موظفي تشاد المحليين فى سفارة ليبيا العاملين بنظام العقود المحلية الذين يتقاضون مرتباتهم بالعملة الصعبة ، لكنه أحاط ديبي أيضاً بأنه قام بتسريح عدد من الموظفين الليبين الذين قال أن فترة عملهم إنتهت وفقاً للقانون الدبلوماسي متعهداً بإحاطة الخارجية التشادية بكل تحركات سفارته بل ذهب إلى أبعد من ذلك بوصف ديبي بأنه حكيم أفريقيا الذي جعل إسم بلاده يتردد فى كل أصقاع الأرض ! .
كما لم يفت على المرسل التعبير عن غبطته للإستقبال الذي حظي به السراج فى أنجامينا قبل يومين من تاريخ هذه الرسالة مذكراً ديبي بوعده الذي قطعه لزيارة طرابلس .
على الرغم من إن قرار تعيينه رسمياً كسفير لليبيا لدى جمهورية تشاد من قبل السراج لم يصدر إلا فى 31 يوليو الماضي من خلال قرار تعيين جمعه مع عدة سفراء لدى عدة دول ، إلا أن قراراً غير معلن بتسمية أبورقيقة كان قد أتخذ من قبل سيالة منذ 26 أبريل ، وذلك وفقاً لمذكرة من سيالة إلى نظيره التشادي محمد زين شريف مهرها الوزير بتوقيعه وهمشها بخط يده بعبارة ” خالص مودتي ” .
وعلى إثره وقبل رسالته إلى الرئيس ديبي ، تقدم أبورقيقة فى 26 يوليو برسالة للخارجية التشادية يطالبها بمنحه إقامة دبلوماسية وذلك بناءً على ترشيحه من قبل سيالة والسراج من خلال لقائيهما مع الرئيس ديبي فى القمة الأفريقية بنواكشوط وأنجامينا واصفاً زيارة السراج إلى العاصمة التشادية فى اليوم السابق بالزيارة التاريخية التي قال أن رئيس تشاد وافق خلالها للسراج على تعيينه كسفيراً لليبيا هناك وبأنه أحاط وزير خارجيته بذلك .
وبعد جهد جهيد تحصل ابورقيقة فى 30 يوليو على ختم إقامة دبلوماسية صالحة لعامين فى جواز سفره صادرة عن وزارة الخارجية التشادية كقائم بأعمال ليبيا فى أنجامينا .
فى اليوم التالي وعلى الرغم من منحها إقامة له ، فاجئت الخارجية التشادية سفير السراج فى أنجامينا برسالة تطالبه من خلالها بمغادرة البلاد متحججة بعدم إستكمال إجراءات التعيين بعد، الأمر الذي دفع أبورقيقة لإرسال خطاب فى يوم 2 أغسطس للخارجية والرئاسة التشادية عنونه بـ ” عاجل جداً ” يستجدي فيه قبول طلب تعيينه قائلاً بأنه تحصل على إذن لمزاولة عمله نقله له السراج بعد لقاء مع الرئيس ديبي يوم 25 يوليو وإن رفض تعيينه يعني رفضاً لقرارات فخامة الرئيس التشادي ويضر بالعلاقات بين البلدين ! .
وعقب هذا التطور ، وبتاريخ 8 أغسطس أرسل وزير خارجية الوفاق محمد الطاهر سيالة رسالة جديدة الى نظيره التشادي يطالبه ويصر من خلالها على تعيين أبورقيقة كسفير لليبيا فى تشاد وذلك وفقاً لقرار صدر بتسميته بهذه الصفة بعد صفته السابقة بتسميته كقائم أعمال بالوكالة .
وبعد كل هذه الوثائق والمراسلات التي يرقى بعضها الى درجة أنها قد تصنف كرسائل مهانة وإستعطاف من قبل ممثلين للدولة الليبية لا لشيء إلا لنيل مقعد سفارة تسبب فى إهانة الدولة ، ولكن أيضاً لم يتضح سبب رفض التشاديين لترشيح أبورقيقة لديهم بعد موافقتهم مسبقاً ورفضه لاحقاً وقد تكون لهجته فى رسالته الأولى إلى الرئيس ديبي التي أعلن فيها فى أول مراسلة بينهما عن نيته منح الموظفين التشاديين رواتب مضاعفة ومكافآت مالية هي السبب الذي أغضب التشاديين ورئيسهم ديبي فى الوقت الذي تقود فيه زوجته ” هندا ديبي ” وبصفتها رئيسة لجمعية ” القلب الكبير ” الخيرية حملات إنسانية لإغاثة أطفال الجنوب الليبي ! .
وإلى أن يتضح الأمر عبر تعليق من وزارة خارجية الوفاق او السفارة الليبية فى أنجامينا لإيضاح ملابسات ما يجري هناك وتقديم تفسيرات على اللغة التي صيغت بيها المراسلات وعلى ماذا إستندت ، يبقى الوضع ودوافع الرفض التشادي والإصرار الليبي غير معلوماً ، كما إنه من غير المعلوم أيضاً إذا ماغادر سفير سيالة الاراضي التشادية عقب مطالبتهم لهم بذلك أم إنه لازال هناك متفرغاً لإرسال برقيات الإستعطاف للقيادة التشادية علّها تقبل ترشيحه كدبلوماسي ليبي لديها أم أن الأمور قد حُلت بما هو متعارف عليه .
المرصد – خاص