ليبيا – أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية إلقاء القبض على الارهابي المصري هشام عشماوي فجر هذا اليوم الاثنين فى عملية قد تعد ضربة موجعة للجماعات الإرهابية فى ليبيا عامة وفى شرقها خاصة بما في ذلك اولائك المتسترين عليها من الذين كانوا يعتبرون الحرب على هذه التنظيمات حرباً ضد المدنيين من السكان خدمة لما يسمونه بمشروع حكم العسكر .
وفى تصريح صحفي مقتضب تلقته المرصد من المتحدث الرسمي باسم القيادة عميد أحمد المسماري فقد تمت العملية فجر اليوم في عملية امنية بمدينة درنة ويعد عشماوي من أخطر العناصر الارهابية الاجنبية المتواجدة فى ليبيا وهو أمير تنظيم المرابطين التابع لتنظيم القاعدة وكان يتواجد فى المدينة منذ فراره من بلاده قبل أكثر أربعة سنوات وهو الأمر الذي طالما أكدته قوات الجيش والسلطات المصرية وكان يُقابل بنفي من قبل عدة أطراف وشخصيات لعل أبرزهم منصور الحصادي القيادي بحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين .
وشارك عشماوي فى قيادة عدة عمليات إرهابية داخل ليبيا وكان من أبرز قيادات مايسمى مجلس شورى مجاهدي درنة كما شارك فى عمليات أخرى داخل مصر ضد الجيش والامن المصري ، وفى ذات العملية ألقت قوات الجيش القبض على زوجة الإرهابي المصري الآخر عمر رفاعي سرور رفقة أبنائها لتؤكد بدورها مقتله فى بداية العمليات بالمدينة .
فى 6 مايو الماضي نعى المسؤول الشرعي بما يسمى مجلس شورى مجاهدي درنة المصري عمر رفاعي سرور المكنى ابوعبدالله القائد الميداني لشورى بنغازي وسام بن حميد واصفاً اياه بالقائد الشهيد معلناً بذلك وبكل وضوح علاقة شورى بنغازي بتنظيم القاعدة فى شرقي البلاد .
وفى تدوينة نشرها حينها عبر قناته الخاصة على تطبيق تيلجرام الذي تنشط عليه الجماعات الارهابية زعَم الارهابي الفار سرور ان بن حميد جاهد القذافي ثم حفتر ثم العدوان الفرنسي الإماراتي المصري على بنغازي وذلك على حد زعمه .
وأضاف : ” بن حميد جاهد ثم نال الشهادة بقصف صليبي في عملية إنقاذ لإخوانه المحاصرين في منطقة قنفودة ببنغازي، بعد أن أصرّ على تنفيذها بنفسه ” .
وتابع : ” كان يعطي كل ساحات الجهاد عطاء من لا يخشى الفقر، ويبتغي القتل ابتغاء من لا يخشى الموت، ويجتهد في جمع شتات الأمة فوُضع له القبول في الأرض ، ربح البيع يا وسام ، ربح البيع إن شاء الله ” .
فى 21 فبراير الماضي بث مايسمى بمجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها تسجيلاً مصوراً لاعترافات شابين من ضمن ثلاثة شبان أقدم على تصفيتهم نهاية شهر يناير الماضي بعد إعتقاله لهم فى الـ25 من ذات الشهر وألقى بجثثهم أمام مستشفى الهريش وسط المدينة بتهمة التخابر مع ” العدو ” تزامناً مع إشتداد عمليات الجيش فى محيط المدينة .
وتضمن التسجيل الذي نشرته مؤسسة السبيل الاعلامية الذراع الاعلامي لتنظيم القاعدة فى عدة دول وهي التي تنشر عبرها السرية الامنية التابعة لشورى درنة إصداراتها ، إعترفات لإثنين من الضحايا وهما عزالدين فوزي إبريك عبدالهادي التاجوري وحسين عادل البرعصي قدما فيها معلومات حاول من خلالها المحقق الذي تم تمويه صوته إثبات محاولة المجموعة زعزعة أمن درنة وتنفيذ عمليات إغتيالات دون ان يفصح عن الشخصيات المستهدفة بالاغتيال .
وإعتبر حافظ الضبع وهو متحدث سابق باسم المجلس تصفية هؤلاء الشبان الثلاثة تصعيداً عقابياً مع من يريد زعزعة أمن واستقرار درنة سواء من داعش أو مما وصفها بـ”عصابات حفتر” وذلك عملاً بالميثاق الاجتماعي للمدينة .
وأشار الضبع وكذلك المتحدث الحالي باسم المجلس محمد ادريس طاهر المنصوري الى أن العقوبة تمت وفق الميثاق المتفق عليه بين مكونات المدينة الاجتماعية المتمثلة في ” مجلس حكماء وأعيان درنة ومجلسها الاجتماعي وممثليها في المجال الإداري والخدمي المتمثل في المجلس المحلي المنتخب وممثلها الأمني المتمثل بمديرية الأمن ومجلس شورى المجاهدين “.
وفى ذات السياق ، أكدت مصادر إستخباراتية رفيعة لصحيفة المرصد أن السبب الحقيقي لاعتقال شورى درنة مجموعة الشبان الثلاثة هو إتهامهم بمحاولة إستهداف إثنين من قيادات المجلس الاجنبية المهمة داخل المدينة .
ورجحت المصادر بأن التهمة غير المعلنة الموجهة للشبان الثلاثة هي محاولة استهداف القيادي المصري المطلوب لسلطات البلدين ” هشام علي عشماوي ” المكنى ” أبي عمر المهاجر ” المتواجد بدرنة منذ سنة 2014 حين دخلها بحماية وتنسيق مع كتيبة شهداء أبوسليم ومع المطلوب المصري الآخر عمر رفاعى سرور المكنى ابوعبدالله المصري وهو المسؤول الشرعي لتنظيم شورى المجاهدين والذي أشارت المصادر الى أنه أعطى الأمر الشرعي بنفسه لتنفيذ القصاص بحق الضحايا.
وأضافت ذات المصادر بأن العملية التي كان سينفذها الشبان الثلاثة كانت ستتم عبر إستهداف عشماوي بالدرجة الأولى عن طريق نسف منزل يختبئ به فى ” شارع البحر ” وسط مدينة درنة مشيرة إلى أنه ومنذ ذلك الحين ينتقل تحت حراسة مشددة من منزل الى منزل بمنطقتي باب طبرق المدخل الغربي للمدينة وشارع ” البحر الساحل ” .
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2051216168446981
وفى ذات الصدد ، كانت عدة أطراف على رأسها المجلس الرئاسي ومجلس الدولة ورئيسه خالد المشري وجماعة الإخوان عبر ذراعها السياسي حزب العدالة والبناء ودار الافتاء والمفتي الصادق الغرياني ومجلس حكماء مصراتة ومجلسها العسكري وغرفة عمليات ثوار ليبيا بفك الطوق المفروض على درنة وعدم قتال هذه المجموعات بدعوى تجنيب المدينة الحرب فيما حاول آخرون مرتبطون بالجماعة تحريك دعاوى قضائية ضد الجيش والقوات الأمنية فى محاكم ومحافل دولية بدعوى إرتكاب جرائم ضد المدنيين وإستهداف السكان .
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2093794250855839
وكان أبرز المطالبين بذلك حينها محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء ووزير الدفاع الموقوف المفوض بحكومة الوفاق المهدي البرغثي الذي قال مطلع فبراير بأن هذه المجموعات حريصة على الجيش وبأنها هي من قاتلت تنظيم داعش وطردته وذلك فى إشارة منه للقتال الذي تفجر سنة 2015 بسبب الخلاف الأيدولجي بين المجموعتين المتحالفتين كامتداد للقتال الذي شب فى ذات الفترة بين جبهة النصرة وداعش فى سوريا وكذلك فى العراق .
وفى تبرير لتصفية الشبان الثلاثة ، أصدر عدد من موالي وذوي قيادات شورى درنة بياناً يوم 8 فبراير الجاري بصفتهم ممثلي المدينة من النواحي الاجتماعية والمدنية والعسكرية والسياسية وأكدوا فيه على تمسكهم بميثاق المدينة وأن الممثل الشرعي لها هو المجلس المحلي ودعوا فيه إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي وردع كل من تسول له نفسه العبث بأمن المدينة كما دعوا فيه السلطات المحلية الليبية إلى التدخل الفوري لفك الحصار عنهم وإطلاق سراح المسجونين في سجون الجيش وتفعيل القضاء بالمدينة والعمل بالقوانين المعدلة من المؤتمر الوطني العام بعد إنتهاء ولايته والتي لائمها بالتنسيق مع المفتي الصادق الغرياني بالشريعة الاسلامية .
هو “هشام على عشماوي مسعد إبراهيم” مواليد القاهرة فى عام 1979، من سكان الحي العاشر بمدينة نصر ، متزوج من دكتورة جامعية، وتدرج في الخدمة العسكرية إلى أن وصل إلى رتبة رائد بسلاح الصاعقة، وهي الرتبة التي خرج منها مفصولاً من الخدمة كما تشير التقارير المصرية الرسمية التي إطلعت عليها صحيفة المرصد الى انه المتهم التاسع في قضية أنصار بيت المقدس المسجلة تحت قيد 423 /2013 .
خرج هشام من الخدمة ليبدأ رحلته في عالم الجماعات الجهادية، وليعمل رفقه زميليه “عماد عبد الحميد” و”وليد بدر” ضمن صفوف جماعة أنصار بيت المقدس، أما “عماد” فهو نقيب بسلاح الصاعقة من الاسكندرية أحيل للعمل المدني بقرار جمهوري لدواعي أمنية إثر اعتناقه للفكر الجهادي المتطرف، وهو المتهم العاشر في قضية أنصار بيت المقدس .
بينما “وليد” فهو رائد خدم بالشئون الإدارية بالجيش، من مركز قويسنا بمحافظة المنوفية المصرية، وفُصَل من الخدمة العسكرية عام 2005 لميوله الدينية المتطرفة وشارك بالقتال في أفغانستان وسوريا.
دشن الضباط الثلاثة معا أولى أبرز عمليات جماعة الأنصار الارهابية حيث شارك هشام وعماد بالتخطيط، بينما استهدف “وليد بدر” بسيارته المفخخة موكب وزير الداخلية المصري اللواء “محمد ابراهيم” في سبتمبر 2014 عقب فض اعتصامات الاخوان المسلمين فى ميداني رابعة والنهضة بشهر واحد، وبثت الجماعة في إصدارها (غزوة الثأر لمسلمي مصر) فيديو للعملية ووصية لمنفذها.
كما خطط “هشام عشماوي” لاقتحام فيلا ضابط الأمن الوطني السابق ومساعد وزير الداخلية لقطاع التدريب الحالي “اللواء هشام وهدان” بمنطقة التجمع الخامس فى القاهرة بهدف إغتياله، ولكن حال وجود كمين للقوات المسلحة بالقرب من منزله من تنفيذ العملية.
ثم في مارس 2014 تولى “هشام عشماوي” مسؤولية خلايا جماعة أنصار بيت المقدس بمنطقة الوادي فى مصر عقب مقتل المسؤول السابق “محمد الطوخي” في القاهرة على يد قوات الأمن.
وإثر ذلك تحول عشماوي بخلايا الجماعة التابعة له من العمل الأمني بالمدن إلى العمل العسكري تجنبا لتساقط المزيد من عناصر الجماعة في قبضة قوات الأمن بالمدن.
اعتمد عشماوي تأسيس معسكرات للجماعة في المناطق الصحراوية، كما قرر فتح جبهة جديدة بالصحراء الغربية المحاذية لليبيا ضد النظام المصري لتخفيف الضغط عن الجماعة في سيناء والقاهرة الكبرى، وأثناء الإعداد لذلك حدث اشتباك مطلع يونيو 2014 بين مجموعة من الجماعة ودورية جيش بمنطقة الفرافرة قتُل خلاله 5 من عناصر الجيش ثم أسس “عشماوي” لاحقا معسكراً بالواحات بلغ عدد المتواجدين به 40 عنصراً.
شنت العناصر انطلاقاً من المعسكر عملياتها، فهاجموا سرية تابعة لحرس الحدود بالفرافرة غربي مصر وأبادوها بالكامل وكان عدد الضحايا بالعشرات و في يوليو 2014 اعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية آنذاك بمقتل 22 من عناصر الجيش على يد عناصر عشماوي المتطرفين .
وأصيب “هشام” في ذات المعركة وغادر إلى درنة فى ليبيا للعلاج مع بعض رفاقه تمهيداً للعودة مجدداً إلى مصر إلا أنه بقي فيها محاصراً بسبب إنطلاق عملية الكرامة قبل فراره الى شرق ليبيا بشهر واحد وتطويق الجيش للمدينة ، هو ذات الحصار الذثي كانت تصفه جماعة الاخوان المسلمين الليبية ودار الإفتاء وبقايا الجماعة المقاتلة بأنه حصار للسكان وإنتقام منهم بسبب ما يسمونه وقوفهم مع ثورة 17 فبراير ضد حكم العسكر .
وفي رسالة صوتية بعنوان ” ويومئذ يفرح المؤمنون ” بثت من درنة بتاريخ 21 يوليو 2015 أعلن عشماوي نفسه كأمير لجماعة “المرابطين” التي أسسها مع زميله الفار ” عمر رفاعي سرور ” مع تضمين الشريط مقدمة من كلمة لأيمن الظواهري في إشارة ضمنية إلى ولاء المرابطين للقاعدة لا لتنظيم داعش الذي إختلف معه بسبب انشقاق مجموعته وانضمامها للتنظيم .
ولم يتوقف عمل عشماوي عند هذا الحد ، حيث إعترف الإرهابي الليبي عبدالرحيم محمد عبدالله المسماري الذي كان يقيم بمدينة درنة وهو من مواليد 5 أكتوبر 1992 بأنه تلقى تدريباً فى المدينة وتوجيهات من عشماوي للمشاركة فى هجوم وإشتباكات الواحات الذي إستهدف قوات الأمن المصرية وأوقع العشرات منها بين قتيل وجريح وقد أعتقل المسماري من ميدان المعركة وبثت له إعترافات مصورة يوم 26 نوفمبر الماضي عبر إحدى القنوات المصرية .
أما بالنسبة لعمر رفاعي سرور الذي يعد قاضياً شرعياً لشورى درنة فهو نجل رفاعي سرور جمعة أحد أبرز منظري التيار القطبي المتشدد داخل جماعة الإخوان المسلمين المصرية وهو ذات المنهج الذي نشأ عليه نجله وأشارت إعترافات أدلى بها موقوفون فى بنغازي وطرابلس إلى أن سرور الإبن يحظى بمكانة رفيعة فى صفوف مجلس شورى مجاهدي درنة وبأن كل أوامر التصفية والعقوبة سواء التي ينفذها الشورى بحق من يصفهم بـ ” أتباع الكرامة ” أو خصومه الحاليين ، حلفائه السابقين من مقاتلي داعش ، فهي كانت تصدر عنه كما أنه أشرف على برنامج إستتابة شرعية لعدد من الدواعش المعتقلين وضمهم مجدداً الى صفوف الشورى .
وبالعودة إلى هشام عشماوي ، فى سنة 2015 أقرَ تنظيم داعش الذي كان يتواجد فى درنة بوجود عشماوي فى المدينة ونشر له صورة تحت عنوان (مطلوب للقتل) متهمين إياه بقتالهم هناك ضمن ما وصفها التنظيم بصحوات الردة فى إشارة من التنظيم لشورى مجاهدي درنة وضواحيها لكون تنظيم الشورى محسوباً على تنظيم القاعدة المنافس لداعش ، هي ذاتها الإتهامات التي نفتها الأطراف السياسية المتحالفة مع هؤلاء وتستخدمهم كرأس حربة لقتال الجيش الليبي وتوفر لهم منصات إعلامية كقناتي النبأ والتناصح .
كما أشار تنظيم داعش فى ذات البطاقة الى أن لعشماوي علاقة بالجزائري “خالد أبو العباس” الشهير بمختار بلمختار او الاعور زعيم حركة المرابطين الموالية لتنظيم لقاعدة والناشطة في الجزائر وجنوب ليبيا والذي أشارت مصادر المرصد إلى مقتله فى شهر نوفمبر 2016 خلال غارة شنها طيران أجنبي يرجح بأنه فرنسي – أمريكي على منزل فى قرية القرضة الشاطئ جنوبي البلاد .
وبإعتقال عشماوي وتأكيدات مقتل عمر رفاعي سرور والقبض على زوجته فأن باب شر وإرهاب عظيم على ليبيا والمنطقة بالكامل قد أقفلته قوات الجيش الليبي بشكل حاسم اليوم الاثنين 8 أكتوبر 2018 معلنة بذلك إنتهاء مسرحية سمجة إمتدت لأربعة سنوات كان عنوانها الأبرز فى نشرات منابر وصحف خَدم الإرهاب ” أنقذوا أطفال درنة وثوارها “.
المرصد – خاص