ليبيا – أعاد التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج يوم أمس الأحد على وزارتي الداخلية والإقتصاد للذاكرة أحداث خلت ولعل أهمها عملية فجر ليبيا ومن قبلها إغتيال اللواء ركن عبدالفتاح يونس فرج العبيدي وزير الداخلية الأسبق على يد مسلحين متطرفين بأمر من نائب رئيس المكتب التنفيذي السابق على العيساوي الذي أصبح وزيراً للإقتصاد وذلك وفقاً لشهادة رئيس المجلس الإنتقالي المستشار مصطفى محمد عبدالجليل .
و كان المستشار مصطفى عبدالجليل قد شدد على إرتباط جماعة الإخوان المسلمين بعملية اغتيال اللواء يونس مجدداً تأكيده على عدم إرتباط الجماعة بالوطن أو الوطنية بصلة وذلك فى مقابلة خاصة مسجلة بُثت عبر قناة “ 218 نيوز ” فى 21 مارس الماضي أكد من خلالها وفى مفاجأة من العيار الثقيل بأن نائب رئيس المكتب التنفيذي علي العيساوي كان ممن أرادوا إغتيال يونس ورفاقه الإثنين باعتبارهم خونة وكان لهم نية مبيتة فى ذلك .
ولد العيساوي بمدينة بنغازي سنة 1966 وتقلد مهاماً فى اللجنة الشعبية العامة لللإقتصاد ما بين 2006 – 2008 وتشير بعض المصادر الصحفية إلى تحصله على شهادة دكتوراه فى الخصخصة من إحدى الجامعات الرومانية وقد تم تعيينه بعدها سفيراً لليبيا فى الصين قبل أن يتم إلغاء تعيينه لوجود ملاحظات أمنية عليه تتعلق بتوجهاته الإسلامية وإرتباطاته بجماعة الإخوان ولكن سرعان ما تحصل على منصب آخر إنشق عنه يوم 19 فبراير 2011 بعد أسابيع قليلة من تكليفه سفيراً فى الهند .
عقب ذلك إلتحق العيساوي بالمجلس الوطني الإنتقالي وتدرج فيه وكان كثير الظهور مع قادة إسلاميين بشكل عام ومن جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص حتى إن من عاصروا فترة عمل المكتب التنفيذي يعتبرون بأن الرجل كان يعمل ضد رئيسه د.محمود جبريل الذي بدأت الخلافات تظهر بينه وبين الجماعة فى وقت مبكر من فترة ولايته . سرعان ما ظهر القيادي الاخواني علي الصلابي من الدوحة على شاشة الجزيرة واصفاً جبريل بالعلماني فى واقعة أعُتبرت هي السابقة الاولى من قبل الجماعة فى تصنيف المجتمع وتقسيمه على أساس ديني لازال يعاني من تبعاتها إلى اليوم .
وفى 28 يوليو 2011 كان الخبر الصاعقة بين أروقة المجلس الانتقالي ومكتبه التنفيذي بورود نبأ مفاده إغتيال اللواء يونس وإثنين من مرافقيه الضباط وهم محمد خميس وناصر مذكور على يد متطرفين أعدموه رمياً بالرصاص وأضرموا النار فى جثته عقب إستدعائه من الجبهة ليتضح ومن خلال المستندات بأن علي العيساوي هو من أصدر أمر القبض بتاريخ 25 يوليو عن طريق تكليف لجنة برئاسة المستشار جمعة الجازوي الذي أُغتيل هو الآخر فى 21 يونيو 2012 !
ومما قد يضفي المصداقية على حديث عبدالجليل بشأن وجود نية مبيتة لإغتيال يونس هو صدور أمر القبض عليه دون علم رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل الذي كان موجوداً فى بنغازي يوم صدور الأمر أي بتاريخ 25 يوليو دون إخباره به حتى إنه عقد إجتماعاً فى اليوم التالي الموافق 26 يوليو بكافة أعضاء المكتب بمن فيهم العيساوي الذي لم يشير للقبض لا من قريب ولا من بعيد . ومن جهته يعتبر جبريل هذا الأمر بأنه كان مقصوداً لمعرفتهم بعلاقته الوثيقة باللواء عبدالفتاح ولأنه كان سيقف ضد إعتقاله لأن الجهة المخولة بالتحقيق فى أي مخالفات محتملة هي النيابة العسكرية .
إذا هو تسجيل تحصلت عليه صحيفة المرصد وينشر لأول مرة منذ أكثر من سبعة سنوات ويعود تاريخه إلى جلسة تحقيق إداري أجراها معه عدد من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بعد جريمة مقتل يونس بثلاثة أيام فقط ، أي فى 1 أغسطس 2011، يقر العيساوي فيه بمسؤوليته عن تشكيل لجنة التحقيق والقبض التي إعتقلت اللواء عبدالفتاح يونس بناءً على شكاوي مكتوبة وشفهية ضده فى ” أمر كبير ” من جهات لم يسمها كانت تصله والمستشار عبدالجليل الذي قال إنه طلب منه التحقق حولها، مشيراً إلى أن المغدور كان مستبعداً من غرفة العمليات التي كانت تضم المستشار عبدالجليل ووزير الدفاع جلال الدغيلي وهو أيضاًَ من الاسلاميين ويقيم منذ سنوات فى دولة قطر .
يؤكد العيساوي بأنه هو من طلب تشكيل لجنة تحقيق وقبض مع يونس وإستعان فى إختيار أعضائها بالمستشار عبدالجليل لمعرفة الأخير برجال القضاء وقد رشح له ثلاثة منهم لتولي المهمة التي ترأسها المستشار جمعة الجازوي مؤكداً بأن قراره بالتحقيق مع يونس جاء بعد إجتماع لجنة مصغرة شكلها هو ضمت مسؤول ملف الداخلية بالمكتب التنفيذي أحمد الضراط وحقوق الانسان محمد العلاقي ومسؤول الاوقاف سالم الشيخي وهو الآخر قيادي فى جماعة الإخوان المسلمين مذكور فى أوراق القضية لدى المحكمة وقد عقدت اللجنة إجتماعها بحضوره يوم 21 يوليو أي قبل موعد الجريمة بأسبوع فقط . وعن دور بقية أعضاء اللجنة المصغرة كانت إجابة العيساوي متلعثمة حيث نفى حضورهم ثم أكد ذلك ، بينما نفى العلاقي لاحقاً حضوره أي إجتماع لها بخصوص قضية يونس .
ووفقاً لذات التسجيل الذي تلقت النيابة تفريغاً مكتوباً منه من قبل فريق لجنة تحقيق الإنتقالي ، يؤكد العيساوي بأن اللجنة المصغرة التي ترأسها بعضوية كل من العلاقي الضراط والشيخي كان من المقرر لها أن تحقق بداية مع جلال الدغيلي كونه مسؤولاً عن ملف الدفاع والإخفاقات العسكرية التي كانت تقع وتُزهق نتيجتها أرواح ولكنه لم يمتثل ما إضطرهم للذهاب مباشرة لخيار التحقيق مع يونس والقبض عليه كونه رئيساً للأركان ، وهنا سُجل عليه إجابة متلعثمة أخرى عند سؤاله حول عدم تكليف النيابة العسكرية او المدعي العام العسكري بالتحقيق .
https://youtu.be/q3S4aBYAVXM
وبموجب قرار التحقيق والقبض الذي إتخذه العيساوي والشيخي والضراط فقد تحركت مجموعة مسلحة لتنفيذه يوم 27 يوليو يقودها رجب حسن الجازوي وهو شقيق القاضي المكلف بالتحقيق يرافقه المتطرف مصطفى الربع ولكن سرعان ما بات اللواء يونس فى يد كتيبة أبوعبيدة الجراح المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة وبالإرهابي أحمد أبوختالة المحتجز حاليا بالولايات المتحدة ، كما إن صدور قرار القبض يوم 25 يوليو ومن ثم تنفيذه بالقوة بعد أقل من 48 ساعة دون توجيه أمر إستدعاء سلمي للمعني يطرح علامة إستفهام أخرى حول ما إذا كانت النية منذ البداية مجرد قبض وتحقيق فى شكاوى أو أبعد من ذلك بنية القتل المبيّت وفقاً لعبدالجليل ، وهو الأمر الذي كان من المفترض أن تفصل فيه المحكمة مع المتهمين .
ويقول مصدر مسؤول رفيع مطلع على كواليس القضية منذ ساعتها الأولى بأن الكتيبة وعندما تم إبلاغها فى صباح اليوم التالي بأن ما حدث هو إختطاف لعدم تنفيذ القبض من قبل جهة الإختصاص وبأنه يتوجب عليها إطلاق سراح اللواء يونس فوراً دون شرط ردت بتصفيته هو ورفيقيه داخل السيارة التي كانت من المفترض ان تقلهم من المعسكر الذي أمضوا ليلتهم فيه ثم باشروا التمثيل بجثثهم وحرقها قبل أن يقوموا بإلقائها فى وادي القطارة القريبة من منطقة الرجمة جنوبي بنغازي .
ولكل ماسبق وبينما يرفض العيساوي منذ سنوات التعليق لوسائل الاعلام على القضية بدعوى سير الإجراءات فى المحكمة وضمان سلامة سير إجراءاتها مع تعذر الإتصال به من قبل المرصد للرد على بروز القضية للسطح مجدداً ، إستنكر رئيس مجلس أعيان قبائل العبيدات الطيب الشريف فى حديث لـ المرصد مساء أمس الأحد قرار تعيين العيساوي معتبراً إياه جرأة وإستفزاز قام بها السراج عندما كلّف شخصاً مطلوباً للقضاء على ذمة قضية قتل بحقيبة وزارية شأنه شأن وزير الداخلية المكلف فتحي باشاغا الذي وصفه الشريف بقائد مليشيات فجر ليبيا وهو ذات الموقف الذي ترجمته القبيلة عقب إجتماعها فى منطقة التميمي شرقي البلاد .
https://www.facebook.com/1707659659469302/posts/2213379765563953/
وأصدر مشائخ وأعيان قبيلة العبيدات بمختلف شرائحها اليوم الاثنين بياناً بشأن قرار المجلس الرئاسي الصادر بتكليف علي العيساوي وزيراً للإقتصاد بحكومة الوفاق التي وصفوها بـ”المرفوضة”.
البيان الذي إطلعت عليه المرصد أكد على أن العيساوي من ضمن المتهمين رسمياً بإغتيال اللواء عبدالفتاح يونس العبيدي رئيس أركان الجيش الليبي عام 2011 ورفيقيه.
ورفض مشائخ وأعيان قبيلة العبيدات في ختام بيانهم تكليف العيساوي وزيراً في حكومة الوفاق ، معتبرين هذه الخطوة إهانه للقبيلة ويهدد السلم اﻻجتماعي حسب قولهم.
وحضر الاجتماع الشيخ الطيب الشريف رئيس مجلس أعيان قبائل العبيدات وعدد من آخر من مختلف مشائخ بيوت القبيلة المنتشرة فى طبرق والتميمي والقبة وبنغازي وغيرها.