صور وفيديو | فى ذكراها الرابعة : معركة بنينا بين تصريحات المشري ووثائق المرحلة .. من قاتل من ؟

ليبيا – قوبلت تصريحات رئيس مجلس الدولة الإسشاري خالد المشري القيادي فى جماعة الإخوان المسلمين الليبية وبذراعها السياسي حزب العدالة والبناء حول المعركة ضد الإرهاب فى بنغازي ردود فعلة منددة بل وساخرة فى آن وذلك لتنكره لحقيقة تطرف ما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي وتحالف مسلحيه مع تنظيم داعش الذي كان يسيطر على أجزاء واسعة من المدينة .

تصريحات جائت متزامنة مع الذكرى الرابعة لأعنف المعارك ضد الإرهاب فى مدينة بنغازي سجلتها منطقة بنينا جنوبي المدينة ، ففى مثل هذه الأيام كان قد مر عشرة أيام على واحد من أعنف العمليات الإنتحارية التي شهدتها ليبيا أدت لوفاة وجرح العشرات من المقاتلين الذين كانوا يقاتلون دفاعاً عن آخر معاقل قوات الجيش فى المدينة التي كان قد سقط منها فعلياً مانسبته 90% من مساحتها فى يد تحالف المتطرفين .

يقول المشري فى تصريحه الصحافي لوكالة سبوتنيك الروسية إن ” مليشيا حفتر ” قاتلت شباب بنغازي لا لشيئ إلا لأنهم كانوا وقوداً لثورة 17 فبراير ويدافعون عنها متنكراً لوصفهم بالإرهابيين بل وذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً بوجوب تحرير المنطقة الشرقية لعدم خضوعها لحكومة الوفاق وبأن الخطأ الذي إرتكبه حفتر هو وضعه لهؤلاء الثوار فى سلة واحدة مع المتطرفين  .

إرهابيون ولكن !

https://youtu.be/jZWyRjMVlIA

تؤكد الحقيقة المثبتة بالصوت والصورة والتواريخ بأن هؤلاء الذين يصفهم المشري بالثوار هم من وضعوا أنفسهم فى هذه السلة الواحدة التي تحدث عنها عبر تحالفهم مع تنظيم داعش وتبنيهم لفكر العمليات الإنتحارية وتكفير المجتمع بين بعض فصائلهم كما هو فى هذا المقطع المسجل قبل أربعة سنوات من بنينا ويظهر فيه القيادي بشورى بنغازي أحمد أبوحجر الذي قتل لاحقاً وقد نعاه طيف وساع من قيادات الإخوان المسلمين بينهم عبدالرزاق العرادي الذي وصفه فى مقال له عبر موقع عين ليبيا بـ ” الشهيد ” رغم ظهوره فى هذا المقطع المرئي وهو يشرف على تنفيذ عملية إنتحارية .يقول العرادي بأن ” أبوحجر وقبل مقتله كان له مشروع للتمايز عن تنظيمي القاعدة وداعش إلا أن الشهادة كانت أسرع ! ” .

مقتطف من مقال عام للعرادي يتطرق فيه للقيادي الإرهابي أحمد أبوحجر

وهنا فأنه ومن الصعوبة بمكان تحديد مدى دقة هذه الرواية التي كشف عنها العرادي بعد مقتل المعني بها وعدم إفصاح الراوي عن أي أدلة تثبت مصداقيتها وعن ما إذا كان قد علم بها محدثه من القتيل الإرهابي مباشرة أو حدثه بها آخرين مايطرح تساؤلات عمّن يجب تحميله مسؤولية القنابل البشرية التي كان يرسلها ” الشهيد أبوحجر ” ورفاقه هنا وهناك لتفتك بليبيين آخرين أو تنتزع أطرافاً من أجسادهم ولماذا  ؟! .

https://vimeo.com/295065720

ولعل ما غاب على المشرى أيضاً أو تناساه وتجدر الإشارة له هو أن تنظيم أنصار الشريعة المصنف كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن كان أحد الموقعين على بيان تأسيس مجلس شورى ثوار بنغازي وكانت عناصره منصهرة ضمن عناصر الشورى فى كل المعارك وهو ما يؤكده أميره محمد الزهاوي فى هذا المقطع بنفسه هو الزهاوي ذاته الذي ظهرت جثته مسجية فى مقطع مسرب بشهر نوفمبر 2016 يرثيه سيف الله بن حسين المكنى أبوعياض التونسي أمير تنظيم الشريعة ومسؤول تنظيم القاعدة فى تونس .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/videos/1846319362269997/

، فكيف يمكن بعد كل هذا التلبيس والتدليس الإستمرار فى الحديث عن شرعية وإحترام أعلى هرم سلطة إستشارية منبثقة عن إتفاق سياسي برعاية دولية ضمن مشروع سمي بالوفاق فيما كان مجلس الأمن ذاته الذي بارك هذا المشروع وشرعنه كان قد أكد على مدار 4 سنوات سابقة وجود تحالف وتعاون وثيق بين ” الأنصار والشورى وداعش ” لقتال الجيش الوطني الليبي الذي يصفه المشري اليوم بـ ” مليشيا حفتر ” التي قاتلت الثوار دون تمييز  !

وثيقة تتعلق بتصنيف مجلس الامن لتنظيم انصار الشريعة كجماعة إرهابية متحالفة مع شورى بنغازي المتحالف مع داعش
لمحة عن خلفيات المعركة

كان اللواء خليفة حفتر حينها قد أعلن قبلها بخمسة أشهر وتحديداً فى 17 مايو إنطلاق عملية الكرامة لتطهير بنغازي من الجماعات المتطرفة وشنت قوات الجيش التي باشرت الهجوم فى ذلك بعدد قليل من الجنود قيل بأنه لم يتجاوز 1000 عسكري هجوماً لم تتمكن فيه من السيطرة على المدينة التي إنتقلت فيها المعارك لاحقاً من حي إلى حي . وصفت قناة الجزيرة القطرية الهجمات الإرهابية بأنها عمليات إنتحارية نوعية للمتطرفين.

الجزيرة تصف عمليات شورى بنغازي الارهابية بالعمليات الانتحارية نقلاً عن مراسلها عضو جماعة الإخوان المسلمين أحمد خليفة

فى الأثناء كان المؤتمر الوطني العام الذي يعد أيامه الأخيرة فى السلطة التي إنتهت ولايته القانونية فيها قبل أن يعود للحياة مرتين ، الأولى عبر عملية فجر ليبيا ، والثانية عبر حوار الصخيرات ، يصف قوات الجيش بالإنقلابية وقد خرج رئيس الحكومة علي زيدان قبلها واصفاً ما يجري بالتمرد الذي سيتم تقديم قائده للعدالة .بعد أيام أُطيح بزيدان وجيئ بعبدالله الثني رئيساً للحكومة وقد إعتبر بدوره يوم 16 مايو 2015 مجبوراً بضغوط كبيرة من المؤتمر العام فى طرابلس بأن ما يجري فى بنغازي إنقلاب على ثورة 17 فبراير مطالباً الثوار بضبط النفس والإلتزام بتعليمات رئاسة الأركان بقيادة اللواء عبدالسلام جاد الله الذي ظهر بجواره عند هذا البيان  .

https://www.youtube.com/watch?v=Fc6j_vifefA&feature=youtu.be

إحتدام المعركة

إلى الخضم العسكري ، تراجعت قوات الجيش التي إختارت منطقة الرجمة جنوب بنينا مستقراً لقيادتها أمام شدة المعارك وقلة الإمكانيات وكثرة عدد المتطرفين الذين قدرت بعض الإحصائيات حينها فى مجملهم بأكثر من 7000 عنصر بين ليبيين وأجانب ، منهم مصريون وتونسيون وسوريون وحتى آخرين من وسط أفريقيا وآسيا وأوروبا بما فيهم مهاجرين مغاربة وجزائريين يحملون الجنسية الفرنسية والبلجيكية وغيرها . فعلياً أقر الإسلاميون عبر وسائل إعلامهم وعلى رأسها الجزيرة القطرية بإرهابهم وشرعية إستخدام سلاح الإنتحاريين  .

https://youtu.be/3krEcYW_AbQ

فعلياً كانت السيطرة على منطقة بنينا بما تحويه من أهمية لقاعدتها الجوية ومطارها المدني أكبر مطارات الشرق الليبي مفصلاً إسترتيجياً سعى المتطرفون له ، وبتلك السيطرة إن حدثت كانت الطريق ستكون مفتوحة جنوباً إلى منطقة الرجمة حيث مقر القيادة العامة التي كانت تتنقل بين المنطقة ومدينة المرج وكان سيكون سقوط مقرها سقوطاً لرمزية هامة عقب سقوط معسكر قوات الصاعقة الواقع على الطريق إلى بنينا نفسها فى 29 يوليو أي قبل شهرين تقريباً من إحتدام المعركة فى محيطه و التي يوثق هذا المقطع لحظاتها الأولى بمساندة من مروحيات سلاح الجو  .

https://www.youtube.com/watch?v=eqLaGSsnW34

كان سقوط معسكر الصاعقة صدمة لغالبية سكان بنغازي لشعورهم بسقوط آخر رمزية و أمل لوجود قوات عسكرية نظامية فى المدينة بعد سقوط مديرية الأمن وتفجير غالبية مراكز الشرطة ، بدأت الإشتباكات والهجمات على المعسكر ومحيطه منذ نهاية مايو وإستمرت طيلة يونيو بمختلف أنواع الأسلحة وقد إستخدم  فيها ” ثوار المشري ” مع حلفائهم من داعش وأنصار الشريعة حز الرقاب بالسكاكين وتمزيق الأجساد بالإنتحاريين الأجانب  بل وقد ظهروا فى مقاطع فيديو من داخل المعسكر بعد أن أبادوا من فيه وحزوا رقابهم بالسيوف ورمياً بالرصاص وهم يزفون ذلك النصر إلى أميرهم أبوبكر البغدادي كما فى هذا التسجيل الذي يظهر فيه عناصر من داعش رفقة آخرين من ثوار الشورى ! فكيف يمكن تصديق رواية رئيس الإستشاري عن عدم قتال الجيش لتنظيم داعش وهو الذي كانت معسكراته ومقاره الهدف المفضل لهؤلاء ناهيك عن معارك بقية المحاور من الليتي وسيدي فرج وحتى قنفودة وقاريونس مروراً بوسط المدينة  !

https://vimeo.com/295057231

فى الأثناء بدا وكأن إتفاقاً قد أبرم من خلف الستار بين جماعتي الإخوان المسلمين والليبية المقاتلة من جهة مع أنصار الشريعة عبر الوسيط ألا وهو مجلس شورى ثوار بنغازي ( قوات الدروع ) حيث إحتدم القتال بشكل عنيف فى المدينة تزامناً مع عملية فجر ليبيا فى طرابلس التي أعقبت هزيمة الإسلاميين فى إنتخابات مجلس النواب الذي كان من المقرر له أن ينعقد فى بنغازي. كان هناك واقع جديد يتشكل فعلياً على الأرض .

كما تجدر الإشارة إلى أن محاولة السيطرة على مدينة بنغازي من قبل تحالف التطرف كانت وبحسب مراقبين محاولة لتعويض خسارة الإسلاميين للإنتخابات وذلك لأن المدينة كانت ستكون المقر الأساسي الدائم لمجلس النواب ، أي أن عملية قد أطلقت وأزهقت أرواح مئات البشر على تنسيق عالي هدفها السيطرة على المجلس بقوة السلاح على غرار المؤتمر العام فى طرابلس عبر فرض واقع جديد على الأرض . حينها قرر النواب الفرار إلى مدينة طبرق كمقر مؤقت لهم دام بهم المقام فيه إلى تاريخ اليوم .

تصدر وسام بن حميد الهجوم رفقة جلال المخزوم ( حلقومة ) ومحمد العريبي ( بوكا ) ومحمد الزهاوي أمير تنظيم أنصار الشريعة وكان برفقتهم مقاتلون أجانب ظهر أحدهم وهو تونسي الجنسية يتوعد بإقامة شرع الله من أمام معسكر الصاعقة وفق مقاطع فيديو تم تسريبها ونشرها لاحقاً فى غمرة نشوتهم بالنصر الذي تلته هزيمة نكراء كانت بداية نهايتهم وجلاء رايتهم السوداء عن بنغازي .

كانت الطريق تمهد رويداً رويداً للمتطرفين إلى منطقة بنينا عبر إستخدام كل وسائل القتال بما فيها إستخدام الإنتحاريين والسيارات المفخخة التي أنهت حياة عدد كبير من قوات الجيش والمساندين لها من مختلف الأجهزة الأمنية أو المدنيين الذين كانوا يدافعون عن مناطقهم لأجل أن لا ترفع فيها الراية السوداء .

https://www.youtube.com/watch?v=KjHIQQmkAKo&feature=youtu.be

إستمرت المعارك فى منطقة بنينا على مدار أسابيع وفى 14 أكتوبر من عام 2014 أعلن الجيش إسترداد المنطقة من تحالف المتطرفين عند إنتهاء المعارك فى قريتها السكنية وصولا إلى الجسر المؤدي لها والرابط مع المطار والقاعدة الجوية الهامة ، فعلياً خسرت القوات المدافعة عشرات العناصر من مختلف أنحاء ليبيا من أقصاها إلى أقصاها فى تلك المعركة التي تعتبر أم المعارك ضد الإرهاب وقد إختلطت فيها دماء الليبيين من كل القبائل والمدن والمناطق إيذاناً بانطلاق المعركة الأهم لإستعادة بقية بنغازي وهو ما تحقق بالفعل بعد طول معارك .

https://youtu.be/DNX9IcU-4Mg

فى روايته عن معاصرته لها ، يقول آمر قاعدة بنينا السابق :”  كنا نقلع على إرتفاع منخفض ونحلق بعيداً نحو الجنوب لنتجنب الإصابة بنيران المضادات الأرضية ثم نستدير للإرتفاع نحو الشمال حتى نتمكن من تنفيذ غارات ناجحة . كان علينا القيام بذلك لأننا قررنا إما هزيمتهم أو الموت ذبحاً بسككاينهم داخل القاعدة ولم يكن خيار الإنسحاب وترك قاعدتنا لهم من بين خياراتنا  ” .

أما اليوم وقد مرت أربعة سنوات على تلك المعركة وبدأت منطقة بنينا تتعافى وترمم نفسها وقد عاد المطار الدولي الواقع فى نطاقها إلى العمل كما عادت بنغازي لوضعها الطبيعي رغم كل المنغصات والأزمات والخروقات ، فأن لاشيئ يستحق الذكر سوى أولائك الشباب والرجال وحتى النساء الذين تصدوا بأرواحهم وممتلكاتهم لجحافل الإرهاب الأسود وألحقوا به هزيمة شنعاء فى معركة دامت قرابة أربعة سنوات سجلت عدة مواقف تركت أثرها عند السكان وذوي الضحايا ومنها الكلمة الشهيرة للقائد الميداني لمعركة بنينا النقيب الراحل سالم مرفوعة لبقية الوحدات وغرفة العمليات الرئيسية عبر جهاز اللاسلكي بأن المنقطة باتت تحت السيطرة  .

النقيب سالم مرفوعة
معركة أُحرق فيها الإرهاب البلاد باسم شرع الله والشرعية والثورة والثوار ولم تبقى إلا هذه المقاطع والصور والذكريات محفورة فى عقول من عاصرها وعلى جدران بنغازي المنهكة وفوق شواهد قبور من سقطوا فيها ولأجلها كدليل على فظاعة إجرام هؤلاء وفجور خصومة حلفائهم السياسيين الذين يستخدمونهم كعصا لضرب وإرهاب الخصوم ، هي ذات الخصومة التي لازالت تسوّل لأنفسهم الإنفصام عن الواقع رغم كل الأدلة والتبرير والنكران بل وحتى توفير الغطاء السياسي والإعلامي والمادي لمن أعدم الليبيين على مقاصل أوهام الخلافة ونهم السلطة و حُلم تمكين الجماعة ، يقول أحد المعلقين على تصريحات خالد المشري . 

المرصد – خاص 

 

 

Shares