لقد مثلت إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غسان سلامة ، رسالة تحذيرية شاملةللوعي الوطني ، ففي الوقت الذي عبرت فيه عن هواجس المواطنين و تطلعاتهم بشكل عاطفي ، إلا أنها حملت في طياتها ما يدعوا للقلق ، في آلية تعامل البعثة الأممية للدعم في ليبيا و المجتمع الدولي مع أزمتنا الليبية ، بل إن منهجية المغالبة هي سيدة الموقف .
ففي الوقت الذي حذر فيه من الإرهاب المهزوم و هجرته العكسية لليبيا ، فإنه حذر من استمرار وضعية السجون في ليبيا ، و قد اعتبر أن بعضها قد تحوَّل إلى حاضنة للفكر المتطرف و الجماعات الإرهابية ، فهل الدكتور غسان و من خلفه المجتمع الدولي (( يسعون لإطلاق سراح وحوش مجروحة في شوارع ليبيا ، ليجد اللحم النتن العائد من هجرته الإرهابية ، حاضنة تأويه و تقدم له الخدمات اللوجستية لشن غزواته )) هذا ما يجب أن يفسره الدكتور غسان بشكل واضح .
و للأسف أيضا فإنه في الوقت الذي يحشد فيه الدكتور غسان سلامة الدعم الدولي لمؤتمر باليرموا لتبني تصورات للحل في ليبيا بعيدا عن الإرادة الوطنية ، فإنه يحاول إقناعنا أيضا بدعم مخرجات المؤتمر الجامع ، هذا الجسم الهلامي الذي وُضِع له إطار مسبق في 80 صفحة هي خلاصة ما أرادت منظمة (( HD )) و من خلفها قوله ، تلك المعروفة بدعمها و وساطتها للقوى الإسلاماوية الرديكالية .
بل إن الدكتور حاول إقناعنا بأن الترتيبات الأمنية الأحادية في طرابلس ، هي الحل السحري لليبيا ، فإنه يتجاهل تجرية ليبية حقيقة لفرض الأمن و الإستقرار و بناء القوات الأمنية و الشرطية و العسكرية ، تلك التي عُمِّدَتْ بالدماء الزكية الطاهرة ، تجربة المؤسسة العسكرية الليبية و التي دعا للمساهمة في مسارها على المدى المتوسط !!!!!!؟ (( فهل يعول الدكتور على وأدها بتقطيع الوقت في ليبيا )) .
إن الدكتور غسان الذي يحاول إقناعنا بأن الإصلاحات الإقتصادية نجحت في ليبيا ، يسعى لقتلنا فقرا عندما يقوم برفع الدعم عن السلع و المحروقات ، لنتضور جوعا و نموت على أرصفة الطرقات ، و نحن ننتظر الفتات من سلطة الأمر الواقع ، و أمير المصرف المركزي و عصبته المافيوزية و الإسلاماوية المتحكمة برقابنا .
إن إحاطة الدكتور غسان سلامة لم ترقى لطموحات أبناء الأمة الليبية ، بل هي بمثابة إعلان خارطة طريق من الحاكم المدني لليبيا ، سيجد من الحذاق الليبيين من يؤمن بها و ينفذها له ، ليمرر أجندته و أجندة المجتمع الدولي من خلفه .
نعم إن مجلس النواب جسم ميت ، و قتله عقيله و رهطه ، و لكنه سيبقى جسما شرعيا منتخبا ، و عليه أن يكون أكثر جرأة و شجاعة ، و يتخلى عن تحجره الفكري ، و يتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، فقريبا سيبدأ السراج و رهطه تنفيذ أجندة الحاكم المدني ، و بعد سنة أو سنتين لن تكون هناك ليبيا ، بل بقايا بلد محطم ، يحرس منشآته الحيوية في العاصمة ، و مناطق المنبع في أقصى الجنوب الليبي ، من قبل مجموعات أجنبية ، يحشد الدكتور غسان سلامة لها كمجموعات لتدريب القوى الأمنية ، لنكتشف في الوقت الضائع أنها جاءت كقوات لحفظ السلام في الوقت الضائع .
سليمان البيوضي
9 نوفمبر 2018