السراج أردوغان المشري

من بوابة إسطنبول .. هل وأد السراج خطة النواب لإسقاطه ومجلسه فى مهدها ؟

ليبيا – زيارة مفاجئة لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أمس الجمعة إلى إسطنبول إستقبله خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فى الطابق الثاني من ” آق سراي ” أو ” القصر الأبيض” رفقة وزير خارجيته محمد الطاهر سيالة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ووكيل وزارة الصحة محمد هيثم عيسى.

ووفقا لبيان صادر عن مكتبه الإعلامي أمس الجمعة ، ”  أكد السراج  في بداية اللقاء على العلاقات التاريخية التي تجمع ليبيا وتركيا، وعلى أهمية الدور التركي وتأثيره إقليميا وإستراتيجيا، معبراً عن تقديره لدعم تركيا للمسار الديمقراطي في ليبيا من جانبه جدد الرئيس التركي دعم بلاده للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني مشيدا بما يبذله السراج من جهود لتحقيق الأمن والاستقرار “.

 كما بحث الاجتماع سبل تنمية وتطوير العلاقات الثنائية، وتطرقت المحادثات بشكل خاص إلى التعاون الاقتصادي بين البلدين وآليات تطوير هذا التعاون، إضافة لملف الشركات التركية واجراءات عودتها لاستئناف اعمالها في ليبيا وأكد السراج الرئيس على أهمية عودة تلك الشركات للمساعدة في تنشيط الاقتصاد وإعادة الاعمار في ليبيا فيما جدد اوردغان تأكيده على استعداد بلاده للمساهمة في مجالات الإستثمار والتنمية وبرامج اعادة الاعمار في ليبيا وتقديم ما يطلب منها في هذا الجانب.

لقاء السراج وأردوغان يرافقه وزير خارجيته ومحافظ المركزي الصديق الكبير

وقبل الزيارة المفاجئة بأربعة أيام فقط إستقبل السراج بمقره فى طرابلس وزير الدفاع التركي ” خلوصي أكار ” على رأس وفد كبير يضم رئيس الأركان العامة الفريق ” باشار غولار ” والممثل الخاص لرئيس الجمهورية عضو البرلمان عن العاصمة أنقرة ” أمر الله إيشلار ” وعدد من مسؤولي وزارة الدفاع والخارجية التركية.

وتناول الاجتماع ، وفقاً لبيان ، العلاقات الثنائية بين البلدين في إطار روابط الأخوة والصداقة الوثيقة بينهما، وتطرقت المحادثات إلى التعاون العسكري بين البلدين وبالاخص التعاون في بناء القدرات الدفاعية والامنية الليبية من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز وتفعيل الاتفاقات المبرمة بين البلدين في هذا الشأن.

وتم بحث عدد من المواضيع المتعلقة بمكافحة الإرهاب وآلية التنسيق بين وزارتي الدفاع في البلدين ، وفى سابقة جديدة ، تطرق الاجتماع الى عملية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية حيث أكد السراج على أن هذا هدف أساسي لحكومة الوفاق وان عملية توحيد المؤسسة العسكرية بمختلف مكوناتها تحتاج إلى ارادة سياسية موحدة وتعتمد على نجاح المسار السياسي.

إستقبال السراج لوزير الدفاع التركي

وجائت زيارة الوزير التركي إلى طرابلس متزامنة مع قرار مجلس الامن الدولي بشأن السماح لحكومة الوفاق بتقديم طلبات إلى المجلس لتوريد السلاح والعتاد والمعدات للقوات التابعة لها والتي تقوم بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي حصراً كما نص القرار ، الأمر الذي فسره مراقبون بأن تركيا ستكون الوجهة الأولى للرئاسي لإستيراد وشراء الأسلحة لتلك القوات التي يرى فيها البعض بأنها مجرد مجموعات مسلحة غير منضبطة ولا نظامية خاصة بعد تفكيك الحرس الرئاسي وضمه لرئاسة الأركان وتآكل الجيش النظامي فى المنطقة الغربية والوسطى .

ضغوط سياسية

فى الأثناء ربط بعض النواب تقارب الرئاسي مع تركيا بوتيرة متسارعة جداً بأنه تعزيز من الأول لموقعه السياسي خاصة مع تقدم المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة للإطاحة به وإستبداله بمجلس رئاسي جديد  ورئاسة وزراء منفصلة عنه إلى درجة توصلهما إلى جدول زمني لتنفيذ ذلك وإتفاقهما على ملامح السلطة القادمة.

وأعرب نواب تحدثوا  لـ المرصد عن قلقهم من أن يكون السراج قد طالب أردوغان ومن قبله مبعوثه الخاص عند زيارته إلى طرابلس ” أمر الله إيشلار ”  بضغوط وضمانات إضافية من وعلى مجلس الدولة الإشتشاري برئاسة خالد المشري المقيم فى تركيا لعدم إستكمال المسير فى خطة إستبدال الرئاسي وذلك نظراً للنفوذ التركي لدى جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة على الإستشاري ورئاسته ومن خلفها حزب العدالة والبناء وبروز تصريحات ومواقف تشير إلى تراجع تلك الخطة.

عدم جدية

فيما يرى آخرون بأن مجلس الدولة ورئاسته لم يكونوا جديين من الأساس فى خطة إستبدال الرئاسي وبأنهم فقط وبعد التعديل الوزاري الأخير وتمكين فتحي باشا آغا وعلي العيساوي من وزراتي الإقتصاد والداخلية قد طالبوا السراج بمزيد من التقارب مع حليفهم التركي وتوقيع الصفقات الإقتصادية معه بدليل حضور الصديق الكبير للإجتماع مقابل إقفال باب إسقاط الحكومة والتباعد عن المحور الآخر الذي تقوده مصر فى المنطقة وهي الخصم الأول للنظام الحاكم فى أنقرة منذ صعود الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة وإسقاط الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي .

عبدالرزاق مختار – سفير ليبيا لدى تركيا

وبالتالي ومع كل هذه المكاسب الحالية والمستقبلية وفى حال توسعة التعديلات الوزارية المرتقبة فأنه لم يعد هناك أي دواعٍ لمجلس الدولة ومن خلفه الإسلام السياسي لكي يسقط السراج ومجلسه وحكومته خاصة فى ظل ورود أنباء عن ترشيح سفير الوفاق لدى أنقرة عبدالرزاق مختار لمنصب وزير الخارجية فى التعديل المرتقب خلفاً لمحمد الطاهر سيالة وهو المعروف بتقاربه مع ذلك التيار تماماً حتى مع نفيه المستمر لإنتمائه لجماعة الإخوان المسلمين  .

روايات نيابية قد تبدوا منطقية بالنظر إلى أحد مطالب الرئاسي الثمانية التي قدمها إلى إيطاليا المنظمة لمؤتمر باليرمو ألا وهو التنصيص فى البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة سحب ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من مصر وتسليمه إلى الأمم المتحدة ، كما أن قبول مجلس الدولة فجأة بتأجيل النظر فى المادة الثامنة من الأحكام الإضافية بالإتفاق السياسي بشأن المناصب العسكرية القيادية عند إتفاقه الأخير مع مجلس النواب وهي التي تعتبر أهم مكسباً للإسلاميين من إتفاق الصخيرات يدل على أن ماحدث من إتفاق ليس سوى مجرد ” مسايرة لمجلس النواب ” وعدم جدية فى التوصل معه لأي إتفاق بشأن الإطاحة بالرئاسي الحالي وإستبداله .

هل يقطف السراج الثمار من بوابة إسطنبول ؟

اليوم السبت وفى أول تصريح قد يضفي مصداقية على تخوفات وتوقعات أعضاء مجلس النواب بعد زيارة الأتراك لطرابلس ومبادلتهم الزيارة من قبل السراج ، قالت عضو مجلس الدولة ماجدة الفلاح بأن المجلس أجّل النظر في مقترح الجدول الزمني لإعادة تشكيل الرئاسي وذلك خلال جلسته التشاورية التي عقدت الخميس إلى حين انعقاد جلسة رسمية بعد عودة وفد المجلس ورئاسته من مؤتمر باليرمو في إيطاليا.

ماجدة الفلاح

وقالت الفلاح وهي قيادية فى حزب العدالة والبناء وعضو فى مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في تصريح لقناة ليبيا بانورما أن التوجه العام للمجلس الأعلي هو الاستفتاء علي الدستور أولاً قبل أي إنتخابات برلمانية أو رئاسية بدعوى تجنيب البلاد مرحلة إنتقالية رابعة وذلك في تعليقها علي إحاطة غسان سلامة الأخيرة أمام مجلس الامن ، بما يشير إلى أن إتفاق تغيير الرئاسي قد دخل إلى ” البرّاد ” .

على هامش الزيارة
فى سياق منفصل أعرب الطباخ التركي الشهير ” بوراك ” مدير مطعم المدينة فى إسطنبول عن سعادته بزيارة السراج مساء أمس لتناول وجبة من مطعمه تزامنت مع زيارة مماثلة إلى ذات المطعم بفارق ساعات قليلة قام بها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الذي يتواجد هو أيضاً فى إسطنبول وفقاً لما نشره الطباخ عبر حسابه الموثق فى موقع إنستغرام بينما تداولت تقارير أنباءً عن لقاء غير معلن بين الجانبين فى مقر إقامة أحدهما تركز حول ذات المواضيع .
إستقبال على الدرج !
أما فيما يتعلق باللقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فقد علّق بعض المتابعين على وسائل التواصل الإجتماعي الليبية معبرين عن دهشتهم لطريقة الإستقبال التي أٌستقبل بها السراج والكبير وسيالة وغيرهم من أعضاء الوفد على سلّم درج القصر بعكس ماجرت العادة وقد ظهر سيالة منهكاً من صعود الدرج ومحشوراً مع البقية فى مساحة ضيقة على  الردهة.

وعلى العكس ، جرت العادة أن يستقبل أردوغان ضيوفه المهمين على بوابة قصره الرفيع ذو الألف غرفة والمشيد على الطراز السلطاني العثماني القديم فى مراسم رسمية لا على عتبات نهاية درج الطابق الأول ومن ثم يصعد بهم للثاني حيث مكتبه وقاعة إجتماعاته التي شهدت توقيع إتفاقية بين وزارتي الصحة فى الحكومتين وهو الأمر الذي لفت المعلقين على وسائل التواصل.

https://youtu.be/MJ8TcUQFjrQ

 

سلامة والإنتخابات ومجلس النواب
وبالعودة إلى ملف الإنتخابات التي قال المبعوث الأممي غسان سلامة بأنها الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة فى البلاد بغض النظر عن كيفية الوصول لها ،فأن مجلس النواب قد إنحسرت الخيارات من أمامه فيما يبدوا ولم يعد لديه إلا خيار واحد لا ثاني ولا ثالث له ليصنع به الفرق والحدث فى حال تملص مجلس الدولة من إتفاقه معه بشأن إعادة تشكيل الرئاسي والحكومة .
القرار 5 لسنة 2014

ويتمثل هذا الخيار ، بحسب قانونيين ، فى أن يتجه مجلس النواب إلى تفعيل القانون رقم 5 لسنة 2014 بشأن إنتخاب رئيس مؤقت للبلاد بالانتخاب الشعبي المباشر وبقاعدة دستورية هي الإعلان الدستوري وتعديلاته متمثلة فى مقررات لجنة فبراير ( إضغط للإطلاع ) ويقلب بذلك الطاولة على الجميع بمن فيهم مجلس الدولة الذي يتنصل كل مرة من إلتزاماته معه رغم شرعيته المهلهلة وعدم صحة إتعقاده منذ اليوم الأول ، أو أن يبقى النواب منعزولون ومشتتون بين طبرق وطرابلس وبنغازي وتونس والأسكندرية فى إنتظار أن يكتب ” المؤتمر الوطني الجامع ” الذي تحدث عنه سلامة شهادة وفاة مجلسهم بلا رجعة فى أول أسبوع من السنة القادمة ، يقول مراقبون.

المرصد – خاص 
Shares