ليبيا – إتهم العضو المؤسس فى حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية عبدالرزاق العرادي ، إيطاليا بإفراغ مؤتمر باليرمو الذي عقدته حول ليبيا من محتواه حين عقدت مؤتمراً وصفه بالموازي داخل المؤتمر الأساسي فى إشارة ضمنية منه لإجتماع قادة الدول الذي إنعقد صباح أمس الثلاثاء .
وعبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك قال العرادي وهو عضو سابق بالمجلس الإنتقالي فى عدة تدوينات نشرها الأربعاء : ” لو كان الساسة ساسة لقاطعوا المؤتمر في الساعة التي أقصوا فيها من المؤتمر الموازي. أنصح هؤلاء بالإستقالة من مناصبهم ” وأضاف داعياً : ” يجب مقاطعة مسارات الدول التي تشوش على مسار البعثة فلا باريس ولا باليرمو ولا دكار ولا بوركينافاسو. ”
ولكن قبل إنعقاد المؤتمر وتحديداً فى ظهيرة يوم 12 نوفمبر وجه العرادي رسالة عبر صفحته إلى المجتمعين في باليرمو قبل أن يجتمعوا قائلاً : هناك خمس مشاكل كبيرة وأي منها أكبر من كل خلافاتكم مجتمعة إلا أن تكونوا شركاء في إرتكابها ، الإرهاب، ونهب المال العام، والجريمة المنظمة، واستباحة الحدود، والنزوح وأهواله. إطالة أمد الانقسام ستضيع معه ليبيا ، عليكم استرداد إرادتكم ووحدتكم ” قبل أن يعود الأربعاء ويدعو لمقاطعة المؤتمرات الخارجية .
وكان رئيس الوزراء جوزيبي كونتي قد عقد ذلك المؤتمر بحضور المشير خليفة حفتر وفائز السراج رئيس الرئاسي يرافقه وزير خارجيته محمد سيالة و الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري والتونسي باجي السبسي ووزير خارجيته خميس الجهيناوي ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي وكونتي ووزير خارجيته إينزو موافيرو ورئيس وزراء روسيا ديمتري مدفيدف ووزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ووزير خارجية الجزائر والمبعوث سلامة .
وفى الأثناء أعلنت تركيا وعلى لسان فؤاد قطاي نائب رئيسها أردوغان عن إنسحابها معبّرة عن خيبة أملها الكبيرة من المؤتمر وقالت : ” لم يتمكن المجتمع الدولي من التوحد هذا الصباح ، الأزمة الليبية لا يمكن حلها طالما استمرت بعض الدول في اختطاف العملية السياسية لمصالحها الخاصة. هؤلاء الذين تسببوا في الأزمة الحالية برمتها لا يمكن أن يساهموا في حلها”.
كما تغيب عن الإجتماع وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي إجتمع لاحقاً بشكل منفرد مع سلامة وعضو الرئاسي أحمد معيتيق قبل أن يظهر لاحقا فى صورة جماعية عقب إنتهاء كل شيئ ، واليوم الأربعاء إتهم المتحدث باسم القيادة العامة عميد أحمد المسماري الدوحة وأنقرة بالحضور إلى إسطنبول لحماية مصالح حلفائهم ” الإرهابيين ” مشيراً إلى أن هاتين الدولتين غير أعضاء فى مجلس الامن ولاحدود لها مع ليبيا وبالتالي فأنه لم يكن هناك أساس لحضورها المؤتمر برمته .
ولم تغب تركيا وقطر لوحدهما عن إجتماع قادة الدول الذي حضره فائز السراج والمشير خليفة حفتر وهو الغياب الذي قالت الصحف الإيطالية بأنه كان شرط حفتر للحضور ، بل غاب أيضاً رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة الإستشاري خالد المشري وعضو الرئاسي أحمد معيتيق، ليطرح بذلك هذا الغياب علامات إستفهام كبيرة عن مستقبل هاذين المجلسين فى الفترة القادمة وهو الذي كشف المبعوث سلامة عن بعض ملامحه فى إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن يوم 8 نوفمبر الجاري.
ومن جانبها قالت عضو مجلس النواب المقاطع حنان شلوف إن المرحلة الحالية التي تشهدها ليبيا عبارة عن صراع دولي بدء من مؤتمر باريس الذي وصل لنتائج تتلخص في إجراء انتخابات بشهر ديسمبر 2018 لتقوم إيطاليا بدورها على إفشال هذه النتائج رغبةً منها بوضع رؤيتها الخاصة بالإضافة لوجود دول أخرى تعاكسها في الرؤيا بدليل انسحاب الجانب التركي من مؤتمر باليرمو، مؤكدةً ان المسألة ليست مصلحة المواطن وليبيا لكنها مصالح هذه الدول داخل ليبيا لذلك أصبح القرار الليبي صناعة خارجية.
وإستطردت حديثها لقناة التناصح قائلة :”بالنسبة لمسألة حضور حفتر وهل هو من أفشل هذا المؤتمر نحن رأينا كيف تسيطر فرنسا عليه ولكن ما أفشل قمة باريس كان الجانب الإيطالي ولم يكن الجانب الفرنسي ولا حفتر، أتفاق الصخيرات وبعد مرور سنة وعندما خرج علينا تقرير مجموعة الأزمات خرج بأنه ليست الأطراف الليبية أو عدم التزامها بتنفيذ اتفاق الصخيرات هو ما افشله لكن ارجعتها للدول الخارجية والدول التي حضرت وباركت اتفاق الصخيرات”.
كما علقت على ما وصفتها بـ” الزوبعة الإعلامية ” التي أثيرت حول حضور المشير حفتر للمؤتمر من عدمه معتقدةً أن المسألة الآن تجاوزت حفتر نفسه فهو ورقة ما بين فرنسا وروسيا ومأمور بإعتباره طرف من أطراف اللعبة الدولية ككرت يتم استغلاله بشكل أو بآخر وذلك بحسب تعبيرها.
وأضافت :”قد يكون للحضور الفرنسي إيعاز منهم بالحضور لأنه هناك تصريحات من البداية بعدم حضوره وقد يكون من هذا الجانب ولا ننسى تصريحه من داخل باليرمو أنه فقط حضر من أجل البرنامج الامني ولم يحضر لحضور المؤتمر لا زلت أكرر انسحاب الجانب التركي كل هذا يعطي مؤشرات لفشل مؤتمر باليرمو وليس كما صرحت إيطاليا بنجاح هذا المؤتمر”.
فى ذات السياق نوّهت صحيفة إيطالية اليوم الاربعاء إلى أن مؤتمر باليرمو حول ليبيا أبرز جوانباً غير ثانوية بدءا من دور روسي قوي لملء الفراغ الدبلوماسي وليس فقط الذي تركته الولايات المتحدة الامريكية التي لا تعير إهتماماً كبير بمصير دول الشمال الافريقي.
صحيفة “إل صولي 24” أشارت وفقاً لما نقلته وكالة “آكي” للأنباء إلى أنه لا الرئيس الامريكي دونالد ترامب ولا وزير خارجية مايك بومبيو كانا حاضران في باليرمو في وقت تواجد فيه رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
وقالت إن روسيا ترتبط بعلاقات يمكن وصفها بأنها أكثر من ودية مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر و تستعد للعب دور مهم أيضاً في ليبيا.
ونوّهت إلى أن المردود التجاري المحتمل لموسكو لهذا الدور عند بدء عملية إعادة البناء في ليبيا بالإضافة إلى قطاع الطاقة هي اسباب ممتازة لمواصلة السير في هذا الطريق.
وإلى روما ، حيث نفى رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي أن تكون موسكو والقاهرة قد مارست ضغوط على المشير خليفة حفتر لحضور مؤتمر باليرمو، مشدداً على أنه إعتمد على “كلمة شرف” بالمشاركة في المؤتمر من طرف حفتر خلال لقاء جمعهما في روما نهاية الشهر الماضي.
كونتي قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وفقاً لوكالة “آكي” الإيطالية :”أريد أن أكشف النقاب عن شيء أنتم لا تعلمونه عندما جاء حفتر إلى روما قبل بضعة أسابيع ، التقيت به في ساعة متأخرة من الليل وبقينا حتى الساعة الواحدة صباحاً وبعد حوار مطول أعطاني الجنرال كلمة شرف بأنه سيأتي إلى هذا المؤتمر لم أكن قلقاً حتى عندما نشرت بعض المواقع الليبية أنباء تفيد بأنه لن يأتي”.
وحول الأدوار المفترضة من روسيا ومصر بهذا الصدد أوضح أنه لا يعلم ماهو الدور الذي لعبته الدول الأخرى، مؤكداً على أنه دائماً مقتنع بأن المشير حفتر سيأتي إلتزاماً بكلمته.
وأعرب عن أسفه لإنسحاب نائب الرئيس التركي من مؤتمر باليرمو، مشيراً إلى أن ذلك لم يغير الاجواء الايجابية خلال المؤتمر وأنه يتعين النظر بصراحة إلى واقع السيناريو الدولي بحضور 30 دولة معنية بشكل مباشر وغير مباشر بالسيناريو الليبي أي تعريض هذا الاجتماع لبعض الاحتقانات والحساسيات الخاصة فهي موجودة بين البعض من الدول المشاركة مقللاً بذلك من أهمية إنسحاب تركيا .
المرصد – خاص