جيش أوروبي موحد.. فكرة يواجهها أكثر من عقبة

فرنسا – في الوقت الذي أطلقت فيه فرنسا دعوة لإنشاء جيش أوروبي موحد لـ “حماية” أوروبا من روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة، تبرز تساؤلات كثيرة تطرح نفسها بهذا الصدد.

وأشار مقال لمجلة The National Interest الأمريكية إلى أن الجيش الأوروبي الموحد سيكون له العديد من “الحلقات الضعيفة”، أكبرها السياسية.

وتطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نوفمبر الماضي إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، ما أثار ردود فعل منزعجة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سخر من تصريحات ماكرون ومن التجربة التاريخية لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى تعزيز دور الناتو بدلا من التفكير في جيش أوروبي جديد.

ولفتت The National Interest إلى أن الاتحاد الأوروبي، خلافا لروسيا أو الولايات المتحدة، لا يعتبر جهة موحدة، وإنما هو تكتل اقتصادي قبل كل شيء، وليس “الولايات المتحدة الأوروبية”، مضيفة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و”تنامي الحركات الشعبوية في إيطاليا ودول أخرى لا يساهم في التكامل في القارة”.

وأشارت المجلة إلى أن المسؤولين البريطانيين قد رفضوا فكرة الجيش الأوروبي على اعتبار أنه “سيقوض وسيوازي الناتو”.

ومن التساؤلات بشأن فكرة الجيش الأوروبي الموحد، من سيتخذ القرارات فيه؟ وفي حال كان الاتحاد الأوروبي صاحب القرار، فهل سيتطلب ذلك قرارات توافقية تتخذ بالإجماع، مثلما يكون الأمر مع قبول أعضاء جدد في الاتحاد.

وكتبت المجلة تقول إن “النرويج واليونان قد تكون لهما أفكار متخالفة بشأن ما الذي يجب القتال من أجله”.

وفي حال كان الجيش مؤسسة غير مرتبطة بالسياسيين، فستكون هناك شكاوى من أن القرارات يتخذها بيروقراطيون غير منتخبين.

وفي حال شاركت في إنشاء الجيش فرنسا وألمانيا فقط، فهل سيكون ذلك جيشا أوروبيا بالفعل؟

ويرى المقال أن “أحد أسباب استمرار الناتو لـ 70 عاما هو أنه لم يضطر أبدا للقيام بأي شيء غير ردع السوفيت وتنفيذ عمليات محدودة في البلقان والمتوسط وإرسال قوة صغيرة لدعم الولايات المتحدة في أفغانستان”. وأضاف: “تصوروا لو حاولت الولايات المتحدة الدفع بالناتو نحو التدخل في حرب فيتنام”.

وفي الوقت الذي لا يلبي فيه إلا 4 أعضاء من أصل الـ 29 متطلبات الناتو فيما يخص إنفاق 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وتغطي الولايات المتحدة نحو 70 بالمئة من نفقات الناتو، هل توجد هناك ضمانات بأن الجيش الأوروبي سيكون ممولا بصورة أفضل؟

ومع التذكير بتشكيل لواء ألماني – فرنسي مشترك في عام 1989، تشير المجلة إلى أن إنشاء جيش قادر على القتال ضد “عدو” كبير مزود بالتقنيات المتطورة، مثل روسيا، سيحتاج إلى فرق وألوية كاملة مزودة بكافة التجهيزات التي يحتاجها جيش معاصر، مثل الغطاء الجوي ووسائل النقل الجوية والإلكترونيات ومنظومات استطلاعية والخ. وفي الوقت الراهن تقدم الولايات المتحدة معظم هذه القدرات والتجهيزات.

ويشار إلى أن التكامل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي أشد بكثير من التكامل السياسي. وأورد المقال قول نابليون بونابرت: “أفضل أن أقاتل تحالفا، على أن أكون جزءا منه”.

 

المصدر: The National Interest

Shares