المخدرات

تقرير | أسلحة ” الحرب الصامتة ” تواصل إستهداف الليبيين دون توقف

ليبيا- حرب مُعلنة ولكنها صامتة دون دوي قذائف المدافع أو أزيز الرصاص أو هدير الطائرات ، تشن على الليبيين وخاصة الشباب منهم ، سلاحها وعتادتها وذخيرتها المخدرات التي تتدفق على البلاد من كل حدب وصوب ومن كل صنف ونوع . 

بالأمس يضبط جمارك الخمس شحنة ليست بالهينة تقدر بـ 2000 حبة من مخدر ” الفلاكا ” المعروف بـ ” حبوب الزومبي ” وما على المتابع إلا أن نتخيل مشهد 2000 شاب قد إبتلع كل منهم واحدة من هذه الحبوب المجنونة ومالذي يمكن أن يسببه لنفسه ومحيطه بل وربما حتى لأقرب الأقربين من أسرته وأبنائه .

قبلها فى طرابلس وبنغازي ومصراتة وأجدابيا وطبرق وغيرها من المدن والمناطق ، يُعلن دورياً عن ضبط كميات من المخدرات التقليدية كالحشيش وغير التقليدية كالكوكائين والهيروين وأخيراً ” الزومبي ” بل و حتى المارجوانا والكبتاجون .

فى 12 يناير الجاري تمكنت عناصر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية منى ضبط مهاجرين غير شرعيين ولم يكونوا تقليديين كذلك حيث تم ضبط كميات من الحشيش والهيروين بحوزتهم فيما أعلنت وزارة الداخلية فى الحكومتين الوفاق والمؤقتة بأن هناك حرباً صامتة تشن على ليبيا وقودها هم الشباب الليبي وقد دفع المئات منهم فى السنة الماضية حياتهم نتيجة الإدمان .

الكمية المضبوطة فى جنزور

وفى 13 يناير الجاري أيضاً تمكنت عناصر شرطة النجدة ببنغازي من ضبط كمية من الحبوب المهلوسة ومخدر الحشيش فى منطقة أبوهديمة وأحالت المسؤولين عنها إلى النيابة .

الكمية المضبوطة فى بنغازي

وقبلها بأيام قليلة تمكن قسم النجدة ببنغازي أيضاً من ضبط كميات من مخدر الحشيش والحبوب المهلوسة المختلفة وأيضاً أعلن إحالة المسؤولين عنها إلى النيابة .

وبالتوجه غرباً إلى طرابلس ، فقد تمكن أعضاء الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية فى 7 يناير الجاري من  ضبط كمية من أقراص الهلوسة نوع “إكس تي سي” تقدر بحوالي 1500 قرص تم جلبها من هولندا إلى دولة ليبيا عن طريق المنفذ البحري ميناء الخمس بداخل مواد منزلية وكهربائية.

وفى نهاية ديسمبر 2018 تمكنت إدارة مكافحة المخدرات طرابلس من ضبط شخصين بحوزتهم مواد مخدرة وقبلها فى طبرق تمكنت سلطات المنفذ البحري هناك من ضبط أطنان من الحشيش مهربة على متن حاوية .

 

وفى ديسمبر أيضاً ، ضبطت اليونان سفينة كانت تتجه إلى مدينة بنغازي قادمة من ميناء اللاذقية السوري قبل اعتراضها واعتقال طاقمها المكون من 11 فردا  وكانت من ضمن الحمولة حاوية تحمل مخدرات تفوق قيمتها 100 مليون يورو أي أكثر من ربع مليار دينار ليبي .

حرب فتاكة

عند الحديث عن ضبط أي شحنة مخدرة هنا أو هناك ، فأن السؤال الأول الذي يظهر على السطح من باب ” ماخفي كان أعظم ”  هو كم من شحنة تمكن المهربون وتجار المخدرات من إدخالها إلى البلاد وكم من شاب فقد حياته أو إرتكب جريمة وهو تحت تأثير هذه المذهبات العقلية ؟ .

وفى الأثناء لا يبدوا بأن حملات التوعية التقليدية سواء كانت الأمنية أو الوعظية تأتي بأي نتيجة ملموسة فى ظل الإنفلات الأمني وتفاقم الضغوط الإجتماعية والنفسية والمعيشية بالنسبة للمتعاطين الذين يتوهمون بأن المخدرات هي متنفسهم ومهربهم من الواقع المأساوي الذي كل ماساء كل ما إرتفعت معه حصيلة وأعداد  المتعاطين وبالتأكيد فأن هذه العوامل ليست مبرراً على الإطلاق للإقدام على هذه الخطوة التي قد تكتب نهاية حياة صاحبها .

 

ومن المعروف بأن للمخدرات كمخدر الحشيش تأثيرات صحية طويلة الأمد على الأعصاب والمخ والجهاز التنفسي ،  أما الأخرى كالهروين فلها تأثير قاتل فى حال زادت جرعة التعاطي عن حد معين إضافة لوجود إمكانية كبيرة لنقل الأمراض المنقولة بالدم كإلتهاب الكبد الوبائي وفقدان المناعة ” الإيدز ” نظراً لأن تعاطي هذا المخدر يتم عن طريق الحقن بالدم  وما يزيد من الأمر سوءً هو الوضع المزري الذي يمر به القطاع الصحي فى ليبيا بشكل عام يستعصي معه توفير العلاج للمصابين بهذه الأمراض  .

 

أيضاً ، وخلال الفترة الماضية إرتفعت وتيرة الحديث عن مصادرة كميات من مخدر  ” الكوكائين ” وفى طرابلس تم ضبط كمية منه شهر سبتمبر الماضي تقدر بعشرة أكياس و كانت بحوزة تشكيل عصابي ومن ضمن الشحنة المضبوطة كان هناك كميات من الحشيش والحبوب المهلوسة التي يسبب زيادة تعاطي جرعات منها الوفاة وفى حالات أخرى يسبب الشلل أو بعض الأمراض الذهنية والجنسية نتيجة الإدمان على مركباتها الكيميائية  .

 

عراقيل وتحديات

كتأثيره على غيره من القضايا ،  يعتبر الإنقسام السياسي والمؤسساتي الذي أصاب البلاد عقب عملية فجر ليبيا من أهم العوامل التي تواجه عمل الأجهزة الأمنية النظامية المنقسمة أيضاً إضافة لوجود مئات العناصر غير المدربة  ولا المؤهلة التي تتصدر العمل الأمني فى البلاد وخاصة فى العاصمة طرابلس ومحيطها الأمر الذي يستغله تجار الموت فى تسيير تجارتهم .

يقول عناصر نظاميين من أجهزة مكافحة المخدرات بأن هناك مشكلة أخرى تواجههم وهي تمكن التجار من إحداث إختراقات فى صفوفهم بما يمكنهم من إدخال بضائعهم القاتلة وترويجها عبر تواطؤ من العناصر غير النظامية التي تتصدر شعار مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ويقولون بأن غالبية هؤلاء هم بالأساس من عناصر المجموعات المسلحة التي تم تنسيبها للعمل فى الأمن دون عقيدة أمنية أو تدريب .

هناك عامل آخر أيضاً ألا وهو الجانب المخابراتي الذي يقع على كاهل جهاز المخابرات الليبية الذي يتحتم عليه العمل على جمع المعلومات حول موجات تصدير المخدرات إلى ليبيا وتحديد من يقفون خلفها ودوافعهم فى ذلك إضافة لدور الجهاز فى الكشف المبكر عن أي مؤامرات من هذا النوع قبل حدوثها ، وفى الوضع الحالي فأن دور دوائر المخابرات يكاد أن يكون شبه معدوم .

حلول

يرى قدامى عناصر جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ، بأن من أهم العوامل الأخرى أيضاً ضرورة توفير التقنيات الحديثة من أجهزة إنذار ومسح وغيرها فى الموانئ والمطارات والمنافذ البرية الليبية مع تأهيل كوادر نظامية للعمل عليها بعيداً عن سطوة ” المليشيات المخترقة ” لتبقى المشكلة الكبيرة بحاجة إلى حل لن يكون سهلاً ألا وهي مكافحة التهريب عبر المناطق الصحراوية الحدودية المفتوحة مع دول الطوق وخاصة النيجر وتشاد ومصر والجزائر والأخيرة جرى ضبط كمية كبيرة من المخدرات كانت مهربة عن طريقها خلال الأيام الماضية  .

ولليبيا حدود تمتد لآلاف الكيلومترات مع هذه الدول إضافة لحدودها مع تونس والسودان ويكاد أن تكون السيطرة عليها بالكامل ضرباً من المستحيل والخيال فى ظل عدم دعم قوات الجيش الوطني النظامي بما يلزمه من إمكانيات لوجستية تمكنه من تفعيل حرس الحدود بشكل أكبر ودعمه مخابراتياً من خلال التنسيق الأمني مع دول الجوار كما كان يجري إبان النظام السابق .

كما يعتبر هؤلاء بأن تعيين شخصية قيادية قوية من قدامى جهاز مكافحة المخدرات أمر فى غاية الأهمية ، ومؤخراً  زاد الحديث عن دعوة رئيس الجهاز ما قبل سنة 2011 إسماعيل الكرامي لتولي وظيفته التي كون حولها خبرات تراكمية إمتدت لسنوات طويلة  ، وإلى أن يتحسن الوضع السياسي بتغيير ينعكس على الوضع الأمني تبقى هذه الآفة بكل آثارها المدمرة آخذة فى الإنتشار وتحصد أرواح الشباب الليبي ومقدراته وموارده  دون توقف .

المرصد – خاص

Shares