وثيقة | شكشك يحيط السراج والكبير بإلغاء قرار ميزانية 2019 البالغة 46 مليار دينار

ليبيا – أوقف رئيس ديوان المحاسبة في طرابلس خالد شكشك تنفيذ قرار المجلس الرئاسي الممهور بتوقيع رئيسه فائز السراج ذي الرقم 375 / 2019 بشأن إقرار ميزانية سنة 2019 البالغة 46.8 مليار دينار ليبي موصياً بإلغاء القرار وإعادته إلى اللجنة المالية لإعداد مشروع الميزانية بوزارة المالية وفقا للتشريعات والضوابط المنظمة لإدارة واستعمال المال العام.

وفي نسخة من كتاب شكشك الصادر مساء الخميس والذي تحصلت صحيفة المرصد على نسخة منه وعلمت من مصادرها بأن تعميمه سيجري صباح اليوم السبت على الجهات المعنية به وهي ، رئيس وأعضاء الرئاسي ، مصرف ليبيا المركزي ووزارات المالية ، الإقتصاد ، والتخطيط ، شدد رئيس ديوان المحاسبة على أن بنوداً في قرار إقرار الميزانية الصادر عن الرئاسي ترقى إلى مستوى جنايات الجرائم الإقتصادية المنصوص على عقوبتها في المادة 14 من قانون العقوبات الليبي .

وتترواح عقوبة الجرائم الإقتصادية وفق قانون العقوبات الليبي بين العقاب بالسجن من 3 – 15 سنة وتصل إلى المؤبد والإعدام ، في وقت أكد فيه رئيس ديوان المحاسبة بأن قرار الرئاسي بشأن إقرار  ميزانية 2019 لم يراعي الظروف الحالية للدولة ولا ترشيد الإنفاق ولم يوضع وفق خطط مدروسة كما كشف عن مخالفات فيه منها على سبيل المثال تخصيص مبالغ بالملايين لديوان الرئاسي وأخرى لديوان رئاسة الوزراء رغم أنهما جهتين غير منفصلتين عن بعضهما البعض إضافة للميزانية الضخمة المخصصة لوزارة الخارجية ومكاتبها بالخارج دون مراعاة تقليص الإنفاق .

وكشف كتاب رئيس ديوان المحاسبة أيضاً عن وجود مخالفات في مناقلات داخل الباب الواحد يضاف لها تخصيص ميزانية للتنمية في ظل عدم وجود خطط تنموية واضحة أصلاً إضافة لمخالفة قرار إقرار الميزانية برمته للاتفاق السياسي والقانون المالي للدولة الليبية وعدم تضمنه أي خطط إصلاحية مع عدة مخالفات جوهرية وجسيمة أخرى تستدعي وقف تنفيذ القرار.

وفي مايلي تنشر صحيفة المرصد النص الحرفي الكامل لكتاب رئيس ديوان المحاسبة وأسباب توصيته بإلغاء قرار تنفيذ ميزانية 2019 :

السيد المحترم / رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق

بعد التحية ..

بالإشارة إلى القانون رقم (19) لسنة 2013م بشأن إعادة تنظيم ديوان المحاسبة، وإلى ما أنيط به من اختصاصات وفقا للمادة (22) بشأن التاكد من تطبيق القوانين والقرارات واللوائح المالية للتحقق من تطبيقها وكفايتها وملاءمتها للتطورات التي تستجد على الادارة العامة بالدولة واقتراح التعديلات المؤدية الى أوجه النقص فيها، وكذلك المادة (38) من لائحته التنفيذية بشان تولي الديوان تقديم المعلومات الاستشارية وابداء الراي بخصوص التشريعات المتعلقة بالأمور المالية والادارية خصوصا فيما يتعلق بقوانين الميزانيات العامة .

وإلى الفقرة السادسة من المادة (9) من الاتفاق السياسي الليبي الموقع بتاريخ 17 ديسمبر 2015م والتي نصت على اختصاص مجلس الوزراء وضع وتنفيذ ترتيبات مالية طارئة عند الاقتضاء بعد اجراء المشاورات اللازمة مع مصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة والجهات الرقابية ذات العلاقة وفق احكام القانون المالي النافذ.

ومن خلال ما تم بالاجتماعات المنعقدة حول الترتيبات المالية الطارئة للعام 2019م وبعد الاطلاع على قرار المجلس الرئاسي رقم 375 لسنة 2019م بشان اقرار ترتيبات مالية طارئة للعام 2019م، وكذلك القرار رقم 376 لسنة 2019 بشان اقرار برامج ومشروعات التنمية ورقم 377 لسنة 2019 بشأن الدين العام الأمر الذي استوجب التنبيه بالتالي

– يعتبر قرار الترتيبات المالية المشار إليه بديل للموازنة العامة للدولة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الدولة، وبالتالي يجب أن يتم إعدادها واعتمادها وفق ما تنص عليه التشريعات واللوائح المنظمة لإعداد واعتماد الموازنة العامة باستثناء الإقرار، حيث جاءت الفقرة (6) من المادة (9) من الاتفاق السياسي كاستثناء دستوري محدود يقتصر على اعتماد قرار تخصيص الأموال التي هي من صلاحيات السلطة التشريعية الى مجلس الوزراء .

– بشرط أن تكون الترتيبات طارئة والتشاور مع ديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي وهو بالتالي لا يعد تفويض للمجلس الرئاسي بمهام السلطة التشريعية ولا يجوز الانحراف على هذه الشروط او استعمال النص المحدود و مخالفة القوانين المنظمة لإدارة واستعمال المال العام نظرا لما لوحظ من وجود العديد من الانحرافات عن ضوابط اعداد واعتماد الموازنة العامة بالإضافة الى وجود عدد من المخالفات للتشريعات النافذة كما سيتبين من الفقرات التي سترد ادناه.

– صدور القرار من المجلس الرئاسي وليس من مجلس الوزراء كما ينص الاتفاق السياسي بالإضافة إلى عدم الالتزام باستكمال التشاور والتنسيق فيما بين أعضاء المجلس الرئاسي من جانب وبين المجلس الرئاسي وديوان المحاسبة والمصرف المركزي من جانب آخر .

– افتقاد قرار الترتيبات لأي شكل من اشكال الاصلاح المالي أو الاقتصادي سواء من ناحية ترشيد الانفاق ووضع ضوابط للإنفاق او تحسين الجباية هذا بالإضافة الى انه لم يعكس اي رؤية تشير الى اتباع سياسة مالية متوازنة حيث تم توسيع الأنفاق وإنشاء جهات ومراكز إدارية جديدة بعكس ماهو مفترض في حالات التضخم التي يعاني منها الاقتصاد الليبي نتيجة المبالغة في تقديرات مصادر التمويل بمقارنتها بالمحقق خلال عامي 2017، 2018 وبالمخالفة لما قدمته الجهات المعنية بجباية الإيرادات بالتقديرات المعدة بمعرفتها هذا بالإضافة إلى استعمال اغلب إيرادات رسوم النقد الأجنبي التي تعتبر مرحلية موقتة في إنفاق تسييري.

– وجود مغالطة بديباجة القرار التي تم صياغتها بشكل يوحي بأنن صدر واعتمد بناء على التشاور مع ديوان المحاسبة الأمر الذي لم يتم في الواقع.

– اعتراض وزير المالية على الجداول المقدمة بالاجتماع المذكور والتي تم اعتمادها ضمن قرار الترتيبات موضوع الكتاب حيث صرح رسمياً بأنها مخالفة للمشروع المعد من اللجنة المالية المشكلة من وزارة المالية بموجب القانون المالي للدولة.

– لم تتضمن الميزانية لكافة الموارد المقدر تحصيلها بالدولة حيث تم وضع تقديرات الموارد النفطية والسيادية وإدراج بند خاص بموارد رسوم مبيعات النقد الأجنبي كمتمم حسابي دون أي أساس علمي او مهني .

– مخالفة المادة 3 من قرار الترتيبات المالية للقانون المالي للدولة الذي منح مجلس الوزراء صلاحيات المناقلة فيما بين البنود داخل الباب الواحد وبشرط وجود وفر بنود أخرى كما ان ادراج المشروعات ضمن هذه المادة ينطبق عليها نص المادة 14 من قانون الجرائم الاقتصادية الذي منع استعمال مخصصات التنمية في اغراض غير تنموية.

– كما خالفت المادة 3 المشار اليها نص الاتفاق السياسي الذي اشترط في اقرار الترتيبات المالية الطارئة التشاور مع ديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي وحيث أن المناقلات تعتبر تعديل للترتيبات فإنها ينطبق عليها ما يشترط الترتيبات مخالفة نص المادة السابعة من قرار الترتيبات التشريعات المالية ويتعارض مع قرار الترتيبات نفسه حيث جاء النص بجواز استعمال مخصص المتفرقات 2 العجز والنفقات الضرورية الطارئة وكان الصحيح هوان تكون لتغطية العجز والنفقات الضرورية غير المخصصة.

– وجود عيوب شكلية بالجداول الواردة بالمادة الأولى حيث تم تعريفها بجداول تقديرات إيرادات ومصروفات العام 2018م في حين أن قرار الترتيبات يتعلق بتقديرات العام 2019م.

– تضمنت الجداول المرفقة بقرار الترتيبات المالية على زيادات مبالغ فيها لبعض الجهات تم إجراءها من قبل المجلس الرئاسي على التقديرات المقدمة من وزارة المالية دون أساس واضح

– غياب التنسيق بين وزارة المالية ووزارة التخطيط فيما يخص تقديرات الباب الثالث.

– عدم حصر المبالغ المفوض بها المسيلة من مخصصات الباب الثالث من الترتيبات المالية 2018 والتي لم يتم صرفها ونصت عليها أحكام المادة (11) من قرار الترتيبات المالية لسنة  2019 بترحيلها إلى العام المالى 2019 مع انها تعد مصدر من مصادر تمويل الإنفاق للعام 2019 ويمثل ترحيلها استخدامات اضافية للباب الثالث لم ترصد خلال العام وتعد بمثابة تعلبة البواقي اعتمادات الترتيبات المالية للتفويضات التي لم تصرف بالمخالفة لأحكام المادة (7) من قانون النظام المالي للدولة .

– لم تولي الترتيبات المالية 2019 العناية اللازمة لمقتضيات التخطيط المالي السليم والتي على ضوئها يتم تحديد تقديرات نفقات الدولة وفق دراسة علمية دقيقة لاحتياجاتها في ظل الأولويات الموضوعة لها، مع الأخذ في الاعتبار مؤشرات ارقام العام الماضي الخاصة بالإنفاق عن السنوات السابقة واتجاهاتها المستقبلية وخلق الكثير من حالات التجاوز بالباب الأول لدى العديد من الجهات الممولة من الترتيبات المالية من خلال رصد مخصصات اقل من احتياجاتها الفعلية وفق المنظومة الرقم الوطني ودون الأخذ في الاعتبار مؤشرات الارقام الفعلية للعام الماضي بما سيؤدي  إلى تكرار الغاء الترتيبات في نهاية السنة بتعديلها بعد الإنتهاء منها ومن هذه الجهات جامعة طرابلس ومرتبات شهداء الواجب ومن جهة اخرى لخلق وفر في مخصصات الباب الأول لبعض الجهات بالمنطقة الشرقية مما يثير الشكوك حول الغرض من مناقلات لجهات اخرى كما حدث بترتيبات العام السابق .

– عدم وضع ضوابط وشروط لأوجه صرف البنود المركزية وأهمها العلاج بالخارج والمتفرقات والعمل السياسي بحيث يمكن تفادي ما شهدته السنوات السابقة من إهدار في إنفاقها ويضمن العدالة في توزيع الموارد المتاحة .

– عدم سداد قسط قرض صندوق الجهاد ضمن الترتيبات المالية .

– شاب تقديرات الترتيبات المالية ملاحظات سبق للديوان أن نبه عنها اثناء التشاور معه بشأن الترتيبات المالية 2018 نورد منها الآتي :

– عدم الافصاح عن الأرصدة الدفترية المتبقية لدى الجهات وإظهارها ضمن رسوم الخدمات العامة بمبلغ (520) مليون دينار.

– فصل مخصصات المجلس الرئاسي عن ديوان مجلس الوزراء وفرد مخصصات مستقلة للمجلس مع أن الهيكلية الإدارية للرئاسي تعبر عن الاختصاصات التي يمارسها المجلس .

– تخصيص مبالغ لصندوق جبر الضرر، مع عدم وجود برنامج واضح يبين أوجه الصرف المزمع تنفيذها وكان من الأجدر رصد مبلغ تأسيسي لبناء هيكلية إدارية له تعنى بوضع برنامج طويل المدى لمعالجة هذا الملف

– مخالفة قراركم رقم 376 لسنة 2019 للتشريعات النافذة والاتفاق السياسي على حد السواء حيث لا يجوز اصدار قرار مبهم بتخصيص أموال المشروعات تنموية لم يتم تحديدها اساسا ناهيك عن أن الاتفاق السياسي لم يجز للمجلس الرئاسي اقرار ترتيبات غير طارئة منفردا، ويقودنا ذلك إلى التنبيه حول المغالطة الواردة بديباجة القرار والتي تم صياغتها بطريقة توحي بانه صدر واعتمد بناء على تشاور واتفاق مع ديوان المحاسبة الأمر الذي ينافي الواقع.

عليه ولكل ما سبق فإن الديوان يوصي بإلغاء القرارات المذكورة أعلاه وإعادتها إلى اللجنة المالية لإعداد مشروع الترتيبات المالية بوزارة المالية وفقا للتشريعات والضوابط المنظمة لإدارة واستعمال المال العام وإظهارها في وثيقة واحدة تعبر عن إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية وعرضها على ديوان المحاسبة والمصرف المركزي في وقت ملائم للتشاور حول إقرارها بمراعاة الملاحظات المنوه عنها أعلاه.

وتقبلوا فائق التقدير والاحترام.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خالد أحمد شكشك

رئيس ديوان المحاسبة

Shares