“البترودولار” سلاح ذو حدين أمام ضغوطات “نوبك” الأمريكية

السعودية – نفت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، نيتها بيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي، فيما حذّر خبراء من تداعيات انهيار نظام “بترودولار” المعمول به منذ سبعينات القرن الماضي. 

ففي العام 1973، وافق العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز، على قبول الدولار كعملة وحيدة لشراء النفط، مقابل تقديم أمريكا الحماية العسكرية لحقول النفط في بلاده.

وأقدمت دول “أوبك” الأخرى على تلك الخطوة في 1975، وبالتالي نجحت واشنطن بربط الدولار بالنفط بدلا من الذهب، والذي كان معمولا به إبان اتفاقية “بريتون وودز” عام 1944.

أخبار صحفية مؤخرا، ذكرت أن الرياض تهدد ببيع نفطها بسلة عملات بدلا من الدولار الأمريكي، في حال تفعيل مشروع قانون “نوبك”، الذي يفرض عقوبات على منتجي الخام.

وفي 8 أبريل/ نيسان الجاري، قالت وزارة الطاقة السعودية، إن ما يتردد مؤخرا من مزاعم بشأن تهديد الرياض ببيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار، “معلومات تفتقر إلى الدقة”.

وتقول السعودية إنها عكفت على بيع نفطها بالدولار على مدى عقود عديدة، وهو ما يفي بمستهدفات سياساتها المالية والنقدية على نحو جيد.

والسعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، على الرغم من أنها تأتي ثالثا في حجم الإنتاج بعد كل من روسيا والولايات المتحدة.

وأكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، بقاء الدولار الأمريكي كعملة معتمدة لمبيعات وتجارة النفط الخام لبلاده، مع الخارج.

من جانبه، شدد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، خلال مناسبة في دبي، أن التجارة الخارجية بعملة غير الدولار، لا تتم بين ليلة وضحاها.

ومنذ عام 2000، خرج أعضاء في الكونغرس الأمريكي بمقترح قانون يعاقب كبار منتجي الخام في العالم تحت اسم “نوبك”، لما وصفوه “تحكمهم” في إمدادات النفط الخام للعالم، وبالتالي التحكم في الأسعار، لكنه لم يقر بعد.

ويستهدف مشروع القانون تغيير السماح بمقاضاة منتجي “أوبك” بتهمة التواطؤ، وسيجعل تقييد إنتاج النفط أو الغاز أو تحديد أسعارهما مخالفا للقانون، ويزيل الحصانة السيادية، التي تقضي المحاكم الأمريكية بوجودها بموجب القانون الحالي.

وحدد خبراء اقتصاديون في أحاديث منفصلة مع الأناضول، تداعيات للتخلي عن بيع النفط مقابل الدولار، أبرزها تراجع الطلب على الدولار وارتفاع الفائدة الأمريكية وربما نشوب حرب عالمية.

وفي 1971، قررت الولايات المتحدة فك الارتباط بين الدولار والذهب بعد طباعتها لكميات كبيرة من الدولارات أكثر مما تمتلكه من ذهب، بسبب حرب فيتنام، ما أدى الى انخفاض سعر الدولار.

وأجبر ذاك التحول، جميع الدول المستوردة للنفط على تكوين إمدادات ثابتة من الدولار لشرائه، واضطرت لتصدير السلع إلى الولايات المتحدة، مقابل دولارات لا تكلف الفيدرالي الأمريكي سوى طباعتها الزهيدة.

المحلل الاقتصادي محمد عبد الحكيم، في حديثه للأناضول، أكد أن التهديد بالتخلي عن الدولار في تسوية معاملات النفط من جانب الدول المصدرة “مشروع”، في مواجهة التهديدات الأمريكية، ولكنه “مخيف” في نفس الوقت.

ويشير عبد الحكيم للأناضول، إلى أن النفط ليس مجرد سلعة تجارية عابرة، بل من أهم السلع في التجارة الدولية، إضافة إلى أهميته كسلاح تفاوض وضغط في بعض الأحيان، ويمثل أهمية عسكرية من أجلها تقوم الحروب والصراعات.

“النفط يمثل السلعة الأساسية تقريبا، التي تقوم عليها اقتصادات الدول المنتجة للذهب الأسود، سواء في السعودية وباقي أوبك وغيرها”، بحسب المحلل الاقتصادي.

ويرجح عبد الحكيم، أن الولايات المتحدة “لن تمضي قدما في تنفيذ تهديداتها ضد أوبك، في حال التهديد بصوت مرتفع بالتخلي عن الدولار في تسوية المعاملات النفطية”.

بينما المحلل الاقتصادي محمد زكريا، يقول إن تخلي الدول المنتجة للنفط عن الدولار في تسوية التعاملات يؤدي إلى عدة تداعيات، أبرزها خفض الطلب على الدولار، وبالتالي تراجع سعره.

وأضاف زكريا للأناضول، أن انخفاض قيمة الدولار بعد تراجع الطلب عليه، سيدفع الحكومة الفيدرالية إلى رفع أسعار الفائدة على سنداتها، لكي تتمكن من بيعها لمشترين جدد، وبالتالي ترتفع أسعار الفائدة (تكلفة رأس المال)، عبر الاقتصاد الأمريكي بأكمله.

في فبراير/ شباط الماضي، حذر وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري، من تداعيات تمرير مشروع قانون في الكونغرس يسمح بمقاضاة “أوبك”، معتبرًا أنه “قد يكون له أثر غير مقصود في ارتفاع أسعار النفط على المدى الطويل”.

وفي 26 مارس/ آذار 2018، أصدرت الصين وبشكل رسمي أول عقود نفط مستقبلية مقومة بعملتها المحلية اليوان.

وفي 2015، أعلنت روسيا أكبر منتج نفطي أنها ترغب في تنفيذ جميع عمليات شراء الخام مع الصين باستخدام اليوان.

وخلال الفترة الماضية، حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “أوبك” مرارا على تعزيز إنتاج النفط من أجل خفض الأسعار.

وكتب ترامب على تويتر مؤخرا “من المهم للغاية أن تزيد أوبك تدفق النفط. الأسواق العالمية هشة، وسعر النفط يرتفع أكثر من اللازم.. شكرا!”.

 

الأناضول

 

Shares