تقرير | بلحاج يتمكن من سياسات الرئاسي بتكليف الضراط للسراج..وشورى بنغازي أيضاً !

ليبيا – أصدر رئيس الرئاسي فائز السراج الأحد قراره المثير للجدل رقم 610 لعام 2019 بشأن إنشاء مكتب السياسات العامة التابع له مرجعاً قراره هذا إلى دواعي المصلحة العامة وأوضح في المادة الاولى منه بأن المكتب سيتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة ، مبيناً بأن مكان المكتب سيكون مدينة طرابلس وتكون تبعيته له . 

وكشفت المادة الثانية من ذات القرار على أن مهام المكتب تتمثل في دعم المسار الديمقراطي والبناء المؤسسي وتعزيز الوحدة الوطنية ، كما سيناط به مهام إعداد خطط واستراتيجيات عمل في مجالات السياسة العامة الداخلية والخارجية لتحقيق المصالح العليا للدولة بحسب نص القرار.

كما سيتكفل المكتب الاستشاري الجديد للسراج بوضع الخطط والبرامج التي من شأنها تعزيز قدرات الدولة في مواجهة التهديدات والتعامل مع الازمات والكوارث في ظل حملة إنتقادات وتحريض واسعة شُنت من طرف الإسلاميين على مستشاري السراج وخاصة الطاهر السني وتاج الدين الرزاقي وآخرين على إعتبار أنهم متورطون في ما يسميها هؤلاء ” الحرب على طرابلس ”   .

ومن مهام هذا المكتب أيضاً رصد الرأي العام والتعاطي معه بموجب دراسات وأبحاث بالخصوص ، كما سيتابع الاوضاع المحلية العامة وجمع وتحليل البيانات والمعلومات بشأنها وعرضها على المجلس الرئاسي .

وسيقرأ المكتب الجديد الاحتمالات حول المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها الدولة حاضراً ومستقبلاً واقتراح المعالجات المناسبة للتعامل معها ، وسيتكفل أيضاً بتطوير أساليب معالجة المشاكل والمعوقات التي تطرأ في القضايا السياسية العامة .

وبشأن من يرأس هذا المكتب أصدر السراج قراره رقم 611 لعام 2019 كلف من خلاله عضو مجلس النواب المقاطع عن مدينة مصراتة محمد ابراهيم الضراط  بمهام مدير عام مكتب دعم السياسات العامة لرئيس الرئاسي .

السراج والضراط ..تناقض !

هو محمد إبراهيم علي الضراط عضو مجلس النواب المنقطع عن مصراتة وقد فاز بـ 2085 صوت في تلك الإنتخابات ولم يلتحق بعمله حتى لساعة واحدة وعوضاً عن ذلك أعلن تأييده المطلق والشديد لعملية فجر ليبيا التي حددتها الخارجية الأمريكية العام الماضي كحدث تسبب في تدمير المسار السياسي بالبلاد وإنقسام المؤسسات وما لذلك من تبعات ، وهو ذات التقييم الذي وصلت له لجنة عقوبات الأمم المتحدة .

من خلال توجهاته المعروفة التي عبر عنها طيلة السنوات الماضية في إستضافات أمتدت لعشرات الساعات عبر قناتي التناصح والنبأ لا يخفي الضراط رفضه القاطع لمبدأ الحوار ولا يؤمن إلا بالعنف حتى تجاه المجلس الرئاسي نفسه الذي كان يصفه بالعمالة والخيانة مع تقديمه الولاء التام للمفتي المعزول من مجلس النواب الصادق بن عبدالرحمن الغرياني .

ليس ذلك فحسب بل أن الضراط قد إمتنع عن الإنضمام لما يعرف بـ ” التجمع السياسي لنواب مصراتة ” الذي يضم ممثلي المدينة في مجلسي النواب والدولة من بينهم فتحي باشاغا وعبدالرحمن السويحلي وبلقاسم قزيط ، وكان يؤكد بأن هؤلاء جميعاً كانوا من داعمي فجر ليبيا لكنهم تراجعوا عنها معتبراً هذا الموقف بمثابة الخيانة .

الضراط يحتفل بحكم المحكمة بذبح جدي

ولهذا الشخص واقعة شهيرة وهي تقربه إلى الله بـ ” ذبيحة جدي ” يوم صدور حكم المحكمة العليا المفسر الخطأ بشأن مشروعية مجلس النواب وهو المجلس الذي كان يصفه الضراط بالمنحل والساقط بينما كان السراج عضواً فيه ويقيم في طبرق قبل أن ينقطع هو الآخر ويتم إختياره بطريقة لازالت مجهولة حتى اليوم كرئيس للرئاسي نهاية عام 2015  .

شورى بنغازي

المنعطف الأهم في توجهات الضراط هو تأييده الأعمى والشديد والمطلق للمليشيا الإرهابية المتحالفة مع تنظيم داعش والمسماة ” مجلس شورى ثوار  بنغازي ” بقيادة المقتول وسام بن حميد الذي لا يخفي مطلقاً إعجابه به بل وبدعمه له بكافة الإمكانات بما في ذلك السلاح عبر ما يعرف بـ ” جرافات الموت ” ، هو وسام الذي أكد عضو جماعة الإخوان المسلمين المؤسس في حزب العدالة والبناء عبدالرزاق العرادي يوم مقتله بأنه عقد ما أسماها ” بيعة قتال ” مع التنظيم .

يتمتع الضراط بعلاقة عميقة جداً مع المطلوب لمكتب النائب العام عبدالحكيم بلحاج رئيس حزب الوطن الأمير السابق للجماعة الليبية السابقة وهو عضو بارز في هذا الحزب وتولى مهام رئاسة مكتبه في مصراتة وأشرف على الحملة الإنتخابية للحزب في هذه المدينة خلال إنتخابات المؤتمر العام التي مني فيها بلحاج بهزيمة ساحقة تمثلت بعدم فوز الحزب بأي مقعد.

محمد الضراط عقب إجتماع لحزب الوطن على يمين الصورة رئيس الحزب عبدالحكيم بلحاج والمنظر الجهادي محمد بعيو

يرفض الضراط أيضاً التعامل مع الأمم المتحدة ويكن العداء الشديد لباريس والقاهرة على وجه الخصوص لكنه لا يخفي إنبهاره وعشقه للنظام التركي ويرى في أنقرة وحزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان نموذجاً جدير أن يحتذى به .

في 5 أبريل خرج رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان عبر قناة 218 مؤكداً حقيقة وجود صلات بين ما يسمى مجلس شورى ثوار بنغازي والإرهاب وقال في ذلك اللقاء بأنهم جماعة الا تؤمن بالعملية السياسية والديمقراطية وهو أيضاً ما أكده المجلس بنفسه في بياناته الرسمية، بينما يتمسك الضراط بتأييدهم بل ويتم تكليفه من قبل السراج بتولي مهام دعم المسار الديمقراطي والبناء المؤسسي !.

هل رهن السراج نفسه ؟

من واقع دلالات السنوات الماضية ولمن يعرف الجانب المدني من شخصية فائز السراج قبل توليه مهام رئاسة الرئاسي من خلال عمله في هيئة الحوار الوطني لا يمكن له أن يجد أي قاسم مشترك مع محمد الضراط على أي صعيد من الصعد ، الأمر الذي يطرح علامة إستفهام كبيرة حول إختياره لهذه الشخصية للترأس هذا الموقع الهام  .

ولأن من إختصاصات هذا المركز الذي أسسه السراج وكلف به الضراط هي رسم الخطط وإسترتيجيات العمل الخاصة به في مجالات السياسة العامة ، فهذا يعني بأن قرارات رئيس المجلس الرئاسي أو على الأقل جزء منها ستكون رهينة لما سيرسمه وما سيقرره زميله في مجلس النواب محمد الضراط بناءً على أفكاره وتوجهاته وأيدولجيته المحسوبة على الجناح المتشدد في مصراتة .

لقد أثار القرار صدمة في أوساط بعض أعضاء مجلس النواب ليس من غير الداعمين للوفاق بل الداعمين له من المجتمعين في طرابلس وبعث أحدهم برسالة لـ المرصد قائلاً بأن السراج لم يحيطهم علماً بهذه الخطوة كما أن الضراط لم يتواصل بهم أسوة ببقية المنقطعين الذين إجتمعوا في ريكسوس وأدوا اليمين الدستوري في واقعة لم تلقى أي إهتمام دولي أو أممي على الإطلاق .

خيار لا ثاني ولا ثالث له

وفق أبسط قواعد الحكم الرشيد التي يدعي المجلس الرئاسي ورئيسه إتخاذها منهاج عمل لهم فأن معيار الكفاءة والإستقلالية من اهم معايير تولي مثل هذه المناصب ، فمن ناحية الكفاءة السياسية يحمل الضراط شهادة بكاليورس هندسة كهربائية أم على صعيد تجربة العمل السياسي المهني فهو مدير لشركة صغرى تعمل في مجال الصناعات الحديدية إضافة لترأسه سابقاً مهام رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة مصراتة .

السيرة الذاتية للضراط

خلال الفترة الماضية نشرت بعض الوكالات الإعلامية المحلية والدولية عن سيطرة مختلف التيارات السياسية والعسكرية في مصراتة على المجلس الرئاسي ورئيسه وسياساتهم على ثلاثة أصعد هي العسكري من خلال فتحي باشاغا ومحمد الحداد وبعض ” الكتائب المصراتية الكبرى ” التي إلتحقت بمعركة طرابلس والتشريعي عن طريق التحشيد المضاد لمجلس النواب في طبرق من طرف محمد الرعيض إضافة لنفوذ أحمد معيتيق داخل المجلس وقد وقع الأخير عقداً مع شركة علاقات عامة أمريكية لتسويق نفسه كقيادي من ” مصراتة القوية ” للقفز على عوار وضعف السراج .

أما اليوم وبهذا القرار فقد سلّم السراج حتماً قرار رسم سياساته الداخلية والخارجية مع بعض الأموال كذمة مالية مستقلة لقطب آخر من مصراتة يمثله محمد الضراط المثير للجدل ولمن بقف خلفه كمجلس الحكماء والشورى بقيادة إبراهيم بن غشير المعروف بمواقفه المتشددة جداً تجاه كل المسائل العامة ولإنعدام معيار الكفاءة في هذه الحالة فأنه لم يبقى سوى إحتمال واحد لإقدام السراج على هذه الخطوة بما لها من أهميتها وهو أن الرجل قد فقد كل أمل من المجتمع الدولي ولم يعد يكترث بهويات وتوجهات من سيعملون لصالحه أو حتى بصورتهم أمام الرأي العام المحلي والدولي في هذا الظرف الكارثي بالنسبة له هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك إرتهانه لهذه التيارات والمجموعات من مصراتة بما لها من ثقل عسكري يوظفه السراج ويتصدرهم فتحي باشاغا الذي بدا مؤخراً وكأنه الرئيس الفعلي للحكومة ، يقول مراقبون .

الباحث السياسي في الشأن الليبي عبدالله المختار قال لـ المرصد بأن السراج وبميوله نحو شخصيات وتيارات كهذه كانت تعادي خليفة حفتر ولا تتورع في إظهار الولاء لمجالس شورى تنظيم القاعدة في درنة وبنغازي لم يصبح أكثر خصومة لحفتر فقط بتوظيفه لهؤلاء في معاركه لأجل بقاء عرشه بل لقطاع واسع من الشعب الليبي وخاصة في شرقي البلاد وبأن الاهم من ذلك هو إثباته لزيف مزاعمه عن رفضه لإرهاب هذه المجالس التكفيرية كما كان يدعي خلال السنوات الماضية علناً في بيانات رسمية كان يصدرها بختم وتوقيع الرئاسي .

المرصد – خاص

Shares