تقرير | لماذا يطالب الغويل وبويصير بفتح ” جبهة حرب ” على الحقول والموانئ النفطية ؟

ليبيا – إعتبر المستشار السياسي المنشق عن القيادة العامة الليبي الأمريكي محمد بويصير إن عدم قبول التفاوض مع ” خليفة حفتر  ” لا يمكن أن يكون خيارًا عمليًا طالما بقى قريبًا من طرابلس، وكذلك استمراره في السيطرة على الهلال النفطي ملمحاً لضرورة مهاجمة المرافق النفطية .

وقال بويصير في تدوينة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك ” أن تحقيق هذا المطلب السياسي يحتاج لترسيخه على الأرض أولاً، أي بإبعاد حفتر عن طرابلس وأيضاً إخراجه من منطقة إنتاج وتصدير النفط ” .

وكضرورة على شن تنفيذ هجمات لنزع سيطرة الجيش على المناطق النفطية المستقرة ، قال بويصير : ” إن لم يتحقق ذلك،، لن يكون حفتر على طاولة المفاوضات فقط بل سيكون على أهم مقاعدها ” .

وإعتبر المستشار المنشق بأن ليبيا في نظر العالم هي مناطق إنتاج وتصدير للنفط وعاصمة توجد فيها المؤسسة التي تُدير العمليات النفطية وكذلك المصرف الذي تودع فيه أموال التصدير مرفقاً مع منشوره خريطة للمواقع النفطية التي يبدوا بأنه يود أم تتم مهاجمتها .

 

جنوح للعنف

وفيما بدا وكأنها حملة متسقة ، إتجه الباحث الليبي الأمريكي حافظ الغويل المقيم في الولايات المتحدة أيضاً بدعوة أكثر صراحة لحكومة الوفاق بشأن ضرورة إحداث تغيير على الأرض من ضمنه إستعادة المرافق والحقول النفطية ، وهو عمل بطبيعة الحال لا سبيل لتنفيذه إلا العنف والحرب وفتح الجبهات على هكذا مواقع حساسة لها خصوصيتها .

وكتب الغويل قائلاً : ” الشئ الوحيد الإستراتيجي الذي يجب أن تفعله حكومة الوفاق في الأيام الأسابيع القادمة هو الإنتصار على قوات ومليشيات حفتر على الارض بأي وسيلة ممكنة وبتأييد أي طرف كان وإلزامه على التراجع بفتح جبهات أخرى ضده ، خصوصاً في مواقع النفط والغاز ولو استطاعوا أن يفعلوا ذلك كل شئ سيتغير داخل ليبيا وكل المواقف الخارجية أيضاً ! ” .

منشور الغويل بشأن ضرورة فتح جبهة على النفط

ولكن الغويل الذي كثّف مؤخراً من ظهوره الإعلامي عبر وسائل إعلام محلية موالية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والبناء سرعان ما قام بحذف منشوره وإلحاقه بمنشور آخر قلل فيه من أهمية مكالمة ترامب للمشير حفتر ومن جلسة اللجنة الفرعية الخارجية بالكونغرس مع أهمية إحداث تغييرات على الأرض ثم قام كذلك بحذفه .

وتأتي هذه المواقف المؤيدة من الغويل بقوة لحكومة الوفاق بعد أن دعا في سنة 2017 إلى إبادة وتهجير مالا يقل عن 1000 شخصية عامة ممن يرى بأنهم ساهموا في خلق هذا المناخ ومن بينهم بطبيعة الحال هذه الحكومة وكذلك مجلسي النواب والدولة والسفراء وآخرين حتى و إن كان من بينهم أبرياء فهذا لايهم بالنسبة له .

منشور الغويل بشأن ضرورة إبادة الطبقة السياسية

فيما كان بويصير أيضاً من أشد الداعمين للجيش ولعملية الكرامة ويُقال بأن سبب تغير موقفه يعود إلى رفض المشير خليفة حفتر لعقد إستشاري تقدم به للعمل لصالح الجيش في واشنطن بقرابة نصف مليون دولار وهمّش عليه بتوقيعه وكلمة ( غير مقنع ) لكن بويصير الذي تقارب بعد إنشقاقه مع رئيس حكومة الوفاق ورئيس مؤسسة النفط في طرابلس مصطفى صنع الله يقول بأن له دوافع أخرى للإنشقاق منها سعي ( حفتر لاقامة حكم عسكري شمولي وصارم ) .

جنوح للعنف

وبالعودة إلى الغويل ، إطلعت صحيفة المرصد على تقرير يخصه مكون من 68 صفحة من ضمن تقرير يحوي حوالي 1000 صفحة باللغة العربية والإنجليزية أعدّته جهة أمنية تعمل على الرصد والتحليل ومتابعة أشكال التطرف بناءً على ما ينشر عبر منصات مواقع التواصل الإجتماعي في وحول بؤر العنف وقد خلص التقرير إلى أن المعني لا يمانع في يقاتل تنظيم داعش من يرى فيهم الغويل خصوماً سياسيين أو حتى إستخدام أي أداة أو أدوات أو أطراف لقتال هؤلاء الخصوم  الأمر الذي يعتبر غريباً على شخص يعمل في مراكز بحوث سياسية وإقتصادية مرموقة في الولايات المتحدة.

ومن هذه الآراء ، يشير التقرير في الصفحة رقم 4 إلى تغريدة نشرها الغويل في 8 يونيو 2015 عبر حسابه الرسمي على تويتر يقول فيها بأن ” تنظيم داعش بليبيا يجب أن ينتصر في المستقبل المنظور على الأقل لتنظيف البلاد من القذورات والبلطجية ونزع سلاح المليشيات التي يسميها اليوم بـ ” قوات حكومة الوفاق المحاربة لمليشيات حفتر في طرابلس ” !.

كما يشير التقرير إلى تسلسل وتذبذب في آراء الغويل نحو التنظيم المتوحش فقد تسائل في أحد المنشورات عن سبب عدم إنضمام أنصار النظام السابق لداعش ليأخذوا بثأرهم من أنصار 17 فبراير بسبب ما إرتكبه ” الفبرايريين ” في حقهم من إنتهاكات ومظالم ، ويرى أيضاً في تدوينة أخرى بأن سكان المدن الليبية التي إغتصبها داعش لفترة من الزمن لا يعيشون حال سيء كالحال الذين كانوا يعيشونه قبل سيطرته عليهم – أي أن حال سرت مثلاً في عهد التنظيم يعتبر أفضل مما كانت عليه ذي قبل – ! .

خلص التقرير في النهاية إلى أن الغويل وإن تراجع في تدوينات لاحقة عن رؤيته لتنظيم داعش وإعتبار إن الظلم يدفع للتطرف كالظلم الذي وقع على أنصار النظام السابق ، إلا أنه وخلال فترة نشأة تنظيم داعش على الأراضي الليبية لم يكن يملك قناعة راسخة وصلبة لمناهضة المتطرفين كباحث من البداية دون البحث عن أي مبررات لهم ما قد يدفعه الآن عن غض النظر عن من يمكن أن يهاجم الحقول والموانئ النفطية بهدف إعادتها لحكومة الوفاق التي كان يرى قبل سنة ضرورة إبادتها مع بقية الأجسام الحاكمة ، يُلاحظ أيضاً من خلال التقرير بانه وفي أوج فترات داعش دموية على الأراضي الليبية وخاصة في بنغازي ودرنة مطلع 2015 كان يرى بأن الساسة يستخدمون داعش كفزاعة و ” اكاذيب ” لإستمالة الدعم الغربي كما حدث في 2011 .

على كل حال ، طيلة الفترة الماضية التي سجلت هجمات إستهدفت المرافق النفطية على إختلافها كانت السمة الأبرز بين جميعها هي مشاركة العناصر المتطرفة  والخسائر المادية الفادحة جداً بداية من ماسمي بهجوم عملية الشروق سنة 2014 وحتى آخر هجوم نفذه جضران وعناصر سرايا بنغازي التي حددها تقرير لجنة عقوبات مجلس الأمن كجماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة ، ونظراً لطبيعة مناطق هذه المرافق فلن يكون أي هجوم – إن تم – سوى وجه آخر للهجمات السابقة بذات المكونات والعناصر والمعطيات وبالتالي النتائج  .

اليوم وبعد الإستقرار الذي تكاد الحقول والموانئ النفطية لم تشهد له أي مثيل منذ سنة 2012 بعد سنوات الإغلاق والخسائر والهجمات الإرهابية التي نفذها داعش والجماعات الأخرى تظهر هذه الدعوات لمهاجمة البنية التحتية للمصدر الوحيد لدخل ليبيا ألا وهو النفط الذي عاد لمعدله الطبيعي بـ 1.2 مليون برميل يومياً ،  لا لشيء إلا لمحاولة إستدرار دعم بعض القوى الغربية الكبرى وعلى رأسها إدارة دونالد ترامب التي يبدوا بأنها لم تعد ترى في السراج وحكومته أي عامل من عوامل القوة رغم كل المحاولات والشطحات في الردهات الأمريكية سواء داخل الكونغرس أو غيره وحتى بعقود الملايين الموقعة مع شركات الضغط والعلاقات العامة  .

يبدوا أيضاً بأن كل ذلك ولّد قناعة عند بعض الأطراف الليبية أو لدى من يطلقون على أنفسهم صفة خبراء أو بُحاث أو متابعين للشأن العام من مناوؤي حفتر بأن لا جدوى من كل الحراك الخارجي إلا بإفتكاك منابع ومصبات النفط حتى وإن كان من خلال مغامرة غير محسوبة قد تكون نتيجتها تدمير بعض أو كل هذه المواقع إلى الأبد في حال إندلاع قتال في محيطها وهنا يتوجب على رئيس المؤسسة في طرابلس مصطفى صنع الله تحديد موقفه بشكل واضح من هذه الدعوات رغم أن موقفه وتوجهه لم يعد بحاجة إلى أي بحث في خانة الحياد  .

المرصد – خاص

Shares