التهريب

صور | الأقمار الصناعية تكشف عن حرب أخرى يدور رحاها بصمت في المنطقة الغربية

ليبيا – مع إشتداد أزمة الوقود في مختلف محطات تزويد العاصمة طرابلس ووعود حكومة الوفاق بحلها وتشكيلها لجنة أزمة بالخصوص في ظل الحرب الدائرة على أطراف المدينة ، تستمر مليشيات التهريب أيضاً في شن حربها على البلاد ولكن من نوع آخر .

جهاراً نهاراً وتحت ضوء الشمس ، تفتتح مليشيات التهريب محطات وقود مُهرب على قوارع الطرق جنوب مدينة الزاوية تتربح من خلاله من جيوب المواطنين في ظل إرتفاع الأسعار ومعاناة عدة مدن مثل صرمان وصبراتة والزنتان من هذه الأزمة التي أكدت هذه البلديات إضافة لترهونة وغريان بأنها مفتعلة كعقاب جماعي من الحكومة وخاصة وزارة داخليتها لخروجهم عن سلطتها   .

صور إلتقطتها عدسات المواطنين خلسة خلال الساعات الأخيرة من هذه المحطات البدائية توضح آلات تعبئة قديمة موصولة بخزانات فوق وتحت الأرض أو ماتعرف محلياً باسم ” جابية ” حيث يفرغ المهربين وقودهم الذي يحصلون عليه من مصفاة الزاوية فيها لإعادة بيعه مقابل 90 قرش للتر الواحد وأحيانا بدينار وما قد يفسر ظهور هذه التجارة محلياً للعلن في هذا التوقيت بالذات هو تعطل التهريب لدول الجوار لإنشغال كبار المهربين في شأن آخر أو لحاجتهم الملحة للمال بسبب ظروف الحرب .

وقال مواطنون قاموا بالتعبئة من هذه الأوكار مضطرين بأن غالبيتها يقع على الطريق العام جنوب مدينة الزاوية وتحديداً في منطقة الحرارات التي ينحدر منها رئيس مجلس الدولة الإستشاري خالد المشري مؤكدين بأن هذه الأنشطة لم تعد سرية بل تسير بشكل سلسل أمام مسمع ومرأى الجميع .

وكان النائب العام في طرابلس قد أصدر قبل فترة قائمة تضم 124 إسماً غالبيتهم من الزاوية وصبراتة ممن يوصفون بأنهم أباطرة التهريب في المنطقة الغربية بينهم زعيمهم المعاقب دولياً محمد كشلاف الملقب بـ”  القصب ” المسيطر ولازال على مصفاة الزاوية دون أن تبذل مؤسسة النفط أي جهد على الأرض لنزع سطوته عن هذا المرفق كما قامت في حالات سابقة تتعلق مثلاً بحقل الشرارة رغم إعلانها بذل جهود لمعاقبته دولياً وقد تم ذلك بالفعل .

يمين المهرب البيدجا – يسار المهرب القصب

وتقول تقارير أوروبية وأممية من بينها تقارير لجنة عقوبات مجلس الأمن بأن جزء من أرباح أنشطة تهريب الوقود تمول الإرهاب والمليشيات وكذلك تغذي تجار تهريب البشر بمختلف صنوف أنواع الهجرة غير الشرعية ، وفي المقابل فأن غالبية أوامر القبض الصادرة من طرابلس لم تجد سبيلاً للتنفيذ إما لتورط بعض جهات القبض مع مليشيات التهريب وعلاقتها بها بشكل من الأشكال بما فيها العلاقة الإجتماعية والقربى أو عجز بعضها الآخر عن مجابهة هذه الشبكات بالقوة وهي التي تمتلك خزائن من المال والسلاح وآلة قتل .

في الدائرة الحمراء المهرب المعاقب دولياً البيدجا وفي السوداء القيادي في محاور طرابلس فراس السلوقي الملقب الوحشي – مايو 2019

وعوضاً عن ذلك يشارك العشرات من تجار التهريب سواء الوقود أو البشر في معارك طرابلس وقد رصدت العدسات مشاركتهم جهاراً ومن بينهم المعاقب دولياً عبدالرحمن الميلادي الملقب بـ ” البيدجا ” إضافة لمجموعة القصب ومجموعة المعاقب دولياً أحمد الدباشي الملقب بـ ” العمو ” .

ومن بين هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر المهرب سالم المقطوف الذي ظهر قبل أسبوع في إشتباكات طرابلس خلال إفطار رمضاني رفقة أحد زعماء التهريب في الزاوية وهو علي شلادي الملقب بـ  ” الباورجي ”  كما أنهما ظهرا سوية في مناسبات سابقة ولهما شبكة علاقات تمتد من الزاوية وحتى زوارة و الجميل ورقدالين على الحدود التونسية مروراً بمناطق الجبل جنوباً وصولاً إلى نالوت ومنفذ وازن .

وخزات أممية !

وفي نهاية أبريل الماضي أكد المبعوث الخاص لمفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة لمنطقة البحر المتوسط ”  فنسنت كوتشيل ” شبه إنعدام تسجيل أي حالات لمغادرة مهاجرين من ليبيا منذ إندلاع المعارك في طرابلس ، فيما دعا الإتحاد الأوروبي حكومة الوفاق للنأي بنفسها على الأرض عملياً عن الإرهابيين والمهربين والمطلوبين لكن يبدوا أن هذه الدعوات لم تجد لها آذان صاغية في أبوستة ، يقول مراقبون  .

وقال ” كوتشيل ” في تغريدة نشرها الخميس عبر حسابه الرسمي على تويتر وترجمتها المرصد : ” من الجدير بالملاحظة أنه في على الرغم من الحرب في طرابلس لا قوارب تحمل مهاجرين ولاجئين يغادرون من هناك ” .

وأرجع المسؤول الأممي هذا التراجع لكون الميليشيات المعروفة بتورطها في الاتجار بالبشر مشغولة جداً في القتال بطرابلس للبقاء على قيد الحياة  .

وختم ” كوتشيل متسائلاً بإستغراب : ” من سمح  لهم بالعمل والإفلات التام من العقاب ” وذلك في إشارة منه لعملهم حالياً كمقاتلين في صفوف حكومة الوفاق رغم ما إرتكبوه من فظاعات أودت بحياة عشرات آلاف المهاجرين غرقاً طيلة السنوات الماضية .

الأقمار الصناعية ترى ما لا تراه الحكومة

أخيراً ، بيّنت صور الأقمار الصناعية في التحديث الأخير لتطبيق الخرائط ” غوغل ” وجود العشرات من أوكار تعبئة وتخزين وبيع الوقود في منطقة الحرارات جنوب الزاوية ومناطق باطن الجبل ونالوت وغيرها وأظهرت الخرائط وجود عشرات الخزانات في كل هذه المواقع إضافة لآثار الوقود على التربة وأماكن التخزين .

وكانت صحيفة المرصد قد وثقت نهاية العام 2017 واحدة من عمليات تهريب وقود من المنطقة الغربية إنطلاقاً من مصفاة الزاوية مروراً بالجبل الغربي ومنه إلى نقطة التجمع والتفريغ والتعبئة بمنطقة الجويبية القريبة من نالوت ومنها إلى الأراضي التونسية .

وتعرف أماكن التخزين في أوساط المهربين بإسم ” البوكا ” وهي عبارة عن حفرة خرسانية في الأرض تستخدم إما للتفريغ من الشاحنة إلى خزان متنقل آخر أو إلى خزان في الأرض يعرف أيضاً بإسم ” الجابية ” نسبة إلى جابية المياه المستخدمة في الأماكن الزراعية .

المرصد – خاص

وفي ما يلي بعض الصور التي رصدتها الأقمار الصناعية والخرائط لهذه المواقع في مختلف مناطق جنوب الزاوية وزوارة وباطن الجبل ونالوت وغيرها :

Shares